الترحيب برمضان 1441 -2020
الترحيب برمضان 2020
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى في سورة البقرة: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157). حينما يمد الإنسان طرفه الفكري والإدراكي إلى الأفق البعيد يرى نفسه مملوكا لا مالكا ويرى ما يملكه من ثروات مؤقتة لا دائمة تنتقل إلى الوارثين بعد فترة ليست طويلة. سمعنا كثيرا عن آبائنا وجدودنا الأولين ولكننا لا نراهم اليوم ولا نسمع لهم ركزا. ألم يكونوا مالكين لأبدانهم التي استمتعوا بها فكيف فقدوها وتغيبوا عنا؟
لقد كانوا مدينين غير دائنين ولذلك لم يتمكنوا من أن يسترجعوا نفوسهم إلى أبدانهم وهم يرونها تخرج بدون إرادتهم. كل واحد منهم ومنا يرى نفسَه التي تحمل قوة الإرادة، تترك بدنه حينما ينام ثم يعيدها ربه إليه. قال تعالى في سورة الزمر: اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42). فنحن في حالة وفاة مؤقتة عند النوم وفي حالة وفاة أبدية حين الموت. وفي العملية آيات لمن يتفكر وليس لمن يمر على كل ما يراه من ربه دون ان يتفكر. فالله تعالى يأخذ النفس في الأخذ الأخير ليزيل منها الإرادة إلى الأبد. فلا يرسلها مرة أخرى بل يبقيها سبحانه تحت قيادته الكاملة مثل الملائكة وبقية الكائنات.
وقال سبحانه في سورة الواقعة: فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (87). حين الموت غالبا ما يتوقف النفَس ولذلك يقول الناس بأنه في غمرات الموت ثم يشهق شهقة في الغالب يكون فيها نفسه كما يقولون. نحن نجهل كيفية خروج النفس نهائيا من البدن ولكن القرآن الكريم يستعير ما نراه حين الموت ليفهمنا بأننا جميعا مدينون لا نملك ما خوله الله تعالى إيانا. فالنفس تمثل الشخص نفسه ويظن بأنه يملك بدنه وإذا بالبدن لا يتجاوب مع النفس وكأنه يودعها أو أنها تودعه وداعا أبديا. يسعى الشخص ومن حوله والأطباء لاسترجاع النفس دون جدوى. لقد عادت إلى خالقها.
وقال سبحانه في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا (11). وفي هذه الآية يمثل لنا ربنا حالة الخوف والهلع الشديد الذي ينتاب الإنسان قبل احتمال الموت. فالقلوب النفسية تبلغ حناجر الذين وقعت عليهم الحرب.
فالخوف ضروري لنا لنأمن الانهيار لحظة الموت أو إذا ما قرعت طبول الحرب. البلاء والاختبار بالخوف يُظهر قوة نفوسنا وحقيقة إيماننا وثقتنا بربنا كما يربي نفوسنا على التغلب على الخوف. الخوف أمر طبيعي لا يمكن إزالته باعتبار أنه غريزي لكل إنسان. قال الإمام علي عليه السلام: وإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الْأَكْبَرِ وتَثْبُتَ عَلَى جَوَانِبِ الْمَزْلَقِ. فهناك إمكانية ترويض النفس لمقاومة الخوف. ولكن كيفية ترويض النفس تختلف تبعا لنوع الخوف الذي يريد تجاوزه.
وليس الإمام لوحده يخاف فالخوف غريزة طبيعية وكل الأنبياء كانوا يخافون. وأقصد به أصل الخوف وليس الخوف من أمر خاص. قال تعالى في سورة طه على لسان موسى وهارون: اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى (45) قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46). لم يقل لهما ربهما الكريم بأن الخوف مثلا دليل الضعف أو أنه سبحانه يحث على القوة والجرأة بل تقبل خوفهما وأبلغهما بأنه عز اسمه معهما يسمع ويرى. بمعنى أنهما آنذاك يتشرفان بعناية ربانية خاصة فليس لأحد أن يمسهما بسوء. ذلك لأن الخوف غريزة طبيعية تحتاج إليها النفس لترضى بالإمساك عما هو غير مسموح لها ولتسعى لحماية البدن.
وأما الإحساس بالجوع فهو أيضا غريزي لنبحث فورا عما يسد الرمق ويمنحنا الطاقة الحرارية قبل أن نسقط فاقدي القوة. فإذا سيطر علينا الجوع ولكننا قاومناه ولو لفترة محدودة فإن نفوسنا تتعلم على الإمساك وتبدأ بالتفكير. تفكر في المحرومين وتفكر في يوم القيامة. يُقال بأن رسولنا عليه السلام قال في الخطبة التي استقبل بها رمضان: فاذكروا بجوعكم وعطشكم جوع يوم القيامة وعطش يوم القيامة. جوع الدنيا قد تنتهي حينما نصل إلى الأكل أو قد يميتنا بعد حين وينتهي مع موتنا العذاب.
لكن جوع الآخرة لا تنتهي إذ لا موت هناك ويطول كثيرا. سنكون واقفين يوم الحساب بانتظار استكمال القضايا الكثيرة التي ترتبط بنا ليقضي ربنا بعد المحاكمة فينا. سوف يقيم سبحانه ميزان قسط لا يمكن أن يشعر أحد بأنه مظلوم عند تنفيذ ذلك الميزان بحقه. بمعنى أن المعلومات ليست خافية على القاضي الديان جل جلاله والدلائل كثيرة والتعادل بين الحسنات والسيئات يسيرة على العليم الخبير جل وعلا. كما أن هناك أشهاد من الملائكة الذين سيطروا على النفس الإنسانية ينظرون إلى تفاعلاتها مع القضايا وإلى الأوامر التي أصدرتها النفس لأعضاء البدن لتنفذ رغبات النفس. تلك دليل واضح بأنه قام بما قام به مع سبق إصرار.
بالطبع أننا سنكون داخل الأبدان الجديدة حيث تحتاج إلى الأكل والشرب وغيرها. لكن الأبدان سوف تتوقف قطعيا عن التفاعل مع المحكمة. سوف تنحصر التجاوب مع القضايا المطروحة بالهمس النفسي. قال تعالى في سورة طه: يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَت الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلا هَمْسًا (108). الهمس هو لغة النفوس وبالهمس سوف نتفاهم مع كل الناس إذ أن الحركات اللسانية سوف تتوقف أثناء انعقاد المحكمة الكبرى فلا يحتاج أحد إلى أن يعرف لغة صاحبه. ولا تحتاج الجن والملائكة أن يتعلموا لغات البشر. كل اللغات تتوقف والتعامل بالنفوس. بمعنى أنك لا تحتاج إلى تركيب الجمل بلغتك بل سوف تطلب وتعترض وترد بهمسك القلبي وسوف يسمعك الجميع دون الحاجة إلى مترجم. فالشعور بالجوع ضروري لترويض النفس ليوم الحساب العظيم.
نحن في حياتنا الدنيا بحاجة ماسة إلى المال لنبادل به حاجاتنا مع بعض. لا يمكن أن نستمر في الحياة فاقدين للمال. فالشعور بوجود المال أو الأمل بكسب المال يعطينا القدرة على الصمود في الحياة الفعلية. ولكن المال يفقد قوته كاملة بعد الموت. لا يمكن لأحد أن يشتري الجنة أو يبتعد عن الخوف والعذاب بعد الدنيا بالمال. لا يملك أحد مالا هناك وسيعود كل شيء إلى المالك الحقيقي جل جلاله. قال تعالى في سورة الأنعام: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94). الفردية هناك تعني الفردية من كل شيء عدا التركيبة النفسية. ذلك لأن المالكية هنا ليست حقيقية بل هي بتخويل من مالك الملك بهدف الاختبار فقط. فالشعور بنقص الأموال والفقر المادي في الدنيا يساعدنا يوم القيامة بل من بعد الموت مباشرة ألا نشعر بالخسارة الكبرى. ولذلك فإن الله تعالى يبلي الناس أحيانا بالفقر وبالنقص في المال. هكذا يروض ربُّنا نفوسَنا للبرزخ الفاصل بين الحياتين وللحياة الأبدية الثانية والأخيرة.
ولنعلم بأن المال ينتهي بانتهاء الحياة الدنيا والمالكية البشرية تعود كلها إلى المالك الحقيقي الموجد لكل الممكنات جل جلاله. هناك لدى البشر عادة أشبه بالغريزة تدعوه لحب المال ثم يموت ويفتح بصره في عالم لا مال فيه. فالفقر ترويض للنفس ولعل في الصيام أثر نفسي إيجابي لاستشعار الفقر الحقيقي الدائم أمام واجب الوجود بأن يكف عن بعض الحلال لترويض نفسه بأمر ربه فيتعلم معنى الشعور بالحاجة إلى المشاركة في مجالس اللهو والأنس والموائد والمشارب والمراكب وغيرها مما تتوق لها نفوس البشر في الدنيا.
وأما النقص في النفوس فنحن اليوم نشعر بذلك النقص جراء انتشار الوباء التاجي الخطير. إنه بلاء فعلي من ربنا كما يبدو ليعلمنا على انتظار موت الأحباب كل لحظة. فالموت حق لا يفارق أحدا. وهكذا النقص في الثمرات. لا تجارة في الآخرة ولا زراعة بقصد البيع ولا سعي هناك لكسب المزيد من الخيرات. فكل شيء محدود هناك بحدود الاستحقاق الذي يحكم به القدوس جل جلاله. ولا ننس بأن الصيام يقلص من قدرات الإنتاج البشرية فتتقلص الثمرات ويأكل الناس مما زرعوه أو كسبوه أو صنعوه من قبل حتى ينتهي الصيام فيستعيدوا إمكاناتهم البدنية.
الصيام في حد ذاته شبيه بحالة الحرب من حيث الآثار وهو مفيد للترويض والتعليم ولا سيما الصبر على المكاره كلها من الفقر والجوع والعطش وفقدان الأحبة وعدم التمتع بإمكاناتنا بأمر ربنا عز اسمه. يشعر المؤمن المنتبه والذي يصوم من تلقاء نفسه وليس تحت سياط النظام بأن المرء قد ينسى ربه حين التمتع بالخيرات ولكنه إذا ما استنكف عن ذلك طاعة لمولاه عز اسمه فإنه يشعر بالمولى وبأنه الموئل والمرجع وبأنه المؤمل في كل حال. هو وحده الذي نشعر بالحاجة للعودة إليه حينما تمسنا مصيبة في الحياة الدنيا. نحن مملوكون له فلو أمرنا وأطعناه فإنه يثيبنا والويل لمن يخالف المولى فلا يُشعر نفسه بأنه راجع إليه في النهاية.
والرجوع إلى الله تعالى يعني العودة الطبيعية من حالة الإنسان المخير إلى حالة الإنسان المسَيّر. الذي يعترف بحق بأنه لله وبأنه راجع إلى الله تعالى فهو الذي فكر وعرف بأنه جزء بسيط من ملك المالك العظيم وبأن حريته مؤقتة لاختبار نفسه. وحينما يتذكر بأنه راجع إلى الله تعالى فإن الخشية تملأ قلبه حتى لا يفكر أبدا بمعصية الله تعالى أو بارتكاب الإثم والعدوان.
فهلا يصوم أصحاب القدرات الدنيوية مما حرمه الله تعالى عليهم فلا يظلموا أحدا ولا يسرقوا أموال شعوبهم ولا يأكلوا من أقوات الضعفاء في بلادهم؟
هلا يعيروا أسماعهم وأبصارهم لكتاب ربهم الذي أمرهم بالصوم ليستعيدوا رشدهم وليس ليزدادوا صحة كما يظن البعض؟ لم يقل ربنا صوموا تصحوا وإنما قاله المحدثون ولا أظن بأنهم سمعوا ذلك من رسول الله عليه السلام.
هلا يفكر الذين يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع كما قال إمام البلغاء عليه السلام؛ هلا يفكروا في أنهم أعضاء في مجتمع كبير يضم الكثير من المعوزين ومن المرضى ومن العجائز وهو بسرقته للمال العام يأكل من حقوق أولئك النفر المحتاج ليستمر في العيش فقط وهو يريد التمتع بذلك؟ هل تمتعك يا من تعتدي على المال العام أهم عندك من سد رمق أخيك أو منحه الدواء والعلاج ليستفيق من المرض أو شراء البيوت والمراكب الرخيصة والأثاث والملابس البسيطة لإخوانك وأخواتك الذين يئنون من وطأة الحرمان؟ ألا تشعر بالخجل أمام ربهم وأمام أمتك التي أوصلتك إلى ما وصلت إليه من سلطة وقيادة وأنت تحرمهم مما أفاء الله عليهم من خيرات الأرض على حساب إشباع جشعك وأطماعك وجمع أموال لا تحتاج إليها أبدا.
رمضان مقبل غدا وعباد الرحمن يستعدون للطاعة كما أن عبدة الشيطان يبقون مترصدين ليسرقوا المزيد ويظلموا المزيد ويكذبوا المزيد ويأتوا بالمزيد من المنكرات. فخذوا من رمضان الخير عاملا مشجعا للعودة إلى الله تعالى وإعادة أموال الشعب إلى الشعب والتوبة والإنابة لعل ربكم يهديكم سبيل الرشد ويصلي عليكم لتتعرفوا عليه ولتدخل الخشية من عظمته في قلوبكم ولعلكم تهتدون. وأخيرا أتمنى أن يهتم أبناء أمتنا وبناتهم بالقرآن الكريم لفهمه ودراسته وليؤمنوا به إيمانا راسخا لا يشكون معه. وأظن بأن أفضل اختبار لإيمان كل منا أن ينظر إلى القرآن فإذا رأى نفسه تحن إليه وتؤمن به ولا تشك في أنه كلام الله تعالى فهو مؤمن وإلا فعليه أن يصلح نفسه لعل الله تعالى أن يدخل في قلبه اليقين. قال تعالى في سورة مخاطبا رسوله الأمين في نهاية سورة الحجر: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ (99).
نتمنى للجميع صياما مقبولا وطاعات مستفاضة ومزيدا من المعرفة بالرحمن وبكتابه الكريم.
مع تحيات ودعوات العبد الفقير إلى ربه
أحمد المُهري
23/4/2020
أرفق التالي مع هذا الترحيب:
1. إمساكية رمضان للصيام بشقيه التقليدي والخاص لمدينة لندن.
2. بيان توضيحي لكيفية احتساب الإمساكية أعلاه. وأوصي بقراءته لمعرفة تقليل ساعات صيام الصيف في المدن البعيدة عن خط الاستواء.
3. إثبات الهلال لرمضان والعيد لعام 2020.
لا تنسونا من الدعاء فنحن جميعا أهل لبعضنا البعض ودعوات الأهل للأهل مطلوبة.
أحمد المُهري
23/4/2020
#تطوير_الفقه_الاسلامي
بيان توضيحي للإمساكية المرفقة طبقا لأفق لندن
كل التوقيتات محسوبة على الأسس التالية:
أوقات الشروق والغروب مأخوذة من مؤسسة بريطانية تستقي معلوماتها من ناسا ومن بعض المؤسسات الفلكية الأخرى واسمها: Timeanddate.
وقت الفجر محسوب على أساس تنقيص زمان يعادل طول الشفق (لخط العرض 52 درجة) من نهاية الليل مضافا إليه 6 دقائق للتأكد من تحقق قرآن الفجر أو تجمع خيوط الفجر بحيث يصبح الأفق الشرقي أبيضا من مكان شروع الفجرحتى خط تماس الأفق مع الأرض. فالفجر كما قاله الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ونقله الشريف الرضي في نهج البلاغة، هو الوقت الذي يعرف فيه الرجل وجه صاحبه (في غياب الأضواء الصناعية أو العمارات المرتفعة بالطبع). وهو يحصل بعد أن تنزل الشمس بمقدار 12 درجة (احتمالا) تحت الأرض (الفجر البحري). آنذاك، سوف يشاهد الناظر إلى الأفق، خطا أبيضا يظهر على سواد السماء الشرقي وهو وقت الإمساك. (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. البقرة: 187). وبعد حوالي خمسة دقائق فإن الخط الأبيض المذكور سوف يتوسع ليملأ الأفق بالنور الأبيض وهو وقت الصلاة. (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر؛ إن قرآن الفجر كان مشهودا. الإسراء: 78). وقرآن الفجر يعني مجموعة الفجر باعتبار تجمع الخيوط المضيئة للفجر. كما أن القرآن يعني المجموعة نظرا لقوله تعالى في سورة القيامة: 17 (إن علينا جمعه و قرآنه) و كلمة “قرأ” في الأصل، تعني جمع. ويطلق على القراءة المعروفة باعتبار أن المرء يجمع الحروف والكلمات لتركيب الجمل ثم يتلوها أو يتلو ما جمعه غيره.
وقت الظهر هو منتصف النهار من الشروق إلى الغروب + 3 دقائق للاحتياط.
لم نعين وقتا لصلاة العصر وذلك لتعذر إيجاد قاعدة موحدة مقبولة لدى جميع المذاهب. لكننا نوصي بأداء صلاة العصر بفاصلة لا تقل عن ساعة ونصف أو ساعتين من وقت الظهر أو اختيار منتصف وقتي المغرب والظهر.
وقت الصيام غير التقليدي محسوب على أساس إضافة 14:22 ساعة إلى الفجر وهو يمثل معدل ساعات الصيام لمكة المشرفة يوم العشرين من شهر يونيو وهو أطول يوم في السنة تقريبا وبزيادة قليلة للاحتياط. وعلى الذي يقتنع باتباعه أن يتعهد بأن يطيل الصوم في الشتاء إلى نفس المعدل أيضا. بمعنى أنه يعين ليله بالساعات فهو يفطر في الصيف قبل صلاة المغرب ولكنه في الشتاء يفطر بعد صلاة المغرب. وقد طبعته في الإمساكية باللون الأحمر تحت عنوان: Civil Layl. ويمكن للمسلمين أن يعينوا لأنفسهم الليل في آخر ساعات العمل الرسمية في بلادهم فيكون الليل في بريطانيا في الخامسة والنصف مثلا دائما وأبدا. ولكن الفجر لا يجوز تغييره لأنه مذكور بعلاماته في القرآن. هذا ما أظن بصحته والعلم عند المولى عز وجل.
وقت صلاة المغرب هو بعد غروب الشمس لدى جميع المذاهب، إلا أن بعض المسلمين وخاصة الشيعة يحتاطون للتأكد من المغيب فنحن من أجلهم وكاحتياط للآخرين أضفنا ثلاث دقائق إلى وقت الغروب للإفطار. والتشبث بالرواية الشيعية المشهورة والمنقوله عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام والتي يوصي بها أتباعه آنذاك أن يلاحظوا الحمرة فهو في أساسه مقترح للتأكد من حصول الغروب. ونحن في عصر غزو الفضاء واثقون علميا من الغروب الذي ذكرناه ولا نحتاج إلى التأكد بواسطة الحمرة. إنه مجرد اقتراح من فقيه عالم في عصر كان يصعب فيه التأكد من غروب الشمس وهو مختلف من بقعة إلى بقعة من الأرض كما أنه غير دقيق.
وأما وقت العشاء فقد حددناه على أساس انتهاء الشفق وبداية العتمة للجميع (Nautical twilight) فيما عدا صائدي النجوم الذين يحتاجون إلى عتمة سماوية كاملة وهي بعد وقت عشائنا المعروف بانتقال الشمس (كما تُرى) ست درجات أخرى تحت الأرض. والعشاء في الواقع تمثل وقتا معكوسا للفجر حيث ينتهي النور الذي يملأ الأفق.
وكما يبدو، فإن الدول الإسلامية تتبع طرقا حسابية أخرى تنتج توسع مدى الفجر مع الأسف. وبالنسبة للذين يعيشون بالقرب من القطب الشمالي فإن الفجر الصيفي يزداد عندهم بمقدار نصف ساعة تقريبا على البلدن العربية وهذا المدى يزداد كلما اقتربنا أكثر إلى القطب. هناك يصوم الناس أكثر من نهار كامل كما يُصلون قبل طلوع الفجر الصادق احتمالا مع الأسف. إنهم يعتبرون الضوء الثنائي للغسق أو الفجر معادلا للضوء الثنائي للمنجمين وهو حينما تصل الشمس 18 درجة تحت الأرض والمعروف بين الغربيين بــ (astronomical twilight) وهناك بعض الإخوة في المملكة السعودية كانوا يضيفون درجة عليها ففجرهم بظني لم يكن فجرا صادقا والعلم عند الله تعالى.
ولقد سعيت سابقا لأكرر تحديد الفجر بالرؤية العينية وهو ليس سهلا في مدينة لندن التي أعيش فيها فأخفقت لأن ذلك يحتاج أمنيا إلى تجمع عدد معقول من المؤمنين من الذين يعرفون الأماكن المسطحة التي تكون معتمة بالكامل وأنا لست قادرا على تحقيق ذلك. ولذلك وحتى نكون أكثر رعاية للاحتياط فإني أضفت حوال درجتين على وقت الفجر. فوقت الإمساك في الإمساكية المرفقة هو حينما تمر الشمس بمحاذاة 14 درجة تحت الأرض ولكني أوصي بعدم إقامة صلاة الفجر مباشرة بعد الإمساك. هناك ما يقرب من 16 دقيقة بينهما ويمكن استغلالها للتهجد والتضرع إلى الله تعالى أو للتفكر في كتابه العزيز أو لتلاوة القرآن الكريم بصوت لا يزعج النائمين أو الجيران بالطبع.
وبالمناسبة فإن صلاة التهجد بسيط جدا وغير معقد وتكفي المدة المذكورة لإقامتها. وهي عبارة عن خمسة صلوات مثاني أي بركعتين وتضاف إليها صلاة وتر فيكون المجموع 11 ركعة وتضاف إليها نافلة صلاة الصبح وهي ركعتان فيصير مجموعها 13 ركعة. وهناك من يصلي أكثر من ذلك، ولكنه غير ضروري برأيي ولا داعي للمزيد من الصلوات بل الأفضل أن يتفكر الناس في ربهم الحكيم وفي كتابه الكريم. ولا إشكال بالطبع أن نقلل من عدد الركعات لتناسب وقتنا. وأما الدعوات المذكورة في بعض كتب الحديث فهي زائدة ويمكن أن يكتفي المرء بالدعوات الموجودة في القرآن ليتلوها في قنوت الوتر الأخيرة إن أراد. وإنني أستغرب من الإخوة الذين يصلون التهجد جماعة وبصوت عال وخاصة من المساجد المعروفة كالمسجد النبوي فهي في الواقع تخالف القرآن الكريم. يقول سبحانه لنبينا في الإسراء: أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴿78﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴿79﴾.
فالآية الأولى تحدد أوقات الصلاة وتأمره عليه السلام بالإقامة جماعة ولكن الثانية تأمر شخصه بدون الجماعة أن يتهجد ولا تأمره بالإقامة ولم تحدد وقتا دقيقا للتهجد ولكنها أمرته بأن يتخذ من الليل نافلة له عسى أن يبعثه ربه مقاما محمودا. والمقام يعني المسكن والمحمود وصف لمن يعطيك دون أن يستفيد منه نفسه والبيت لا يستفيد من إقامتنا فيه فهو محمود في عطائه. وما يدعيه الإخوة المفسرون في تفسير الآية فهو أمر تعسفي لا غير. ومما لا شك فيه بأنهما ليستا خاصتين بنبينا بل هما لنا جميعا فالمسلمون جمميعا يقيمون صلوات الجماعة وهم جميعا يستحبون صلاة التهجد. والله تعالى وعد الجميع بأن يسكنهم المقام المحمود في جنات النعيم. فالمقام المحمود ليس للصلوات الجماعية التي نقيمها مع بعض بل هو لصلاة التهجد التي لا تقام بين الناس بل بين المرء وربه فحسب. ولذلك فإن صلاة التهجد في الحرم المكي هي صلاة الدعاية والإعلان وليست تهجدا. أدعو الله تعالى أن يهدي إخواننا ليتركوا للمؤمنين أوقاتا يختلون فيها بربهم ليطلبوا من وجهه الكريم المزيد من المعرفة والعلم. كما أدعو إخواني وأخواتي من تلاميذ القرآن الكريم ألا يبوحوا بتهجدهم إن وفقهم الله تعالى للإتيان به لأن ذلك يمكن أن يُدخلهم في مجموعة المرائين والعياذ بالله تعالى. هناك تنقلب الصلاة إلى مبعث للويل والويلات مع الأسف فتصدق عليهم آية “ويل للمصلين“. بالطبع أن الآية المذكورة للذي يصلي دون أن يزكي فيعتبره القرآن مرائيا لأنه لم يراع أهداف الصلاة. والعلم عند العلي العظيم جل جلاله.
لِيكن بعض أعمالنا خالصة لله تعالى ولتكن علاقتنا مع ربنا خفية جهد الإمكان. إننا نخفي عن الناس الكثير من مسائلنا الخاصة فنستر على أموالنا وأعراضنا لأننا نبالغ في حبهما. فهلا فكرنا في أن العلاقة مع الله تعالى هي أحب وأحسن العلاقات التي يوطدها العقلاء ويسعون لتوسيعها ولإخفائها عن أسماع وأعين الآخرين لتكون العلاقة خاصة بين العبد وربه. فلتكن لكل منا أعمال خالصة من صلاة وزكاة وإنفاق يبتغي بها وجه ربه ولا ينتظر من الناس ثناء عليها فهي وحدها التي تفيدنا كثيرا يوم القيامة.
وختاما أتمنى لجميع الإخوة والأخوات صياما مبرورا وتعرضا واسعا للبركات الإلهية.
والسلام على المسلمين جميعا ورحمة الله وبركاته.
كتبه لجمعية المودة
أحمد المُهري
14/5/2017
أدعية القرآن الكريم أذكرها ليستعين بها المؤمنون في صلاة الوتر الأحادية بإذن الله تعالى وأظن بأن الاكتفاء بها خير من الاستزادة. إنها أدعية مقبولة عند الله تعالى فهو خير من يعلمنا كيفية الدعاء وله المن والفضل علينا.
رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ البقرة: 201
رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ البقرة: 286
رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ آل عمران: 8-9
رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ آل عمران: 16
اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ آل عمران: 26-27
رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء َآل عمران:38
رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ آل عمران: 53
ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ آل عمران: 147
رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ آل عمران: 192-194
ملاحظة: أرجو من المؤمنين الانتباه إلى أن هذا في ربنا ما خلقت هذا باطلا أعلاه كما أظن تشير إلى الإنسان وليس إلى السماء كما ظنه المفسرون. فيجب الانتباه حينما يقرأ المرء الدعاء.
رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ابراهيم: 38-42
رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا الإسراء: 80-81
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي طه: 25-28
رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا طه: 114
رَّبِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكًا وَأَنتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ المؤمنون: 29
رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ المؤمنون: 97-98
رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ المؤمنون: 118
رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلاّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ
الشعراء: 83-91
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
النمل: 19
رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ الأحقاف: 15
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاّ تَبَارًا نوح: 28
رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا الكهف: 10
رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا
الفرقان:65-66
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا الفرقان: 74
رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ غافر:7-9
رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ رَبَّنَا لا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ الممتحنة: 4-5 +
حول إثبات الهلال:
مقدمة حول إثبات الهلال:
أنا وبعض زملائي في جمعية المودة وكذلك غالبية المسلمين نعتبر الهلال دليلا على بداية الشهر القمري عملا بقوله تعالى في سورة البقرة:
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189).
وأرى أن البيوت هنا هي منازل القمر المشار إليها في موضع آخر من الكتاب الكريم. يقول تعالى في سورة يس:
وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39).
فسمى الله تعالى أوجه القمر كما نراها منازل. ولعل السر في ذلك هو أن القمر أثناء دورانه بين الأرض والشمس وحينما يكون في المحاق يكون بحالة هي أقرب الحالات لحالة الخسوف. فهو يكون منحرفاً قليلا أثناء دورانه؛ لذلك يتغير القسم الناقل لضوء الشمس منه من حيث العرض يوميا فنسمي لحظة خروجه من الظلام الكامل بالنسبة لأهل الأرض ميلادا للقمر والذي يتحقق مرة كل 29 يوما و12 ساعة و44 دقيقة تقريبا. ويسمى القمر المولود حديثا قبل غروبه -إذا شوهد بعد غروب الشمس- هلالا باعتبار أنه يهل علينا بالنور المرئي. وحجم الهلال ينجم عن تواصل دوران القمر حول الأرض، ففي كل مرة ينزل في موقع بين الأرض والشمس نزولا قليل الانحراف خارج التوسط الكامل، فيكون حجمه مختلفا في كل منزل. وتتواصل التربيعات إلى حجم البدر ثم يعود مرة أخرى تدريجيا إلى منزله القديم بين الشمس والأرض ليتلاشى نوره بالكامل بانتظار ميلاد جديد له بالنسبة لأهل الأرض. عليه فمن المعقول جدا احتساب بداية المنزل الأول للقمر من بعد خروجه من المحاق بداية حقيقية للشهر القمري.
وأما السبب في تسمية المنازل في آية البقرة بالبيوت فهو برأيي ناجم عن أننا نعتبر المنزل القمري بداية للشهر إذا ما بات القمر في ذلك المنزل بعد ميلاده من بداية الليل ليتحقق المبيت ثم يبدأ الشهر من اليوم التالي. فلا يجوز أن نبدأ الشهر من منتصف المنازل أي من كونه بدرا لأن العبرة بكونه هلالا. كما لا يمكن أن يتحقق أول الشهر دون سبق ليل هلالي كامل باعتبار المبيت. وتجدر الإشارة إلى أن التشريع الإلهي يعتبر الليل متبوعا بالنهار فتشير إلى أن بداية اليوم تكون من بداية غروب الشمس ونهايته بالغروب التالي للشمس. ذلك لأن الطبيعة في حال تصاعدي دائم فالبداية يجب أن تكون أضعف من النهاية. ولتعذر الابتداء من منتصف الليل وعدم جدوى ذلك فإن الشارع اعتبر مغرب الشمس بداية لليوم وهذا ما توحي به آية الصيام التي تدعونا إلى الأكل لا إلى الصوم استنادا إلى هذا الاعتبار وإلى اعتبار أن الله تعالى إيجابي لا يمكن أن يمنع عبيده مما خلقه لهم فهو حتى في الصيام يتحدث إيجابيا لا سلبيا. قال تعالى في سورة البقرة:
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187).
ولأوضح بأنني وحينما أقول بأن الليل متبوع بالنهار فإني لا أعارض الآية التالية في يس: لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40). فالليل هناك لا تعني الليل الزماني المصطلح بيننا والليل الزماني لا يسبح في فلك كما تعلمون.
و الليل الزمني في القرآن يعني بداية غروب الشمس وهو بداية اختفاء نورها المباشر من أمام أنظارنا بغض النظر عن حقيقة الغياب لبُعدها عنا، كما أننا نكتفي بالحساب إذ لا يمكن التحقق من ذلك دوما بالرؤية العينية لوجود ما يمنع منها في الغالب. ولا ننس أن الليل والنهار بهذا الحساب يصح في المناطق القريبة من خط الاستواء وأما المناطق البعيدة فإن الناس بأنفسهم يعينون الليل وهو وقت الإفطار ولا دخل له بمحاسبة الهلال والعلم عند الله تعالى.
عليه ولو صح ما نقول فإن بداية الشهر القمري في كل بلد تتحقق بمجرد أن يتم ميلاد الهلال قبل غروب الشمس ولو بدقيقة واحدة مثلا ويكون الهلال موجودا في ذلك المكان بمعنى أنه كان قد أشرق من قبل ولو في حالة المحاق. وشروق الهلال مثل شروق الشمس بمعنى حضوره في سماء ذلك البلد وغروبه يعني ساعة اختفائه من السماء سواء كان ظاهر النور أو في المحاق.
وهذا ما يمكن أن نفهمه من القرآن الكريم وقد التزم العديد من الإخوة بهذا الفهم بعد أن أوضحته في مناسبة سابقة رغم أني شخصيا لم ألتزم به آنذاك، لأن الشهر بنظري مسألة عرفية تحتاج إلى اتفاق بين الناس ولو بصورة جزئية لتعيين بدايته ونهايته. ولعل العلة في عدم جعل هذا الموضوع كسائر المحكمات الأخرى وتوضيحه بتفصيل أكبر قرآنيا هو أن هذا الموضوع يميل إلى كونه عرفيا أكثر من ميله لأن يكون شرعيا.
أضف إلى ذلك أن احتساب ميلاد الهلال لم يكن في متناول البشر عند نزول الوحي العظيم. والحقيقة فإن الآية الكريمة تعتبر بالنسبة للمتعمقين في القرآن الكريم جامعة مانعة رغم ظهورها شبيها بالمتشابهات إلا أن إثباتها للغير لا يخلو من صعوبة.
وأما مسألة إكمال ثلاثين يوما المتداول بيننا نحن المسلمين والتي ورثناها من سلفنا الطيب فهي غير مذكورة في القرآن الكريم لأن الله تعالى كما يبدو قد بين العملية الحسابية التي تغنينا عن إكمال الشهر ولذلك فسوف لا نحتاج إليها إذا اتبعنا القانون القرآني بإذن العزيز العليم عز اسمه. ويعلم الجميع بأن الشهر القمري في واقعه ليس ثلاثين يوما بل هو 29.5 يوما تقريبا.
ومسألة حضور شهر رمضان شخصي بحت كما نقرأ في الآية التالية من سورة البقرة: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185). كلمة شهد تعني حَضَرَ وعَلِمَ كما يقوله علماء اللغة ولا تعني رؤية الهلال. فالحضور باعتبار أن يكون حاضرا في شهر رمضان والعلم باعتبار علمه بدخول الشهر. ولو كان المقصود رؤية الهلال فسيكون الأعمى وكذلك الذي لا يمكنه رؤية الهلال مرفوعين عن الصيام وهو غير صحيح. ذلك لأن الأمر شخصي لكل شخص شهد الشهر وليس عاما لمن يشهدون الشهر حتى نتمكن من ضم من لا يمكنه الرؤية إلى من يمكنه الرؤية. ولذلك فإن الاعتماد على الرؤية غير صحيح ولو سار عليه السلف باعتبار أنهم لم يكونوا قادرين على الحساب مثلنا.
ولا أدري ما فعله الرسول وصحابته فعلا لعدم وجود مصادر صحيحة يمكن الوثوق بها بيننا ولعدم قيام الرعيل الأول بكتابة الكتب. كلما ورثناه من تاريخ السلف خارج المفاهيم القرآنية فهو من وضع بني العباس الذين لا يمكن الوثوق بهم لأنهم كانوا حكاما ظالمين مجرمين يسعون لتثبيت سلطانهم ولم يسعوا لتثبيت الإسلام. ويمكن الاستشهاد باهتمام الحكومات العباسية ومن تلتهم حتى يومنا هذا بتثبيت رمضان والعيدين معتبرين ذلك تثبيتا لطاعة الناس للحكام. والأمر بين الشيعة منذ خمسة قرون تقريبا تثبيت لطاعة المقلدين للمرجع أو العوام حسب تعبيرهم للعالم حسب تعبيرهم أيضا.
ليس بيدنا مستمسك غير القرآن:
وأما موضوع اهتمام الفقهاء بما ظنوا بأنه من رسول الله عليه السلام فنحن مثلهم نهتم بما قاله رسولنا الحبيب الذي نشهد له كل يوم بالرسالة لإثبات أننا مسلمون مثله ونسعى لأن يهدينا ربنا طريقه التي سار عليها؛ عسى أن يحشرنا معه ومع كل الطيبين إخوانا على سرر متقابلين في جنات النعيم.
لكن القرآن الثابت لدينا سماويته لم يأمرنا بأن نتبع غيره بل أمر نبينا أيضا بأن يتبع القرآن. أرجو من الإخوة والأخوات أن يلاحظوا هذه الآية الكريمة من سورة البقرة التي تخاطب النبي ومن معه وإيانا: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177). فنلاحظ بأن الله تعالى لا يعتبر الصلاة التقليدية علامة بارزة للبر بل الإيمان بالله ووو. ونلاحظ بأنه سبحانه يعتبر الله فردا واليوم الآخر فردا والكتاب فردا ويعتبر الملائكة والنبيين جمعا. ذلك لأن الإيمان بهم لا يعني إيمانا بأفرادهم بل يعني الإيمان بأن الله تعالى أنزل ملائكة وبعث نبيين فالإيمان بهم جزء من الإيمان بتكامل دين الله تعالى. ولذلك لم يسم الله تعالى كل الأنبياء في القرآن ولم يضع أسماء لملائكته عدا أربعة منهم.
ونلاحظ من القرآن الكريم بأنه سبحانه لم يأمرنا بالتمسك بأي شيء غير الله تعالى واللقاء مع الله والقرآن إضافة إلى التمسك بعملين أساسيين لفهم القرآن وهما الطمأنينة والسمع الكامل. ولعلكم انتبهتم إلى أن القرآن يخلو من فاتحة من فواتح السور تأتي بالميم إلا بعد الألف واللام والحاء والطاء والسين. ونحن نؤمن بعد البحث القرآني بأن الألف تشير إلى الله تعالى واللام إلى اللقاء مع الله تعالى وهو يوم القيامة والحاء إلى الحجة وحجة الله الوحيدة في القرآن هو القرآن نفسه. وقد أنزل 7 سور متوالية تتحدث عن القرآن وتبدأ كلها بـ حم. فحرف م يرمز إلى التمسك بما قبله. ونراه سبحانه يرمز إلى الرسل بحرف الراء وقد أنزل عدة سور تحتوي على الراء وكلها تتحدث عن الرسل فيما عدا سورة الرعد التي تتحدث عن الرسالة لا الرسل الفعليين. فيتجنب القرآن المنتشر بيننا أن يعتبر أية فاتحة حرفية تنطوي على حرف الراء آية كاملة كما يتجنب وضع حرف الميم بعد الراء بمعنى عدم جواز التمسك بالرسل. والسر في كل ذلك هو أن الرسل قد ماتوا جميعا ولا قدرة لنا للارتباط بهم ولم يخلف أي منهم بمن فيهم نبينا كتاباً لأحاديثهم. لا نرى كتاب حديث كتبه الرسول الأمين صلى الله عليه وآله وسلم ولا كتابا منسوبا إلى أي من صحابته ولا أي من التابعين. كلما كتبوه كان بعد أكثر من قرن من وفاة الرسول عليه السلام أي بعد وفاة آخر تابعي.
والخطاب في الآية أعلاه لصحابة الرسول بمن فيهم الرسول نفسه بالطبع ولكنه سبحانه يبدأ هذه المجموعة من الآيات بالخطاب للناس جميعا بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ (170) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173) إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (176) ثم يذكر الآية أعلاه.
وأما ما نراه في بداية الآية 172 أعلاه من خطاب للرسول وصحابته فهو لخصوصية موجودة بينهم من عقائدهم السابقة للإسلام وهو تحريم بعض الأنعام الأربعة المحللة كلها باعتبارات خاصة بهم مثل البحيرة والسائبة فهي غير موجودة بيننا ثم تعود الآيات إلى كل الناس. وظن بعض الإخوة بأن الذي واللذان والذين تدل على أعيان موجودة فعلا أو مخلوقة فهو كذلك على الأغلب وليس عاما. ولم يلتزم القرآن بهذا القانون اللغوي المحتمل كما نقرأ مثلا في الآية التالية من سورة البقرة: قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39). فأين الذين كفروا وكذبوا بآيات الله تعالى يوم طرد آدم وزوجته والشيطان من جنة الله تعالى المطمئنة الباعثة للسلام وهي جنة غير فيزيائية طبعا؟. والعلم عند الله تعالى.
الصيام والعيد في لندن:
بناء على فهمنا للآية القرآنية فإن يوم الجمعة 24/4/2020 سيكون أول رمضان لعامنا هذا. ذلك لأن هلال أرضنا يولد في الساعة 3:27 صباح الخميس 23/4/2020 بتوقيت بريطانيا الصيفي. وأما الشمس فتغرب في الساعة 20:11 مساء الخميس أي بعد حوالي 16 ساعة و44 دقيقة من ميلاد الهلال. فيبيت الهلال الجديد ليلة كاملة في ذلك اليوم بالنسبة لمدينة لندن ويكون اليوم التالي بداية الشهر الجديد في مدينة لندن والبلاد القريبة منها في أوروبا بإذن الله تعالى. ولعل في الكثير من بلاد العالم أيضا.
وسيكون عيد الفطر السعيد مصادفا ليوم الأحد 24/5/2020. ذلك باعتبار أن هلال شوال يولد في الساعة 18:39 من مساء الجمعة 22/5/2020. لكن الهلال يغرب في نفس اليوم في الساعة 20:41 أي قبل غروب الشمس وهو الساعة 20:56. ونقصد بغروب الهلال في أي بلد عدم وجوده في سمائه بل يكون مختفيا تحت الأرض بالنسبة لذلك البلد.
وأما في اليوم 23/5/2020 التالي فالهلال يغرب في الساعة 21:51 أي بعد غروب الشمس الذي يقع في الساعة 20:57 بـ 54 دقيقة.
يكون الهلال قد أشرق في الساعة 5:35 صباحا بمعنى أن الأرض بالنسبة لنا في لندن قد استقبلت القمر. وأما الشمس فسوف تغرب في الساعة 21:10 من يوم السبت حيث كان القمر الموجود في سماء لندن قد خرج من المحاق في اليوم السابق. إذن سوف يبيت الهلال ليلة ذلك اليوم بالكامل فسيكون العيد في اليوم التالي وهو يوم الأحد بإذن الرحمن عز اسمه.
أرجو أن يكون الموضوع كامل الوضوح بعد هذا.
أتمنى للجميع رمضانا مباركا وعيدا سعيدا ورحمة واسعة وخيرا كثيرا وعلما وافرا، والسلام عليكم.
أحمد المُهري
23/4/2020