عين على الثورة : مرافق الرئيس القاضي ! اللقاء التاسع
عين على الثورة :
مرافق الرئيس القاضي !
اللقاء التاسع
مرحبا بكم من جديد ، اصل معكم الى اللقاء التاسع مع الحاج يحيى الكوكباني ، والاحداث تسلسلت معنا الى نوفمبر 1967 إنها لتغيرات كثيرة حدثت وستغير في المشهد بصورة كلية فأهلا بكم :
-
مرحبا بك استاذي الفاضل ، الاحداث الماضية قدمت لنا الصورة الاوضح عما عرف بحركة 5 نوفمبر 67 ، حيث لم تكن هي حركة وانما تغير وتوافق سياسي على إزاحة السلال وبقبول السلال لذلك الحراك ،غادر البلاد بزعم توجهه الى الاتحاد السوفيتي ، ثم تم التوافق على انتقال السلطة الى السيد القاضي عبدالرحمن الارياني رئيس المجلس الجمهوري ونائب الرئيس السلال ، حركة تذكرني الان بخطة مقدمة من المبعوث الاممي لليمن .
الكوكباني :
-
ربما ، الا ان الامرين كما يبدوان لي مختلفين . دعني احدثك كيف ترتب الامر ، في قمة الخرطوم العربية ، اجتمع القادة العرب وهتف الشعب للقاء الفيصل وناصر ، هتفوا لان الجميع يعلم ان اتفاق مصر والمملكة هو نصر للعرب جميعا ، في القمة تم الاتفاق على تشكيل لجنة ثلاثية برئاسة رئيس الوزراء السودان المخضرم محمد محجوب ، وعضوية خارجية العراق والمغرب ، ومراقبان من مصر والسعودية ، وكان من أهدافها إزاحة السلال والاشراف على الانسحاب المصري من اليمن ، وبعدها تبدأ المصالحة الوطنية
انا :
-
ربما سيدي ، وهو على العكس يقرب الفكرة ، فسيظل الامر الغريب هو التوافق الدقيق بين قرار مغادرة الجيش العربي المصري اليمن في نهاية نوفمبر ، وفي ذات الوقت قرار بريطانيا مغادرة الجنوب في ذات الشهر وفي وقت متقارب بين 28 نوفمبر و 30 نوفمبر ، عموما كي اربط الاحداث أيضا ، ان الجبهة القومية ابرزت قوتها على الأرض بدعم غير محدود من الاتحاد السوفيتي ، وكأن المشهد يدفع بتوجيه دفعة الحكم في الجنوب الى السوفيت ، لم يكن هناك صعوبة في السيطرة على المكلا في سبتمبر 67 وبدون مقاومة ، تلاها سيئون و والمهرة في أكتوبر ذات العام ، لتبدأ المواجهة بقوة بين الجبهة القومية و منظمة التحرير امتدادا من لحج الى عدن ، وتنتصر الجبهة ، وتقبل بريطانيا تسليم الدولة لها بدلا عن حكومة ولاية عدن ، وفي ذات الوقت تحقق بريطانيا مكسبا بعدم دعم الدولة الوليدة ، لأنها اختارت التوجه الشرقي الشيوعي .
الكوكباني :
-
كان نوفمبر67 يا بني محركا للكثير من المتغيرات ، التي ستظهر اثرها لاحقا على الدولة اليمنية .
انا :
-
قبل مغادرة آخر جندي بريطاني في عدن ، شهدت الحديدة والمخا مغادرة آخر جندي مصري في اليمن ، ذكرت شيئا عن لقاء الفيصل والناصر في الخرطوم ، اخبرنا شيئا عن ذلك واكمل لنا بعدها مغادرة الجيش المصري .
الكوكباني :
-
اجتمع الملك الفيصل والأمير سلطان بالزعيم ناصر و وزير الخارجية محمود رياض في منزل رئيس الوزراء محمد محجوب ، اثار ناصر موضوع اسرة ال حميد الدين وتفاجأ برد الفيصل بقوله : ( عزيزي جمال اسرة حميد الدين عدوة لي من أربعين سنة ) أضاف بعدها سلطان : ( ان اسرة ال حميد الدين ليس لهم مكان في اليمن ولا امل لهم في العودة الى الحكم ) ، ذكر الرئيس محجوب الكثير من المفاجآت حول ذلك اللقاء ، وحتى ان الملك فيصل يقدر وضع مصر الاقتصادي الان وانه سيدفع كل تكاليف نقل الجنود والمعدات من اليمن ، بل و وعد الملك بأن يحل مشكلة المصارف والاموال المصرية التي تم مصادرتها في المملكة ،
أنا :
-
مفاجأة ليست للزعيم ناصر فقط ، بل لي أيضا ، ولماذا كل هذا الدعم الا محدود لأسرة حميد الدين ؟ ، رغم ان المعركة لم تحسم بعد هذا الاتفاق .
الكوكباني :
-
هذا السؤال ربما انت قد اجبت عنه سابقا !!! ،هل ترغب في ذكره الان ؟
انا
-
سنعود اذن اليه ، دعنا نكمل يوم مغادرة آخر جندي مصري اليمن .
الكوكباني :
-
نعم انها الأيام الأخيرة في شهر نوفمبر وتقريبا هو يوم 28 نوفمبر 67 ، تم توديع رسمي ومهيب للقوات المصرية بحضور الرئيس الارياني وعدد من كبار الضباط والقادة المصريين ، وكذا عدد من الضباط اليمنيين ، اثرت كلمة القائد المصري بقوة فينا حيث مما قال : ” ضحينا في اليمن بأكثر من 15 لف جندي من رتبة جندي الى لواء ، ليس عندنا مثلما ضرب بعض جنود مصريين بأيد جمهورية في شوارع صنعاء “
انا :
-
هل يشير الى الخلاف الذي نشب بين القوات المصرية والسلال قبل إقناعه بالتنحي ؟ .
الكوكباني :
-
في الاغلب هو يشير الى ذلك ، خاصة ان السلال رفض لقاء اللجنة الثلاثية ولذا بدأ الخلاف ، الا انه اقنع بعد ذلك لمصلحة اليمن ، عموما بعد كلمته وجه الرئيس الارياني كلمته وهي شاملة جامعة ، ارتاحت وهدأت لها النفوس ، وادمعت بعض العيون ، غادر الجنود وعاد الرئيس لأعماله في صنعاء ، تم تعيين محسن العيني رئيسا للوزراء .
انا :
-
في رأيي هذا ذكاء شديد من الرئيس الارياني ، اظنها محاولة لجبر الضرر الذي احدثه عزل السلال ، فكما قلنا في اللقاء السابق ان الجبهة في الجنوب وهي تسعى للاندماج مع الرئيس السلال غيرت كل توجهاتها بعد حركة 5 نوفمبر واعتبرت ان ما حدث في صنعاء رجعية لابد من اسقاطها ، اختيار العيني أظنه يريد تقريب وجهات النظر لإعادة المياه الى مجاريها .
الكوكباني :
-
ربما هو كذلك ، الا انه أيضا فتح جبهة امام الرئيس لبروز الخلافات بين البيت الداخلي بين الناصريين والبعثيين .
انا :
-
نعم استاذي الى ان هناك اتجاه ثالثا بدأ ينمو ، رغم الغطاء ، الا انه سينمو .
الكوكباني :
-
من تعني ؟
أنا :
-
الإسلام السياسي ! .
الكوكباني :
-
هناك توجهات الا انه لم يبرز كقوة واضحة في ذلك الوقت ،
انا :
-
افهم ذاك استاذي الا انه موجود ، وبدأ يبحث عن راع له يدعمه بالبروز .
الكوكباني :
-
يبدو ان لديك نبأ ما عن هذا ؟ ،.
انا :
-
الامر المثير لي حقيقة عند قراءة التاريخ الحديث ، ان الإسلام السياسي البارز بدأ يبرز بقوة مع الحرب العالمية الثانية ، في ايران على يد الخميني ، وفي مصر على يد البنا ، في فترة متقاربة جدا ، اغتيل البنا في مصر ، ونجا الخميني من الموت الى السجن ، لا اريد ان اشغل المتابع بهذا الان ، لان الحديث فيه طويل … طويل جدا ، دعني اعد اليك استاذي ماذا فعلتم عند العودة ؟
الكوكباني :
-
بعد عودة الرئيس من وداع القوات المصرية ، استأذنته للعودة الى تعز ، والعمل في الفرزة ، والقرب من اسرتي ، وبالفعل سمح لي وتحركت الى تعز بالطائرة مع ازدياد المعارك في مدخل صنعاء الجنوبي .
انا :
-
كنت تحسب ان رحلتك تنتهي مع الرئيس القاضي هنا …
الكوكباني :
-
في الحقيقة نعم ، الا انها أيام قليلة على وصولي الا وجاءني خبر مرض الارياني بحمى شديدة جدا ونقله فورا الى الحديدة ، وطبعا استغلت قوات الملكيين الوضع المربك وبدأ الحصار على صنعاء من اغلب الاتجاهات ،
انا :
-
مرض الارياني ، اظنه ناتج عن الضغط الذي تعرض له ..
الكوكباني :
-
نعم ضغط عليه من حوله بقوة ، فالخلافات صارت على المكشوف بين الناصريين والبعثيين ، وكما قلت الطرف الثالث الرافض للتوجه اليساري وعلى رأس القائمة الشيخ الأحمر ، وحاول الرئيس اقناعهم باختيار أي شخص آخر لتحمل المسئولية ، فقد كان يكرر أنه أسوأ يوم مر به ، عندما وافق على تحمل هذه المسئولية . رغم ان وصول العمري خفف قليلا من الضغط عليه بسبب خوف الحزبيين منه .
انا :
-
تحركت لتلحق بالرئيس !، .
الكوكباني :
-
بلا تردد ، والحمد لله بدأ يسترد عافيته سريعا ، وفضل الأطباء منه ان يقدم رحلته الى القاهرة لأجراء كشوفات كاملة ، ومنها يتحرك مع الوفد للقمة العربية في المغرب .
انا :
-
و هل تحرك الرئيس ؟ ،
الكوكباني :
-
الأمور تعقدت كثيرا ، مع انسحاب اغلب السفراء الى الحديدة ، ليعرف الجواب عبر صحيفة الاهرام وفيه بالبنط العريض ( صنعاء تسقط في ايدي الملكيين ) ، جاء ذلك مع اغلاق منافذ صنعاء البرية تقريبا ، هذا الخبر دفع بالرئيس لاستدعاء القائم بالأعمال المصري الى القصر الجمهوري وقال الارياني له : ( لا سمح الله لو حدث هذا في الحرب التي تدعمها السعودية سنقول انكم سبب الهزيمة ، لأنكم لم تسمحوا لنا ببناء جيش جمهوري قوي . حرضتم السفراء المعترفين بالجمهورية للمغادرة الى الحديدة ، لم يبق سوى سحب الاعتراف بالجمهورية ، من الان سنرد عليكم وعلى صحافتكم ) .
انا :
-
عدت مرة أخرى لمهاجمة كتابات تتحدث عن هذه الفترة .
الكوكباني :
-
تعني ما كتبه الزميل عبدالغني مطهر ” يوم ولد اليمن مجده ” ، اكرر بني انا لا اهاجمهم بقصد الهجوم عليهم وانما لانهم يحاولون طمس الحقائق ، هذا ما دفعني لأكرر القول انه استفاد من الثورة وكسب الملايين منها ، هو وسيط للبيضاني والبيضاني وسيط للسادات ، ربما تخالفني الا ان الأمور ستتضح إن اعدتم البحث في عمق الاحداث السابقة ، وفتحتم صفحات متسلقي الثورة .
انا :
-
… لست مع او ضد ، على العكس ربما ساعدتني اكثر لاكتشف ، بداية الاتصال الخفي بين الرئيس السادات والمملكة ، هناك شيء يرصد لمستقبل مصر . .
الكوكباني :
-
كما اخبرتك النكسة ، فتحت عين الزعيم ناصر على من حوله ، ومن خدعه ،
انا :
-
وكان الزعيم ذكيا أيضا ، فقد تخلص أيضا من محاولة انقلاب كانت تدبر ضده بعد النكسة ، وعاد قويا بعد خروج الشارع العربي كله لتأييده والبقاء خلفه !
الكوكباني :
-
كانت الشبهة تحوم حول وزير الداخلية كمخطط لتلك المحاولة ، .
انا :
-
سأجتاز معكم هذا ، واعود بكم لإكمال المشهد ، .
الكوكباني :
-
ما كنت اريد قوله يا بني ان هناك الكثير ، الكثير من التجار والافراد والصغير والكبير ضحوا لأجل الثورة ،ليس لأجل المكسب ، فلو خسرت الثورة كانوا أيضا خسروا . اما المتسلقون فساهموا في احداث الضرر بالثوار والثورة ، فقد نهبوا القصور ، اتفهم تجنبك الحديث عن هذا الامر بلا دليل ولك الحق ، الا انني اعطيتك نماذج لتلك الأدلة سابقا ومنها مثلا ما نشر عن قرار مجلس قيادة الثورة بفرض الحراسة على جميع أموال وممتلكات الاسرة الحاكمة البائدة ، وذكر في القرار أسماء افراد الاسرة المعنيين بالقرار ، وهو قرار أصدره البيضاني بعد الثورة مباشرة ، وتسلم التنفيذ الزميل عبدالغني مطهر ، وبغض النظر عن صحة او زيف القرار الذي قيل انه صدر ، فقد نفذوه وتم الاستحواذ على القصور الملكية ومحتوياتها ، في وقت سابق اخبرتك انه تم ابعاد القاضي الارياني من لجنة الحصر قصدا وتم نقله في حينها الى الحديدة ، أتتفهم ذلك يا بني ابعدوه ليسهل عليهم ترتيب ما ارتكبوه . شيء آخر سأخبرك به سرا الزميل مطهر لا يكتب أصلا ،
انا :
-
استاذي ، هناك الكثير منا يكتب الا انه بلا عقل ليفكر ، دعني اجتز هذا الامر ، ماذا حدث بعد لقاء القائم بالأعمال المصري ؟ .
الكوكباني :
-
الرسالة كانت قوية ، لذا حضر السفير احمد شكري بنفسه لتهدئة غضب الرئيس ، واعتذر منه بشدة ، تلا ذلك حضور شريف بالقاسم الجزائري داعما للرئيس وسلمه شيكا بمليون ريال واستلم الشيك الشيخ احمد عبدربه العواضي ، والذي كان قد جند جيشا شعبيا لفك الحصار عن صنعاء من طريق الحديدة ، وأيضا قام الشيخ عبداللطيف ضيف الله بنفس الخطوة لتجنيد قوات شعبية ، ففك الحصار عن صنعاء سيسهل امدادها بالتموين والدعم ، وفي باجل شكر الرئيس القوات الشعبية ، و ودعهم حيث توجه الى تعز ، ومنها بدأ العمل على تجنيد قوات شعبية لفك الحصار من جهة طريق صنعاء تعز ، وهناك التقى الرئيس بمجندين من الجنوب قرروا الانضمام للقوات الشعبية ، والهدف كان نقيل يسلح ، دعمهم الرئيس و ودعهم عائدا الى الحديدة ، للبدء في تموين صنعاء بالسلاح والغذاء ، رغم كل ذلك كانت الخلافات بين الضباط مستمرة ، المشكلة الحزبية متعمقة الجذور ، وكان السبب فقط مسميات السلطة المواقع القيادية ، غضب الرئيس من تلك التفاهات ، وفي الاجتماع بهم في صنعاء حملهم مسئولية الأمانة وانهم الم يتفقوا ستنتهي المعركة ضد الجميع ، كرر لهم ان الأمانة في اعناقهم ، ثم توجه الى تعز ، توقع الرئيس في محله ، حيث الخلاف لم ينته فعليا كل منهم يريد ان يكون صاحب الراية الأولى ، حتى مع وصول الأسلحة الى ميناء الحديدة من روسيا ، وبدون العودة للرئيس اختلفوا بينهم على القسمة ، رغم هذا اخفوا خلافاتهم في مواجهة الحرب الضروس التي تهدد العاصمة ، وبدأت الجبهات تلتحم في مواجهة قوات الملكيين التي يقودها القائد قاسم منصر والأمير عبدالله بن الحسن ، وتحققت انتصارات أولية على بعض الجبهات وستستغرب يا بني ان ثورة اليمن لم تكن يمنية بل عربية فمشاركة العرب فيها بدمائهم كثيرة وعلى رأس القائمة مصر .
أنا :
-
في البداية كنت متفاجئا الا ان هذا لم يعد كذلك ، فأول شهداء الثورة كان عراقيا ، فالثورة اليمنية خلطت الدم العربي ، من مصر والعراق وسوريا وحتى الجزائر ،
الكوكباني :
-
اشترك في معارك حصار السبعين طيارون من سوريا ، وقد لا يعلم الكثير ان ميدان السبعين اليوم هو مطار صنعاء الجنوبي ، وكان احد اهداف الملكيين ، وتم دحرهم بقوة ، استمر حصار السبعين من يوم مغادرة القوات المصرية 28 نوفمبر الى 7 فبراير يوم ان فتح خط صنعاء تعز ، الا ان المعارك لم تنته هنا .
انا :
-
دعنا نتوقف أيضا هنا استاذي الفاضل …. .
الكوكباني :
-
سأشكرك انا قبل ان تشكرني لأنك تعيدني لأيام خوالٍ ….
انا :
-
يبدو انني قبل ان انهي معك اخبرك بأني ربما وصلت لسبب تشبيه الأستاذ مطهر للسادة العمري بالأزرق ، والارياني بالأبيض ونعمان بالأسود ، وستتفاجأ ان المعلومة وصلتني من ابنتكم حيث افادتني بأنها طبيعة يمنية ان يشبه الانسان بشيء مميز فيه ، فالعمري كان يمتلك زرقة في عينيه ، والارياني يتميز ببياض الوجه ، والنعمان بسمرة الوجه .
الكوكباني :
-
بارك الله لها وبارك عليها ، لها كل سلامي ودعائي الذي لا ينقطع .
انا :
-
شكرا لك ولها ، وشكرا للجميع واللقاء يتجدد إن شاء الله تعالى ، .