قصة أوتو مايار الكذاب

قصة أوتو مايار الكذاب

 سما.jpg

 

استمرارًا للحوار الدائر في مركزنا حول “تعريف الإيمان”, أرسل إلينا فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد ماهر رسالة يستنكر فيها ما يقوم به ذلك النفر من الكفار الذين يتشككون في أن القرآن من عند الله سبحانه وتعالى ويطالبون ببرهان ودليل علمي على أن القرآن هو كلام الله فعلا.  يتساءل فضيلته عما إذا كان هذا الرهط – ثكلته أمه – كان غائبًا عن الوعي من يوم أن ولدته أمه إلى يوم الله هذا فلم يدرِ بالعلوم الخاصة بالبيولوجيا.  ختامًا, يقدم مفكرنا الإسلامي الكبير عددًا من الاكتشافات العلمية التي تبرهن وتقدم الدليل العلمي على أن القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى.

 

يحتاج المرء هنا إلى التحوط الشديد خشية سوء الفهم خاصة وقد كشف بحثنا عن مدى الاضطراب الذي يحيط بمفهوم العلم والإيمان.  لذا سوف نتناول الأمر نقطة نقطة لبيان ما يخبرنا به مفكرنا الإسلامي الرائد, سيادة المستشار أحمد ماهر.  وعليه, يمكن القول إن فضيلته يخبرنا بالتالي:

  1. أن هناك من يتشككون في أن القرآن من عند الله سبحانه, و

  2. أن هؤلاء الكفار يطالبون بالدليل العلمي الذي يثبت ويبرهن أن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى, و

  3. أن هذا الطلب يكشف ليس فقط عن كفر هؤلاء الكفار وإنما يكشف أيضًا عن جهلهم بالاكتشافات العلمية التي تمت في حقل البيولوجيا, و

  4. أخيرًا, يقدم مفكرنا الإسلامي الرائد عددًا من الاكتشافات العلمية التي تثبت قولاً واحدًا, وبشكل نهائي, أن القرآن كلام الله.

 

إذا كان فهمي هذا لما كتبه مفكرنا الإسلامي الفاضل صحيحًا فسوف يسعدني الإعلان عن التالي.  وأيضًا نقطة نقطة تجنبًا لسوء الفهم:

  1. نعم, هناك من يتشكك في أن القرآن من عند الله سبحانه.  وعليه, فهم بالتالي كفار بما أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم, و

  2. نعم, يطالب هؤلاء الكفار بالدليل العلمي الذي يثبت أن القرآن كلام الله, و

  3. نعم, يكشف هذا الطلب ليس عن كفرهم وحسب وإنما عن جهلهم بالعلم أيضا.  أي أن المشكلة ليست إيمانيه وحسب وإنما هي علمية أيضَا.  أي أننا نتحدث عن بشر كفار جهلة.  وهم كفار لأنهم لا يؤمنون بما أنزل الله على رسول الله.  وهم جهلة لأنهم لا يتحدثون علما وإنما يهرفون.

 

لا يستطيع من آمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وبأن القرآن كلام الله أن يختلف مع مفكرنا الإسلامي الكبير فيما يذهب إليه من أن هناك من يتشكك في أن القرآن كلام الله, ويطالب بالدليل العلمي الذي يثبت أن القرآن كلام الله, وأن هذا الطلب لا يكشف عن كفرهم بما أنزل الله على رسول الله وحسب وإنما يكشف كذلك عن جهلهم بالعلم.  في كل هذا نحن متفقون.  وإنما الخلاف – وهو خلاف علمي حيَاك الله وبيّاك لا أكثر ولا أقل – حول ما إذا كان هؤلاء الكفار يجهلون الأكتشافات العلمية التي تمت مؤخرًا في حقل البيولوجيا, وعلوم الفضاء, والفيزياء, وغيرها من العلوم أم أنهم يجهلون ألف باء العلم.  يرى فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد ماهر أن هؤلاء الكفار يجهلون الاكتشافات العلمية المبهرة التي أثبتت مؤخرًا أن القرآن كلام الله.  يرى كاتب هذه السطور أن هؤلاء الكفار يجهلون ألف باء العلم أصلاً.  دعني أوضح.

 

 العلم هو ما يمكن التحقق منه.  يمكن لأبيك الحاج أحمد لاشين أن يخبرك أن الماء يتجمد بصورة أسرع إذا سخنته أولاً ثم بردته ثانيا.  إذا خرجت من دار أبيك الحاج أحمد لاشين وأنت تردد هذا الكلام لثقتك فيه, واحترامك له, ومعرفتك بصدقه, وأمانته, وقوة حفظه, وأنه لم يكذب مرة في حياته, ولم يخطيء مرة في كلمة قالها, وأن الناس أجمعت على ذكائه, وعلمه وفضله – وخذ من هذا الكلام للصبح – فأنت لا تتحدث علمًا ولا لك علاقة بالعلم.  العلم أن تخرج من دار أبيك الحاج أحمد لاشين وترى بأم عينيك, وأبيهما, وأعمامهما, وأخوالهما, وكامل القبيلة بإذن الله, أن هذا الكلام صحيح.  أي أن المطلوب أن “ترى” أن هذا الكلام صحيح.  وعليه, تحضر قدرًا من الماء وتقوم بتسخينه, ثم تحضر قدرًا آخر لم يتم تسخينه, ثم تضع هذا وذاك في مكان شديد البرودة لـ”ترى” أيهما سيتجمد أسرع من الآخر.  إذا فعلت هذا فهذا هو العلم. العلم هو أن ترى بأم عينيك أن ما يخبرنا به الآخرون يتوافق مع الواقع.  ولاحظ – حيّاك الله وبيّاك – أن المسألة لم يعد فيها ثقة.  لاحظ – الله يخليك – أن المسألة ليس فيها إقناع.  المسألة ليس فيها “حدثنا أبوك الحاج أحمد لاشين”.  المسألة أن أباك الحاج أحمد لاشين أخبرك بشيء, وتحققت سيادتك منه, ورأيت أنه فعلا كلام واقعي.  أي إقناع هنا؟  تحتاج إلى أن تكون فاقد الصواب تمامًا لكي تجري تجربة “سرعة تبريد الماء الساخن” وترى بأبي عينيك وأمهما أن الماء الساخن يتجمد أسرع من الماء غير الساخن ثم “تنكر” ما رأته عينيك.  وحتى إذا حدث ذلك فتمنياتنا بالشفاء العاجل إن شاء الله, والحمد لله على أن هناك سبعة آلاف مليون من البشر يستطيعون التحقق من صحة نظرية سرعة تبريد الماء الساخن.  والقصة باختصار أن ألعلم ليس هو “ما وصلتنا أخباره” وإنما هو “ما رأيناه”.

 

يثير هذا الأمر سؤالاً هامًا.  ما العمل في تلك النظريات التي لا يمكن أن نتحقق من صحتها؟  ما العمل في “عقدة أوديب”؟  كيف نتحقق من أن الأطفال الذكور في الرابعة من العمر يعانون من الخوف بأن يقوم آباؤهم بإخصائهم؟  كيف, بحق الله, يمكننا التحقق من عقدة أوديب هذه؟  ولا في الأحلام.  وعليه, فما يخبرنا به الحاج فرويد ليس علمًا.  وهو ليس علمًا لأننا لا يمكننا التحقق منه.  أي أن ما لا يمكن التحقق من صحته – أو فساده – فهو ليس علمًا.   وما العمل فيما “يخبرنا” به البعض من أن الجن مخلوقين من مادة غير ماديه وإنما طاقوية مادية.  يمكننا أن نخرج لترديد هذا الكلام بناء على “ثقتنا في شخص من أخبرنا به”.  يمكننا كذلك أن نأتي بواحد من هؤلاء الجن لنفحص مادته – أو عدم مادته – وسوف نكتشف على الفور بأن هذا الكلام غير ممكن.  من أين لنا بجني لنفحص مادته؟  ولا في الأحلام.  وعليه, فموضوع مادة الجن هذا موضوع لا علاقة له بالعلم.  ما لا يمكن التحقق من صحته – أو فساده – ليس بعلم. 

 

والآن راجع كل “الاكتشافات العلمية” التي قدمها لنا مفكرنا الإسلامي الكبير, فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد ماهر وسوف تكتشف, بإذن الله, أن لا علاقة لها بالعلم. 

 

  1. يحدثنا مفكرنا الإسلامي الكبير عن قول الله تعالى:

*إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً*   فاطر : 41

  1. يتساءل فضيلته عن “ذا الذي كان يعلم أن داخل أقطار السماوات والأرض شواظًا من نار ونحاس.”  

  2. يخبرنا فضيلته أن الكفار “لم يعلموا ذلك إلا بعد أن صعدت أقمارهم الصناعية إلى إحدى ضواحي الكرة الأرضية “كوكب القمر”.

  3. يتساءل فضيلته عمن أدرى محمدًا بتلك الظواهر التي بالسماء؟  

 

والسؤال هنا هو كالتلي:

ماذا يقصد مفكرنا الإسلامي الكبير من وراء هذا الكلام؟  هناك احتمال بأنه يقصد أن الآية الكريمة تخبرنا بأن داخل أقطار السماوات والأرض شواظ من نار ونحاس.  وأن الكفار لم يعلموا ذلك إلا من بضع سنوات بعد أن صعدت أقمارهم الصناعية إلى إحدى ضواحي الكرة الأرضية, وأن هذا الكلام كان معروفًا لسيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم. 

 

والسؤال هنا أيضًا هو كالتالي:  أين, بالله, وبحق الله, وتالله, ثم أين بالله, قال الله إن داخل أقطار السماوات والأرض شواظ من نار ونحاس؟  ثم من أين أتى صاحب هذا الكلام بحكاية أن سيدنا محمّد كان على علم بأن في أقطار السماوات والأرض شواظ من نار ونحاس؟  أكان هذا وحيًا لصاحب الكلام أم حديث آخر مفترى على رسول الله؟  ثم كيف نتحقق من صحة هذا الخبر؟   دعني أفصل. 

 

العلم, كما رأينا, ليس هو أن تردد ما قاله أبوك الحاج أحمد لاشين وإنما أن “ترى” بأم عينيك” أن ما أخبرك به الحاج أحمد لاشين يتوافق مع الواقع.  المسألة ليست مسألة ثقة.  وعليه,

أخبرنا الحاج أوتو مايار (الاسم الخيالي للبروفيسور الألماني الخيالي الذي اكتشف كل الاكتشافات العلمية الخيالية التي يحدثنا عنها أبوك الحاج إبراهيم قرطام) أن المقصود من الآية الكريمة التي لا ذكر فيها إطلاقًا – وحياة ربنا – للنار والنحاس هو أن الله يخبرنا بأن داخل أقطار الأرض والسماوات توجد نار ونحاس.  كما يخبرنا بأن رسول الله كان على علم بذلك. 

 

خالص الشكر, والإعزاز, والتقدير, والعظمة, والولع, والوله, للبروفيسور الألماني “المذهل” أوتو مايار على كريم اكتشافه.  والسؤال الذي لا بد أن أسأله لعظمته هو كالتالي:  من أين لسموه بكل هذا العلم؟  كيف عرف ذلك؟  كيف عرف الحاج أوتو مايار ذلك؟  نار, ونحاس, ودنيا مقلوبة, واكتشافات علمية ولم يسأل أحد من أهلنا, أهل العلم والنظر, من أهل القرآن والسنة هذا السؤال البسيط.  ثم كيف أتحقق مما يخبرنا به الحاج أوتو مايار؟  ما الذي يمكن أن يفعله إنسان لا يثق إلا بالله؟  ماذا لو قال لي أوتو مايار “صه” وسكت؟  ماذا أفعل.  وعليه, فإنني أطالب كل من يعرف شيئًا عن أوتو مايار أن يخبرنا كيف “نتحقق” من النظرية العلمية التي اكتشفها عظمته.   

 

والقصة, للحق طويلة, وهذه ليست أكثر من الرسالة الأولى.  أدعو الله أن يعطينا عمرًا وصحة ويساعدنا على كشف الحق وبيان كذب أوتو مايار الكافر الضال.  ويبقى التالي:

  1. أن هناك من يتشكك في أن القرآن من عند الله سبحانه.  وعليه, فهم بالتالي كفار بما أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم, و

  2. أن هؤلاء الكفار يطالبون بالدليل العلمي الذي يثبت أن القرآن كلام الله, و

  3. أن هذا الطلب لا يكشف وحسب عن كفرهم بما أنزل على رسول الله وإنما عن جهلهم بالعلم أيضا.

  4. يعود ذلك إلى أن العلم لا يمكنه إثبات أو نفي ما يتعلق بالغيب.  

 

وللحديث, إن شاء الله, بقية, إن كان في العمر بقية.  وأوتو مايار رجل كذاب.

 

 

يقول مفكرنا الإسلامي الكبير:

“من ذا الذي كان يعلم أن داخل أقطار السماوات والأرض شواظًا من نار ونحاس؟  إنهم لم يعلموا ذلك إلا بعد أن صعدت أقمارهم الصناعية إلى أحدى ضواحي الكرة الأرضية {كوكب القمر}، وهم لا يزالون يحاولون الطيران إلى أقطار السماوات دون جدوى، فمن أدرى محمدًا بتلك الظواهر التي بالسماء؟   يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً* فاطر : 41


إنه تحدٍ من نوع جديد، هل اجتمع مجلس الأمن الدولي، وقرر أنه اكتشف أن أحدًا غير الله هو الممسك بتلابيب السماوات والأرض حتى لا يزولا؟  وهل ـ مع اعترافهم ـ  تطوع أحد وصرّح بمقدرته في أن يقوم مقام الله بتلك المهمة؟  ومن الذي أعلم محمدًا بأن هناك وقتًا محتومًا لزوال الكون؟
  كما تحدى القرءان النَّاس أنهم لن يستطيعوا الفرار من الموت، فقال:{أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ … }النساء78.


لقد أعلن العلماء هزيمتهم نهائيًا في هذا الصدد، فقالوا بأن كل خلية حية مبرمجة مسبقا وتحمل برنامج حياتها ووقت فنائها.  فمن ذا الذي يتشكك اليوم ويريد برهانا ودليلاً على مصداقية القرءان؟ أكان غائبًا عن الوعي منذ مولده حتى اليوم فلم يدر بالعلوم الخاصة بالبيولوجيا.

 

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ }الحج73.  وتراهم وهم يفخرون بما وصلوا إليه من العلم، وبينهم تلك الآية تسعى لتُثْبِت عجزهم اليومي، ولتُثْبِت أن القرءان من لدن حكيم خبير بعباده وتُثْبِت نُبُوَّة محمّد، لكن قل في الكُفر وقُلُوب مطموسة ما تشاء.


وهل نظر أحدنا لخلقته أو خلقة أي مخلوق فوجد شيئًا غير الماء؟  أوجد أحدكم بأنه خرج من إفراز بين الصلب والترائب كما يقول القرءان أم وجدتم أنكم خرجتم من غير ذلك أو أن سائل الرجل يخرج بعيدًا عن الصلب أو أن ماء المرأة يخرج من مكان غير ترائب المرأة؟  فإذا كان هذا قد جاء به محمّد عام 615 ميلادية فلابد أن نؤمن بأنه من لدن الله.  أليست كل هذه أدلة يا دكتور كمال شاهين؟  وللأسف لديك كتابي وبه كل هذه العناصر وزيادة لكن يبدو أنك لا تقرأ كتبنا.”

 

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.