هل الرسول من اهل الجنة ؟

PROPHET.jpg

 

هل الرسول عليه  السلام كان على يقين بأنه من أهل الجنة أم أنه عاش ومات آملا وراجيا من ربه المغفرة وقبول عمله وإدخاله الجنة؟ قال تعالى في سورة الأحقاف: قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (9). مشكلتنا أن المفترين على الله ورسوله اختلقوا لنا المبشرين بالجنة إرضاء لملوكهم وظننا بأنها حقيقة. ليس هناك أحد بالاسم مبشر بالجنة من الذين كانوا أحياء حين نزول الوحي. وأمر الله تعالى نبينا بأن يطلب المغفرة من ربه في سورة المؤمنون: وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (118).

دعا نوح عليه السلام ربه العزيز الحكيم أن يغفر له كما في سورة نوح: وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاّ فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاّ تَبَارًا (28).

وقال إبراهيم شيخ من جاء بعده من الأنبياء وأبوهم الأكبر كما في سورة الشعراء مبينا دعاءه عليه السلام في حياته واستغفاره وتمنيه أن يدخله الله الجنة: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ (69) إِذْ قَالَ ِلأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلاّ رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82).

وقال سبحانه مخاطبا المسيح عليه السلام يوم وفاته كما في سورة آل عمران: إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (56) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57). لم يقل له ربه تعالى: تفضل ادخل الجنة بل قال سبحانه بأنه سيحكم بينهم يوم القيامة.

ودعا موسى عليه السلام أن يغفر ربه له ولأخيه كما في سورة الأعراف: وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيَ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151).

وطلب سليمان عليه السلام المغفرة من ربه كما في سورة الصافات: وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ (35).

هؤلاء أنبياء لا يمزحون مع الله تعالى فليس هناك إلا الجد مع القدوس العظيم عز اسمه. إنهم كانوا يخافون النار فعلا ولم يمت أي منهم مطمئنا بأنه من أهل الجنة. لكن المعممين اليوم أو كثير منهم يُدخلون الناس الجنة أو النار حسب المزاج. أرجو أن لا تضيقوا صدرا من صراحتي. إن كل من تحدث عما بعد الموت أو عن المغفرة والجنة والنار بغير ما في كتاب الله تعالى فهو كذاب وأفاك وهو بنفسه يستحق أشد العذاب. الحكم يوم القيامة لله تعالى وحده وليس لأي من عبيده أي تدخل في حكم الله وهو علام الغيوب ولا يحتاج إلى من يعينه كما أنه هو مالك الخلق وهو يحبهم فلا داعي للشفاعات التي اخترعوها لأنبياء الله تعالى أو لأي شخص من عبيده. كلها كذب وقد قال سبحانه في سورة البقرة:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255). لا توجد شفاعة إطلاقا يوم القيامة إلا شفاعة الملائكة الذين يتوسطون بين الله تعالى وبين خلقه لتنفيذ أوامره وليس للوساطة التقليدية التي يتحدثون عنها. فالله واع وقيوم ولا تأخذه سنة ولا نوم ولا يحتاج إلى من يشهد له بالإيمان أو الكفر لأي من عبيده. وقال تعالى في سورة الانفطار مخاطبا نبينا الأمين: وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19). لا يعرف النبي شيئا عن يوم الدين ثم لا يعرف النبي شيئا عن يوم الدين فكيف بنا نحن؟

وأخيرا لا نتدخل في شؤون الله تعالى فيمسنا العذاب.

أحمد المُهري

#تطويرالفقهالاسلامي

4/9/2016

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.