أهمية المرأة في الدعوة الإسلامية الأولى

أهمية المرأة في الدعوة الإسلامية الأولى

هذه مقالة كتبتها قبل ثلاث سنوات وصار نقاش بسيط بيني وبين فقيدنا المرحوم الدكتور كمال شاهين. أبعثها للنشر مرة أخرى تخليدا لذكرى مؤسس مركز تطوير الفقه السني ثم الإسلامي؛ جزاه الله تعالى خير الجزاء وحكم له بجنات النعيم بمنه ولطفه.

سورة آل عمران التي تبدأ بـ ألم تماما مثل سورة البقرة فهي كما أظن بمثابة المساعد للبقرة. فالبقرة تضم القواعد التشريعية للكثير من المسائل باعتبارها السورة الكبرى لبيان أهمية الله تعالى للمؤمن وواجب الإيمان باللقاء مع الله تعالى يوم القيامة ثم التمسك بهما وهكذا فسرت ألم في القرآن. فآل عمران تعطينا النماذج من البشر الذين عملوا بمفاهيم البقرة طيلة التاريخ الإيماني للبشر قبل الإسلام وحتى ظهور الدعوة الإسلامية. هناك مجموعة من أهل مكة سماهم ربهم بأولي الألباب. هم يمثلون الذراع الثقافي لمكة وهم الذين وضعوا القواعد الاجتماعية المريحة لجعل مكة مزارا عاما لمن يزورها.

ومن نتاج أولئك النفر مجموعة من ذوي الألباب الذين حضروا الرسالة السماوية مع نبينا ونقرأ قصتهم هكذا في أواخر آل عمران: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ ِلأُوْلِي الألْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (192) رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195).

ثم يوضح سبحانه استجابته لدعائهم هكذا: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195). وسألقي الضوء على بعض مفاهيم هذه الآية الكريمة لنتعرف بها على أهمية المرأة في الدعوة الإسلامية الأولى كما نعرف السر في وجود صحابيات عالمات حول الرسول الأمين ونعرف أيضا بأن المرأة كانت تساعد الرجل في مكة فما نراه من التفريق بين الجنسين هو عمل شيطاني قام به الجاهلون الذين لم يتنعموا بنعمة القرآن العظيم وظنوا بأنه كتاب أناشيد لا كتاب علم ومعرفة وإيمان.

لقد استجاب الله تعالى دعاء تلك المجموعة التي دعت في مكة باعتبار الهجرة التي تمت منها، و لكنها سمعت بأن الله تعالى قد تقبل دعاءها في المدينة. ونرى بأن الآية الكريمة هذه تنطوي على مجموعة مفاهيم ومسائل مشارة إليها دون تفصيل ولكنها قابلة للإدراك وهي:

1.

سمع الله تعالى بحثهم العلمي ودعائهم وحبذ ذلك وهو واضح من لحن الآيات ولكنه لم يعدهم بالجنات جزاء لتفكيرهم ولم يقل بأن (مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء) كما روجوه بيننا منذ قرون. بل إنه سبحانه وعد بأن لا يضيع عمل عامل منهم. والعمل هو التحرك نحو حياة أفضل لأمتهم كما نعرفه من موارد العمل الواردة في الآية الكريمة. فالعمل شرط أساسي لإثبات صحة الإيمان وصحة الاستعداد للتضحية في سبيله وإلا فالإيمان المنفصل عن العمل لا تثمر شيئا يوم الحساب. بل لعله يكون ضارا لأن الإيمان في حد ذاته دليل العلم والذي يعلم ولا يعمل بعلمه فهو مسؤول أمام الله تعالى يوم القيامة دون ريب.

2.

ولم تكن الاستجابة دنيوية فلم ير أحد نتيجة دعائه كما أن دعاءهم لم تتعلق بطلب دنيوي. وهذا دليل واضح على أنهم كانوا مجتمعين حين الدعاء. ذلك لأن لكل فرد طلبات خاصة قد تكون أكثرها دنيوية ليرى النتيجة بعينيه كما حصل لبعض أنبياء السلف المذكورة قصصهم في سورة مريم. فهم نخبة طيبة فعلا وقد توفقت للتفكير في مسألة علمية أدت إلى انتباههم لخطورة الموقف المقبل فطلبوا جميعا من الله تعالى أن لا يخذلهم ولا يخزيهم يوم الحساب. وهكذا نعرف بأن الاستجابة ليست دائما منظورة في الدنيا ولكن المرء يدعو الله تعالى بقصد العبادة. فالدعاء عبادة بنص القرآن. قال تعالى في سورة غافر: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين 60.

3.

ثم إنه سبحانه أخبرنا بأنهم ليسوا رجالا فحسب بل هم مجموعة مشتركة من الرجال والنساء. وأخبرنا بأنه ينتظر الأعمال التي ذكرها فيما بعد من جميعهم ذكرانا وإناثا ليثبتوا بأنهم جميعا علماء عاملون وليسوا علماء غير عاملين. ونعرف من هذا بأن العلم غير المطبق عمليا لا تجدي الآخرة شيئا حتى لو كانت العالمة أنثى فمسجد المرأة ليس بيتها كما قالوا بل هو نفس مسجد الرجل. فتبين لنا بالقرآن الصادق أن المرأة كانت عضوا فعالا في المجتمع المكي بعكس ما سمعناه من المؤرخين الذين صوروها لنا كمادة لإطفاء شهوات الرجال وألعوبة رخيصة بيد الذكران الذين يملكون كل الحق في تعيين مصيرها ومستقبلها. فهي بالعكس كانت تمثل أولي الألباب الذين أذاعوا الخير وعمموا التضامن الاجتماعي وحاربوا الفقر والظلم وقننوا الحروب وقصروا أعمارها لصالح السلم وعلَّموا الناس التفاهم والاهتمام باللغة بدلا من السيف. ولذلك نشروا ثقافة الشعر وأقاموا المؤتمرات الشعرية باعتبار أن الشعر كان مظهرا من مظاهر العلم في مكة.

4.

وقوله سبحانه بعد ذِكر اختلاطهم لصالح الأمة أفادنا بأن الذَّكر قد انحدر من اختلاط الأنثى مع الذكر كما انحدرت الأنثى من نفس الاختلاط أيضا. بالطبع أنه سبحانه استعمل لفظ الخطاب هنا لأن هناك شخصا واحداً في الكرة الأرضية جاء بخلاف العادة من أنثى فقط وهو أخونا الكبير المسيح بن مريم عليهما السلام حيث كانت مريم أمَّه وأباه وهي أنثىً وليست ذكراً. حقا أننا نرى هذه الاستدراكات البديعة دائما في القرآن الكريم لتزيدنا تمسكا به وإيمانا بأنه كتاب الرحمن جل جلاله. ليس للناس ولا لمتحدث مثل نبينا محمد عليه السلام أن يلاحظ هذه المسائل بهذه الدقة في ذلك الزمان.

5.  

ولا ريب بأن تجمع مختلف العلماء من الجنسين تفيد الأمة أكثر بكثير من انفراد الرجال أو النساء بأمور الأمة. وكان لرسول الله عليه السلام صحابة وصحابيات وهو كما يبدو كان يستشيرهم جميعا في أمور الأمة والشعب الذي يسوس بينهم. تتكون الأمة من الجنسين ولكل جنس اهتماماته وتطلعاته ومشاكله أيضا. فالمرأة تدافع عن المرأة أكثر من دفاع الرجل عنها وهكذا الرجل يدافع عن الرجل أكثر من دفاع المرأة عنه. ولا ننس أهمية الوطن والأرض بالنسبة للمرأة التي سوف تدافع عنها بحرص أكثر من الرجل كما أنها هي التي تعرف أنسب الأوقات لأخذ قرار الهجرة من الوطن لو كانت عاقلة عاملة خبيرة بالعواقب. كما أنها هي التي تعرف كيف تستفيد من الإمكانات المتاحة وفي أي حدود، فهي لا يمكن أن تفرط بسواعد الذكور في سبيل وطن لا أمل فيه أو أن يموت غالبية الرجال فتبقى النساء بلا مساعدين. هي حريصة على كل ذلك ومن الخير للأمم أن تستعين بالنساء في مجالسها التشريعية والتنفيذية.

6.

وبما أنه سبحانه يتحدث عن تجاوب الله تعالى مع أعمال الناس ثم يقول مباشرة بعضكم من بعض فكأنه سبحانه في مقام بيان السبب لعدم تضييعه لأعمال أولئك النفر الطيب. فلعله سبحانه يريد أن يمدنا بمعلومة أخرى وهي أن التطور العلمي بين الأفراد لم يُورث بسبب الأب وحده ولا الأم وحدها بل هو مشترك بينهما. إنهم حصلوا على هذا الوعد بسبب تسنمهم سلم المعرفة وخوضهم في أعماق المسائل العلمية المرتبطة بأسحق الأزمان وأبعد النجوم والكواكب السماوية. ثم إنهم أذعنوا لإرادة الله تعالى في اختبار البشر ووضعوا أنفسهم موضع ذلك الامتحان بكل جدية فكأنه سبحانه حينما يتحدث عن نوع الأعمال بعد ذلك، فهو يزكيهم ويعدهم لتلك المقاومة الشرسة مع أعداء أمتهم وبني نوعهم من البشر.

7.

وأما مسألة توارث التطور العلمي فهي معاكسة لمسألة التوارث البدني. نرى حقيقة بأن الذين يأتون بعد من سبقهم فهم أضعف منهم بدنيا تحت تأثير الكفاءات الإنسانية التي تطوع الأعضاء لصالح الفكر والعقل. فنرى بأن الذين يلحقون فهم أنعم جلدا من الذين سبقوهم في نفس المكان والفصيلة. ونعلم بأن القدرات الفكرية تتطور وتتربى مخلفة القدرات البدنية في حالة التراجع ولو قليلا. فالإنسان البدائي كان أقوى بدنيا منا نحن ونحن أضعف بدنيا من الذين سبقونا يوم نزول القرآن مثلا. لكننا نحن نستعمل الكمبيوتر ونركب السيارة والطيارة ونصنعها جميعا فنحن أقوى منهم فكريا ونفسيا. هذا تطور إنساني يورث القدرات العلمية والمعرفية. فكما أن الأبوين يخلقان ولداً أقوى من كل منهما من حيث الكفاءات فهما مشترِكان في مدِّه بهذه القدرات. ولعل السر في ذلك أن الجينات التي تتنشط لعمل الأعضاء فهي تنقل بعض كفاءات صاحبها الأول لتقع تحت سيطرة الكائن الجديد الذي يرى أمامه مجموعة وراثية أكبر مما كانت لدى كل من أبويه حينما ترعرعا. فللجديد خيارات أكبر من كل منهما لأنه يجمع خبرات الشخصين. ونقصد بالخبرات ما يرتبط بالجينات وليست الخبرات العلمية. فالجينات التي تصنع خلايا المخ مختلفةٌ لدى الأفراد باختلاف الكودات الممنوحة لكل منهم. فجينات شخص ما قادرة على الانتقال بسرعة أكبر من جينات الشخص المشابه الآخر بين المعلومات المتوفرة لاستخراج الحل للمشكلة أو المعضلة العلمية التي يسعى لفهمها صاحب تلك الخلايا. هذا الانتقال السريع يوفر المزيد من المعلومات في نفس  الوقت الذي يصرفه الذي يتحرك بسرعة أقل. هذا التحرك الفكري هو الذي يرثه الطفل وليس معلومات الأبوين العلمية. فليس في الدنيا طفل وُلد طبيبا لأن أبواه طبيبان مثلا كما أن ليس هناك طفل يلازمه البلادة لأن أبويه بليدان من باب المثال. على الطفل أن يجمع المعلومات العلمية والخبرات في ذهنه بعد الولادة فعلا. فنعومة المرأة دليل على تمتعها بالمزيد من النشاط العقلي والمكر المعروف بينهن دليل واضح على تنشيط القوة العقلية لديهن.

8.

ثم إن وعد الرحمن بالاستجابة ليس حكرا على أولي الألباب أولئك. بل هو لكل المكلفين إنسا وجنا ولكنه سبحانه استعمل هذه القصة كمثال لاستجابته تعالى لدعوات عبيده ولبيان أن الاستجابة لا تعني التخلي عن السعي والعمل اتكاء على الدعاء. فلو أن الله تعالى ينتظر من العلماء الحقيقيين أن يعملوا ليثبتوا صحة إيمانهم فكيف لا ينتظر العمل من غيرهم؟ وقد أمر سبحانه نبيه بأن يكون أول المسلمين وهو يعني أول العاملين برسالته فهو مثل بقية الناس يعمل إذا علم شيئا ولا يكتفي بالعلم وحده أو بنشر العلم فقط أو بإدارة المجتمع بذلك العلم. إنه يتعلم ويفكر وينشر أفكاره ويعمل ويصحح أعماله مستعينا بما يستجد له من علم ومعرفة، عليه وآله الصلاة والسلام. ومن هذا نعرف بأننا حينما ندعو فعلينا بأن نشفع دعاءنا بالعمل الجاد حتى يفعِّلَ الله تعالى وعده بالاستجابة. وهذا معنى قوله الكريم في سورة غافر: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴿60. فاعتبر الدعاء عبادة لأنها تعكس خضوع المرء لربه. والعبادة مثمرة لو كانت مخلصة ولكن ليست الثمرة آنية بل قد تكون مؤجلة لزمن دنيوي بعيد أو يؤجلها الله تعالى للآخرة. بالطبع أن دعاء ذوي الألباب الذي نستشهد بقصتهم لم تكن دنيوية، للعلم.

9.

وحري بنا أن نعرف بأن الله تعالى أقام هذه النشأة العظيمة لانتخاب الطيبين لإدخالهم جنات النعيم. وكما يبدو، فإن ذلك هدف رباني يكمن وراء فلسفة الخلق كله، إذ لا يمكن إظهار كرم العزيز الحكيم عز اسمه بدون هذه العملية. ولذلك قال سبحانه بأنه سوف يدخلهم الجنة باستحقاق نتيجة لعملهم. فهو سبحانه يحب أن يدخل الناس الجنة ولكن شريطة أن يمروا بمراحل الاختبار ولولا ذلك لما كان لعطية الرحمان أي مسوغ عقلي قويم.

مراحل الكفاح المقبول عند الله تعالى:

وقبل أن نستمر في بيان الموارد الأخرى في الآية الكريمة، لا بد لنا من وقفة هنا لنستبين معنى الكفاح وهدفه والأشخاص المدعوين للمشاركة فيه. فالكفاح المقبول لديه سبحانه ليس لحماية الأرض فالأرض كلها لله ولا فرق بأن تعيش في الكويت أو فلسطين أو نيويورك. إنه الكفاح لأجل تغيير الناس ليعودوا إلى ربهم وليس شيئا آخر. بالطبع أن هذا الكفاح هو غير الدفاع الممكن عن النفس والمال الذي يفرضه طبيعة الإنسان ولا يحتاج إلى إذن من الله تعالى ولا ممن يدّعون الفتوى والمرجعية والوكالة عن ربهم. ويعلمنا القرآن كيفية الدفاع في آيات أخرى. والكل مدعوون للمشاركة في الكفاح لمحاربة الجهل بما يقووا عليه وعليهم أن يستعدوا للتضحية. لكن الذين يشاركون جديا في الكفاح هم أولو الألباب لمعرفتهم بالنتائج أكثر من عامة الناس إن كانوا مخلصين لأمتهم وللبشرية. وأما معنى الكفاح وكيف استنتجناه من هذه الآية الكريمة فهو الدعوة فعلا إلى الله تعالى بعلم ومعرفة وبإظهار الأعمال الطيبة. وليس معناه الدعوة إلى اتباع الماضي والسير على خطى الطيبين أو من نظن بأنهم طيبون. والمقطع الثاني من الآية يختصر كل معاني الكفاح ولا يمكن أن نفسر القتال أو أن يُقتل بأي تفسير آخر. ولنواصل بيان الآية:

10.

بعد أن خصص الله تعالى استجابة دعاء ذوي الألباب لذوي الألباب أنفسهم فاستعمل سبحانه كلمتي: لهم ومنكم، فإنه في الموضوع الثاني تحدث عن الذين هاجروا … بدون أن يشفعه بأي ضمير تخصيصي. وأما الفاء الذي ورد في بداية هذا المقطع “فالذين” فهو لأن من طبيعة أولي الألباب المشار إليهم في الآية أن ينشروا علمهم وثقافتهم بين الناس ولذلك فهم يكافحون في سبيل ذلك أيضا. وحتى يتم نشر المعرفة بين الأمة التي ظُلمت فإن على أفراد الأمة أن يستعينوا بالذين يعلمون للدفاع والكفاح في حدود أمر ربهم. ولذلك فإن “الذين” يشير إلى كل أولي الألباب المؤمنين بظني وليس إلى أولي الألباب المنوه عنهم في الآية الكريمة وحدهم لأن القرآن للجميع، والعلم عند الله تعالى.

11.

بدأ الله تعالى مراحل الكفاح بالهجرة. فللهجرة أهمية بالغة في نشر العلم وبث الدعوة إلى الله تعالى. فالمهاجر يبتعد عن مكان الظلم وينتقل إلى بلد آخر لينقل معه معلوماته مع خبراته. إنه يعرف كيفية الدعوة إلى الحقيقة أكثر من يوم كان في بلده وبين أهله ويشعر بالسلامة ويدعو دعوته بكل قوة واطمئنان. والهجرة خطاب صامت للظالمين بأن المهاجر ليس من أهل الخصام بل يريد السلام والراحة لنفسه وللناس جميعا. ثم إن المهاجر يضع الظالم في إحراج شديد بأنه ترك وطنه وأهله صيانة للسلام وكُرها للخصام، فيتيه الظالم في كيفية المواجهة ويصعب عليه أخذ القرار المناسب. وكانت لهجرة المسلمين قبل الرسول نفسه ومعه وبعده آثارٌ دعوية وسيعة، وقد لمس المسلمون ثمارها حينما استقبل أهل يثرب الرسول الكريم بالزغاريد وفي الأحضان. والهجرةُ تمنح المهاجر مرونة وقدرة مناورة لا مثيل لها وبعيدا عن عيون الظالمين.

12.

ولكن متى يبدأ العالِم الهجرة من بلده؟ فبلده أحق به من بلاد الغرباء ويجب على كل امرئ أن يحافظ على نفسه جهد الإمكان. إن النفس رخيصة في سبيل الله فقط. ذلك لأن الله تعالى قد دعانا إلى اتباع أوامره وهو قادر على أن يثيبنا وهو يستحق أن يموت الإنسان في سبيله فهو المالك والمانح والرحمن عز اسمه. ولكن ليس للبشر أن يدعو الناس للموت في سبيلهم أو في سبيل الدفاع عنهم. فعلى العالم أن يبقى في بلده حتى يُخرج منه. والإخراج برأيي ليس مقتصرا في طرده فعلا، لأن بعض الحكومات تعتقل وتسجن وتعذب وتقتل وعلى العاقل أن يبادر بالهجرة قبل ذلك. فبمجرد ما يشعر بخطر البقاء فهو في حل من الخروج. ولذلك بدأ الله تعالى بكلمة “هاجروا” ثم شفعها بشرط آخر وهو “وأخرجوا من ديارهم“. وهكذا فإن الإخراج يعني وقوع المرء في ظروف الإخراج. كأنه يرى العامة مبتعدين عنه وغير عابئين بما يقوله لهم أو يشعر بجدية النظام لمحاربته ودحره أو يشعر بخطر كبير على أهله وشرفه وماله. كل ذلك بمثابة الإخراج بظني والله العالم. وقد أخرج الله تعالى بهذه الكلمة كل الذين يهاجرون من تلقاء أنفسهم بدون الشعور بالضغط أو الطرد.

13.

ولا ينس الذي يكافح دفاعا عن الأمة والعلم بأن الذي يمكن أن يثيبه حقا هو الله تعالى وحده دون غيره. والله تعالى لا يمكن أن يقبل الشريك، ولو كان ذلك الشريك رسول الله عليه السلام، فكيف بغيره؟ هذا حق فعلا لأن العلم المخلص لله يعني ما يفيد البشرية بمن فيهم الشخص نفسه ويعني بأن الشخص سوف يكون في عين الله تعالى الذي يملكهم جميعا ويريد لهم الخير والصلاح سبحانه من رحيم وكريم. وسبيل الله تعالى ليس قولا شفهيا أو ادعاء يتصدر باسمه كلُّ ذي مصلحة دعواته ونداءاته ليجر عبيد الله تعالى إلى الهاوية حتى يحكم ويسيطر أو يجمع ما يشاء من أموال ويقتني ما يحب من زينة تساعده على اتباع شهواته. وبالنسبة لنا نحن اليوم فإن سبيل الله هو ما نلمسه بقلوبنا ومعارفنا من كتاب الله تعالى فقط وليس غيره. أما ذلك اليوم فإن رسول الله عليه السلام كان ينقل إلى الناس أمر الله تعالى بالجهاد والكفاح وبنص قرآني أيضا. وبما أن المسألة دقيقة جدا وحتى يمنع الله تعالى من التفسير حسب المزاج فإنه أضاف السبيل إلى نفسه لا إلى الله تعالى. ذلك لأن الاسم العظيم دليل على نظام الألوهية ولكن قوله الكريم “وأوذوا في سبيلي” يعيد الأمر إلى نفسه ولا يمكن اتخاذ الأوامر العامة تفسيرا له. فالسبيل هنا تحتاج إلى تعيين من الله تعالى في كل مورد وليست عامة وقد علمنا بأن أمر الهجرة من مكة قد صدر من الله تعالى فعلا ويمكن اعتباره أمرا عاما إلى حد ما. لكن القتال فهو أمر غير متروك لا للرسول ولا لغيره بل هو في حيز الربوبية فقط. ليس في القرآن الكريم أي إذن عام لرسوله بإعلان الحرب وليس في الكتاب أي خبر عمّن سبقه من الأنبياء الذين يملكون ذلك الأمر. ولذلك لا يمكن أن نسمي القتال قتالا في سبيل الله في غياب الرسل. وقد أخرج الله تعالى بهذا المقطع الذين يُطردون بأي سبب جنائي أو طموحي أو غير ذلك مما لا ارتباط له بالدعوة إلى الله تعالى أو الجهاد في سبيله.

14.

والجملة في هذه الآية الكريمة تعم كل الأذى بأن تكون في سبيل الله تعالى ليستحق المظلوم الأجر من الله تعالى. فلا يجوز لأحد أن يسبب لنفسه أذى بل عليه أن يسعى لحماية نفسه. والفعل “أوذوا” ماض مجهول الفاعل ويدل على أن الإيذاء نزل عليهم من قبل أشخاص لم يمهدوا له. إن هناك الكثير من الحركات التحررية الدينية وغير الدينية وأصحابها يمهدون لعدوهم أن يؤذيهم ليكسبوا بذلك تعاطف الأمة ضد العدو ولصالحهم. هذه الحركات لا ارتباط لها بدعوة الرحمن جل جلاله وليست من الدين في شيء. فأولو الألباب رضي الله تعالى عنهم قاموا بعملهم التوعوي كما بدى لهم والعدو رأى مصالحه في خطر ففاجأهم بالإيذاء وليس لهم يد في تحفيز أعدائهم.

15.

ومن أجمل كلمات الآية الكريمة هي كلمة “سبيلي” فهي تدل على اهتمام رب العالمين الشخصي بمن يخلص في الدعوة إليه، وهو الملك الحق جل جلاله. وقد قال سبحانه من قبل لموسى وهارون: قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴿46. فكأنه سبحانه يريد أن يفتح لنفسه أبواب الرحمة على المقصودين في الآية الكريمة ليعمهم بما يتناسب مع شأن الكريم الرحيم من عون وتوفيق ورحمة. ثم إنه سبحانه يُشير إلى خلو نية أولي الألباب المنوه عنهم من أي شرك بربهم فهم يستحقون عناية الرحمن بكل جدارة. إن الله تعالى كريم ورحيم ولكنه يقطع رحمته عمّن يشرك به ويرسل سُحب الرحمة على رؤوس الذين لا يُشركون به شيئا. ثم إنه سبحانه يأذن لنفسه أن يصب ما يراه مناسبا من العذاب على من يؤذي هؤلاء المخلصين للذات القدسية وحده جل جلاله. كما أن الآية ناقوس خطر لمن يُشرك بالله شيئا فلعله يخسر عناية ربه. فهؤلاء الطيبون أوذوا في سبيل الله ثم شعروا بأن النظام يلفظهم ثم رأوا بأن من الخير لهم أن يُهاجروا فكان أمر الهجرة صحيحا لا مفر منه. هكذا يُثبت الله تعالى لنا أنه الحق وأن أوامره حق وصدق وعدل وأن العاقل اللبيب سوف يصل إلى هذه الحقيقة من تلقاء نفسه لو تخلى عن مصالحه الآنية واعتبر نفسه عضوا في مجموعة كبيرة له مالهم وعليه ما عليهم.

16.

وأما المرحلة الثانية من الكفاح فهو القتال في سبيل المبادئ التي ترتبط بالرحمن قبل كل شيء. ولذلك ذكره الله تعالى بعد أن ذكر لنا اهتمام ذوي الألباب بربهم قبل أي شيء آخر. ولنعد إلى عقولنا لنعرف بأن الذين توصلوا إلى ضرورة عودة الأهداف إلى رب العباد وليس إلى العباد بأنفسهم ليصح العمل ويتحقق الرضوان، فهم لا يمكن أن يبدؤوا بالقتال بدون إذن الله تعالى. إن القتال أمر فوضوي بطبيعته وينطوي على خطر الموت للشخص أو لعدوه ولا يجوز تعريض المرء نفسه للخطر بدون ضرورة لا يمكن تلافيها كما لا يجوز تعريض العدو لخطر الموت لو كان ممكنا تلافي ذلك. نعرف بأن الأصل في الدنيا أن يعيش الناس حتى يأتي أجلهم الذي كتب الله تعالى لهم ضمن نظامه، وليس الموت مطلوبا ولا مأذونا به إلا في حالات خاصة بعد إذن صريح من الله تعالى. ولولا إذنه لكان النار جزاء لنا قطعا لأننا بالقتل نقف أمام الفرصة التي أراد ربنا أن يمنحها لعبيده ليؤدوا اختبارهم بحرية. ولو أنه سمح لنا بذلك تكوينا فلا يعني بأن عملنا صحيح وإلا بطل التشريع وصار بلا معنى. والله تعالى لم يذكر في هذه الآية أي شيء عن إذنه لهم بالقتال ولكنه ذكر الإذن في آيات أخرى من الكتاب، إلا أنه سبحانه يريد هنا أن يبين لنا استعداد الزمرة الطيبة للقتال وليس القتال الفعلي.

17.

فالقتال أولا ثم أن يُقتل ثانيا ليسا شرطين أساسيين لاستجابة الدعاء وإلا لزم أن نعتبر كل الذين بقوا أحياء بعد القتال مع المشركين غير مشمولين باستحقاق الجنة ولو أنهم اشتركوا فعلا في القتال وأبلوا بلاء حسنا في الوقوف أمام أعداء الله تعالى. فالمقصود هنا هو الاستعداد ولكنه سبحانه لم يذكر الاستعداد بل ذكر الحصول الفعلي ليؤكد بأن الذي يتوقع ذلك الأجر العظيم من ربه فيجب أن يكون على أتم الاستعداد لقبول القتال والموت في سبيل الله فهو يقوم بالمقدمات الضرورية لذلك فعلا فهو بحكم المقتول في سبيل الله قُتل أم لم يُقتل. إنه كان مستعدا ولكن الله تعالى لم يقدر له الموت.

18.

وهناك مسألة أخرى يجب أن ننتبه لها وهي أن الذي يستعد لاختبار وبلاء مثل ذلك ثم لم يُقدَّر له أن يكتمل أقسى حالات البلاء فيبقى حيا، فإنه سوف يُبلى مرات ومرات بعدها ولا يُعلم مدى قدرته على محاربة نفسه والسيطرة على شهواته فيما بعد فلا يمكن اعتباره ضمن الذين تعرضوا للموت الحقيقي في سبيل الله فعلا.

19.

وبما أن الذكور والإناث تعاونوا معا لبث الإيمان وللدفاع وللتضحية في سبيل الله فإن على الرجال أن يتخلوا عن التفسير الذكوري لكتاب الله تعالى وعن الفقه الذكوري وعن التفضيل الأحمق لمن ولّدته الصدفة ذكرا على من ولدته الصدفة أنثى.

لكم خالص التمنيات القلبية من

أحمد المُهري

20/12/2015

بعد أن قرأت مقالة أخينا الكريم سيادة الدكتور كمال شاهين بعنوان: إن غاب القط العب يا فار وهناك في كويتنا نحن مثل مشابه هو “الروس نامت والعساعس گامت”؛ فبعد أن قرأت لاحظت بأنني حينما بعثت مقالتي حول دور المرأة المهم في الدعوة الإسلامية الأولى لم ألاحظ موضوع الإشارات والأمثال. ذلك لأنني استشهدت بداية ببعض الآيات التي تسبق الآية التي فسرت جزءا منها. تلك الآيات تنطوي على مسائل علمية كبيرة في القرآن فهي خلاصة السورة الكبرى في الواقع. أرجو من القارئ الكريم ألا يظن بأن المقصود من الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم هو حركاتنا في الصلاة التقليدية؛ فهي تتحدث عن قدراتنا الإنسانية التي تميزنا عن الحيوانات. أو المقصود من قوله تعالى إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب هو الظاهر العادي بل هو الحديث عن حاجة المادة إلى الزمان، وتحقق الزمان بالمادة فهما لا ينفصلان ولذلك لا يمكن تصور الكون بدون القوة القاهرة التي يستحيل تصورها في غير القدوس العظيم جل جلاله. هكذا سماهم ربهم بذوي الألباب. هناك مشكلة حصلت مع ظهور مجموعة من المترفين بعد غياب الرسول وسيطرتهم على مكة التي كانت بلدا تشع بالعلم وبالحضارة البشرية والتي تمكنت من استقطاب الناس من كل حدب وصوب. تلك هي مشكلة كل الحضارات الكبرى التي سادت ثم بادت. سادت حينما ظن أهلها بأن عليهم أن يخترعوا ما يلبي حاجاتهم وأن يجدوا الحلول لمشاكلهم. ثم بادت حينما انغمسوا في الشهوات وظنوا بأنهم المسيطرون فلا حاجة للفكر بل دعنا نستمتع ونلبي غرائزنا الشهوانية. هكذا سيسقط أمريكا وهكذا سيسقط إسرائيل. هكذا سقطت الإمبراطورية البريطانية وهكذا مالت اليورو إلى الانحدار ولنفس السبب تهشمت الاتحاد السوفيتي.

وحينما أنظر إلى القرآن العظيم وأشعر بأن البشرية عاجزة عن الإتيان بمثله حتى بعد مرور خمسة عشر قرنا من تنزيل السماء له؛ فإنني أشعر أيضا بأن القوم الذين أنزل الله عليهم القرآن لم يكونوا جاهلين كما أقنعونا. سبق عصرَ الرسالة ظهورُ حضارة كبيرة ولكنها لم تتوسع مع الأسف. بالله عليكم كيف تفسرون سوق عكاظ لتجميع الشعراء في بلدهم وكيف تفسرون قانون تحريم الحرب في ثلث السنة وكيف تفسرون قانون الصندوق الذي أسسوه في مكة لحماية التجار ولتعويض خسارة التاجر حتى يضمنوا عدم تعرض رؤوس الأموال للسقوط، وكيف تفسرون حلف الفضول؟ نحن اليوم وفي أوروبا ليس لدينا صندوق تساعد التجار وغير متنعمين بحلف مثل حلف الفضول للمنع من الظلم على الغرباء. كان المكيون يؤمنون بعدم جواز أن ينام أحد جائعا في مكة. هذه العادة موجودة حتى يومنا هذا في مكة ويمكنكم مشاهدة الطعام العام في الحرم المكي أو بجواره في رمضان وطيلة العام. نحن في بريطانيا نحتضن اليوم مجموعة من الجائعين الذين ينامون في الأسواق التحتية ويأكلون مما يقدم لهم من زوائد الطعام. هناك جمعية بريطانية تشكلت حديثا لجمع الأطعمة الزائدة للفقراء. لو أن المكيين لم يقدموا كتابا يترجم لعدة لغات حتى يسميهم سيادة الدكتور كمال بالعلماء فإن ربهم أنزل عليهم قرآنا ترجم بأكثر لغات العالم.

على كل حال أردت التنويه بأن الآيات التي لم أفسرها من سورة آل عمران تنطوي على معاني عميقة فلا يكتفي القارئ بالنظر إلى ظاهرها.

وأخيرا شكرا للدكتور كمال الذي يكتب بقلم بديع ممتع ويفيدني ذوقي الذي يحب كتابات العلماء فيسعى لقراءة ما أمكنه منها وحمدا لربي على تجميعنا تحت سقف مركز تطوير الفقه الإسلامي متطلعا إلى اليوم الذي نناقش فيه الفقه الإسلامي بإذن الله تعالى.

أحمد المُهري

21/12/2015

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/
ان كان لديكم الرغبة في الانضمام لمجموعة النقاش في المركز برجاء ارسال بريد الى :
islamjurisdev@gmail.com
او الاشتراك في المجموعة
https://groups.google.com/forum/?hl=ar#!forum/islamjurisdev

islamjurisdev@googlegroups.com

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.