أنا والفقهاء

أنا والفقهاء

  

سبق وذكرت بأن مشايخنا ودعاتنا وعلمائنا ما هم إلا دعاة على شفير جهنم، يدعونك لتشرك بالله وهم يزعمون بأنهم يدعونك للتوحيد، ولقد دهش البعض من ذلك المنحى، لذلك سأبرز لهؤلاء المندهشين بعض عناصر ذلك الإشراك الذي يقوم هؤلاء الدعاة بتدريبنا عليه، وبالطبع لن يقف الأمر عند هذا، بل للفقهاء ردودهم التي لا تقل نكولا عن الحق عن توجهاتهم الفقهية:

 

 

أولا:في عقوبة الزنا.

  1. يقول تعالى في سورة النور: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }النور2

  2. لكنهم يقولون بأن الزناة المحصنين عليهم رجم حتى الموت، وإذا صدمتهم بقوله تعالى : {    …. فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }النساء25.

  3. بما يعني بأن المحصنات عليهن عذاب وليس عليهن إماتة، وبما يعني أن الأمة التي تزوجت عليها نصف ما على الحرة من العذاب، وأن الموت لا يتم تنصيفه، تراهم يسبون ويلعنون، ويقولون بأنهم يفهمون في المقيد والمطلق والعام والخاص وأن درايتهم التخصصية فاقت حدود عقلنا البشري.

 

 

ثانيا: في التحقق من الأخبار

يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6.

  1. فالقرءان يدعونا لنتحقق من صحة الرواية، فابتدع الفقهاء مخالفة التحقق من صحة صدق الراوي بدلا من الرواية، وأقاموا لذلك علما أسموه علم الرجال، فهذا صادق وهذا كاذب، وهذا ينسى، وذاك شيعي، وهذا مجروح وذاك معدل…وهكذا، ويا ليتهم اتفقوا على الرجال، لكن تجد المجروح  عند هذا المحدث معدل عند الآخر ومقبول، ومن تقبل روايته هنا تنقض هناك…وهكذا قام علم الرجال وعلم الحديث.

  2. بل لولعهم بالرجال لم يهتموا بما تمت روايته مما هو مخالف للفطرة وقويم العقل، ومما هو مخالف لنصوص القرءان، واعتبرا كل ما ورد عن راويهم الموثق أحاديث صحيحة.

  3. ولم يقفوا عند هذا الحد، بل قالوا بأن المروي عن رسول الله حديث مرفوع.

  4. والرواية التي لم يقلها رسول الله لكن قالها صحابي اعتبروها حديثا مقطوعا.

  5. والرواية التي لم يقل بها النبي ولا الصحابي لكنها توقفت عند التابعي قالوا عنها حديث موقوف، واعتبروا الجميع حديث صحيح رواه البخاري أو مسلم أو غيرهما من مقدساتهم بينما الناس لا تدري بهذه الهرتلة ويتصورون البخاري ومسلم وغيرهما كتب أحاديث قالها رسول الله

  6. بل غشوا الأمة وقالوا بأن كتاب البخاري اتخذته الأمة بالقبول، فأي أمة هذه التي اتخذته بالقبول؟  هل اتخذته الشيعة أم الأباضية؟  وهل اطلعت الأمة السنية على ما فيه ووافقت عليه؟ وهم يقولون تلك المقولة قبل أن يولد أجدادي، أي منذ أيام الأمة التي لا تعرف القراءة والكتابة؟  أليس هذا غشا للأمة أن تقولوا عليها ما لا تعلمه هي وتستغلون جهلها وبساطتها وثقتها العمياء فيكم لتقولوا مقولاتكم الممجوجة مثل [أصح كتاب بعد كتاب الله] بل أراه أسوأكتاب يطعن في كتاب الله من كثرة طعنه وتبديله لكلمات ربنا، وطعنه في رسول الله واتهامه بأنه أقدم على الانتحار مرارا وغير ذلك من الطعن في الصحابة وقويم العقل بل والأخلاق السوية.

لذلك لا علم يسمى علم الرجال الذي تلصصوا به على الغير وسمحوا لأنفسهم بتزكية رجال على رجال بينما الله تعالى يقول : {   … فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }النجم32؛ واختلفوا فيما بينهم في الرجال، وصنعوا الزيف ونسبوه لرسول الله زورا وبهتانا.

 

 

 

ثالثا قضية وما ينطق عن الهوى

من غش الفقهاء للأمة أنهم اجتزءوا ذلك الجزء من الآية ليقيموا ذلك الدين الذي يضاهون به دين الله في قرءانه، فأورثوا الأمة أن كل ما نطق به رسول الله فهو وحي من السماء لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، ليحملوهم على تقديس مرويات الحديث.

  1. فهل كان الله يرجع في وحيه وهو القائل [ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد]، فقد كان رسول الله يعود في كلامه فيقول [كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة]،  وغير ذلك كثير، فهل يرجع الله في كلامه رغم أنف الآية؟

  2. وهل تعبير [وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى] جاء لنا طائرًا من السماء فلا شيء قبله ولا بعده حتى نتعرف على المعنى المراد بكلمة [هو]، فمن هو هذا الذي يعنيه القرءان؟  إنه إن عني القرءان والسنة لقال [هما]؛ لذلك فهو يعني القرءان فقط، ولا كلام هنا عن السنة التي أعترف بها ولا أجحدها، لكن لا أعترف بغش الناس.

  3. وهم يقولون بأن السنة هي الحكمة، وما يكون ذلك أبدا، فالحكمة هي الرشاد الذي يؤتاه أي مخلوق، فقد أوتي داوود الحكمة وأوتي عيسى الحكمة، بل قال الله بأن من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا فهل الحكمة بهذا تكون سنة سيدنا محمّد؟  ساء ما تحكمون.

  4. وتدبر قوله تعالى الذي يؤكد بأن الحكمة ليست السنة ولا منفصلة عن القرءان لأنها رشاد النص القرءاني غير المنفصل، فيقول تعالى:{ .. وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }البقرة231؛ فلم يقل [يعظكم بهما] إنما قال [يعظكم به بما يدل على عدم الانفصال.

  5. فسنة رسول الله هي رشاده في أمر فهم الدين، وما وصلنا من سنته القولية ليس هو ما صدر عنه، إنما هو ما تمت نسبته إليه، لا يصح منه إلا ما وافق كتاب ربنا, وليس كما ذهب أهل التفسير بأنها الحكمة.

 

   

رابعًا: جريمة الناسخ والمنسوخ

من أسوأ ما أصاب الأمة ذلك العبث المسمى بالناسخ والمنسوخ، فهو عبث بكتاب الله، ويا ليتهم اتفقوا على ما هو الناسخ والمنسوخ الذي اعتبروه علما، بل واشترطوا لكل مجتهد أن يعلم به، وكأنهم يصورون للسذج من أمة محمّد بأنه أمر ملموس ومعلوم.

  1. وأستعرض للقارئ الكريم بعضًا من مفاهيمهم واختلافهم في قضايا الناسخ والمنسوخ عن العلماء السابقين وقد سطّرها ابن الجوزى فى كتابه نواسخ القرءان وهى:

                         * عند ابن حزم الأنصاري 214 قضية.

                        *وعند أبى جعفر النحاس 134 قضية.

                        *وعند ابن سلامة213 قضية.

                        * وعند مكي بن أبى طالب 200 قضية.

                        *وعند عبد القاهر البغدادي 66 قضية فقط.

                        * وعند بن بركات 210 قضية.

                       *وهى عند ابن الجو زى 247 قضية في 62 سورة.

(المرجع نواسخ القرءان للعلامة ابن الجو زى ص 515 الصادر عن الجام عة الإسلامية بالمدينة المنورة).

 

 

فيا ترى هل هؤلاء قوم نسميهم علماء؟  هل مثل هذا العبث بكتاب الله نسميه علما؟  أليس منكم رجل رشيد؟  هل يصل عدم فهم هؤلاء لكتاب الله أن يبتدعوا ما يسمى بالناسخ والمنسوخ داخل القرءان؟  وكيف يعلم المجتهد  المزعوم أحكام إبليس المسماة بالناسخ والمنسوخ بالقرءان وهي مختلف فيها لهذا الحد المزري؟

  1. إن النسخ يكون بين الرسالات ولا يكون داخل الرسالة الواحدة، ودومًا تكون له حكمة التخفيف على العباد.

  2. وهل يجوز أن نقول بالناسخ والمنسوخ في القرءان بزعم فهم قاصر لقوله تعالى:*مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* البقرة:  106.  فكيف يُنسي الله رسوله وهو يقول له: *سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى* الأعلى  : 6.   فهل رجع الله في كلامه؟  أيكون قد قال له في مكة بسورة الأعلى بأنه سينزل عليه القرءان فلا ينساه، ثم يعود في المدينة بسورة البقرة فيقول له *ما ننسخ من آية أو نُنسها؟   أيكون هذا نهج الله أم نهج الشياطين؟

 

  

خامسا: الفرق بين المنازعة والاختلاف

لا يدرك الفقهاء الفرق بين المنازعة والاختلاف، لذلك فهم يسوقون الناس لطاعة الحديث النبوي يتأولون بما لا يفهمون قوله تعالى: *يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً* النساء :  59.

  1. فهم يتصورون بأن الآية السابقة تُجبر المسلم على طاعة ما ورد بالحديث النبوي بصحاحهم التي يقدسونها، وهم يدفعون الناس بهذا الاتجاه وهذا من قلة فقههم وجهلهم بكتاب ربهم الذي جعلوه عضين، بينما الآية تجبر الناس للإذعان لله ولحكم الرسول فيما يتنازعون فيه من أمور الدنيا، ولذلك ورد بالآية ذكر أولي الأمر، وقال بنهايتها بأن في ذلك خير وأحسن تأويلا، لأن قضاء المنازعات به اجتهاد (التأويل) قد يكون خيرًا وقد يكون أفضل قليلا لكنه في النهاية محاولة لاستنباط الحق والحكم به.

  2. أما بشأن أحكام العبادة والشريعة فلا حكم إلا لله، وذلكم هو الاختلاف، إذ من غير المتصور أن تكون هناك منازعات في الشريعة أو الفرائض، لكنها اختلافات ، وهنا لا يجب الرجوع لشيء إلا للقرءان، وذلك من قوله تعالى:*وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ*  الشورى : 10.

  3. لذلك فهم قد أهملوا تمامًا آية سورة الشورى وارتموا في أحضان آية سورة النساء.  وذلك ضلال بعيد.

 

 

سادسًا: مصيبة الفقه على المذاهب الأربعة

 من بين ما ابتلينا به ذلك الجمود والتمسك باجتهادات الأقدمين التي وصلتنا منسوبة للأجلاء من أئمة الأمة، دون توثيق يذكر.  ومن خيبة أمل الأمة أن يتم تدريس ذلك لطلبة المدارس الثانوية الأزهرية فتتلوث به عقولهم ويصيروا من قطاع الطرق أيضًا والفضل في ذلك يرجع للفقه على المذاهب الأربعة.  وطالما الأمة لا تقرأ فالفقهاء يقودونها كالنعاج لتعظيم ذلك الفقه الذي تتبرأ منه الكلاب في أحراشها مهما حوى من جيد الاجتهادات.   لكن ما تم دسه عليه يعتبر بحق فضيحة من كل جانب. وإليك بعض النماذج:

  1. اتفق الأئمة الأربعة بكفر تارك الصلاة بعد استتابته ثلاثة أيام، واتفقوا على قتله حدا، عدا أبو حنيفة الذي قال بحبسه وضربه ومنع الطعام والشراب عنه حتى يصلي أو يموت.

  2. اتفقوا على عدم مسئولية الزوج عن أجر طبيب أو نفقة دواء لزوجته المريضة،  لأنه تزوجها كي يتلذذ بها وليس في المريضة أي تلذذ.

  3. اتفق المالكية والحنابلة على عدم إجبار الزوج على شراء كفن لزوجته المتوفاة ولو كانت فقيرة.

  4. قال أبو حنيفة بحق الزوج أن يمنع زوجته من إرضاع وليدها من زواج سابق أو تربيته لأن ذلك يقذرها ويؤثر على جمالها الذي يجب أن يستأثر به وحده.

  5. قال الشافعية بجواز أن يتزوج الرجل ابنته المتخلقة من ماء الزنا.

  6. قالت الحنفية بجواز قتل الأسرى من الرجال أو استرقاقهم، أما النساء والأطفال فإنهم يوضعون بأرض مضبعة حتى يموتوا جوعًا وعطشًا، أو يتم استرقاقهم، وبجواز قتل كل المواشي وحرقها بأرض العدو، مع عدم قتل الحيات والعقارب حتى يكثر نسلها ويكثر أذاها بأرض العدو.

  7. قالت المالكية بجواز طلاق الزوجة إن كانت أكولة بشرط أن يكون قد اشترط عليها أن ترضى بالوسط.

  8. اتفقوا على جواز نكاح الصغيرة ولو كانت في المهد لكن لا يطأها إلا أن تتحمل الوطء.

  9. وقالوا وقالوا مما يندى له جبين الشرف, والنخوة, والرجولة, والأخلاق, مثل أنهم قالوا بأن أقصى مدة حمل للمرأة هي أربع سنوات وقالت المالكية 7 سنوات تظل المرأة فيها حاملاً وتضع بعدها وتسمي المولود باسم مطلقها أو أرملها الذي مات منذ سنوات.

 

 

أعتقد بأنه تكفي تلك الأمثلة وعلى من يريد المزيد أن يطلع على كتاب الفقه على المذاهب الأربعة أو كتاب الاختيار لتعليل المختار في فقه الحنفية أو متن أبي شجاع ففيها ما يروي الظمأ ويسكر العقل من الخرافات التي يصر الأزهر على عدم تنقيتها، أو تجديدها, أو تجديد علم أصول الفقه.

 

سابعًا: تقديم فقه الرواية على فقه الآية

 

 

ومن مصائب الشرك أنهم يقدمون فقه الرواية على فقه الآية وفي ذلك إشراك برسول الله مع الله في الحكم، فما رأي شيوخ السلفية الذين يقدمون النقل على العقل، وعن خرفهم بحجية السنة بالنسبة للقرءان، فيما يلي:

  1. حيث قال السلف ومنهم الأوزاعي عن مكحول قال : القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن» .

  2. وبه قال عن الأوزاعي قال : «قال يحيى بن أبي كثير: السُنَّة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة».

  3. وقال الشوكاني بكتابه إرشاد الفحول بأن السنة النبوية توجب ما سكت القرءان عن إيجابه وتحرم ما سكت القرءان عن تحريمه. يعني يضيفون تحليلا وتحريما تحت ذمة قال فلان وحدثنا علان، فيحللون ويحرمون.

  4. أليست مسألة أن تنسخ السُنَّة القرءان من الأمور المقززة، وللأسف قال بها شيخ الأزهر السابق بجريدة الأهرام أيضا بالعدد الصادر يوم 22/1/2010 صفحة رقم 24 تحت عنوان هذا هو الإسلام، فهل هذا هو الإسلام؟

 

أليس هذا بإشراك لرسول الله مع الله في الحكم، فهل ينفع ما يقوله البعض ويتأولون به قول ربنا بالخطأ [ما ينطق عن الهوى] وتأويلهم لآية [من أطاع الرسول فقد أطاع الله] فتصوروا بأن طاعة الرسول في طاعتهم للبخاري ومسلم، فمن أي سلف هؤلاء، وتحت أي فهم أو فقه يتم تقديم السنة على القرءان، أيمحو الفرع الأصل، أتمحو السنة الظنية الثبوت القرءان القطعي الثبوت، هل لهؤلاء عقل يعي؟.

 

ثامنا: السنة النبوية ليست وحيا من السماء.

ومن مغالطاتهم التي أوردتهم في أودية التهلكة قولهم بأن السنة وحي، وهم ما قالوا ذلك إلا ليجعلوها مصدر من مصادر التشريع وأنا أراها كذلك، غير انهم يدمجون السنة العملية المتواترة التي لم يأتها الباطل بين يديها ولا خلفها، بالسنة القولية الظنية الثبوت ليحصلوا على خضوع الناس للسنة القولية.

  1. فكلنا يعلم اختلاف البخاري عن مسلم واختلافهما عن غيرهما من علماء الحديث، بل اختلاف الصحاح الواحد فتجد به الأمر ونقيضه.

  2. بينما يقول المولى عز وجل:{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82؛ فهذه الآية تعني بأن كل ما هو من عند الله لن تجد فيه اختلاف، فكيف يقولون بأن السنة وحي وبها كل هذا الاختلاف؟

 

تاسعًا: تعظيم الأشخاص وبخاصة القدماء

من بين ما ابتلينا به من فقه الإشراك آفة تعظيم الأشخاص وبالذات الأقدمين منهم، لذلك لا تكاد تسمع عن أحد يفكر موضوعيا فكلهم دربوا على أن يصدقوا أشخاصا بعينهم، وهذا أيضا من الإشراك، وسوف أسوق للقارئ بعضا من فقه أساطين الفقهاء الذين يشار إليهم بالبنان، بينما لهم أخطاء يندى عنها جبين العقلاء، وذلك فيما يلي:

  1. يؤسفني أن فئة السلفية تهتم جدا بفقه ابن تيمية، بل يعتبروا كتبه المرجع الأعظم لهم، وبهذه المناسبة أنقل لكم من كتاب مجموعة الفتاوى لابن تيمية باب الصلاة، فقد سُئل عن أقوام يؤخرون صلاة النهار إلى الليل لأشغال لهم من زرع ونحوه فأجاب بالآتي:

[من أخّرها لصناعة أو صيد أو خدمة استاذ أو غير ذلك حتى تغيب الشمس، وجبت عقوبته بل يجب قتله عند جمهور العلماء بعد أن يُستتاب فإن تاب والتزم أن يصلي في الوقت أُلزم ذلك، وإن قال لا أصلي إلا بعد غروب الشمس لاشتغاله بالصناعة أو الصيد أو غير ذلك فإنه يُقتل، ولقد استدل الإمام ابن تيمية بحديث (من فاتته صلاة العصر فقد حبط عمله)، وبالرغم أن الحديث الذي استدل به لا يشير من قريب أو بعيد لأية عقوبة، إلا ان الفظاظة والانحراف الفكري أعمل أثره.

 

وسُئل عن رجل جار للمسجد ولا يصلي بالمسجد ويتعلل بدكانه، فأفتى بقتله إن لم يكن يصلي ويؤمر بأدائها في جماعة بالمسجد، وأمر أيضا بقتل من قال بإتمام الصلاة في السفر بعد أن يستتاب، لأنه يجب أن يصليها قصرا، وهو صاحب بدعة طالما أصر على أمره فحكمه أن يُقتل. فهل تكون هذه هي الشريعة التي يريدون تطبيقها؟.

  1. وهل نعتمد قول السلف من الفقهاء ومن شُرّاح الحديث وجامعيه من الذين قالوا برضاع الكبير (البخاري ومسلم وغيرهما عن الصحابة عن رسول الله)، أو أن القرود مُكلّفَة وأنها ترجم القردة الزانية (البخاري باب القسامة في الجاهلية).

  2. أو أن بعض اليهود مُسخوا على هيئة فئران، وبالرغم من كونهم فئران ومرّ على مسخهم أجيال إلا انهم لا يزالون يطبقون الشريعة اليهودية في الامتناع عن شرب لبن الإبل، وشرب لبن الضأن (صحيح مسلم).

  3. أو أنه يمكن للجن أن يتناكح مع الإنسية ويولد لهما ولد (ابن تيمية في كتابه فقه المرأة الكتاب الثاني فصل مناكحة الجن ص18).

  4. أو نعتمد ما جاء به الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم عن حديث منسوب زورا لرسول الله من أنه قال نزل القرءان على سبعة أحرف فقام النووي بتفجير قنبلته النووية فقال [يعني أن فقهاء قالوا بإمكانية أن تضع غفور رحيم بدلا من سميع بصير وأن هذا فاسد لإجماع الفقهاء ] فذكر بأن علة الفساد هو إجماع الفقهاء وليس حفظ الله وتواتر القرءان، وأن حُكمُ ذلك عنده أنه يكون

  5. فاسدًا وليس حرامًا [صحيح مسلم بشرح النووي المجلد الثاني ص100].

 

وقال الشيخ محمد الغزالي عن هذا الأمر [ هذه حكاية في غاية الغثاثة وما كان يجوز أن تذكر أو تنقل لكذبها] فأين الصحاح من كتب الصحاح، وأين  الأزهر من تنقية هذا الغثاء المسمى بالتراث الذي يقدسه مشايخ الأزهر.

  1. وهل نعتمد تفسير الخازن الذي يقول بأن الله أخطأ في اللغة العربية في آية {لَّـكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَـئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}النساء162؛ فيرى بأنه كان من المتعين أن يذكر الله كلمة (والمقيمون) بدلا من (المقيمين).

  2. ويذكر كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الجزء الرابع في صفحة 71 عن فقه الشافعية [أما الزنا فلا يوجب حرمة المصاهرة على أي حال، لأنها نعمة من الله لا يصح زوالها بذلك الفعل المحرم].

  3. وقال أيضا الكتاب في ص73 عن فقه بعض المالكية[وتجوز المخلوقة من ماء زنى الأخ لأخيه، وإذا زنى بها وهي حامل فقيل لا تحرم، وقيل تحرم لأنه سقاها بمائه، ولكن المشهور انها لا تحرم]، فماذا يفعل هؤلاء بالفقه؟، أيمسكون العصا من المنتصف!.وطبعا غير هذه الثمانية أمثلة آلآف الأمثلة.

 

فعلى أي عاتق يقع تصويب ذلك الخرف في التفسير والفقه والحديث؟، إننا حين نتكلم عن أي تصويب يقولون بعدم تخصصنا، وعدم معرفتنا للغة العربية، وإنكارنا للسُنَّة، وكأننا نعادي الصواب، بينما هم فرسان الخطيئة، بل تراهم يتطاولون بالسباب ويتوعدونا بالويل والثبور وعظائم الأمور وسوء الخاتمة، وما أرى أولئك المدافعين عن تلك القمامات إلا في ضلال مبين، وما كل ذلك إلا ليبقى الكسول كسولا يلمع في بريقه القديم ولا حول ولا قوّة إلا بالله.

 

لقد أشرك المسلمون وتوقفت معارفهم عند حدود جهد غيرهم ممن ماتوا منذ أكثر من ألف سنة،  فنحن أمة من الكسالى الذي يعبدون ما ألفوا عليه آباءهم، وحقا قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ }يوسف106.

 

 

عاشرا: أما عن البسملة [بسم الله الرحمن الرحيم]

فبالتراث مشكلة كبيرة وصراعات يجب حسمها في جيلنا عن البسملة، وإلا حملنا ذنوب من نضلهم بغير علم.  وإليك ما ورد بكتب التراث عنها:

1ـ فتجد بكتاب قوانين الأحكام الشرعية ومسائل الفروع الفقهية على مذهب إمام المدينة:

الباب العاشر في القراءة وفيه ثلاثة فصول  ( الفصل الأول ) في أم القرآن وفيه ثلاث مسائل ( المسألة الأولى ) لكن يهمني ما قيل في البسملة:

ففي حكمها لأبي حنيفة [في البسملة سر على كل حال ولا بأس بالبسملة في التطوع عند الأربعة وليست البسملة آية من الفاتحة ولا من غيرها سوى النمل خلافا للشافعي] .

2ـ كتاب جامع الأمهات باب وللصلاة شروط وفرائض وسنن وفضائل فقال فيه:[ وليست البسملة منها فلا تجب].

3ـ كتاب الثمر الداني باب صفة العمل في الصلوات المفروضة وما يتصل بها، فذكر فيه:

 [ثم تقرأ فإن كنت في الصبح قرأت جهرا بأم القرآن لا تستفتح ببسم الله الرحمن الرحيم في أم القرآن ولا في السورة التي بعدها].

4ـ كتاب الكافي لابن عبد البر باب القراءة، حيث جاء فيه ما يلي:ـ

[لابد من قراءة فاتحة الكتاب للإمام والمنفرد في كل ركعة من الفريضة والنافلة لا يجزئ عنها غيرها ولا يقرأ فيها بسم الله الرحمن الرحيم لا سرا ولا جهرا وهو المشهور عن مالك وتحصيل مذهبه عند أصحابه وقد ذكر اسماعيل عن أبي ثابت عن ابن نافع عن مالك قال وإن جهر في الفريضة ببسم الله الرحمن الرحيم فلا حرج ومن أهل المدينة من يقول لا بد فيها من بسم الله الرحمن الرحيم منهم ابن عمر وابن شهاب ومن قرأ عند مالك وأصحابه بسم الله الرحمن الرحيم في النوافل وعرض القرآن فلا بأس]. أرأيت كيف يتم تحريف كتاب الله؟  فمن الذي يصنع البلبلة؟   نقدي للتراث أم التراث ذاته؟  من الذي يعمل على خروج الناس من الملة ويمنع غير المسلمين من الدخول فيها؟  أنا أم الفقهاء والتراث؟

 

 

أحمد عبده ماهر

تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.