خطبة العارف بالله سائق الاجرة

خطبة العارف بالله سائق الاجرة

أوقفت سيارة اجرة ، تفاوضت معه على الأجرة لصالحي طبعا ، جلست الى جواره ، وحيث واليوم جمعة بدأ حديثه معي بالاستفسار:

  • الم يقل الله تعالى ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ،
  • صحيح ، والعبادة لم تعط الا لمن بيده الاختيار، فهم حملة الأمانة.
  • سألني اح الأصدقاء عن هذا السؤال :الخطاب بالكامل للأنس في القرآن، نحن نؤدي النسك من صلاة وصيام وحج ، ما بال الجن من ذلك التشريع؟
  • تعرف لولا القرآن لما صدقنا بوجود الجن، و في ظني قد لا يكون السؤال محل للبحث.
  • ربما ، دعني أقول لك شيئا ، عندما خاطب الله الجن في قال لهم يا معشر الجن قال تعالى : (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا ۚ لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) وقال تعالى : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِيوقال سبحانه : ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ) ،   
  • نعم
  • وخاطب الانس ، بكلمة الانسان ، او الانس  قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) ،
  • جميل ،
  • الم تلفتك كلمة (الناس)
  • اكيد ،
  • كلمة الناس تشير للجمع بين الانس والجن ، والآيات الدالة على ذلك كثير منها قوله تعالى في سورة الكهف : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلً) صرفنا للناس أي الجن والانس ، وكان الانسان “الانس” تحديدا اكثرهم جدلا من الجن والانس .
  • جميل ما اسمعه منك ،
  • انظر الى سورتي الفلق والناس ،الفلق سورة تستعيذ بها الله تعالى من الخلق وتحديدا شر الخلق (مِن شَرِّ مَا خَلَقَ) ، فانت لا تستعيذ من خير الخلق ، وشر الخلق مخلوقات قد نعلمها وقد لا نعلمها ، اما سورة الناس فهي عن الجن والانس : ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) والوسواس قد يكون خيرا (من الملائكة ) او شرا من الناس (جن وانس ) ، من الجنة ما هي الجنة ؟
  • كل ماخفي ,
  • نعم كل ماخفي ، الجنة جاءت من هذا المعنى ، والجن كذلك ، الا انه هنا يعني الملائكة ، دليل ذلك انظر الآية : ( وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا ۚ وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) ، ونستدل ان الجنة هنا الملائكة آيات كثيرة جعلوها بنات الله ، ( وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَٰتِ سُبْحَٰنَهُۥ ۙ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ) ، ( وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَٰنِ إِنَاثًا ۚ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ۚ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) ،
  • عجيب هذا المفهوم ،
  • القرآن يفسر بعضه وبنسقة ، فقط علينا ان نبحث فيه و سنفاجئ كم كنا غافلين ، اتعلم شيء آخر من المضحك مثلا تفسيرهم للصور في قوله تعالى : ( ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض) بانه البوق ، الصور جمع الصور ، أي الخلق والتكوين ، انظر لقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، وقوله تعالى : ( وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) ، يوم القيامة يبدأ بأمر الله تعالى تشكيلنا من (العقب) الذي يحمل جيناتنا ، فنعاد للتكوين بنشأة جديدة .
  • عجيب ،
  • حتى مثلا لا يفرقون بين القبور والاجداث ، اتعرف ما الاجداث ؟
  • لا حقيقة لم ابحث عن ذلك .
  • الاجداث لا تحمل معنى القبور ، بحثت في معنى الجدث فوجدته بمعنى المخبأ ، فقوله تعالى : ( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ) يخرجون من مخابئهم او مكامنهم ، ذلك الشيء الذي ظل بذرة تحمل جيناتنا وخصائصنا نخرج منها …
  • احسنت ،
  • يوما سألت اخ (سلفي) قلت له ما الساق في قوله تعالى : (  يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ. خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ۖ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ ) ، بدأ يسرد لي بقال فلان عن فلان عن … الخ ، حتى وصل لمفهوم ان الله تعالى (استغفر الله من هذا الفهم ) يكشف عن ساقه فيعجز من لم يصل في الدنيا عن السجود ، قلت له انك تتحدث عن الله تعالى ليس كمثله شيء ،
  • نعم انه خارج الزمان والمكان هو خالق الزمان والمكان سبحانه ،
  • نعم ، فقال لي ما الساق اذن ، قلت ان فهمنا الساق بهذا فبمعنى الآية في قوله تعالى : (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) ان تلف ساق الشخص بساقه الثانية ، قال ماذا يعني اذن ، من السياق نفهم انها شدة الشدة ، ذلك اليوم الشديد جدا ، من يمكنه في تلك الشدة ان يسجد لله ، من يمكنه ذلك .

كنا قد وصلنا الى وجهتي، شكرته ، وسالته عن اسمه (عارف مالك ) واضفت تلقائيا المبلغ الذي خصمته مع التفاوض ، قائلا ، لقد علمتني درسا مفيدا اشكرك .

انقل اليكم واقعة اليوم، ما عدلته هو طريقة الحوار واضفت الآيات بشكل دقيق. اما التوضيح فهو فعليا خطبة مفيدة من عارف بالله.  

احمد مبارك بشير

5/7/2019

#تطوير_الفقه_الاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.