أفكار يلزم التخلص منها!!

أفكار يلزم التخلص منها
SOUL1.jpg
نحن لم ننف الإدراك القلبي بل نقول بأن القلب النفسي هو وحده وسيلة الإدراك لدى الإنسان. لقد خلق الله تعالى النفس من روحه ويعني الطاقة المباشرة منه سبحانه التي تمد الحياة الإنسانية وتجعل المرء قادرا على الإدراك.  ولعل سيادة الطبيب لاحظ بأن الله تعالى يتحدث عن القلب والفؤاد والصدر وكلها أعضاء طاقوية غير مادية. ولقد شرحت الموضوع سابقا في المودة وخلاصة بحثي القديم هو أن النفس هي التي تبقى بعد موت البدن فلو كانت المعلومات مخزونة في خلايا المخ فإن تلك الخلايا ستموت وتندثر في الأرض إن لم تتحول إلى رماد كما نرى في بعض الميتات.   فكيف يحاسبنا الله تعالى يوم القيامة؟  سوف لن نتذكر ما فعلناه هناك لأنها كانت في مخنا المندثر الفاني. ولذلك فلكل عضو طاقوي من أعضاء النفس الثلاثة وظيفة خاصة بها. الصدر هو الكرة المحيطة وهو أكبر عضو في التجمع النفسي فهو خزانة المعلومات التي تبقى معنا حينما نموت ولن  تزول ولن تندثر إلا إذا شاء الله تعالى.  والفؤاد هو عامل الارتباط بين القلب والصدر وبين القلب والعالم الخارجي. أما القلب وهو معلوم من اسمه أنه أصغر كرة في وسط التجمع النفسي فهو مكان معالجة المعلومات وليس مكانا للتخزين.  القلب مثل مركز المعالجات في الكمبيوتر والذي لا ينطوي على معلومات ولكننا نضع المعلومات في القرص الصلب ونضع الكثير من المعلومات المؤقتة في الذاكرة وهو مثل القرص الصلب ولكنه سريع التأثر.  فالمركز قادر على المعالجات ولكن ليس به معلومات.  إنه يأخذ المعلومات من الذاكرة السريعة ثم يتعرف على طريقة المعالجة.  إن وظيفته محصورة في فتح وإغلاق المفاتيح الكثيرة فحين الفتح ينشط وحين الإغلاق يسكت.  تمامًا مثل آلة الإرسال التلفزيوني التي تبعث بالنقط واللاقطة تصبغ النقط بالأسود أو بالألوان التي تأتي معها فتتكون الصورة على صفحة غير منقطة.  هكذا يجمع ويطرح الكمبيوتر وبالجمع والطرح تنفتح مفاتيح على الشاشة ويبقى البعض مغلقا ومركز المعالجات يقوم بكل الجمع والطرح المكرر ليصل إلى نتيجة يفسرها برنامج الشاشة.  هذا المركز لا ينطوي على معلومات ولكننا نحن ندخل فيه البرامج والمعلومات ليعالجها بالطريقة التي نرسمها له.  كل ما في القلب من معلومات هو مماثل لما يُقال له لغة الكمبيوتر (Machine Language) وبالنسبة لنا فهو فطرة القلب.  هو الالتزام أو الدين بدون قيد لا شيء غيره.  وحينما نقول بدون قيد فنقصد كل طبقات المجتمع حتى الملحدين الذين اتخذوا الإلحاد دينا لهم. وهكذا قلبنا النفسي فهو لا ينطوي على معلومات إلا أنه قادر على المعالجة فقط. المعالجة ليست مثلا علا وليست خيرًا ولا شرا.  والقلب النفسي يقوم بعمله خير قيام ثم يبلغك بأنه رأى بأن عملية الاغتصاب التي تنويها مخالفة لأمر الله تعالى وظلم اجتماعي وظلم فردي فعليك اجتنابه.   يقول ذلك باعتبار وجود الملائكة التي توحي بالخير. هناك الشياطين موجودون أيضا فيقولون لك بأنك تظلم قليلا وتستمتع كثيرا وفي النهاية قد ترضى المغتصبة لأنها سوف تستمتع وإلا تتوب وتدفع لها ما يرضيها وتنتهي المشكلة فلماذا تحرم نفسك من المتعة التي تريحك من عذاب الشهوة. لقد أتيت لك بكل ذلك من القرآن وليس من عندي والآن أتيت لك بمثال مادي من واقع الحياة العصرية التي نعيشها وأظن بأنك كالعادة سترفض وتأتي بآية تفهم منها قليلا لتثبت ما أثبته في قلبك بالخطأ مع الأسف. والآن لنحلل موضوع يفقهون بها في الآية الكريمة.فقه الشيء يعني علم الشيء وقد حدد الراغب تعريفا أدق فقال: الفقه هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم.  ولنعم ما قال الراغب رحمه الله تعالى. فقوله تعالى: لهم قلوب لا يفقهون بها؛ يعني بأنهم يملكون آلة العلم أو كمبيوتر التفقه ولكنهم لا يستعملون حاسوبهم الطبيعي ليحللوا المسائل ويصلوا إلى الحلول الممكنة لهم.  وبتعبير آخر لا يستعملون قلوبهم المدركة. هذا لا يعني بأن هناك في القلب النفسي معلومات مساعدة بل يعني بأن القلب النفسي آلة تحلل المسائل ويمكنها أن تدرك عمق المسألة من واقع ما يودع بداخلها.  ولذلك قال تعالى لنبيه في سورة طه: وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114).  لم يقل سبحانه بأنه أودع في قلب الرسول ما يعلمه بل قال بان القرآن يعلمه من خارج القلب والله تعالى يساعده لو دعا ربه. وقال تعالى في سورة البقرة: كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ (152). الرسول يتلو على الناس آيات ربهم ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون. فليس هناك شيء في قلوبهم يزيدهم علما ولكن قلوبهم حاسوبات آلية دقيقة باختيارهم ويمكنهم أن يودعوا فيها القرآن فيعلمهم الحقائق كما يمكنهم أن يشكروا ربهم ليذكرهم ربهم فيزيدهم علما. لا مثل علا في القلب ولا هم يحزنون. إنه مجرد وعاء آلي دقيق قادر على المحاسبة حسب تعبيرنا العصري. فالفقه لا يعني تبين الصواب من الخطأ ولا الحق من الباطل ولا الاستقامة من الانحراف ولا الخير من الشر كما تفضلتم بلا دليل من القرآن أو من اللغة العربية على الأقل. بل الفقه يعني الإدراك وليس التمييز. التمييز يتم بواسطة إدراك القرآن والانتباه إلى وحي الملائكة وإلى المعلومات التي جمعتها النفس في حياتها وتطبيق المستجدات عليها مستعينا بآلة الإدراك. وكلما كانت الآلة دقيقة كلما كانت إمكانات التعمق في الموضوع كبيرة. ولو كان هناك علم موضوع في النفس من قبل بالفطرة للتمييز لما اختلفت نسب الإدراك لدى الناس. ولننظر إلى بعض الآيات الكريمة الأخرى لنرى استعمال القرآن لجذر الفقه. قال تعالى في سورة المنافقون: هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7). المنافقون يشعرون بقدرة الله تعالى ويؤمنون به ولكنهم لا يفقهون بأن كل خزائن السماوات والأرض مملوكة له جل جلاله. فكما قال الراغب يشهدون شيئا وعليهم أن يفكروا ليصل من هذا المشهود الحاضر إلى ذلك العلم الغائب وهو ملكية الله تعالى لكل الخزائن. ولذلك لا يسعون لإرضاء الله ورسوله بل يعتمدون على أموالهم التي بأيديهم. فالفقه هنا هو استعمال القوة المدركة للتفكر فيما يشاهدونه حولهم ليصلوا إلى حقيقة غائبة عن الأعين. ليست هناك معلومات نفسية يطبقون المسائل عليها كما تفضل سيادة الأخ الطبيب أعزه الله تعالى. وقال سبحانه في سورة طه على لسان موسى: قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28).  يشرح الله تعالى صدر موسى الخازن للمعلومات ليستفيد منها بسرعة عند الضرورة بمعنى ألا يجعل صدره ضيقا يصعب عليه الوصول إلى ما به.  وييسر له أمره بأن يجعل الدعوة التي ينوي عرضها عليهم غير صعبة بل سهلة الفهم ثم يفك لسانه حتى ينطلق بسرعة ليرد عليهم بعد أن يكون الصدر مفتوحا أمامه. هكذا فلعلهم بتلك الأسباب الخارجة عن نفوسهم يفقهوا قول موسى.  نلاحظ بأن كل أسباب التفقه لفرعون وملئه كان خارجا عن نفوسهم المطلوبة منها أن تفقه. وقال تعالى في سورة الإسراء: تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44). تسبيح السماوات والأرض خارج منظومة النفوس البشرية طبعا ولكننا لا نفقه هذا التسبيح باعتبار أن تسبيح السماوات ليس تسبيحا قوليا نسمعه.  لكننا نفقه تسبيح زيد وعبيد لأنهما يسبحان باللغة العربية المفهومة لنا.  فقلوبنا تفقه ما يمكن لها أن تفقهه مما هو خارج عنها ولا تفقه ما لا يمكن أن تفقهه. ثم يكمل الله تعالى الحديث هكذا ليعطينا مثلا لأسباب التفقه فيقول سبحانه:وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا (45) وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (46) نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَى إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا (47) انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً (48). القرآن هدى من خارج النفس ولكن الله تعالى يحجب القوة المدركة في النفس حتى لا يفقهوا القرآن الذي يتلوه الرسول. ولم يكتف بذلك بل جعل في آذانهم وقرا حتى لا يميزوا جمل القرآن العربية بأدوات السمع العادية لديهم.  ومعنى ذلك بأنهم حينما يتحدث الرسول فهم أيضا يناجون أنفسهم ضد الرسول ولذلك لا يمكن لهم أن يسمعوا ولا يمكن للقلب أن يتفقه الحديث الذي يلقيه رسول الله من خارج نفوسهم.  إنهم غير مؤمنين فلم يساعدهم ربهم ليسكتوا ويفتحوا أسماعهم وقلوبهم لذكر الله تعالى. إنهم لا يستحقون ذلك. اترك استنتاجاتك العلمية غير الصحيحة أخي العزيز وهات آية واحدة تتحدث عن وجود المثل العلا في النفس حتى يكون كلامك مقبولا لدى المؤمنين بالقرآن.  وأما الذين لا يؤمنون بالقرآن فإنك لن تصل إلى قلوبهم إلا بالخداع وأنت لست من أهل الخداع والحمد لله.   وتقبل تحيات أخيك.
أحمد المهري
#تطوير_الفقه_الاسلامي
11/8/2016 
اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.