يوسف أيها الصديق ح 26 – مصر والسبع العجاف
تواصلا مع شرح سورة يوسف :
يوسف أيها الصديق ح 26 – مصر والسبع العجاف
أوحى يوسف إلى الساقي بأنه يتقن كل عمل يعمله دون الاهتمام بعوائده لشخصه. إنه صاحب رسالة لا يمكن أن يستهين بما يقوله أو يفرط في ما يتحدث به مع الناس. إنه معلم مخلص بغض النظر عن حاجاته ومصالحه الشخصية. قال يوسف رادا على صاحبه القديم في السجن كما وصف الله تعالى الموقف:
قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ ﴿47﴾
ظن المفسرون الكرام بأن دأبا هنا تدل على أنهم سيزرعون سبع سنين متواليات باعتبار معنى كلمة دأب. و أن الفعل أمر بصورة الخبر باعتبار “فذروه في سنبله”. فقد قال الزمخشري في الكشاف:
تَزرَعُونَ: خبر في معنى الأمر كقوله: تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون. الصف: 11 . وإنما يخرج الأمر في صورة الخبر للمبالغة في إيجاب إيجاد المأمور به فيجعل كأنه يوجد فهو يخبر عنه. والدليل على كونه في معنى الأمر قوله: فَذَرُوُه فِي سُنبُلِهِ. دأباً: بسكون الهمزة وتحريكها وهما مصدرا: دأب في العمل وهو حال من المأمورين أي دائبين: إما على تدأبون دأباً وإما على إيقاع المصدر حالاً بمعنى: ذوي دأب. انتهى.
أنا اختلف مع الزمخشري . فلو كان المقصود الاستمرار أو الجد في العمل لقال سبحانه: تزرعون سبع سنين دائبة أو دائبين. بالطبع أن قول الزمخشري: دأبا حال من المأمورين، لا يخالف قوانين الحال برأيي ولكن وضع المصدر مكان الحال لغير ضرورة ودون قصد خاص غير مقبول. حاشا كتاب الله تعالى من هذه التأليفات الغريبة.
وليس في مفكرتي معنى للدأب ولكنني مضطر بأن أقول بأن الدأب معنى من معاني الحبوب أو القمح بالذات أو نوع من البر ولعل الكلمة قبطية معربة. أو لعل المصريين القدماء كانوا يستعملون تعبيرا خاصا للحبوب التي يعيشون عليها كتعبيرنا نحن لها بالعيش.
فنرى الشعوب التي تعيش على القمح تسميه عيشا والشعوب التي تعيش على الرز تسمي الرز عيشا. فلعلهم يسمون الحب الذي يعيشون عليه دأبا. ولعلهم كانوا يستعملون كلمة تدل على العادة اليومية في الأكل ففسرها الله تعالى بالدأب بمعنى العادة. لكن الكلمة على أي حال لا يمكن أن تدل على غير الحبوب الزراعية ولا يمكن أن تكون صفة بالطبع كما لا يمكن أن تكون حالا كما قاله الزمخشري.
وقال الطباطبائي في الميزان: فالمعنى تزرعون سبع سنين زراعة متوالية مستمرة، و قيل: هو من دأب بمعنى التعب أي تزرعون بجد و اجتهاد، و يمكن أن يكون حالا أي تزرعون دائبين مستمرين أو مجدين مجتهدين فيه. انتهى.
وهو تفسير غير دقيق برأيي. لا أدري كيف توصل الطباطبائي إلى معنى: تزرعون سبع سنين متوالية؟ وما الفائدة من إضافة متوالية؟ لنفترض أن يوسف قال: تزرعون سبع سنين، ولم يضف دأبا، فهل تعني تزرعون سبع سنين غير متوالية؟ بالطبع لا، فما الحاجة إلى إضافة كلمة متوالية؟ كل الناس يعرفون بأن زراعة حبوب العيش سنوية بالنسبة لكل الحبوب بلا استثناء فلا حاجة لإضافة كلمة: متوالية أو ما في معناها.
إذن قال يوسف لرسول الملك: هناك سبع سنوات خير وزرع بانتظار المصريين. فلا تغتروا بها وحاولوا أن تحصنوا من حصادكم ما زاد عن مأكلكم. ولو تتركوا الحبوب في سنابلها قبل تحصينها حتى لا تفسد وتبقى محفوظة في السنابل لاستقبال سني الجدب.
كما أن يوسف أوصاهم بأن لا يسرفوا في الحبوب فيكتفوا بالأكل منها حتى لا يجوعوا في سني الجدب المقبلة لا محالة. هذه مسائل علمية دقيقة تفوه بها يوسف من منطلق علمه وعقله قبل أكثر من أربعين قرنا.
والواقع أن الأنبياء كانوا علماء ومهندسين وأطباء أكثر من كونهم أصحاب معاجز ومخبرين بالغيب كما يتصورهم الكثيرون. وقد لاحظت بأن أكثر آثار الأنبياء التي نعرفها من القرآن تنبئ عن علم وإدراك لحقائق الطبيعة ومساعدة للناس في الحياة الأفضل وفي العيش بسلام وأمان.
يوسف استعمل فهمه للأعراف المصرية وكيفية تأويلهم للأحاديث ليتعرف على تفسير رؤيا الملك.
فالله تعالى يخاطب الناس بالطرق التي يفهمونها. هذا الملك يدير مجتمعا متقدما في الزراعة قبل أن يكون متقدما في العمران. والواقع أنهم كانوا يعيشون على الزراعة ولكن العمران وما تبعه هي من آثار تفننهم في الحياة واستفادتهم من فائض دخلهم لبناء الأهرام والاشكال الهندسية الرائعة على قبورهم إرضاء لملوكهم حتى يطمئنوا بأنهم سيحيون ملوكا في الحياة الآخرة.
والله تعالى يريد أن يخبره بأن مملكته تواجه خطر الجدب ويريد أن يعلمه كيف يستعد لها ويدفع عن شعبه المجاعة حد الإمكان.
بالطبع أن الله تعالى يقوم بتحقيق مجموعة من الأهداف حينما يقوم بعمل فلا ننس أهداف صناعة بني إسرائيل أيضا ضمن قصة المنام مثلا .33
بعد أن أوضحنا السبع الخضر دعنا نوضح السبع الشداد. لقد اختصر الله تعالى بقية شرح يوسف تعبيرا لمنام ملك مصر كما يلي:
ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ ﴿48﴾ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴿49﴾.
رأينا بأن يوسف وضح بكل إخلاص معنى منام الملك وبين لصاحبه الحلول التي يراها مناسبة لمواجهة المشكلة وكأنه يقول له: يهمني أن لا تجوع الأمة ولا يهمني أن أنجو من السجن أو أجد الحظوة عند الملك.
ثم أردف يشرح لساقي الملك بقية المنام مبينا سني الجدب. وصف يوسف تلك السنين الجُدب بالشداد.
والشد يعني تقوية عقد الوثاق فيعطي معنى القوة للفاعل ومعنى الضعف وغاية الانفعال بالنسبة للمفعول. فالسبع الشداد يعني بأن الله تعالى شد رباطها بقوة كبيرة وهي انفعلت خاضعة أمام تلك القوة الرهيبة التي سيطرت عليها بالكامل.
وهكذا السني الشداد تعني بأن الله تعالى الفاعل قد شد الوثاق على أرزاق الناس فتحطمت إرادتهم أمام تلك القوة الرهيبة وباتوا ضعفاء لا يجدون حيلة تنجيهم من تبعاتها إلا قليلا مما يحصنون من الحبوب.
وقد وضح له معنى الشدة بأن الجفاف سوف يأكل الحبوب بدل أن ينميها. ذلك لأنها لا يمكن أن تنمو بلا ماء بالطبع. والمزارع ينشر البذور في الأرض بانتظار الري فإن لم يصل الماء إليها فإن ديدان الأرض وهوامها تأكلها وتقضي عليها.
استدل يوسف بهذا الاحتمال الخطير على وجوب التحصن لمواجهة المجاعة الكبرى. ولو ننظر إلى القارة الأفريقية برمتها فإنها تتعرض للمجاعة حتى في عصر التطور الفعلي. مما يعني بأن مياه الأمطار بالنسبة لهذه القارة غير مضمونة وغير مستمرة.
لا أظن بان هذا الكتاب هو الموضع المناسب لمناقشة الآراء التي ترى أماكن وبلدان أخرى مسرحا لقصة يوسف ولكني أعتقد بأن ما ذكرناه أعلاه ودراسة عامة عن ظروف المناطق الأخرى الجغرافية وعدم وجود إشارات إلى جفاف توالي سبع سنين في تلك المناطق يمكن ان يكون دليلا يعضد ربط القصة بأسرها بمصر . 34
ولا يمكن للبشر أن يتعلم إلا إذا واجه مشكلة. ألا نرى بأن غالبية الناس هم أبناء يومهم وهم لا يستعدون للغد إلا قليلا منهم. هذه عادة غير مقبولة عند الذي يدير هذا الكون المهيب ويدير هذه الأرض الغريبة في أطوارها سبحانه وتعالى.
ومن كرمه تعالى أنه يسعى لتعليم عبيده ويعتبر البلاء بالمرض والقحط من ضرورات الاختبار في الدنيا. وهو واقع ضمن منظومة الهدى العام الذي يكرم الله تعالى به الإنسان. فهناك طريقان للخلاص من البلاء، إما أن يتعلم الناس ويتحقق الهدف الغائي منه أو تنتهي مدة البلاء. وكان يوسف على علم بأن البلاء لا يمكن أن يبقى إلى الأبد. إن ذلك يتناقض مع سماحة رب العالمين واتصافه بالرحمة بحق، سبحانه وتعالى. وعلى هذا الأساس أعطاهم البشرى بعام الغيث والعصر. والعلم عند الله تعالى.
أمعن يوسف كثيرا ببيان سني الجدب والشدة. وكان دقيقا جدا في بيان ذلك، فلم يقل بأن على الدولة أن تمنع الناس من الزراعة وانتظار المطر في سني الجدب السبعة.
إن ذلك يخالف نظام السماء. على الإنسان أن يكون دائما في حال الترقب لرحمة ربه ولكن عليه أيضا أن يكون مستعداً لكل بلاء بموجب نظام الخوف من شدة تعامل الله تعالى المؤقت مع عبيده.
إنه من رحمته يبلي الأمة بالقحط والزلازل والحواصب وبقية الظواهر الطبيعية الكبرى. إنه سبحانه وضع في أراضي الدنيا قوانين تسبب الشدة والبلاء لتكون هذه الأسباب متواجدة حينما يريد الله تعالى أن يذكر الناس بأنه موجود وبأنهم لم يشكروا خالقهم وبأنهم أشركوا به ما لم ينزل به سلطانا.
ذلك هو برنامج الحياة الدنيا حتى يتعلم الناس بأنهم مضطرون للتفكير في الحق لإثبات سلامة عقولهم وتشغيل هذه العقول ولتقديم الشكر له لإثبات سلامة نفوسهم. ولولا ذلك تعذر التمييز بين الخبيث والطيب وهو سر هذه النشأة.
لم يمنع يوسف الشعب المصري من أن يقدموا قسما من طعامهم الذي يعيشون عليه للأرض حتى يبقوا دائما في حال الأمل لرحمة ربهم. إنه يعرف بأن الله تعالى يمحو ما يشاء ويثبت وليس عند أحد أي علم بحقيقة التقدير غير الله تعالى نفسه فهو عنده أم الكتاب.
كما أنه لم يأت بأي خبر غيبي حينما بشرهم بعام الخير التالي لأعوام الشدة. ولقد وضح لصاحبيه في السجن بأن الله تعالى علمه حقائق الألوهية كعلم لا كإخبار بما سيحدث.
وقد علمه ذلك لأنه توقى بكل عناية الشرك وابتعد عن كل معالم الشرك المشين اتباعا لسنة إبراهيم شيخ الأنبياء والمرسلين. فكما أمر الله تعالى نبينا وهو خاتم النبيين ، في القرآن أن يقتدي بإبراهيم فإنه قد أمر دون شك من سبقه من الأنبياء أن يقتدوا بإبراهيم .
كان يوسف على علم بحقيقة قرآنية نعرفها نحن اليوم بفضل القرآن وعرفها أبناء يوسف فيما بعد بفضل التوراة ولكنه هو بنفسه عرفها بفضل إيمانه الخالص بالله تعالى.
فالله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور سواء أكرمهم بالكتب السماوية أم لم يكرمهم بها. قال تعالى في سورة الشرح:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ (8).
إن الله تعالى يوقف استمرار البلاء بصورة طبيعية ليدعو عبيده إلى العودة إليه. إنه هو يوقف استمرار الأوزار لأنه يريد أن يعلم عبيده ولا يريد أن يعذبهم في الدنيا. إن لازمة الكرم والرحمة والعطاء أن يتوقف البلاء حتى لو لم يعد الناس إلى ربهم.
( هامش 33 : البعض من الإخوة الباحثين يظنون بأن قصة يوسف وكذلك موسى قد حدثتا في منطقة أخرى غير مصر المعروفة. ويقول بعضهم أنهما حصلتا في منطقة عسير في الجزيرة العربية. بالطبع أنني لست بصدد الرد عليهم بقدر ما أنا بصدد الرد على إشكالاتهم الأساسية في وقوع الحوادث بمصر الفعلية.
1. يقولون بأن مصر لم تكن معروفة بهذا الاسم قديما. فمصر إذا يمكن أن يكون بمعنى البلد. إن الله تعالى يذكر اسم مصر في قصتي يوسف وموسى باسم العَلَم فهو علم لمصر الفعلية وليست علما لمكان آخر في عسير برأيي.
2. يقولون بأنهم لم يجدوا آثاراً ليوسف أو موسى أو سليمان في فلسطين ومصر الفعليتين. والواقع أن الرجال الثلاثة بالإضافة إلى داوود كانوا من المؤمنين الطيبين الذين لا يبنون القصور ولا يقتنون أساسيات الحياة الثمينة جدا حتى تبقى إلى اليوم. ثم إن عدم عثورهم على الآثار لا يدل على عدم وجود الآثار. أغلب الظن أن الإسرائيليين يبحثون عن الآثار من واقع الخرائط التي رسموها على أساس التاريخ اليهودي. وأنا شخصيا أشك كثيرا في صحة ذلك التاريخ. مثله مثل سائر السير التاريخية التي أنفق عليها الملوك أصحاب المصالح ففندوا الحوادث لتنطبق مع مصالحهم في الملك والسيطرة على الرقاب. إنني قارنت قصص التاريخ التي كتبها المسلمون مع النزر اليسير من القضايا التاريخية التي نفهمها من القرآن فلم أجد قصة واحدة تنطبق مع آي الذكر الحكيم مع الأسف. ولذلك فأجد من المعقول أن نعتبر التاريخ الإسلامي والتاريخ اليهودي من قبل، يعبران عن مجموعة من القصص والأساطير المفبركة وليس عن الحوادث كما حصلت. ولم نر بعد آثارا مماثلة في عسير. ولا ندري هل سنكتشف شيئا لو سمحت الحكومة السعودية بمثل هذه التنقيبات أو لا؟ وأغلب الظن أننا سوف لن نكتشف شيئا هناك.
3. يقول المسلمون منهم بأن هناك في عسير أسماء قريبة من الأسماء الموجودة في فلسطين ومصر. وأقول لهم بأن هناك في كندا وأمريكا أسماء قريبة أو مشابهة تماما لأسماء المدن البريطانية والبرتغالية والإسبانية. ذلك لأن الذين هاجروا من هذه البلدان إلى القارة الجديدة وضعوا أسماء مدنهم أو بإضافة وصف الجديد على المدن الجديدة. مثل نيو يورك مقابل يورك ونوفا سكوجيا بمعنى سكوتلندا الجديدة. وهكذا أسس اليهود المهاجرون إلى عسير فيما بعد مدنا ووضعوا عليها أسماء مدنهم الأصلية احتمالا.
4. وأقول لغير المسلمين ولغير المؤمنين بالله تعالى، بأن إنكار أصل موسى وسليمان مثل إنكار العصر الجاهلي والعصر الأموي والعباسي. وإن كلما ما نراه من آثار أموية مثل المسجد الأموي ومسجد القبة مثلا لو صحت بأنها من مباني بني أمية فهي تدل على الإسلام أكثر من دلالتها على بني أمية. فكما لا يمكننا إنكار محمد بن عبد الله فكذلك لا يمكننا إنكار موسى وهارون وحتى يوسف ويعقوب. إن هناك أمة كبيرة منتشرة في الأرض تُدعى بني يعقوب أو بني إسرائيل كما أن هناك اليهود والنصارى الذين يملئون الأرض فكيف يمكن إنكار أنبيائهم؟ يمكن إنكار الحوادث التاريخية باعتبار أن المؤرخين عادة ما يكذبون إرضاء لمن يدفع لهم من أجر يعيشون عليه ولكن لا يمكن إنكار أصل وجود إبراهيم وموسى وعيسى ويعقوب وسليمان ومحمد.
5. يقولون بأن أهل مصر يعيشون على النيل ولا يعتمدون في زراعتهم على مياه الأمطار. لقد نسي الإخوة بأن النيل يعيش على الأمطار. نهاية الهامش 33.)
(هامش 34 : كلمة سبعة في القرآن وفي الكتابات القديمة كلها لا تعني فعلية العدد بل تدل على كمال العدد. فالسنوات كانت سبعة على الأقل وليست على الكمال والتمام. وأنا شخصيا لا أظن بأنها كانت أكثر من سبعة فعلية لأنها ستكون مميتة حينئذ وبعيدة عن كرم الله تعالى.
وأما احتمال أن أيا من نوعي سني الرخاء والشدة كانت أقل من سبعة فعلية فهو غير بعيد أيضا برأيي. ذلك لأننا نرى الله تعالى يستعمل هذا العدد للسماوات مثلا. فهي أكثر من أن تعد وتحصى ولا يمكن وضع عدد يقل عن البلايين لها.
فالسبعة بالنسبة للسماوات تعني البلايين وبالنسبة لسني الخير والقحط قد تعني أقل من العدد الفعلي أيضا. إنها تمثل كمال الخير وكمال الجدب والعدد الحقيقي عند الله تعالى.
وأنا أظن بأن الله تعالى أراد للناس أن يتعلموا التحصن والادخار للمستقبل ويتجنبوا الإسراف حتى عند كثرة الحبوب، بغض النظر عن فعلية السنوات السبعة. نهاية الهامش 34.)
يتبع …
أحمد المُهري
تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/
ان كان لديكم الرغبة في الانضمام لمجموعة النقاش في المركز برجاء ارسال بريد الى :