جدلية الخُمس

جدلية الخُمس

مرحبا

في إطار أي دولة تسعى الى تحديد مصادر إيراداتها، وفي الدول المدنية كانت الضرائب والرسوم المصدر الرئيس لموارد الدولة،

 من يحددها؟

يفترض ان يحددها قوانين صادرة عن مجلس نواب منتخب يمثل كل المواطنين، مع افتراض اننا في دولة … رغم اننا في ظل اللا دولة،

وجب التوضيح أيضا ان الزكاة ليست من موارد الدولة، فهي أي الزكاة مثلها مثل الصيام والصلاة ، واجبات دينية يلتزم بها المؤمنون ، و حسابها الى الله تعالى،

مع اختلاف ان الزكاة تمثل اسهاما او تبرعا ماليا من طرف لآخر ، كان على الدولة تنظيم هذا الشأن مثلها مثل أي تبرعات لمراقبة تحركات هذه الأموال، فالدولة منظمة للقوانين التي تشرف على فتح مؤسسات خيرية وإنسانية غير ربحية وتستلم تلك التبرعات والزكاة لخدمة النفع العام،

أما ان كانت الدولة تريد جعل الزكاة وما في محلها مصدرا لمواردها فوجب عليها الغاء الضرائب، رغم ان هذا سيناقض ان الدولة للجميع (مؤمنيها وغير مؤمنيها) بمذاهبهم وطوائفهم وانسابهم فهم جميع مواطنين في هذه الدولة لهم وعليهم،

عموما في ظل تناوش اطراف الصراع في اليمن، كلهم بلا استثناء من سلطة صنعاء الى شرعية الرياض وانتقالي عدن واخوان مأرب وتعز وعفاشية الساحل الغربي، يبحثون عن مصالحهم الشخصية البحتة وفقط ،

و القضية الوطنية مجرد اعلام وشعارات، و(سلم لي على البشوات !)….

في ظل هذا الوضع جاء الأنصار ليرفعوا صوتا يبدو عاقلا …، اعتقد المواطن الموهوم ان طرفا ما يحمل له آمالا في (مواطنة عادلة وعيش بكرامة) ، ومن بين تلك الأماني ما أصدرته سلطة صنعاء من رؤية سمتها الرؤية الوطنية للدولة اليمنية الحديثة في72 صفحة العام 2019 ، ونص الرؤية:

(دولة يمنية حديثة ديمقراطية مستقرة وموحدة ذات مؤسسات قوية تقوم على تحقيق العدالة والتنمية والعيش الكريم للمواطنين وتحمي الوطن واستقلاله وتنشد السلام والتعاون المتكافئ مع دول العالم.)

ومرتكزاتها تحدد الآتي:

  1. دولة يمنية موحدة مستقلة وقوية ديمقراطية وعادلة.
  2. مجتمع متماسك وواع ينعم بحياة حرة كريمة؟
  3. تنمية بشرية متوازنة ومستدامة تهتم بالمعرفة.

كما نلاحظ معان تبدو سامية وعظيمة، رؤية وكأنها متكاملة،

وفجأة وبلا سابق انذار تصدر لائحة الخُمس والركاز التي يرتبط بقانون الزكاة، وبدون جدلية من اين بدأ الخطأ، لان الإجابة معروفة ان الخطأ بدأ من تحكم الأحزاب الدينية وعلى رأٍسها الإصلاح في صياغة القوانين، وجاء الأنصار ليستكملوا المشوار…. ولنثبت المثل القائل (اسمع كلامك اصدقك، اشوف امورك استعجب) هو المعبر عن الوضع لجميع الأطراف السياسية، فحديثهم شيء وفعلهم في الأرض خلافه 180 درجة، الحديث عن كل ذلك سيجعلنا نخوص في ماء عكر، دعونا منها …

 المشكل في هذا الامر ، ان هذا الاجراء يأتي الآن ينسف ركائز الرؤية الوطنية ، في وضع استمرار الحرب على اليمن وفي ظل انعدام الامن والأمان لدى المواطنين، وفي  في وضع متفكك أساسا، فكأنه جاء ليسهم في استكمال هذا التفكيك ، نحن نعي تماما ان ما قبل 2015 لن يعود ابدا ، ولا ماقبل 2011 ولا حتى ما قبل 1990 فلن يعود كما كان ، وكل تأجيل في حسم الوضع اليمني يؤسس لمرحلة طويلة من حرب استنزاف وتقسيم فهل ست سنوات كافية ليستوعب الناس الفجوة ، والتي جعلت قاعدة المجتمع المتماسك منهارة وتزداد انهيارا،

الاشكال فعليا في جدلية الخُمس …. باختصار..

  1. الآية 41 من سورة الانفال، آية زمنية عالجت حدثا تاريخيا وانتهى، معالجتها استدعاء لخلافات فقهية تؤسس لتقسيم مجتمعي، وفي حال قبولها يجب القبول بآية نفي أي انساب لمحمد الرسول النبي عليه الصلاة السلام الآية 40 سورة الأحزاب،
  2. تأصيل الطائفة في سهم (بني هاشم) وفي ظل وجود مال وثروة فكل مواطن هو من بني هاشم حتى يثبت العكس، فكيف للدولة تمييز هذا او اثبات العكس، هل سيتم معالجة البطاقة الشخصية لتشمل العرق والقبيلة او يسجل عليها النسب وهذا نسف لفكرة المواطنة والمساواة العادلة والتي أعلنت في ركائز الدولة والرؤية، ام اجراء فحوصات DNA، حتى في الميراث لابد من اثبات نسب الورثة والا عاد المال الى الدولة، فكيف تؤسس الدولة للتقسيم العرقي ، وان اعتمدنا هذا فإن علينا القبول بادعاء إسرائيل بأن كل يهودي هو من بني إسرائيل ولهم حق و وصية في فلسطين،  
  3. سهم لولي الامر من ولي الامر ونحن في دولة يفترض ان تكون ديمقراطية أي يتم اختيار رئيسها ومؤسساتها التشريعية، فهذا يلغي تماما فكرة الديمقراطية ويؤسس لملكية تحت وصاية ولي امر يتوارث السلطة، فبند من هذا يوضح ان ما يقال شيء وما يراد شيء آخر …

واضف على هذه الجدلية، كل الإيرادات المستلمة من الضرائب والزكاة وغيرها، لم يسهم في سداد أي دعم للفقراء والمساكين والغارمين وذوي الحاجة وهم اغلب موظفي الدولة ومواطنيها المطحونين، بل أسست لثراء فاحش لمجموعة (العاملين عليها) … فكيف يصدق الناس ان أحدا يعمل لصالحهم ….

مجرد هم مواطن ؟؟؟؟!!!!!!!!

محبتي الدائمة

#اصلح_الله_بالكم

أحمد مبارك بشير

12/6/2020

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.