التاجر و جنون الناس ! #اعادة_نظر

MAD.jpg

 

أعضاء مركزنا يعيشون أعلى المراحل الحضارية

مما لا ريب فيه أن أخينا الطبيب محمد سلامه كاتب ألمعي ومفكر رائع وقد قسم الناس إلى ثلاث مستويات حضارية وهو في المستوى الأعلى ولكنني أنا والدكتور كمال شاهين لا زلنا في المستوى الحضاري الثاني. وأنا أحببت أن أذكر الحكاية التالية المكتوبة في عدة كتب عربية قديمة بتعابير متباينة ولكنها جميعا تتحدث عن تاجر دخل حمص ورأى فيها الغرائب. أكتبها ليضحك أخي الدكتور كمال شاهين ويعرف بأن النظرات مختلفة وهي تابعة للحضارة التي يعيشها الفرد نفسه. فقد يكون الطبيب مخطئا وهو في المستوى الثاني وليس الدكتور كمال. ثم إنه على الأقل سيضحك وسيضحك معه بقية أعضاء المركز كما أحتمل.

أكتب الحكاية من الذاكرة وأترك منها بعض المقاطع التي لا تناسب آداب وحرمة المركز العلمي الذي يبحث عن فقه المسلمين. وقبل ذلك أعترف بأن أهل حمص ليسوا كذلك بل هم أناس مثقفون حضاريون ولي أصدقاء من بينهم وهم أهل علم وثقافة ولكن هكذا روى الرواة. وتجدون مقاطع من هذه الحكاية في كتاب المستطرف في كل شيء مستظرف.

يقال بأن تاجرا دخل حمص وكان من عادة المسافرين أن يدخلوا المسجد بداية فوجد على باب المسجد قناني خمر وقرآنا وبائعا يحلف لزبائنه بالقرآن بأن الخمرة مصنوعة من عنب المسجد فتألم وصبر حتى يحل وقت الصلاة فسمع المؤذن يقول عند الشهادة بالرسالة: أهل حمص يشهدون بأن محمدا رسول الله. فتحير في أمر القوم وقال في نفسه سأكلم إمام المسجد الذي تأخر والمأمومون بانتظاره فجاء مستعجلا وقد رفع رجله إلى أعلى وكبر للصلاة ليصلي برجل واحدة. ازدادت حيرته فقال لا فائدة في الإمام فلأذهب إلى قاضي المدينة وفي الطريق رأى جنازة محمولة على الأكتاف وهم يقولون لا إله إلا الله ولكن الميت يصيح من داخل التابوت: أنا حي، حرام عليكم، لا تدفنوني فأنا لست بميت. هرع إلى بيت القاضي فرآه في حالة يقبح ذكره فسأل عن بيت قاضي القضاة ليسعى إلى أن ينجي الحي المحمول على التابوت. رأى هناك أيضا ما يقبح ذكره ولكن لم يبق لديه مرجع يعود إليه إلا حضرة قاضي القضاة. فخاطب أو خطب في الحاضرين:

ما هذه المدينة ولكنني سأبدأ بهذا الحي الذي يريدون أن يدفنوه حيا. فقال قاضي القضاة: مهلا يا أخ فإن لكل ما شاهدت تفاسير ولا تستعجل قص علي قصتك بالكامل وسأخبرك بالتفاصيل. فاضطر ليقص عليه القصة بالكامل وهو مضطرب يريد أن ينجي الحي الميت. فتكلم قاضي القضاة لينبئاه بتأويل ما لم يستطع عليه صبرا، فقال:

أما الخمر والحلف بالقرآن فإن ذلك المسجد محروم من أي أوقاف تغطي مصاريفه عدا عنب طيب فاضطررنا أن نحول العنب خمرا ونبيعه على شاربي الخمر ونحلف لهم بأنه من عنب المسجد لنشجعهم على الشراء وبذلك يتم تحويل عنب المسجد إلى مال وفير يكفي للمصاريف. وأما المؤذن فإن مؤذن المسجد مريض وليس من بين المصلين من يملك صوتا جهوريا ولذلك اكترينا يهوديا ليؤذن وهو يهودي لا يؤمن برسولنا ولذلك ينسب الشهادة بالرسالة المحمدية إلى أهل مصر وإلا سيكون كاذبا وسيكون أذانه باطلا. وأما الإمام فإنه اضطر لأن يتأخر عن الجماعة وقبل الوصول إلى المسجد تنجست رجله اليسرى ففضل أن يصلي برجل طاهرة واحدة على أن يؤخر الجماعة. وأما الميت فإنه قد غاب عن حمص عدة سنوات ثم جاء أربع شهود شهدوا بوفاته فزوجنا زوجته ثم جاء يدعي بأنه حي لم يمت. فلا يجوز بأن نرد شهادة أربع شهود عدول مقابل شخص واحد يدعي بأنه حي ولكن الشهود لم يشهدوا دفنه ولذلك وجب دفنه باعتباره ميتا بشهادة عدول المؤمنين.

هذه الحكاية تعرفنا على اختلاف النظرات للقضايا فالقضية واحدة والحكم مختلف بين التاجر وقاضي القضاة ونحن في مركز تطوير الفقه الإسلامي مع التاجر ولكن داعش ومن يساعده فهم جميعا مع قاضي القضاة. وهذه هي مشكلة الدكتور كمال مع الطبيب سلامه مع فارق طبعا. أنا شخصيا أظن بأن كل من يأتي إلى مركز التطوير فهو في أعلى مراحل التحضر ولذلك فإنني أرفض رأي سيادة الطبيب بأننا نعيش مرحلة حضارية غير متطورة. وأنتم جميعا تدركون معنى الحضارة ولا تحتاجون إلى بيان مني. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته من أخيكم

أحمد المُهري

#تطويرالفقهالاسلامي

25/8/2016

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.