حضارتنا سلمية دون قتل أو قتال

حضارتنا سلمية دون قتل أو قتال

نشر أخي الفاضل حميد منتظر في الفيس بوك موضوع كتاب صدام الحضارات Clash Of Civilizations  كما يلي:

يقول الكاتب الامريكي صموييل مؤلف كتاب صدام الحضارات الدين الاسلامي هو الدين الوحيد بين أديان العالم الذي لا يمكن فصله عن السياسة بل ان الاسلام هو سياسة وتسلط وقتال وغنائم وسبايا قبل ان يكون تعبد وايمان بدليل ان اهم ركن من أركانه هو الجهاد اي قتل الغير لسلب ونهب اموال.     انتهى النقل.

فقمت بالتعليق عليه كالآتي:

بالطبع أن الكتاب ليس علميا بل هو كتاب يعتمد على تخيلات المؤلف صموئيل هنتنتجتون وبعض استنتاجاته غير الدقيقة لبعض أفعال المسلمين ليصف بها الدين الإسلامي ويعتبرها سندا لفهم الحضارة الموسومة بالإسلامية. إن مؤلف كتاب صدام الحضارات كغيره من الذين يدرسون أحوال أهل المشرق يخلط بين القرآن الكريم وأعمال المسلمين، إما عن جهل وإما عن عمد. وعامة المسلمين كغيرهم من البشر يتبعون في الغالب أهواءهم ويستفيدون من كل المقومات المتاحة ليمتعوا بها أنفسهم. الإسلام لا يعني البخاري ولا يعني الكافي ولا يعني مسند الإمام أحمد ولا يعني الفتوحات البربرية التي قام بها بنو العباس ومن قبلهم بنو أمية. الإسلام هو ما قاله الله تعالى في القرآن الكريم وما ورثناه من عبادات عملية قام بها إبراهيم وبقية الرسل حتى رسولنا عليهم السلام. هذه العبادات غير مفصلة في القرآن الكريم ولكنها عبادات عملية موروثة والرسول لم يغير شيئا منها كما يبدو عدا بعض الأذكار حيث أحل رسولنا عليه السلام القرآن الكريم محل الأذكار القديمة لأن القرآن كتاب مهيمن على التوراة والإنجيل. ولا ندري فلعل القرآن أكمل من صحيفة إبراهيم أيضا ولو أن الله تعالى لم يصرح به في القرآن الكريم. لكن القرآن منزل على أمة أكثر تطورا من إبراهيم ومن عاش زمن إبراهيم عليه السلام.

وأما الجهاد فليس الجهاد في القرآن بمعنى القتال ولكن القتال يُعتبر جهادا إن كان الله تعالى أمر به. لا يوجد في القرآن أي أمر عام بالقتال في سبيل الله ولم يأذن الله تعالى لأي رسول بأن يعلن القتال أو الجهاد العام في سبيل الله حسب اجتهاده الشخصي. لو كان القتال دفاعيا بمعنى أن أهل بلد لو تعرضوا لحرب مفروضة عليهم فمن واجبهم أن يدافعوا عن أنفسهم بحكم العقل. وحتى هذا الدفاع العقلي لم يأذن به الله تعالى لرسوله محمد عليه السلام إلا بعد حين. إنه أمر الرسول ومن آمن معه بأن يهاجروا من موطنهم الأصلي وهو مكة ولم يأذن لهم بالحرب.

وليكن واضحا بأن الهجرة في حد ذاتها ولا سيما هجرة العقول والسواعد القوية حرب غير عسكرية وجهاد خفي ضد النظام الحاكم. فالذين هاجروا من مكة هم الذين كانوا يديرون مختلف شؤون مكة وكانوا يحافظون على الطبيعة السياحية لمكة وهي مصدر ثراء البلد الأمين. هاجروا بأمر الله تعالى وسببوا الكثير من المتاعب لحكام مكة كما بقي منهم الضعفاء ولم يكن في مكة نظام يسمح لهم بالتخلص من المستضعفين كما سار عليه بعض الدول التي حكمها المجرمون في الأرض.

كان المسلمون يتمنون الإذن لهم بالجهاد حتى أذن لهم الله تعالى في المدينة. قال تعالى في سورة الحج: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41).

المشكلة أن بني العباس على أغلب الظن سموا الحروب الدفاعية لرسولنا الأمين عليه السلام غزوات واختلقوا غزوات كثيرة للرسول ليبرروا فتوحاتهم الظالمة الإجرامية. هناك حرب واحدة فقط يمكن تسميتها بالغزوة وهي حرب بدر. لم يرد في القرآن جذر الغزو إلا مرة واحدة في سورة آل عمران أذكرها ليعلم الناس بأن ما يقولونه على ديننا محض كذب: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُواْ غُزًّى لَّوْ كَانُواْ عِندَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ لِيَجْعَلَ اللّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156). الآية الكريمة تتحدث عن المسلمين الذين يتعرضون للغزو أو يغزون. فيمكن أن نفسرها بأي منهما. وكما قلت هناك حرب واحدة هي حرب بدر يمكن تسميتها بالغزوة باعتبار أن الله تعالى أمر المسلمين بأن يهاجموا المشركين ليسترجعوا منهم بعض ما خسروه جراء ظلم المشركين حينما كانوا في مكة فهاجروا من موطنهم مرغمين.  ومن حق الله تعالى أن يأذن بذلك باعتباره المالك الحقيقي لمن دونه مطلقا.

فلو أن المسلمين غزوا البلاد الآمنة بعد وفاة رسول الله فما فعلوه لا علاقة لها بالقرآن. ونحن لا نملك تاريخا صحيحا كتبه مؤرخون لحظات وقوع الحوادث فقد تكون أكثر الحروب ومنها حروب الردة كاذبة. لا يمكننا القول بأنها صادقة ولا يمكننا الجزم بأنها كاذبة إذ لا دليل بيدنا على صحة أي منهما. لكننا لا نجد في القرآن الكريم إذنا لأي شخص بإعلان الحرب سواء رسولنا أو من سبقه من الرسل. قال تعالى في سورة البقرة: وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244) مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246). إنها آيات القتال ونرى بأنه سبحانه يحرض المؤمنين على القتال في سبيل الله واعتبار ما يخسرونه في القتال قرضا أقرضوا الله تعالى ليعوضهم أضعافا كثيرة حينما يُرجعوا إليه سبحانه كما يبدو.

ثم يأتي الله تعالى بمثال للقتال في سبيل الله فيتحدث عن بني إسرائيل الذين استنكفوا عن دخول القدس أيام موسى فطلبوا من نبي لهم أن يستأذن لهم ربَّهم بالقتال. وحذرهم ذلك النبي الكريم بأن الله تعالى لو أمر بالقتال وجب عليهم الامتثال لأمر الله تعالى. ألا يعني ذلك بأن النبي لا يحق له أن يعلن القتال؟ وحينما نسعى لفهم الحكاية أيام موسى نرى بأنه سبحانه فعلا أمرهم فاستنكفوا عن القتال ليفتحوا القدس بأمر ربهم. والحكاية مفصلة في سورة المائدة:

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22) قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (23) قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25) قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26).

حكاية القدس وفتح مكة مشابهتان. إن الله تعالى أراد أن يعين للذين اتبعوا موسى عليه السلام عاصمة دينية هي القدس وأراد للذين اتبعوا محمدا عليه السلام عاصمة دينية هي مكة. ومكة هي المدينة التي ولد فيها الرسول وكل الذين هاجروا معه. هي مدينتهم وليست بلدة غريبة يسطون عليها. والأمر خاص نازل من الله تعالى لقضية واحدة وليس أمرا عاما. وقد وضح الله تعالى بأن من حق المهاجرين ومن يساعدهم من الأنصار أن يفتحوا مكة وذكر لنا السبب في ذلك الأمر في سورة النساء: فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75).

نلاحظ بأن الله تعالى أذن للمسلمين بفتح مكة باعتبار أن المستضعفين الذين بقوا في مكة عاجزين عن الهجرة دعوه سبحانه دعاء صحيحا مأذونا به. فهم لم يدعوا على المشركين بل طلبوا من ربهم أن ينجيهم منهم. تعلمون بأن على المحتاج أن يطلب من ربه قضاء حاجته وليس له أن يعلِّم ربه كيفية ذلك. ويتبع ذلك أنك لو كنت مظلوما مثلا في بلدك فليس من الأدب مع الرحمن أن تدعو على الظالمين في ذلك البلد فذلك شأن لا يخصك. ولكن من حقك أن تدعو لنفسك ثم يستجيب الله تعالى دعاءك بما يراه مناسبا. والآيات الكريمة متبوعة بحقيقة عدم جواز القتال الهجومي إلا بإذن الرحمن مرة أخرى حيث قال سبحانه: الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77).

فمن أين يتحدث كاتب صدام الحضارات بأن الإسلام دين قتال وغنائم وسبايا؟ وأكرر يجب علينا نحن المسلمين أن نفرق بين الإسلام كدين سماوي أنزله الله تعالى على رسوله محمد عليه السلام وبين ما فعله المسلمون بعد وفاة الرسول وانقطاع الوحي السماوي.

وأما الحروب المنسوبة إلى الخلفاء الراشدين. فأقول بداية بأن القرآن لم يأمر رسولنا بأن يجعل لنفسه ولي عهد كما يظن البعض. توفى الرسول دون أن يعين شخصا بعده. إن مهمة الرسول هي الرسالة وليس الحكم. كان الرسول محمد عليه السلام رسولا في مكة تحت حكم أبي سفيان كما كان رسولا في المدينة ولكن الشعب المسلم في المدينة اختاروه حاكما عليهم. فهو في رسالته لا يمكن أن يوصي لأحد لأنه خاتم النبيين وهو في حكمه لا يجوز له تعيين ولي عهد لأنه لم يكن ملكا بل كان رئيسا منتخبا من الناس. حكمه حكم رئيس الجمهورية المنتخب لا أكثر. ليس لرئيس الجمهورية أن يعين لنفسه ولي عهد يحكم بعده. لا يوجد في القرآن أمر سماوي بتسليم الرسول مقاليد الحكم.

هناك بعض الآيات قد يُستدل بها على أن الله تعالى عين ملوكا أيام العهود الرسالية السابقة. قال تعالى في سورة البقرة: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258). الآية تتحدث عن مُلك شخص يحارب رسالة السماء ويحارب الرسول إبراهيم عليه السلام. إنه احتمالا نمرود ملك العراق كما احتمله السلف. نمرود رجل فاسق وظالم يحارب الله ورسوله وقد آتاه الله الملك. هل هذا يعني بأن الله تعالى منحه الملك لأنه إنسان مؤمن يطيع الله تعالى أم أنها تتحدث عن النعم السماوية المتاحة لكل الناس ومنها الملك؟

فلو أن بعض بني إسرائيل حكموا فهو لا يعني بأن الله تعالى عينهم ملوكا كما عين الأنبياء. إنه سبحانه يؤتي الملك والمال لأسباب ليست واضحة لنا بالكامل بل ما يفعله سبحانه يمثل سياسة الألوهية أو الربوبية. فهو يؤتي الفاسق فرعون الملك ولكنه تعالى لا يمكن أن يؤتي الفاسق فرعون النبوة والرسالة. فلو جعل الله تعالى أحدا ملكا أو ثريا فهو لا يعني بأنه سبحانه قام بتنزيهه. نعم، إنه سبحانه ينزه الأنبياء قبل أن يمنحهم النبوة وليس الملوك وذوي الثروات الكبرى.

بالطبع أنني عاجز عن أن أحارب إعلاما فاسدا غير مستدل يتولاه دولة عظمى في الأرض. ليس بيدي أية وسيلة كبرى من وسائل النشر ولا ننس بأن كل الإمكانات الإعلامية الموجودة في حوزة المسلمين لا تتمكن من مجاراة الإمكانات الإعلامية التي تمتلكها القدرات المالية والسياسية الكبرى في كوكبنا. لكنني أكتب من باب ما لا يُدرك كله لا يُترك كله. والتوفيق من الله تعالى.

أحمد المُهري

8/9/2019

#تطوير_الفقه_الاسلامي 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.