دمشق في طريق المعركة

[slideshow]
دمشق في طريق المعركة

إنها الشام ، الأرض التي باركها الله تعالى ، إنها دمشق أرض الملحمة الكبرى ، الغوطة « يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين ، بأرض يقال لها الغوطة ، فيها مدينة يقال لها دمشق ، خير منازل المسلمين يومئذ » حديث شريف .

إنه البعث العربي الاشتراكي صاحب المقولة الشهيرة (( أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة )) ، الذي مزج بين القومية العربية والاشتراكية العلمية ، فصار مزيجاً سيء المذاق ، شديد الحرقة ، سريع الفاعلية في تدمير الحرية وكل معاني الإنسانية .

قبل أن أصل لأحداث اليوم في العام 2011م والذي لابد من وقفة قراءة شاملة عليه لما صار يعرف بالربيع العربي وليس كذلك ، ولأن اطار الحديث سيطول فيه جعلت في مقال آخر ، فدعوني ابدأ معكم منذ بداية الحكاية لنصل في منتهاها إلى يومنا هذا في العام 2011 خاتمة شهر اكتوبر .
في سنة 1932م قرر الصديقان بما يحملانه من أفكار ماركسية علمانية صاغاها بقويمتهم العربية حمية عليها ورغبة في وضع منهجية علمانية لمواجهة العلمانية الأوربية ، الصديقان هما (ميشيل عفلق و صلاح البيطار ) كان اطارهما لنقل تلك الأفكار مجلة الطليعة ، وباسم الإحياء العربي . وبرزت أفكارهما واعجب بها شباب كثر وهنا أنطلق التأسيس في العام 1947 لحزب البعث العربي .

لم يكن خطيراً ولا مؤذياً ذلك الحزب الذي يسعى للوحدة العربية و نشر ثقافتها ورسالتها ، وأمجادها ، بل كان مقبولاً وجميلاً في مواجهة القوميات المختلفة والتي برزت بقوة واعطت شذاها كالقومية التركية التي نادى بها أتاترك .

ولنفهم افكار هذا الكيان وثقافته التي ينشرها بين اتباعه دعونا نمر على بعض أدبيات الحزب :
– أمة عربية : ليست الوحدة العربية مجرد تجميع أجزاء ولصق بل هي التحام فصهر ، فالوحدة ثورة بكل أبعادها ومعانيها ومستوياتها .
– الاشتراكية : تعني تربية المواطن العربي تربية اشتراكية علمية تعتقه من الاطر والتقاليد الاجتماعية الموروثة لكي يمكن خلق انسان عربي جديد بعقل علمي متفتح يؤمن بقيم جماعية .
– الرسالة الخالدة : رسالة ترمي إلى تجديد وحفز التقدم البشري وتنمية الانسجام بين الأمم .
– (( علينا بناء انسان عربي جديد الذي يؤمن بأن الله والأديان والأقطاع ورأس المال وكل القيم التي سادت المجتمع السابق ليست إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ ))
– (( الظاهرة الدينية في العصر الراهن ظاهرة سلفية متخلفة في النظرة والممارسة .. فهي تعبر عن موقف معاد للشعب وللحزب وللثورة وللقضية القومية … ولابد من النضال ضدها ))
– (( إن القدر الذي حملنا هذه الرسالة خولنا أيضاً حق الأمر والكلام بقوة و العمل بقسوة ))
هذا جزء من كل .. وإنما هو مرور كريم على كلمات نفهم من سياقها ما حدث في العراق وسورية وما زال يحدث حتى الساعة .
إذن فمن طبيعة الحزب :
– فرض أفكاره بالقوة والعنوة .
– البطش والقتل شيء اعتيادي في طريق بناء الفكر الثوري لحزب البعث .
– الحزب علماني … توقف لحظة ! ماذا تعني بعلماني ؟؟… تعال معي لنفهم :
العلمانية :
بفتح العين وليس بكسرها : عَلمانية وليست عِلمانية .. بالإنجليزية هي : Secularism :
– تعني الدنيوية … أي قاعدة يضعها العامة …فالكلمة هي ( العامانية ) والتحريف صار (علمانية) .
– بمعنى أدق هي قواعد الأرض لا قواعد السماء .
– بمعنى أوضح برزت العلمانية في مواجهة سيادة الكنيسة الباباوية وقواعده الحمقاء في حكم أوربا والناس ، فكانت الدنيوية أي لا تحدثني عن الآخرة دعني انظر في حياتي كيف أقودها بطريقتي لا بحكم الكنيسة . فأنا أدرى بشأن حياتي .
– لم يكن في الإسلام قواعد يصدرها لا بابا ولا ماما … فالشأن العام يرتبه الناس بما يخدمهم (( فهم أدرى بشئون دنياهم )) ولكنهم يأخذون من الشريعة منهاجاً يوضح طريقة الاختيار ليتجنبوا الحرام . وهذا مالا ولم يستوعبه حزب البعث . فخلط الأمر عليه ونفى كل طرف يربط الحياة بالدين .. آخذاً من منهجية لينين و علمانية أتاتورك وعلمانية فرنسا طريقاً لتسيير حياة الناس .. تخلف !!!
– بمعنى واضح لا يوجد شيء اسمه حرام وحلال بل هناك قانون تفرضه الحياة والدولة لتسيير حياة الناس ، وعلى الدولة فرض القانون وفرض قيادة الناس … ما يجهله هؤلاء أنهم الغوا الرقابة الذاتية التي تنشأ من الخوف من المعصية ،، فلو أن ما حدث في مصر وتونس وغيرها حدث مثيل له في فرنسا لرأيت كابوساً يهز كيانها فلن تتوقف السرقات والنهب والسلب .. لو انهار النظام والفانون فلا يوجد حارس إلا الخوف من الله تعالى .,. حماقة فهم !
– ولذا فعلمانية أمريكا مختلفة لأنها تضع قواعد للحياة مبنية على قواعد دينية ( بمفهومهم للتدين ) فعلمانية أمريكا ليست هي علمانية فرنسا ..
– وفي كل الحالات رغم كل المحاولات .. ورغم كل مكر أكرر “” ويمكرون والله خير الماكرين “” .. “” لا تجتمع أمتي على ضلالة “”

آهه وبعدين ::: خلينا مع بعض شوي :
سيطر الحزب على الحياة السياسية في سورية في العام 8 مارس 1963م ، لتبدأ كل قصص الاغتيالات ، وسفك الدماء ليستقر الحكم للحزب ولتنتهي آخر معارك ما يعرف بالتصحيح في نوفمبر 1970م ليصل حافظ الأسد كرئيس للوزراء في فترة انتقالية ، استمرت 3 أشهر ليكون بعدها رئيساً للجمهورية في فبراير 1971م ، لتبدأ حكاية سورية مع حزب البعث الاشتراكي ، وفي أول محاولة واضحة للثورة على حكم ابعث في 1981م في مظاهرات بدأت تعم بعض نواحي سورية .. لم يكن هناك فضائيات ولا انترنت ولا جزيرة ولا فيس بوك … لم يكن هناك من ينقل الصورة .. بل هناك مجزرة تدك حصون البشر ثلاثين ألف انسان وأكثر مجزرة لم يشهد لها تاريخ العرب مثيلاً ، باسم حماية الدولة والمكتسبات ضد شرذمة من العصابات التي تريد لعجلة التقدم أن تتوقف وتعود سورية للقرون الوسطى ( طب ياريت ) قرون الوسطى للشام كانت ذهبية ناصعة الصفاء .
واستمرت حملة الاعتقالات والتصفيات ، وبدأ حافظ الأسد في تثبيت أركان الدولة للبعث العربي الاشتراكي .. لحظة لا يمكن انطار الآتي :
– رغم كل ما قلت نمت الجامعات والتعليم في سورية بشكل كبير … فالتعليم سمة في الحزب لأنه لا يريد جهلة بل علماء يؤمنون بالمنهجية البعثية .. ورغم نيته كان مكر الله أعظم فأنعكس السحر على الساحر .
– ساهم الحزب في نشر وتعميد وبناء القومية العربية والانتماء لهذه الأمة العظيمة .
– كان في ظاهره يساند كل الجماعات التي تدك حصون اسرائيل .. في الظاهر .. في الباطن .. ((يتعشوا سوية في الليل)) وأي علي من الباطن … ساهم حافظ الأسد في الظاهر بدور الممانعة والعدو لإسرائيل .. في الباطن كان أحد أسباب نكسة 68م حيث رفض تحريك الطائرات لضرب القلب الإسرائيلي … بل وسهل احتلال الجولان .
– حافظ الأسد كان يؤمن ويعتقد بكل مبادئ الحزب .. كان زعيماً ذكياً … يعشق سورية والقومية العربية … وبإيمانه الاعتقادي هذا جعله قاسياً لأجل نشر أفكاره ومعتقداته بغض النظر عن صحتها أو خطئها . وهو في ذمة الله تعالى يعلم الله وحده مصيره ومكانته … ولست إلا ناظراً في أفعال وليس حاكماً لأشخاص .
– ساهم الحزب في العراق في القضاء على الأمية ، وبناء القدرة العراقية الفذة التي شهد لها الناس .
– حزب البعث في العراق لم يكن مختلفاً عن نظيره في الشام ، بنفس الأسلوب وبنفس القسوة ، استمر حكم البعث في العراق ، بدموية وارهاب ليس له حدود … ورغم ذلك فصدام حسين كان يحب العراق وأراد له أن يكون قوة تقود الأمة العربية ، وبنفس ما قلته عن حافظ ليس هنا لأقيم الأفراد بل أقيم أفعالهم … وسياستهم التي قادتها إليها أفعالهم ..
لم يكن حزب البعث إلا صورة دموية للاشتراكية التي وضعها لينين و استالين .. صورة بشعة دموية ، بسياسة الاغتيالات ، والمجازر .. ظنوا أنهم يمكن أن يبنوا دولتهم … هذا الكيان الدموي لم تكن محاولات الثورة ضده بدأت اليوم بل من يوم بدأ ومحاولات الثورة ضده مستمرة وفي كل مرة كانت تواجه بالقمع .. بالقتل .. بالسحل … بالإبادة .. ليسوا يخافون أن تقول عنهم دمويون .. فهم يرون أن لهم الحق في ذلك حماية للمكاسب التي يظنون أنهم صنعوها .. حماية لثورة يظنوا أنهم روادها ..
لا تعتقدوا اليوم أن الثورة في سورية ستنجح على البعث دون دماء .. ولن تنجح دون دعم خارجي … إنكم تقاتلون معتقد وليس نظاماً حاكماً … تقاتلون عقيدة فاسدة .. اسمها البعث الاشتراكي .. لم يكن صدام ليهزم بثورة داخلية .. ولن ينكسر حكمه وقوته .. هذه الصورة تتكرر … صدام… الأسد ..قذافي.. . هتلر … استالين … فرعون ….

إن حرب سورية اليوم هي حرب معتقد ضد معتقد .. ثورة ايمان ضد حزب لا ايمان له …
ما هو القادم ؟؟…. لا أعلم … لكن ما أظنه :
أن الخير قادم لا محالة … وستتحرر سورية .. ولكن هناك قوة ستساند أبطال سورية ، وسينتصرون على البعث … آجلاً أم عاجلاً .. لقد بدأ التغيير ولن يتوقف … حتى تعود القوة لأمة خذلها حكامها …
وليفعل الحزب ما يشاء .. فقوة الله فوق الجميع .. يا أبطال سورية جميعاً .. إن النصر من الله فأطلبوا المدد منه تعالى …

انتهى الحديث هنا ولم ينته الكلام عن الربيع العربي .. وللحديث بقية
أحمد مبارك بشير
3/10/2011م

4 تعليقات
  1. احمد :

    جميل هذا الطرح استاذ احمد

  2. ambmacpc :

    شكرا وجزيت خيرا

  3. Yasser Balfakih :

    سلمت أناملك
    ولا فض فوك و عاش شانؤك
    إنه ليس حزب البعث بل هو حزب العبث
    ولكن اطمئن أخي فالفجر آت آت
    “إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا”
    “أيس الصبح بقريب”
    اللهم بارك في شامنا ويمننا

  4. Yasser Balfakih :

    سلمت أناملك
    ولا فض فوك و لاعاش شانؤك
    إنه ليس حزب البعث بل هو حزب العبث
    ولكن اطمئن أخي فالفجر آت آت
    “إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا”
    “أيس الصبح بقريب”
    اللهم بارك في شامنا ويمننا

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.