نحن ننادي من مكان قريب

 

 

نحن ننادي من مكان قريب
مقال لفضيلة الشيخ أحمد المُهري, حفظه الله, أتمنى لو قرأه كل من آمن بالله.  يقول فضيلته:
تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

 

“أظن بأن سيادة الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور كمال شاهين قد وضح للأخ الفاضل سالوا ماكي ما به الكفاية حول رأي مركزنا العلمي في البخاري وزملائه المحدثين غفر لهم الله تعالى.
قريب.jpg
 وأنا أضيف ثلاث مسائل بسيطة فقط:
1.
قال تعالى في سورة الأعراف: المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ (3).  لقد حرم الله تعالى علينا بأمره المطاع ألا نتبع غير القرآن؛ والبخاري جاء بعد قرنين من وفاة رسول الله عليه السلام ليدعي بأنه يحدثنا عن رسول الله دون أي دليل.  جاء الرسول ومن قبله من الرسل عليهم جميعًا السلام بالبينات من الله تعالى، فاتبعهم كل أصحاب الضمائر النظيفة بلا استثناء من الذين حضروا رسالاتهم السماوية.  والبخاري وكل المحدثين لم يأتوا بأية بينة لنتبعهم, فنحن إما أن نتبع القرآن فنترك كل الكتب الدينية غير القرآن أو نتبع كتب الحديث ونترك القرآن.
إن غالبية أعضاء مركز تطوير الفقه الإسلامي وبكل جديّة فكروا وأخذوا قرارهم بالتمسك بالقرآن وترك غير القرآن لإخوانهم الذين لا يكتفون بالقرآن.  نحن نكتفي بالقرآن وقد قال ربنا في كتابنا المقدس الذي نفتخر بالانتماء إلى الذين تمسكوا به، في سورة الفرقان: 
*وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31)*.
كفى بربنا هاديًا ونصيرا.  نحن نعيش حياة الصحابة الذين آمنوا برسول الله ولم يكن بيدهم كتاب غير القرآن والتوراة كما قال الله تعالى في سورة القصص: 
*فَلَمَّا جَاءهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِن قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48) قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51).
وهكذا عاش التابعون رحمهم الله تعالى الذين عملوا بالقرآن ولم يروا كتب البخاري والكافي وغيرهما مما كتبه البشر.  نحن لدينا إله واحد هو الذي خلقنا وهو الذي خلق السماوات والأرض وهو الذي نطمع أن يغفر لنا خطايانا يوم الدين, والذين لا يكتفون بالله تعالى فليذهبوا وراء أصحاب الادعاءات غير المستدلة الذين نشروا القتل والدمار بين خلق الله تعالى سواء أيام بني أمية, وبني العباس, وبني عثمان, والفاطميين وغيره أو في يومنا هذا.  الله هو الذي يخلق, ويرزق, ويعلم عبيده, وهو الذي أعد لهم الأرض وما فيها ليتنعموا جميعا دون أن يستثني أحدا.  هو الله الذي خلق السماوات والأراضي والكواكب التي نراها بعيوننا أو بالآلات الحديثة فهي حقائق وليست كراتين وصور.
الله الرب الغفور الرحيم الذي يحبنا ويحب كل البشر ويتحسر على الذين كفروا فلا يمكنه أن يساعدهم لأنهم كفروا بالحقيقة وهو عادل كتب على نفسه الرحمة فلا يمكنه أن يسوي بين الكافرين الفاسقين والمؤمنين الطيبين.  قال تعالى في سورة يس: 
*يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون (30)*.  
ويقول سبحانه في سورة الزخرف: 
*وَلَوْلا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ (34) وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)*.  
هل ننتظر رحمة أكثر من هذا من سيد الكون المهيب وخالق السماوات العلا جل جلاله؟
لكن الذين تسمونهم الأئمة والمفتين وتعبدونهم وتخضعون لهم يفتون بالقتل, والتدمير, والفساد في الأرض, سواء منهم من سبق ومن لحق.  انظروا إلى فتاوى ابن تيمية وابن عبد الوهاب الذين أفتوا بقتل من خلقه الله تعالى بحجج شيطانية واهية.  فكروا فيما فعله خلفاء السوء من معاوية ومن بعده الذين قتلوا, ودمروا, وأفسدوا في الأرض, ولم ينجُ من سيوفهم الصحابة وأحفاد رسول الله.  يؤسفني أن أرى سلفي من المسلمين ومن كل المذاهب وضعوا أنفسهم موضع الله تعالى ليحاكموا الناس على عقائدهم, وينشروا الرعب والخوف في قلوب البشر, ويستعبدوا خلق الله تعالى, ويستبيحوا النساء, والأطفال.  أنا بدوري اعتذرت وأعتذر من الأسبان مما فعله المجرم طارق بن زياد والذين أرسلوه, الذين حكموا الأندلس من بني أمية.  كما أعتذر لكل الشعوب التي تعرضت للغزو من قبل أسلافي بمن فيهم الذين آمنوا فعلا وأسلموا.
لقد فعل ابن تيمية وابن عبد الوهاب ومن سار على دربهما الأفاعيل في المسلمين وهم يقرؤون قول الله تعالى في سورة النساء: 
*وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)*.  
لقد كان الصحابة مثلهم قبل أن يمن الله تعالى عليهم بالهدى. ولنا في سوابق الخليفة المؤمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خير شاهد على قول ربنا أعلاه.  إنه أراد أن يقتل رسول الله عليه السلام قبل أن يتشرف بالإسلام معتبرًا الرسول صابئيًا لا يستحق الحياة.  فالآيات الكريمة تدل دلالة واضحة بأن كل إنسان مؤمن بالقوة ولا يجوز قتله إطلاقا ومن يقتل مؤمنًا بالقوة أيضًا فجزاؤه جهنم خالدًا فيها.  ولذلك لم يسمح ربنا لرسوله بأن يمس أي شخص لم يقم بجريمة القتل أو يشعل الحروب بأذى.  وهذا ما فعله موسى بالسامري المجرم الذي فسد في قوم موسى ولكنه لم يمسهم بأذى بدني.  قال له موسى كما نقرأ في سورة طه: 
*قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)*.
عفى عن السامري وقال له اذهب يعني أطلق سراحه وانتهى. إنه عليه السلام علمه كقاض بأن يقول بأنه لم يمس أحدًا بأذى بدني في الحياة الدنيا، فأمره إلى الله تعالى الذي سيحكم عليه يوم القيامة. هذه هي سيرة الأنبياء الطيبين الذين يتبعون ربنا الرؤوف الرحيم عز اسمه.  وإذا كان مفسرونا جاهلين لا يعلمون معاني الكلمات والآيات القرآنية فما ذنبنا نحن الذين نتعمق في كتاب ربنا لنستخرج المعنى الصحيح ونتبعه ولا نتبع البشر الذين نقلوا لنا الخرافات والأساطير باسم الدين؟  نحن نتبع الله وهم يتبعون عدو الله وعدو خلق الله.  قال تعالى في سورة الزمر: 
*أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36)*
وحتى ينكشف الأمر بتفصيل أكبر فإني أنقل المجموعة الكريمة من الآيات التي سبقت ولحقت الآية الكريمة من سورة الزمر ليقرأها المؤمنون بالقرآن وحده في سياقها: 
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ (32) وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ (37).
وليعلم الذين يُطبِّلون للبخاري ولكتب الحديث الأخرى كلها بأنهم يجهلون حقائق التنزيل العظيم ويتبعون الظنون والظن ليس علمًا ولا يمثل الحقيقة.  الظن يتغير بتطور الزمان والمكان والعلم الحقيقي لا يتغير. علومنا نحن جميعًا ظنون بما فيها العلوم البشرية المعروفة في الأرض, والعلم الحق هو علم الله تعالى. وقد منَّ الله سبحانه على البشرية بالقرآن الحق المبين الواضح وكفى به هاديًا ونصيرا.  إلهنا وإله نوح, وإبراهيم, وموسى, وعيسى, ومحمًد واحد ولا نتبع آلهة أخرى.  إلهنا واحد ودينه واحد وقال لنبينا ما قاله للرسل من قبله.  قال تعالى في سورة فصلت: 
*مَا يُقَالُ لَكَ إِلاّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ (44)*.
نحن ننادى من مكان قريب.  نسمع نداء القرآن وآذاننا قد تعلمت على هذا الكتاب الحبيب الذي يمتعنا, ويهدينا, وينصرنا بأمر ربه.  لكن البخاري, والكافي, ومسلم, والاستبصار, وكل كتب السنة والشيعة وغيرهم من الأحزاب الإسلامية تزعجنا وتؤذينا فنحن مشمئزون من تلك الضلالات.  لنا ديننا القرآن, ولكم دينكم البخاري, ولن يجتمع القرآن مع البخاري.  قال تعالى في سورة النحل: 
*إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)*.  
والقرآن تبيان لكل شيء, ولا نحتاج إلى البخاري الذي فسر حسب زعمه عدة آيات من القرآن ثم ذهب وراء الأساطير والخزعبلات.   تفسيره يناسبه ولا يناسبنا.  قال تعالى قبل الآية الكريمة أعلاه في سورة الزمر: *وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89)*.
2.
وأما قول أخينا سالوا ماكي بأننا نتعلم الأحكام, والصلاة, والصيام, من كتب السنة التي نقلت لنا التفاصيل من رسول الله عليه السلام.  فأقول له لو أن الرسول أراد لنا أن نتعلم كيفية الصلاة والصلوات الأخرى بما فيها المستحبة كتابةً لأمر بأن تُكتب تعليماته، فلِمَ لم يأمر الرسول بكتابة كيفية العبادات؟  بل كما يقول المحدثون أنفسهم بأنه عليه السلام منع من كتابة الأحاديث.  ولنا فيما يُنقل عن أبي بكر رضي الله عنه بأنه أحرق ما دوَّنه لنفسه من أحاديث نبوية قبل وفاته، لنا في عمله خير دليل على أن كيفية الصلاة لم تصلنا عن طريق الأحاديث.
وأحب أن ألفت الانتباه إلى أن الصلاة لو كانت قد وصلتنا عن طريق الأحاديث لرأينا اليوم الكثير من الفروق بين صلوات مختلف المذاهب الإسلامية ولعلنا كنا نرى فروقا حتى في عدد ركعات الصلاة. لكن الواقع هو أن الرسول كان أميًا فكان ينقل القرآن للناس ليكتبوه ولكنه لم يكن ليتحدث معهم أحاديث يريد منهم أن يكتبوها.  إنه أراد أن يتعلموا منه العبادات الصحيحة مشاهدة فيتبعوه مباشرة وليس عن طريق الكتب والأحاديث. ثم إن الله تعالى لم يضمن أبدًا أن يحافظ على أحاديث نبينا أو أي نبي آخر من أنبيائه المكرمين عليهم جميعا سلام ربهم.
 فنحن تعلمنا الصلاة والصيام من آبائنا وجدودنا المسلمين الذين صلوا وصاموا وحجوا من أيام الرسول الأمين عليه السلام حتى يومنا هذا ولا نحتاج إلى تعليمات كتب الضلال البشرية.  كل الكتب التي كتبها البشر صادرة من الذين يخطؤون ويصيبون فأنى لهم أن يفهموا القرآن الكريم بما يتناسب مع شأننا نحن الذين جئنا بعدهم وتطورنا أكثر منهم؟  ألا يعلم الأخ الكريم بأن علوم البشر كلها ودون أي استثناء علوم ظنية وليست علوما حقيقية.  فالحقيقة عند الله تعالى وحده. قد تكون مشاهداتنا العينية والسمعية مشاهدات حقيقية من حيث الرؤية والسمع وليست من حيث الصحة والسقم إضافة إلى العمليات الحسابية البسيطة مثل الجمع والطرح والضرب والتقسيم فهي صحيحة وحقيقة.  وما عدا ذلك فكل علومنا بلا أي استثناء تمثل مجموعة ظنون لا أكثر.
أنا شخصيا أكره الظالمين كرها شديدًا كائنا من كانوا, وأكره الذين أفتوا بالقتل سواء كانوا حكامًا أو وعاظ سلاطين, ولا أستثني أحدا, لكنني لا أكره البخاري صاحب الصحاح, ولا أكره الكليني مؤلف الكافي, ولا غيرهم من الذين لم يشهد التاريخ بأنهم مارسوا القتل فعلا.  إلا أنني لا أتبعهم لأنهم جاهلون.  فليس من حقهم ولا من حق غيرهم أن يعينوا حدود الإسلام, أو يقولوا بأن الإسلام يعني اتباع هذا وذاك.  هذا من حق الله تعالى وحده, وهو لم يترك البشر هملا في غياب النبوة.  لقد أكرمنا بكتاب ونعم الكتاب.  إنه يمثل الحقيقة, وكل ما فيه صحيح, وكل ما في كتب الحديث مشكوك فيه.  فهل يجوز لنا أن نسوي بين الصحيح والمشكوك فيه؟  وهل يجوز لنا القول بأن من لم يتبع البخاري فهو كافر إلا إذا كنا كفارًا أو حمقاء؟
3.
وأخيرًا قول أخينا سالوا ماكي بأن الأمة أو العلماء اتفقوا على أمر أو قوله بأن نترك القول لأهله وهم العلماء حسب تعبيره.  أقول لسيادته بأن الأمة والعلماء لا يمكن أن يجتمعوا على أمر ولم يجتمعوا أبدًا ولن يجتمعوا لأنهم ليسوا في زمانٍ واحدٍ ولا مكانٍ واحدٍ ولم يكن في حوزتهم إمكانات التواصل مثل اليوم كما ليس بيد المسلمين أية قائمة بأسماء العلماء.  هذا كلام سخيف تفوه به الجاهلون قليلو العلم فعيب على شخص يعيش في هذا القرن العلمي المستنير أن يخاطبنا خطاب الجاهلين.  ناهيك عن أن هناك الكثير من المسائل التي اتفق عليها الكثير من علماء الأزمنة والأمكنة كما سمعنا عنهم أو قرأنا في كتبهم وهي كلها خاطئة. وأعطيك بعض الأمثلة البسيطة:
1. شق القمر وانقسامه نصفين واستقرار النصفين على جبلين في مكة.
2. العناصر الأربعة السخيفة.
3. تحدث الحجارة والصخور والمياه وغيرها من الجمادات، وتجاوبها مع البشر عن علم ودراية.
4. حوض الكوثر المزعوم يوم القيامة ووجود أكواب حوله بعدد نجوم السماء.  يعني أكثر من 200 ألف مليون مليون مليون كوب. وحتى يعرف الأخ الكريم فإن المساحة التي تستغلها هذه الأكواب أكبر بكثير من مساحة كل الكرة الأرضية التي نعيش عليها لو فرضنا بأن كل كوب يستغل فقط 30 سنتيمتر مربع. إنها تحتاج إلى ما يقرب من ضعف مساحة سطح الأرض من يابسة وبحار مجتمعة.
5. غزوات الرسول والغزو حركة همجية فاسدة تناسب التتر والطواغيت ولا تناسب رسل الله تعالى الكرام الذين هم عناوين الأخلاق الفاضلة والحب العميق للإنسان والإخلاص والتفاني في تقديم النصح والموعظة لخلق الله تعالى. إن رسولنا كان يتألم من عدم تجاوب الناس معه لأنه يعلم بأنهم سيدخلون جهنم داخرين. قال تعالى في سورة الكهف: 
*فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا* 6
والضمير في آثارهم يعود إلى النصارى. وقال تعالى في سورة الشعراء مخاطبا رسولنا الأمين أيضا: 
*لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ* 3
والضمير المستتر في يكونوا يعود احتمالاً إلى كل أهل الكتاب من يهود ونصارى، وقد يعود إلى كل الذين رفضوا دعوة رسول الله. وباخع تقال للذي يقتل نفسه غما كما يخبرنا أرباب اللغة.  فالرسول يتحسر على من لم يؤمن به والله تعالى أيضا يقول يا حسرة على العباد ولكن الذين يدعون العلم يقتلون خلق الله تعالى. فويل لهم وويل لمن يتبعهم.
6. إشهار فتاوى البشر.  والبشر بمن فيهم الأنبياء غير مخولين بالتشريع في الدين إطلاقا.  التشريع حق خاص لله تعالى وهو سبحانه يأمر رسوله بألا يفتي حتى لو طلبوا منه بل ينتظر تشريع ربه. قال تعالى في آخر سورة النساء: *يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ*  وقال سبحانه مثلها في الآية 127.
7. إظهار الدين الإسلامي بأنه دين متخلف يفرض على الناس الدين وكل من لا يرضخ للدعوة يفقد رأسه.  لا يوجد في القرآن أي إذن لأي شخص بأن يقتل غير القاتل الذي قتل إنسانا بغض النظر عن دينه ومعتقداته.  والقرآن ينادي بأن لا إكراه في الدين فالمحدثون كذبوا وشوهوا سمعة رسول الله عليه السلام.
8. يثبت المحدثون الشفاعة للرسول يوم القيامة وهو عمل يخالف النصوص القرآنية التي تؤكد عدم وجود شفاعة إطلاقا في محكمة العدل الإلهية يوم الحساب العظيم.  فالمحدثون يكذبون دون تورع.
9. الله تعالى يخلق ويكثر البشر ويرزق الناس عامة ويزرع النبات ويكثر الأنعام ليستمتع عبيده بغض النظر عن الدين والجنس والقومية. والمحدثون يأمرون بالقتل, والتدمير, والفساد في الأرض في رواياتهم غير الصحيحة المفتراة على رسول الله عليه السلام. كما أنه تعالى يأمر بمساعدة الفقراء من البشر والمحدثون يحددون تقديم المساعدات لفقراء المسلمين وبعض المذاهب يحددها لفقراء مذهبه.
10. يفضل المحدثون العرب على غيرهم, وقريش على الغير, وبني هاشم على غير بني هاشم, والقرآن يرفض ذلك.  إن الله تعالى جعل الناس شعوبًا وقبائل ليتعارفوا فقط ولم يسمح بأن نرفع أمة على أمة بنص القرآن.  قال تعالى في سورة النحل: 
*وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ* 92
الأيمان تعني الأحلاف المعهودة بين القبائل والشعوب.
بالنسبة لي فإني خلال السنوات الستة عشر الماضية قمت بتفسير ثلاثة أرباع القرآن الكريم في 1006 محاضرات والحمد لله تعالى. ومن الغريب أنني ما وجدت قصة واحدة من قصص المفسرين تنطبق بالكامل مع الحكاية القرآنية لدى المحدثين والمفسرين الذين نقلوا عن الرواة، مع الأسف.
وأخيرًا, لكم دينكم ولنا ديننا.  والسلام على من اتبع الهدى.
خالص الشكر, والتقدير, والإعزاز لفضيلة الشيخ أحمد المُهري على مقال يمور بحب الله, وكتاب الله, وخلق الله.  أدعو الله أن يفيض على فضيلته بالصحة والعافية, وأن يطيل في عمره, ويسعدنا بعلمه.
 
#تطوير_الفقه_الاسلامي
اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.