لماذا نستبعد حديث السنة ؟ انها ليست حكمة !
الاخ احمد المهري انت تستبعد السنه وهي مرجع من مراجع الاسلام بإجماع الامه رغم اختلافها في تعريفها فهي قول وفعل وتقرير او صفه لاحظ ان الحكمه (السنه) جاءت مقرونه مع الكتاب :
ايه البقره ١٥١( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)
ال عمران ١٦٤(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)
النساء١١٣( وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا )
الجمعه ٢(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ )
محمد حمادي
الأخ الفاضل محمد حمادي رعاه الله تعالى
مرجعية السنة بإجماع الأمة غير ملزمة لنا. أنا واحد من الأمة ولا أؤمن بتلك المرجعية فالإجماع لم يحصل. أنى للأمة أن تجتمع في مكان واحد وزمان واحد؟ عمرنا كأمة يربو على 14 قرنا وأكثرنا يموت في الستينات من عمره فكيف نجتمع؟
ثم إن هناك مسائل كثيرة ظننا بأن الأمة اجتمعت عليها ثم بعد التدبر والفحص عثرنا على الخطأ. وهناك مسائل اتفقت عليها البشرية كما قالوا ثم رأيناها خاطئة مع الظن العام بالتوافق بين كل علماء البشر. فلا الاجتماع حاصل ولا هي حجة على أحد.
وأما الحكمة التي فسرتموها بالسنة وكذلك التي فسرتموها بما نقرأه في كتب الحديث فهي ليست كذلك قرآنيا. هذا حديث البشر ولا فرق بين تفسير البشر للقرآن الكريم وبين الحديث نفسه. نحتاج إلى بيان قرآني يقول بأن الحديث أو ما في كتب الحديث حكم أنزلها الله تعالى على الرسول واحتفظ بها في الصدور حتى يظهر البخاري فيكتبها لنا. أليس القرآن مرجعا مقبولا لدينا جميعا فلنحتكم إليه لنستخرج معنى الحكمة من نفس القرآن.
قال تعالى في سورة الإسراء: لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً (22) وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24) رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا (25) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاء رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا (28) وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (30) وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا (31) وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً (32) وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33) وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً (34) وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (35) وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً (36) وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً (37) كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38) ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا (39).
تلك هي الحكمة وما شابهها من نفس القرآن. أما ما نقرأه في كتب سلفنا رحمهم الله تعالى فالعلم اليوم أثبت خطأ الكثير منها. كما أن العقل البشري يحكم بضلال كثير مما دونوه. البخاري رحمه الله تعالى اعتبر حوالي 99% من الأحاديث التي ادعى بأنه جمعها باطلة واختار منها أقل من 2% ليعتبرها صحيحة. ومن تلك الصحاح حكاية رجم القردة للقردة الزانية مثلا فهل هي مقبولة عقلا؟ وأخيرا حينما نتبع كتاب البخاري فنحن في الواقع نتبع البخاري نفسه ولا نتبع رسول الله عليه السلام. أحاديث الرسول حسب جمع البخاري هن 600 ألف حديث والصحيح للبخاري في حدود 7000 فقط.
واسمح لي أخي الكريم بأن أضيف إلى هذه الرقيمة معنى الحكمة من القرآن الكريم بصورة بسيطة جدا. قال تعالى في سورة البقرة: يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (269). لو ننظر إلى الآية نظرة أولية فاحصة لنرى بأن الحكمة ليست حكرا على أحد، فهي ليست خاصة الأنبياء ولكن الأنبياء يحتاجون إليها ليقوي حجتهم احتمالا. ثم نعلم بأن هناك خيرا أو فائدة كثيرة في الحكمة. فالحكمة لا تنحصر على مورد أو موارد متشابهة ولكنها تدخل في كل شيء. بمعنى أن وراء كل أمر في أي شأن حكمة تصلح الأمر وتزينه وتجعله مفيدة بسعة أكثر. لكننا حينما نقرأ الآية في سياقها نشعر بأمر مغاير قليلا فلنقرأها:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (269) وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (270) إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (274).
كل الحديث قبلها وبعدها عن الإنفاق. فهل الحكمة تخص الإنفاق؟ هل سمعتم حكيما يقول ذلك؟ فلماذا جاءت آية الحكمة التي تذكر مصدرها وهو الله تعالى وكذلك موردها وهو كل الناس وسط وصايا وأحكام الإنفاق؟ ونعرف أيضا بأن كل إنسان يمكنه أن يطلب الحكمة ويُؤتاها. إن الله تعالى هو رب العالمين وهو أعلم بالحكمة طبعا وما هو سبحانه على الغيب بضنين ولا بخيل.
والواقع أننا جميعا ندرس في مدرسة ابتدائية لم نرتق بعد للمدارس الثانوية والجامعية. الحكمة حقيقة لا تخص الإنفاق ولكن الإنفاق هو أسهل السبل للتعرف على الحكمة. كل إنسان يمكنه أن ينفق حتى المسكين واليتيم والأسير. قال تعالى في سورة الإنسان: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (7) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11).
فقط يجب أن نقرأ الآيات بفهم وعمق ولا ننظر نظرة ببغاوية إلى مقولات السلف. الذي ينفق هو الذي يمكن أن يكون مسكينا أو يتيما أو أسيرا. وهو الذي يمكنه أن ينفق الطعام على حبه للطعام لأنه مسكين أو يتيم أو أسير يحتاج إلى مطعمه بنفسه. فالمسكين أو اليتيم أو الأسير حال وليس مفعولا به. والقصة التي ذكرها المفسرون غير صحيحة دون ريب. يكفيكم العلم بأنهم جعلوا عليا عليه السلام وفضة الخادمة في مرتبة واحدة في جنات النعيم، فنسوا بأن في الجنات كراسي من ذهب للطبقات العليا والفضة لمن دون ذلك.
إذن مثال الحكمة في الآية مثال قابل للاستهداء لكل الناس حتى الفقراء والأسرى. فما هي تلك الحكمة ثم ما هو معنى الحكمة؟ تلك الحكمة هي أن العاقل ينظر إلى العواقب ليتعرف على الحقائق. فالقردة لسن من المكلفين ولسن موعودات بالجنة ولا بالنار فمن قال بأنهم عاقبوا قردا زانيا أو قردة زانية فهم أغبياء لم ينظروا نظرة حكيمة للخبر. وكل من يسير على هداهم فهو يسير في طريق الضلال لا طريق الهدى. فأين هم من الحكمة؟ كل مفكر يحتاج إلى الحكمة ويؤتيها الله تعالى إياه بما ينسجم مع زمانه ومكانه. فالذي فكر في علاج الأبدان البشرية قبل عشرة قرون أوتي حكمة مغايرة للذي يفكر فيها اليوم حيث انكشف للأطباء والمعالجين الكثير من أسرار الأبدان والكثير من أسرار الأدوية. ليست هناك حكمة ينزلها الله تعالى قبل خمسة عشر قرنا وعلى الجميع اتباعها ولا حكمةَ غيرُها.
لقد فهم رسولنا عليه السلام من الآيات الكونية مسائل مغايرة لفهمنا نحن اليوم. تلك هي حكمة آتاها الله تعالى إنسان ذلك اليوم وما نعرفه نحن اليوم حكمة يؤتينا الله تعالى في هذا الزمان. ولو ننتبه لنرى آيات الحكمة غالبا ما تكون فردية تصدر من شخص معين في زمن خاص. ولننظر إلى آيات حكيمة أخرى تتحدث عن الحكمة التي آتاها الله تعالى فردا آخر اسمه لقمان في سورة لقمان: وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) وَوَصَّيْنَا الإنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (17) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19).
الآيات حكيمة ودقيقة ونحتاج إلى فهمها للمزيد من التفكر. استأذن لأفسر مقطعا بسيطا منها وبكل اختصار. ذلك هو المقطع الأخير في المجموعة: إن أنكر الأصوات لصوت الحمير. كيف يمكن أن يعيب لقمان الحكيم على الحمير التي تُظهر ما أنعم الله عليها من صوت؟ كيف يمكن أن يقول لقمان بأن أنكر الأصوات لصوت الحمير؟ لكننا حينما نتعمق في الآية نراه رحمه الله يقول شيئا آخر ولا يريد أن يستهزئ بالحمير. ننظر إلى الآية التي قبلها لنرى حديث الآيتين يدور مدار الناس المرتبطين بالإنسان ولا يدور مدار الإنسان نفسه. ينصح لقمان ابنه بأن لا يمشي في الأرض مرحا لأن الناس سوف يظنونه مختالا فخورا فيستنكرون عليه مشيه. ثم يقول له اقصد في مشيك بمعنى أن يكون هادفا حينما يمشي ولا يسير بدون هدف ويهدئ من صوته حتى لا يُزعج غيره. بمعنى أن يقصد في صوته أيضا ليرفعه في حدود حاجة المستمع لا أكثر. ثم يستشهد بقول الناس حينما يرون حمارا غير عاقل بطبيعته على أنه يسير بقصد فيعود إلى بيت صاحبه لوحده وقد ركز على الطريق من قبل لكنه بطبيعته أيضا ينهق أحيانا بلا حساب نعرفه نحن البشر. فالناس لا ينظرون إلى دقة الحمار في قصده عند المشي ولكنهم ينظرون إلى نهيقه المزعج لهم فيقولون بأنها أنكر الأصوات. ولو كانوا منصفين لذكروا الإثنين معا (قصده في المشي مع نهيقه) فقالوا بأن الحمار نهق لسبب لا نعرفه ولما يقولوا بأنه أنكر الأصوات. فعلى ابن لقمان ألا يكتفي بالنظر إلى نفسه وإلى حاجته بل ينظر إلى علاقاته بالناس أيضا. تلك هي الحكمة. حكمة لم نجدها في كتب الحديث مع الأسف إلا قليلا.
إذن لا يمكن لرسول الله عليه السلام أن يختصر الحكمة في كلمات وجمل تناسب زمانه ومكانه ثم يبعث بها إلينا عن طريق البخاري بعد ثلاثة قرون. تأتينا الحكمة من الله تعالى مباشرة في كل زمان وكل مكان وعلى كل شخص بعينه. تحياتي ودعواتي.
أحمد المُهري
13/4/2019
تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/