عين على الثورة : مرافق الرئيس القاضي ! اللقاء الاخير

عين على الثورة :

مرافق الرئيس القاضي !

اللقاء الاخير

هانا اصل معكم أيها الكرام الى نهاية اللقاءات التي جمعتنا سوية بمرافق الرئيس القاضي الارياني الحاج يحيى الكوكباني ، ارجو ان تكونوا قد افدتم منها ، و رأيتم صورة لم تروها من قبل حول تاريخنا الحديث ، في هذا اللقاء وانا اكتبه الآن تعصف صفحات الميديا وقنوات الفضاء بالحديث عن مجزرة في حلب ، هناك من يصرخ . هناك من يستنجد ، اليس لهذا نهاية ؟ هناك من يسأل بحرقة : أين الله ؟ …. هذا السؤال محط اهتمام بصديقي الباحث ، الا ان هذا اللقاء لن يكون للإجابة عن هذا السؤال .  الا ان احداث حلب ترتبط بأحداث متشابهة في سبعينيات القرن الماضي . دعني انتقل لإتمام اللقاء الذي لم اقطعه فعليا واستمرينا به مع ضيوفي الا انني قطعت تسجيله عنكم ، دعونا نعد لنغلق الباب الأخير مع عين على الثورة ومرافق الرئيس القاضي . فهل اجبنا عن بعض ما كنا نريد البحث عنه من زمن ثورة الستينيات من القرن الماضي ؟   فاهلا بكم :

  • نقلت استاذي الفاضل قصيدة التفكير السليم في الفهم السليم التي نشرها الشاعر عبدالله هاشم الكبسي في مطلع 1975 والتي كان يشير بها لمزا وغمزا على الرئيس القاضي ويتقرب بها لنظام الرئيس الحمدي ، بدا لي ان الهاشميين ما زالوا يحملون عليه محملا ، وأوردت رد الشاعر محمد بن عقيل الارياني والذي نشرت في صحيفة الجمهورية الرسمية في 12 مارس 1975 … لا اريد نقل القصائد وانما اشرت اليها لما رأيت فيها من رسالة ومغزى … مطلع القصيدة للكبسي :

من قال عاد المراحل طــــــوال فهو قصير الفكر بـــائس

عد كان سابح في قوافل جمال في سفح عقله برد قـــارس

قد به قوافل في السهول والجبال من صنع أفكار المدارس

وانهى القصيدة بقوله :

ولا تصدق أي مظهر خيال واحذر تغرز في الدسايس

وخذ من الكبسي حكيم المثال ولا تزيد في الهواجــــس

تبين ان القصيدة ترمي و تشير الى خطاب الرئيس القاضي في 1972 وهو يحذر الشعب من المندسين والمخادعين ومتسلقي الثورة وقال فيها من قصيدة الأستاذ مطهر الارياني  :

يا قافلة عاد المراحل طــــوال وعاد وجه الليل عابس

يا قافلة صفي صفوف الرجال واستنفري كل الفوارس

قولي لهم عاد الخطر ما يزال لا تأمنوا شرّ الدســائس

الجميل استاذي ان الرد كان على ذات الوتر من الشاعر بن عقيل اترك نقلها اليك .

الكوكباني :

  • بني ، طبعا للأسف انه حتى اطراف في النظام تريد النيل من الرئيس القاضي ، بعضهم يتنقد قبوله بالمصالحة في 70 ، الا انهم نسوا ان بناء القوات المسلحة بدأ من ذلك التاريخ ،وبسبب اخطاءهم تشقق البناء ، نعم بني مطلع ما رد بن عقيل على الكبسي قوله :

من قال خذوا من حكيم المثال فهو هزيل الفكر طاحس

تفكير سخيف ممقوت كله خيال وكل أفكاره دســـــايس

دعوى الكمال نقصان جاء المثال لو كان للأمثال دارس

 انا :

  • سأقاطع استاذي وانقل ختام القصيدة بن عقيل :

وندحر الجهل في الجنوب والشمال ونكشف أهداف المشاكس

نسترجع الوحدة بعزم الرجال ونخمد أنفاس المعاكــــــــــــس

ونحتفل بالنصر بعد النضال ونهزم أصحاب الدســـــــــــــــايس

هل دحرنا الجهل استاذي بعد اكثر من نصف قرن مرت علينا ، هل دحرنا الجهل ؟ يبدوا انني اتوق للعودة الى صديقي (الباحث ) . وعن العام 1977 من بدايته كان صادما باندلاع انتفاضة الخبز في مصر وكذا في ايران الملكية، سماها الرئيس السادات ثورة الحرامية وان المخربين الشيوعيين يقودونها ، في النتيجة بلورت معارضة للرئيس السادات في قلب الجيش المصري ، اليك الامر صديقي الباحث  !

الباحث  :

  • الكثير في 77 ، نعم انتفاضات الخبز ، في ايران قادها مختلف أطياف الشعب وخاصة الطبقة المتوسطة ، وفي الواجهة برز اليساريون حماة العمال والكادحين ، الا ان الامر تغير تماما مع منتصف او نهاية 78 عند انضمام الإسلاميين  اليهم وتحولت من انتفاضة الخبز الى ثورة الخميني او الثورة الإسلامية كما يسمونها . برز فجأة وبسرعة مريبة قائد الثورة المنفي في فرنسا  رجل الثمانين عاما آية الله الخميني . مصر الامر مختلف فقد تم  احتواءها فورا، والسبب تدخل الجيش ،  كان الرئيس السادات يريد تدخل الجيش في اخماد الانتفاضة بالقوة، الا ان الجيش طلب منه أن تتراجع الحكومة قرارات الغاء الدعم ، الخطة التي قادها رئيس الوزراء عبدالمنعم القيسوني ، والتي تلقائيا بدأت في جرعات، سكبت على الشعب البسيط الألم والغضب ، لا يختلف الوضع عما يحدث اليوم مع الفارق ان الجيش هو من يقود تثبيت الغاء الدعم اليوم ، وهو امر اقتصادي لابد منه واعتقد انت ادرى بهذا الجانب مني فلن اخوض فيه . برز أيضا اشكال آخر بين الجيش والرئيس ، وربما لن اخفيك قولا ان المخابرات العسكرية كانت على علم بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها الرئيس السادات 81 ، ربما تجاهلت عن غير عمد .. ربما ! طبعا من اهم أسباب الخلاف كان تساهله مع التيار السياسي الإسلامي وخوفهم من تغير هيكلة الجيش أو أمور أخرى  . استطيع القول ان العلاقة الحميمة توترت نوعا ما  . الا ان هذا كان امتحانا آخر لذكاء الرئيس السادات وقد عالجه بكفاءة  ، فعليا تم التراجع عن قرارات الحكومة ، وبدأ يعد لتحقيق نصر آخر لتهدئة الشارع ، نصر سيصدم الشارع العربي بأكمله ، الاعداد لاتفاقية كامب ديفيد التي فتحت المجال للجميع علنا او سرا بالتطبيع مع إسرائيل .

انا :

  • هذا رغم انه هاجم المتظاهرين واتهمهم بالحرامية ، ونسب الاحداث الى تواطئ مع السوفييت ، يمكن ان تكمل ما هو الامر الآخر ؟ الا ان سؤالي حول هل اقلقت الثورة الإسلامية في ايران الجوار ؟

الباحث  :

  • تحركات الرئيس السادات ، وما حدث في مصر دفع القذافي الى تحرك آخر فبدأ في مهاجمة السادات ، والحكومة المصرية ، كما تعرف هو اعتبر نفسه وريث ناصر في الزعامة العربية ، وبدأ في اعداد مسيرة من طرابلس الى القاهرة ، وشدد على المصريين العاملين في ليبيا ،كما غير اسم الدولة الى أطول اسم دولة اعرفه ، واظهر انه سلم السلطة للشعب واطلق على نفسه قائد الثورة . أدخلت تحركات القذافي المزعجة مصر في مواجهة معه ، وفعليا انتصرت القوات المصرية وتدخل زعيم الجزائر الهواري بومدين لإعادة المياه لمجاريها واوقف النزاع. فيما ذكرت عن احداث ايران ، لم يكن في البدء التحرك مقلقا بالنسبة للجوار ، الا ان بروز الخميني في الواجهة دفع برجل العراق القوي رئيس الوزراء صدام حسين الى استلام الرئاسة في يوليو 79 ، ومع اخذ العلم كان الرجل الأول وان كان في الواجهة الرئيس البكر . ربما تتساءل لماذا ؟ . في العام 75 استطاع الرئيس صدام حسين وشاه ايران  بوساطة قادتها الجزائر وأيضا بزعيمها هواري بومدين  الى توقيع اتفاقية  لأنهاء الخلافات بينهما ، كادت ان تفجر حربا ، نتيجة دعم الشاه للمعارضة الكردية العراقية ، طبعا السبب لان العراق كانت تأوي الخميني لديها ،  اقر الاتفاق توقف ايران الملكية عن دعم الاكراد في مقابل ان يتم طرد الخميني من العراق ،  رفض الخميني التنفيذ ، ذهب اليه صدام حسين شخصيا  لتنفيذ الامر وطرده الى الكويت ثم الى منفاه في فرنسا ، لم يتوقف هنا توجه صدام لفرنسا لتوقيع اتفاقيات مصالح ومنها تزويد العراق بخبراء لتطوير مفاعلها الذري . حرص صدام على تأسيس دولة قوية تهابها الدول ، فحرص أيضا على توقيع  اتفاقية تعاون وصداقة مع السوفييت 78 ، هذه الخطوة اغضبت الغرب خاصة ، واخافت الخليج منه ،تعرف ان تلك الفترة كان المواجهة محتدمة ضد دول الشر (الشيوعية ) التي تمثلها موسكو وبرلين الشرق وكوبا . وهذا سهل فعليا على أمريكا العمل على تأسيس قواعد في دول الخليج لحمايتها . دعني اكمل هذا النقطة أيضا ،  تفاجأ صدام حسين بحجم المساندة لثورة الخميني التي بدأت بثورة الخبز لتنتهي بثورة الخميني الإسلامية ، اتضح جليا ان الدعم الفرنسي للرجل لم يكن سهلا ، ادرك صدام ان عودة الخميني قد تعني الانتقام ، لذا صرح وهدد بدك إسرائيل ان تم تهديد الدولة  العراقية .

انا :

  • يبدو ان الرئيس صدام تعجل في التهديد ، الا ان هناك توتر آخر قسمَ البعث العربي الى سوري وعراقي ، لم يكن التوتر كافيا للمنطقة  ….

الباحث :

  •  سوريا أيضا شهدت انتفاضة من حلب قادها الاخوان المسلمون ضد حكم البعث ، يبدو ان المواجهة أصبحت واضحة معهم كعدو للشعب والدولة السورية ، هذا ما صرح به  الرئيس حافظ الأسد ،لم تتوقف المواجهة معهم حتى أطاح بهم الأسد في مجزرة حماة 1981 الشهيرة  ، راح ضحيتها الكثير . ظني ان الاخوان كان لديهم أمل لتحقيق ما تحقق في ايران ، فالثورة الإسلامية في ايران حققت الهدف 79 . ما سهل انتصارها انتقال الجيش الإيراني مع الخميني ، وتم نفي الشاه . المقابل القضاء على التيار اليساري تحديدا .. فلا تنس انهم من اوقد اول شرارة للثورة في ايران ،فعليا تحول اغلب ثوار الانتفاضة الى حركة مجاهدي خلق والتي صارت المعارضة البارزة لإيران اليوم    .

انا :

  • اين قوات الردع العربي حينها مما حدث في حماة ، ولم تذكر لي سبب الخلاف بين البعث العراقي والسوري .

الباحث :

  • انها السياسة يا صديقي ، الرئيس السادات هاجم بقوة الأسد و نددت دول عربية وخليجية بالأحداث ، الا انهم بحاجة للأسد . كما تعلم قوات الردع العربي التي تدخلت في حرب لبنان كان ابرز قواتها القوات السورية ، وكانت سياسة الأسد هي (لا غالب ولا مغلوب ) صناعة التوازن بين الطوائف المقتتلة ، لن يسمح بأي طرف بالانتصار ، وكانت هذه السياسة ما تريدها الدول الأبرز عربيا ، ومنها المملكة . هذا كان الخلاف الأساس الذي برز بين طرفي البعث ، فرؤية صدام تقضي بإنهاء الحرب بالقوة ، طبعا ودعم الفصيل الفلسطيني لاستعادة ارضه ، هذا الخلاف أوصل صدام لتطبيق الإعدام على كل من يتواصل مع البعث السوري . هذا الخلاف أيضا كان مريحا لدول أخرى. تجد ان تهديدات صدام اخذت في الاعتبار ، لذا اجتاحت إسرائيل الجنوب اللبناني 81 ، وقصفت المفاعل النووي العراقي 81 ،مستغلة دخول العراق حربه ضد ايران الخميني .

أنا :

  • اذن 77 يمكن تسميته شتاء الخبز العربي …. اعجبتني ابتسامتكما … استاذي الفاضل ، يبدو ان صديقي الباحث يريد تعليقا .. صديقي كن مختصرا لنعود للأحداث التي لم تنته في اليمن .

الباحث  :

  • ثورة الخبز ، موجتها لم تتوقف تقريبا الا في تونس 84 حيث اندلعت شرارة المواجهات ضد الرئيس بورقيبة ، رغم انها اخمدت بالقوة الا انها كانت المؤسس لانقلاب رئيس الوزراء زين العابدين بن علي بما سمي حركة التصحيح  7نوفمبر 1987    .

أنا :

  • لقد قفزت بنا بعيدا ، الا ان الامر صار معتادا .. نعود اليك استاذي … 11 أكتوبر 77   .

الكوكباني   :

  • 11 أكتوبر 1977 ، وصلنا نبأ اغتيال الرئيس الحمدي مع أخيه قائد لواء العمالقة عبدالله الحمدي وهو متوجه الى عدن لحضور احتفالات أكتوبر و الإعلان عن الوحدة وفق بنود اتفاقية قعطبة ، فورا اجتمع مجلس القيادة ، ومجلس الشعب التأسيسي ونقل السلطة الى الرئيس الغشمي ، كان الامر صادما ان يتم الاغتيال بهذه الصورة ، في ايام وصلنا نبأ سلامة الرئيس الغشمي من محاولة اغتيال من شخص من ال الكبسي .

انا

  • من تتوقع اغتال الرئيس الحمدي ؟ هناك الكثير من الأطراف الان دعني اذكر ان اتفاقية قعطبة هي تنفيذ لبناء دولة يسارية كالجزائر والعراق وسوريا وتونس وليبيا . التي أسس لها الرئيس العيني مع الرئيس علي ناصر في اتفاق طرابلس 72 .

الكوكباني :

  • في وقتها كنا نقول ان من قتل الحمدي هم الغرب ، ومن قتل الغشمي هم الشرق ، فالحمدي كان مرضيا عنه من قبل السوفييت ، والغشمي حقق رضا من المملكة ومن وراءها أمريكا … الا انني لا استطيع تحديد من المجرم ؟

انا :

  • هل تصدق رواية ان الرئيس الغشمي والرئيس صالح هما من نفذا عملية الاغتيال ، او خططا لها .

الكوكباني :

  • بدون تردد ، كلام فارغ لا معنى له!! …

انا :

  • صديقي الباحث ، بعد احداث 2011 نشرت العديد من الصحف اليمنية ، ما تقول انها استقتها من وثائق أمريكية توجه الاتهام للرئيس صالح بالقيام بعملية الاغتيال   .

الباحث :

  • سأكرر قول الحاج الكوكباني ( كلام فارغ ) .  ان كانت هناك وثائق فلتنتشر بنصها لا اخبار عامة  . ما اشارت اليه الوثائق الامريكية هو نفس الحادث الذي ذكره الحاج ،اعني عن الرجل من آل الكبسي ، يبدو انه من الحرس الرئاسي اسمه ( زيد الكبسي )، الذي بدا ضاحكا وهو يستقبل الرئيس الغشمي في القصر الجمهوري بعد حادث اغتيال الحمدي بأيام قليلة ، فجأة رفع سلاحه الا ان الغشمي وحراسته كانوا  اسرع في التحرك وتم قتله فورا في مكانه ، هذا ما تم نشره كتحقيقات في حادثة محاولة الاغتيال للرئيس الغشمي . فور و تلقائيا تمت حملة اعتقالات شملت العديد  من الهاشميين ، وخاصة القريبين من مركز القرار ، وتم توجيه الاتهام اليهم بالتآمر وتدبير عملية اغتيال الحمدي و محاولة اغتيال الغشمي . صار (زيد الكبسي ) المتهم الرئيس في حادثة اغتيال الحمدي الا انه  قتل فلا يمكن اثبات شيء ، يحتاج الامر الى فتح تحقيق نوعي وشامل  … تلا ذلك توجيه الاتهام الى جهات خارجية داعمة للهاشمين في محاولتهم لعودة الملكية ، وكانت التحقيقات ان تكتمل الا ان الرئيس الغشمي ورئيس مخابراته محمد خميس قررا تهدئة الأمور ،حتى ان رجل الامن الوطني اضافة الى قائمته السوداء  الماركسيين الشيوعيين .. المهم انه بدا لكلاهما انهم اضعف من مقارعة الخارج . يبدو ان هناك حقائق كثيرة برزت لهم ، حول الجهة وبدون إشارة انت تفهم ما اعني. فهم ذاتهم تجنبوا ذكر هذا الخارج فلا داعي لذكره . هذا الخارج انضمت اليه اليمن شمالا في مواجهة الشيطان الأكبر مصدر الإرهاب والتخريب الذي تقوده الشيوعية السوفيتية وحلفاءها المانيا الشرقية وكوبا  , كما قالوا . ركز الرئيس الغشمي على  اصلاح الخلل الداخلي ، بعدما اندلعت المواجهة ضد النظام مع الجبهة في المناطق الوسطى، مما دفع الرئيس لبناء علاقة وطيدة جدا مع الجيران حتى انه صرح رسميا بأن على اليمن ان تتحد مع المملكة  .

انا :

  • سأعود اليك صديقي ، استاذي دعني اضع لائحة الاتهام: الهاشميون يرغبون في عودتهم لواجهة السلطة  ، القبليون يرون ان الحمدي يتوجه لتقزيم وانهاء القبيلة  ، الإسلاميون يرون ان ما سيتم سيحول البلد الى مسخ من الدول اليسارية (الفاجرة ) ، كما يريدون الانتقام لاغتيال زعمائهم منهم القاضي الحجري …  الاشكال لدي  ان كل هؤلاء جميعا ، في ذات الوقت تدعمهم ذات الجهة ، فهل تتوقع ان للملكة دورا ما ؟

الكوكباني :

  • كما قال صديقك.. لا يمكن التحديد بهذا ابدا .. الا انه نعم الكل استفاد من هذه العملية ، ربما باركت الامر ، بسبب في حالة نجح الحمدي في الوصول الى عدن وإعلان الوحدة يصبح الخليج بين فكين يساريين شمالا العراق وسوريا ، وجنوبا اليمن . لكن دعني اعيد قولي السابق الزعيم صالح ليس له علاقة نهائيا بالأمر   .

أنا :

  • احداث الحجرية 78 …

الكوكباني  :

  • يبدو ان العلاقة بدأت تتوتر بين أعضاء قيادة الثورة من الضباط . خاصة ان الغشمي استطاع ان يكسب ود المملكة بل وصارت علاقته قوية مع الرئيس سالمين، بل اضف ان الرئيس سالمين اصبح يميل الى نفس توجه الرئيس الغشمي  في بناء علاقة متوازنة مع الجوار الخليجي والعربي ، بدلا من انتظار الدعم السوفييتي . هذا التوجه كان مرفوضا من قبل قيادات في الجبهة القومية في الجنوب بقيادة فتاح وعنتر وشايع هادي وغيرهم ، وكذا مرفوض من كبار قيادات الضباط الممثلين للجبهة الوطنية في الشمال .  ابرز من قرر المواجهة  قائد لواء المظلات عبدالله عبدالعالم ، اعتبر ما يقوم به الغشمي خيانة لروح الرئيس الحمدي ، بل وشريكا في الدم . غادر عبدالعالم متسللا بنهاية مارس  78 متوجها الى الحجرية في تعز ، لجمع عدد من رفاقه ، تواصل معه الرئيس الغشمي مباشرة وعبر رئيس الوزراء عبدالعزيز عبدالغني و وضعه امام عرضين العودة لصنعاء او خروجه كسفير في أي دولة يختارها مقابل انهاء التمرد ، وان هذه الفتنة لن تكون لصالح الجمهورية وسيستغلها الأعداء، خاصة ان وحدة المظلات كانت فريدة من نوعها في الجزيرة العربية على ما أتذكر عندما أسسها الرئيس القاضي الارياني  .  المهم وضع عبدالعالم شروطا تعجيزية ، منها الغاء مجلس الشعب التأسيسي وان يعلق منصب الرئيس حتى اظهار الحقيقة حول اغتيال الحمدي ، وإعادة النظر في العلاقة مع المملكة  . لم يتوقف الرئيس الغشمي عن محاولة التفاهم فأوفد له عددا من القادة القبليين والتجار المعروفين ، للأسف بادر بقتل بعضهم وبأسر قرابة 20 آخرين . ما قم به من قتل اضعف من قوة تمرده وابعد عنه داعميه ، مما سهل على الرئيس الغشمي مواجهته بالقوة عبر ارسال وحدات الجيش مما اضطر عبدالعالم الى الفرار الى عدن مع من اسرهم ، تواصل الرئيس الغشمي مع سالمين ، و اتفقا على قبول عبد العالم كلاجئ وان يتم إعادة الاسرى الذين معه، ويبدو ان التفاهم كان إيجابيا ، الا ان وضع المناطق الوسطى لم يهدأ حتى العام 83 .

انا :

  • تذكرني بداية القصة بقميص (عثمان ) ، في 24 يونيو 1978 تم اغتيال الرئيس الغشمي  .. ما شهده العالم العربي كله ، وحالة الطوارئ التي حركت الجامعة العربية لتجتمع مرات ، لم يحدث ذلك مع اغتيال الحمدي ، اجتماع قمة عربية طارئ وإعلان حالة الطوارئ على الحدود السعودية ، وتحرك سفن حربية أمريكية باتجاه باب المندب …. انقل الحديث اليك صديقي

الباحث  :

  • كما قلت لك التقارب صار كبيرا جدا مع الرئيس الغشمي ، كما ذكرت انه ضم اليمن الى قائمة الدول العربي المواجهة للمد الشيوعي .  انظر معي في الاحداث التي جزء منها لم ينشر كثيرا ، تواصل الرئيسان الغشمي وسالمين كان فعلا إيجابي ومثمر ، وطالب سالمين من الرئيس الغشمي مساعدته تدريجيا ضد خصومه في الجبهة خاصة عبدالفتاح وعلي عنتر وشائع هادي ، وان يسعى فعليا لبناء علاقة متوازنة مع الجوار . في يوم 23 يونيو 78 تلقت الرئاسة في صنعاء اتصالا من الرئاسة في عدن بإرسال طائرة تحمل الاسرى وان هناك رسالة خاصة تسلم للرئيس الغشمي شخصيا ، في اليوم التالي وصلت الطائرة وكان احد مستقبليها محمد خميس ، لم يكن هناك أي شك في حامل الرسالة للرئيس الغشمي ،ما ان وصل حامل الرسالة مع حقيبته الدبلوماسية . في لقاء خاص بالرئيس ، لحظات الا وانفجر الموقع قاتلا الرئيس والموفد . الغريب ان الرئاسة تلقت اتصالا من الرئيس سالمين نفسه يحذرهم من حامل الحقيبة  . جاء الاتصال متأخرا … كادت صنعاء ان تغرق في بحر الدم ، استطاع قائد الجوية ضيف الله ورئيس الأركان الشيبه السيطرة على الوضع فورا ، وتم نقل صلاحيات الرئيس للقاضي العرشي رئيس مجلس الشعب التأسيسي ، مفاجأة صادمة للجميع وغير متوقعة … حينها تم النشر ان الحرب العالمية الثالثة توقد من جنوب اليمن ، وان المواجهة المباشرة بين أمريكا والسوفييت صارت وشيكة ، اجتمعت الدول العربية في اجتماع طارئ لتعليق وتجميد العلاقات مع الجنوب ، و وقف كل المساعدات والدعم لحكومة عدن ، واعتبارها حكومة إرهابية تنفذ اجندة شيوعية معادية … نعم !

أنا :

  • الاحداث المفجعة لم تنته هنا ، سأعود اليك صديقي فقط دعني انتقل قليلا الى مرافقنا الحاج يحيى  . ظلام في صنعاء ….

الكوكباني :

  • نعم اظلمت صنعاء ، و لأول مرة بعد مغادرته صنعاء ، تحرك الشيخ الأحمر من خمر الى صنعاء ومعه عدد من جنود القبائل خوفا من سقوط العاصمة ، وصل الخبر لقائد لواء تعز الزعيم صالح ، تم إبلاغه من رئيس الأركان ، تحرك فورا الى صنعاء ، وبعلاقاته تواصل بكبار القيادات . الكل في حالة قلق من تحمل المسئولية ، عرض نفسه لتحملها ، دعمه رئيس الأركان ، وقائد الجوية ، وافق القاضي العرشي ورئيس الوزراء ، و على مضض قبل الشيخ الأحمر خاصة انه البديل الذي يقدم ، ومن يقدمه كبار قادة الجيش ، فورا تم  تشكيل مجلس رئاسي مصغر ولفترة لم تستمر اكثر من شهر . في يوم 17 يوليو 1978 اعلن عن  اختيار الزعيم صالح رئيسا للجمهورية ، لم يكن احد من القادة يفكر انه سيتجاوز العام في الحكم . كما أتذكر شبهه حينها الرئيس السادات بالشاويش صالح … لأنه تجاوز كبار قادة وضباط القوات المسلحة .. …

انا :

  • استلم الرئيس صالح السلطة .. هل يصمد ؟ نحن نعرف الإجابة نعم ! … دعني اطلب منك صديقي اكمال الاحداث في عدن  .

الباحث  :

  • في ذات اليوم ، كأن قيادة الجبهة تنتظر الإعلان عن مقتل الغشمي من إذاعة صنعاء وإعلان اتهام الرئيس سالمين. و بمبدأ (تغدى به قبل ان يتعشى بك) اجتمعت القيادة المركزية للجبهة لتقرر تحويل سالمين الى محاكمة فورية ، واتفق اغلب قيادة الجبهة على ذلك . يبدو ان سالمين فهم انهم سيحملونه الوزر . حينها اعلنت إذاعة عدن عن كلمة مهمة للرئيس سالمين ، حيث قرر تقديم استقالته و يبدو انه كاد يكشف عن أشياء أخرى و على الهواء مباشرة .  تحركت المليشيا الشعبية بأمر فتاح وهي جزء من الكيان الحامي للجبهة، لإلقاء القبض على سالمين ، الذي احتمى بحراسته وبدأت معركة دامية ، في ذات الوقت انتشر الجيش في عدن بأمر من وزير الدفاع عنتر  … وبدأ معركة القبض على الرئيس سالمين ، ما نشر في حينها ان عدد القتلى قارب الـ 6000 . تم اعدام سالمين رميا بالرصاص ، صدر الحكم بلا محاكمة . تم تشكيل مجلس رئاسي برئاسة علي ناصر محمد والخمري رئيسا للوزراء.. الاحداث لم تنته هنا كما تقول . أعلنت موسكو ان المملكة تقود حربا على الجنوب ، في المقابل ردت المملكة على موسكو بتشكيل تحالف دعا اليه وزير الخارجية السعودي الشاب حينها الامير سعود الفيصل من عدد من الدول العربية ضد الشيوعية، ودعا العالم للوقف ضد التدخل السوفييتي في المنطقة والتي تريد اشعال الجزيرة بالحرب عبر جنوب اليمن ، وان اليمن يمثل عمقا استراتيجيا للمملكة ولن تسمح المملكة بما يقوم به الإرهاب الشيوعي .

انا :

  • مع اندلاع حرب 2015 اليمن ، سمعت من يقول ان كل هذا من مظلومية دم الحمدي وسالمين ، والان نضيف اليهم ودم الغشمي ، هل لازالت دماءهم تفور بيننا ؟؟ … استلم الرئيس صالح الحكم وكأنني أرى مقولته الشهيرة (حكم اليمن كالرقص على رؤوس الثعابين ) ما رأيك استاذي ؟  .

الكوكباني :

  • اظنك الان ترى الاحداث بوضوح يا بني ، كانت الجبهة تتحرك بقوة في المناطق الوسطى وتمتد مقتربة من العاصمة ، و التيار القبلي لم يكن يقبله على رأس السلطة فهو يخشى ان يكون نموذجا آخر من الحمدي والغشمي ، اضف ان عددا من ضباط الجبهة  يرون فيه خاطفا للسلطة ومغتصبا لها  . لذا كان يتوقع الكثير ، انظر كم الافاعي المحيطة به ….

انا :

  • 15 أكتوبر 1978   .

الكوكباني :

  • حينها تم الإعلان في عدن عن دمج التيارات اليسارية باسم الحزب الاشتراكي اليمني ، في نفس اليوم استطاعت كتائب الجبهة في المناطق الوسطة السيطرة على مناطق عدة منها دمت والبيضاء واغلب تعز ، وأعلنت إذاعة عدن اسمها بالمناطق المحررة .  قبل ان يتم التحرك من الجيش  فاجأ  قائد لواء الخامس مشاه الرائد نصار علي الجرباني وهو رئيس المجلس العسكري لحركة 13 يونيو ، بالتحرك والسيطرة على القيادة العسكرية في صنعاء واغلاق مبنى الإذاعة و محاصرة المطار ، صورة تقول ان اليمن سقط فعليا في قبضة الشيوعية …..

انا :

  • اعود اليك صديقي انقلاب كامل ام محاولة انقلاب … فعليا فشل الانقلاب !

الباحث  :

  • الرئيس صالح تعلم الكثير من الاحداث السابقة التي عايشها ، وكما ذكرت انت سابقا رجل علاقات من الطراز الأول ، حيث والداعم الوحيد للجبهة في المناطق الوسطى هو القذافي والجنوب .. يدعم تحركات الجنوب السوفييت .. واذن … أوقف الدعم عنهم .. استطاع ان يستميل القذافي الى صفه والذي أوقف دعمه للجبهة . وبعلاقاته مع الرئيسين صدام وحافظ استطاع ان يكسب ود السوفييت لصفه .  استفاد فعليا من كل تلك العلاقات بسرعة ..  في ذات الوقت يعلم انه لن يكسر شوكة اليسار الا الإسلاميون ، فدعم الإسلاميين في المناطق الوسطى ، ولابد ان قدم الكثير من الوعود للقبائل في حالة انتصاره على الجبهة ، يمكن القول انه استفاد من تجربة الرئيس السادات ، ، كما كسب اقوى رجل من ارث الحمدي رئيس المخابرات محمد خميس في مواجهة الشيوعية في المناطق الوسطى والقادمين من الجنوب ، استفاد الرئيس أيضا من علاقته بالرئيس عرفات فكان حلقة الوصل الرئيسة للتفاهم مع قيادة الجنوب والتي بعد تشكيل الحزب انتقلت الرئاسة من المجلس الرئاسي الى فتاح ، وصلت حدة التوتر الى المواجهة في شهر مارس 1979 ليومين فقط .  كان الجميع ينظر ان اليمن انه سيتحول الى مسرح حرب بين السوفييت وامريكا ، الا ان التفاوض الذي قادته منظمة التحرير تكلل بالنجاح ، ومع  حالة الخذلان التي واجهتها الجبهة من جميع الداعمين خاصة الداعم الجنوبي ، جعلتهم ينسحبون ويستسلم اكثرهم ،

انا :

  • بعد اسقاط  انقلاب 78 تم  اعدام 8 من كبار قادة الجيش ، واكثر من 12 مدنيا ، خسارة نوعية لليساريين في شمال اليمن . اليس كذلك استاذنا

الكوكباني :

  • كان لابد من قرصة !! رغم ان المواجهة مع الجبهة لم تنته الا مطلع 1983 ، الا ان اليمن نجت من حرب قاتمة كانت تستمر مداها الى نهاية السوفييت   .

انا :

  • نهاية السوفييت .. أي ان اليمن كان سيجر لحرب مواجهة بين السوفييت وامريكا ! اعود اليك صديقي تم الاتفاق ، رغم ان تلك الفترة ابرزت التغاير والتباين الذي نشهده الان   .

الباحث  :

  • صحيح .. استنكرت عدن قرار الجامعة بقطع العلاقات معها ، وحاولت التواصل مع المملكة، وهددت بالانضمام الى المنظمة الاقتصادية التي تدعمها موسكو (الكوميكون ) ، وبرز وزير الخارجية لليمن الشمالي الاصنج في مهاجمة وزير خارجية الجزائر الرئيس اليوم بوتفليقة لمهاجمته قرار الجامعة ضد حكومة عدن ، وكذا مهاجمة فتاح وحكومته ، برز أيضا وزير الدفاع السعودي الأمير سلطان منددا بموقف سوريا الغامض تجاه الاحداث في الجنوب ، واعلن ان المملكة لديها كل القدرة لمواجهة اعداءها وعملاء الشيوعية . في ذات الوقت تحركت أمريكا والسعودية لدعم انتفاضة ضد الحكومة الشيوعية في أفغانستان ، واعتبرت موسكو السعودية تلعب بالنار في تدخلها بدعم المخربين في أفغانستان . فعليا تدخلت القوات السوفيتية لحماية الحكومة الموالية لها في أفغانستان 79 ويمكن ان هذا انقذ اليمن من المواجهة فيه خاصة وانها اشغلت السوفييت عن احداث اليمن . في اليمن انتهى الامر بتفاهمات مهمة ، منها الغاء الامن الوطني اليمني بصورة نهائية  وازاحة محمد خميس ، وأيضا  إزاحة عدد من المسئولين منهم وزير الخارجية الأصنج ، و وزير الاعلام باسندوة..  في المقابل وافق فتاح على تقديم استقالته وانسحابه من الحياة السياسة تماما  وتسليم الرئاسة لعلي ناصر محمد من جديد   .

انا :

  • يذكرني موضوع انضمام حكومة الجنوب لمنظمة الكوميكون ، برغبة الحوثيين في الانضمام لمنظمة البريكس التي تمثل اقتصاد الأقطاب المتعددة التي تدعمه موسكو اليوم ، عموما اليك استاذي هل كافأ الرئيس التيار القبلي والإسلاميين ؟  ….

الكوكباني  :

  • يمكن القول ان الزعيم استطاع ان يخلق علاقة متوازنة جدا وبناءة ، وفعليا لما تحقق له السيطرة على المناطق الوسطى والقضاء على الجبهة ، كافأ آل الأحمر والقبليين و قائد المواجهة علي محسن الأحمر بتشكيل الفرقة الأولى مدرع العام 1983 ، ولم ينس موقف الرئيس عرفات ففتح اليمن للفلسطينيين وقدم لهم كل التسهيلات والدعم ، فموقف الرئيس عرفات ومنظمة التحرير انقذت اليمن من حرب كما قلت لك كانت ستدوم الى نهاية السوفييت .

انا :

  • نعود لأحداث 79 وتدخل السوفييت بشكل مباشر لحماية الحكومة الشيوعية (الشرعية ) في أفغانستان . حدثت اشهر حادثة من نوعها في المملكة اليك صديقي …

الباحث  :

  • تعني حادثة احتلال الحرم 20 نوفمبر 1979 واستمرت 16 يوما قتل فيها عدد غير بسيط من الأبرياء وزوار الحرم ، حيث قررت القوات السعودية مواجهتهم بالقوة الكاملة. تعرف انها جاءت بعد 10 اشهر من انتصار ثورة الخميني في فبراير 79، كأن التيارات الإسلامية تريد الانتصار على شاكلة انتصار الخميني . في فجر غرة محرم 1400 هـ ، سيطر اكثر من 200 مسلح على الحرم واعلنوا ظهور المهدي وطلبوا بمبايعته محمد عبدالله القحطاني . قاد الحملة ضابط في الحرس الوطني السعودي جهيمان العتيبي . تلك الحادثة اشعرت قيادة المملكة بالخطر الكامل من كل الذين تواصلوا او اتصلوا او التقوا بجهيمان، بل ومن البيئة التي تربى عليها القحطاني وجهيمان . ممن كشف تواصلهم مع جهيمان كان الشيخ مقبل بن هادي الوادعي والذي فورا بعد سجنه تم ترحيله لليمن ، والى قريته دماج    .

انا :

  • مقبل الوادعي يا لهذه المعلومة!!! … كأن السلفية الجهادية ولدت في هذه المرحلة غزوة الحرم 79 !! …. هنا أسس الشيخ مقبل بعد عودته مدرسته السلفية في اليمن ؟! .

الباحث  :

  • بل اعتبر هذا التاريخ هو المؤسس لميلاد القاعدة الحقيقي . بالنسبة للوادعي أسس مدرسته لتدريس الشريعة على النهج السلفي .. شهرة الشيخ سبقته فجاءه طلابه من كل مكان منها مصر وجنوب اليمن وغيرها  … لم يدعمه احد في البداية ، الا طلابه حسب ما اسماهم طلاب العلم الشرعي ، لاحقا تلقى دعما من جهات متعددة ، فقد وجدت دول عدة ان تستفيد من هذه التجربة ، لصالح القضاء على تيارات أخرى .. بعد 11 سنة ربما تعلم ولد تيار مضاد للوادعي وبدعم أيضا من السلطة الشباب المؤمن     .

انا :

  • نعم تعني حركة الحوثي 91 .. التناقضات الغريبة مريبة ! عموما يبدو ان السلفية كانت البديل لمواجهة الاخوان في عدة دول عربية في حينها ولا زالت كما اظن  … فالسلفية ترى ان الاخوان هم نسخة من الشيعة بل هم واياهم في قالب واحد وهم العدو (فاحذرهم !)  … استاذي القدير  ما رأيك في هذا … هل دعمهم الرئيس صالح  ؟

الكوكباني   :

  • بني َ! حتى وان دعمهم الزعيم ، انه يريد ان يصنع توازن قوى فهو مازال في حلقة كبيرة من الأعداء … يبدو لي انك تسألني لتستفزني… نعم سأدافع عن الزعيم ،  يكفيه انه أعاد الاستقرار لليمن ، يكفيه انه بمجرد ان هدأت الأمور فورا امر بنقل الرئيس القاضي الى سكن يتبع السفارة اليمنية وشكر الرئيس الأسد على حسن ضيافته ، بل واعطاه كل الحق لزيارة بلده ومغادرتها وقتما يريد ، كأي مواطن ، وهذا فعلا ما تم لأول مرة يعود الرئيس القاضي الى بلده في 1981 ، يكفيه انه مباشرة عندما سمع بما نشر في الاهرام عن الرئيس السلال حيث قيل فيها : ان  قائد ثورة سبتمبر يعجز عن دفع ايجار سكنه في القاهرة ..  بلا تردد ارسل فورا وفدا لإعادته لليمن واستقبل بشكل لائق لرئيس اسبق وتم اسكانه في فندق سبأ حتى تجهيز سكن يليق بالرئيس السلال ، استطاع ان يكسر الأحقاد المحيطة من حوله ، فيما عجز عنه الكثير ، لم شمل الأحزاب في تشكيل حزب وطني بعيد عن الانتماء الفكري إسلامي او غير إسلامي في كيان حزب المؤتمر الشعبي العام الذي اعلن عن تأسيسه العام 1980 ، يبدو انك لم تفهم بعد ماذا صنع الزعيم صالح ؟

انا :

  • استاذي القدير ، اثق تماما بمعلوماتك … الا ان الرئيس صالح أيضا أسس لحكومة واقتصاد المحاسيب ولحكم الأقلية ….

الكوكباني :

  • ان كان فهمي سليما لمعنى ما تقصد ، فأقول لك اي اقتصاد عربي قائم اليوم لا يقوم على اقتصاد المحسوبية والقرابة . ورغم هذا ، الزعيم بدأ بعصر الانفتاح على مرحلتين الأولى بعد 98 والثانية وهي الأكثر جرأة بعد انتخابات 2006 . فهو أراد ان يؤسس لإصلاح اقتصادي شامل ، واما حكم الأقلية فظروف أحاطت به ، أراد ان يتخلص منها وبدأ في بناء جيش نظامي وفق معايير نظامية ، وهذا سبب الانقلاب عليه في 2011 .

انا :

  • لن نصل لاتفاق بعد ، استاذي يبدو ان موضوعي عن الرئيس السابق صالح سيطول جدا ، الا ان هذا لن يكون قريبا ، وفي ذات الوقت لا يمكنني تسمية احداث 2011 بانها انقلاب ولا يمكنني أيضا التأسيس عليها بأنها ثورة وهذا أيضا يحتاج لمبحث ولقاء آخر ، تريد ان تضيف شيئا صديقي تفضل …

الباحث :

  • عن المحاسيب ، في أي اطار حاكم يسعى الى إيجاد قوة تحمي هيكلة النظام من الانهيار في الدول المتقدمة كانت المؤسسة كحزب وكيان هي ذلك الدرع والحصن ، في الدول النامية تأتي الحاجة من النظام الى إيجاد جدارا قويا عازلا قادرا على حماية النظام انه أساس من المصالح المتبادلة تعرف تلك الأطراف ان انهيار النظام هو انهيارها ، وبالتالي هي من تحمي النظام من الانهيار ، وتتولد ولاءات المصالح وهذا ما حدث بعد احداث 2011 ، فالجدار لا يحمي الشخص بل يحمي أسس النظام الذي قام عليها ، وتلقائيا يظل الشخص المؤسس محميا بصورة او بأخرى .. القدرة على تأسيس هذه البنية تعتبر في حد ذاتها قدرته عالية من التحكم في العلاقات والسياسة ، انظر للرئيس مبارك ، صالح ، الأسد ، هم في حماية ليس لاجل المال وانما لانهم جزء من كيان متكامل ، هذه الكتلة من الولاءات الحامية ما يسمونها النخبة او الملأ … والموضوع يطول …

انا :

  • شكرا للتوضيح ، دعني معك أيضا صديقي عن بروز المجاهدين العرب لمقاومة المد الشيوعي . ،

الباحث  :

  • يمكن القول ان التأسيس بدأ بعد انتداب الشيخ عبدالله عزام والذي كان يدرس في جامعة الملك عبدالعزيز ، انتدب بموافقته وطلبه الى الجامعة الإسلامية في اسلام اباد 81 ، وهناك أسس لاحقا 84 بدعم من المملكة والخليج وباختصار من أمريكا مكتب خدمات في أفغانستان ليقود المجاهدين العرب ضد المد الشيوعي في أفغانستان ، كان هذا الباب طريقة لتتخلص المملكة ودول عدة من عناصر كثيرة تنتمي للفكر الذي صنع جهيمان  ، هذا الخطأ مارسته بعض الدول الاوربية بالسماح بشبابها بالتوجه للقتال مع داعش اليوم .. ما يهم في تلك الفترة ان ما قام به عزام ومن معه لم يكن منكرا من الأنظمة العربية والعالمية في خطة مواجهة موسكو …  بل مدعوما منها وبقوة كاملة وبسخاء غير محدود ، ربما هذه التجربة مستمرة في سوريا وتكررت في ليبيا ، ومازالت في العراق .  فقط من حاربه حينها الدول اليسارية ، على رأسها صدام وحافظ وبورقيبة وهواري بومدين .. تم اغتيال عزام .. 89  .. الا انه ترك من  خلفه ظاهرة لازالت تعصف بالعالم الى اليوم  .

انا :

  • صديقي لنا لقاء طويل وقريب ، وخاصة عن لقاءنا ب PK دعه لحينه اشكر تواجدك معي  … أتوجه اليك استاذي الفاضل ، رحلة طويلة قضيتها معك في عين على الثورة ، اشكر لك ما بذلته معي في كشف بعض خفايا فترة مهمة في تاريخ اليمن الحديث ، الا انك فتحت لي بابا للبحث أيضا عن إجابات كثيرة ، منها فترة حكم الرئيس السادس لليمن الشمالي والرئيس الأول لليمن الموحد ، ربما نلتقي يوما في كشف هذا الملف أيضا   ، لكن دعني اضع أشياء في خاطري تدور كنقاط لما فهمت من الامس انه يحدث اليوم : بدا لي ان المواجهة مع الشيوعي تحولت الى المواجهة مع الشيعي ، وبدا لي ان أعداء الامس هم ذاتهم أعداء اليوم ، لم ينهوا صراعهم ، صحيح ان الاختلاف الآن ان طرفي الصراع يتسمان انهما بذات الابجدية (روسيا الليبرالية ) و (أمريكا الليبرالية  ) ، وان من صنع حرب الامس هم ذاتهم يستمرون في نفس المسلسل دون تغيير ، لا كلل ولا ملل ، يبدو ان القاتل الحقيقي بيننا هو الجهل … استاذي اترك الكلمة الأخيرة لك قبل انهاء هذا اللقاء الأخير …

الكوكباني:

  • اشكرك بني على ما نقلت مما قمت بتسجيله لأبنائي و للتاريخ ، سجلته لحفظ ذكرى ثورة لم تحقق أهدافها لأسباب صارت واضحة الان لك ولمتابعيك ، ابرزها اننا سمحنا لغيرنا ان يتحكم باردتنا . بني ادعو لي وليدعو لي الجميع ، دعائي لأبنائي وكل أبناء الشعب اليمني الصابر الذي ما زال يحلم بأن يؤسس دولة يسودها الرخاء والعزة ،  ارجوهم ان يعيدوا قراءة التاريخ جيدا ، ارجوهم ان يتعلموا فالعمل منارة تنير دربا يرون به ما يحيطهم من ظلام وآفة ، لا يصدقون ان الائمة يريدون بهم خيرا ، ولا الخارج يريد بهم خيرا .  مصيبتنا اننا قبلنا ان يقودنا الغرباء لنقتل ونسفك دماءنا الطاهرة البريئة تحت أي باب واي اسم ، كلها حجج كاذبة . ما كان يحلم به الرئيس القاضي هو  أساس الدولة المتين هو  المواطنة واحترام القانون .. وانا اثق تماما في رؤية الرئيس القاضي  .. القانون و المواطنة فوق كل شيء …  خطر الان في بالي كلمة اقتبسها من  كلمة للرئيس صدام حسين ( أن القانون فوق الجميع …. ) فليكن القانون والمواطنة فوق الجميع .

انا :

  • شكرا…. يبدو ان صديقي يريد كلمة … لن اقطعك فقط دعها مختصرة  جدا .

الباحث  :

  • الدين لله والدولة للجميع … فقط ! .

انا :

  • الدين لله والدولة للجميع … ما قلته لن يعجب الكثير ابدا  ! .. لا تبتسم .. سنلتقي ونرى ما تقول حينها …!   دعني انهي هنا …احبتي الكرام …  تحياتي شكري امتناني لكم …  لعل الأيام تجمعنا في حديث آخر بإذن الله   تعالى   .

#اصلح_الله_بالنا

محبتي الدائمة

احمد مبارك بشير

15   ديسمبر  2016

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.