الحوار دولة يريد وأريد

بسم الله الرحمن الرحيم

مضت جلسات الحوار الشامل الأولى .. وتقسمت الفرق .. والناس مازالت في حيص بيص ، في تساؤلات عن أمل لهذا الوطن …
من قائل سنفصل !
من قائل اليمن تقسم إلى دويلات
من قائل لا أمل في أي شيء
من قائل الحرب قادمة
من ………..!!
ومتى ظللت في وسط هذا المحيط تصاب بتخمة في المعدة ، وارتفاع في الضغط ، وهبوط في السكري ، وسيغشى عليك من الهم والألم …
الله يستر ..!!
أخرج من هذا المحيط وانظر ف الأفق القادم ، هل هناك أمل ؟
جاءت أحداث الحادي عشر من فبراير 2011 وما بعدها لتلقي على الجميع هماً مؤججاً .. وآهات مستمرة .. وأزمات ليس لها منتهى …فهل هذا يستحق العناء ؟
نعم يستحق!
إن مفهوم الدولة في اليمن عموماً لم يستقر في اطاره العام إلا في أجزاء بسيطة منه وليس بالمفهوم الكلي ، حتى جاءت أحداث سبتمبر 1962 واكتوبر 1963 وما تبعها في اطار ماهي الدولة اليمنية ؟
وظلت الصرعات تبرز في الشمال قبل الجنوب في وضع اطار الدولة ومؤسساتها ، وما حدث أن الدولة اختزلت في العام 1978 م في الشمال في مقر رئاسة الجمهورية لتتحول الدولة العتية إلى مشيخة كبرى لإدارة مشايخ اليمن ، وفي الجنوب وسبحان الله وفي عام واحد صارت الدولة مختزلة في الحزب الاشتراكي اليمني ومسئوليه ونخبته .
صحيح أن الاطار الحزبي نظم المؤسسات في نظام شديد قائم على رؤية الحزب وما خلفه الاستعمار من جهة وما حصل عليه من مفهوم الدولة في اطار ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي ، فهو أكثر تنظيماً و علاقاته أكثر وضوحاً وسمي في اطارها العام ديمقراطية الحكم الاشتراكي.
وفي الشمال كان اطار الدولة غير واضح وكأن العلاقات هي علاقات مشايخ ونفوذ واستحواذ ، ورغم الخلفية التي أراد بها المثقفون في الشمال وضعها على طاولة الرئاسة وبرزت كمفاهيم كلية لكنها لم تطبق .. وهذا ساعد على استمرار نمو علاقات المصالح والحفاظ على الوضع والاستفادة منه باسم الديمقراطية ، ونمى الفساد من أجل المصالح الشخصية الآنية.
وكلا الأطراف لم يركز أن الدولة تتآكل وتنهار رويداً رويداً ……
جاءت الفرصة الجديد لبناء الدولة .. في العام 1990 كانت الوحدة ، كحدث فريد من نوعه لم يسبقه تاريخياً أي حدث مثيل في وحدة اندماجية سريعة ، وفي مرحلة انتقالية لا يمكن وصفها إلا بالرسالة العاجلة جداً جداً ….. وكان أسس بناء الدولة في هذا اطار يتضح بصورة كبيرة …
وفجأة وبعد الاستفتاء على الدستور الجديد والذي بموجبه وحسب اتفاقية الوحدة يلغي آثار ما سبق نهائياً وبذا وبناء عليه يعتبر الحزب الاشتراكي اليمني و حزب المؤتمر الشعبي شركاء الأمس في صناعة الوحدة ، أحزبا يمنية لها تواجد على الساحة تتنافس في الحصول على السلطة ، بمعنى لم يعد هناك شركاء حكم بل متنافسين على الحكم … هنا تنبه الحزب الاشتراكي أنه خرج من لعبة الشراكة وصار عليه المنافسة للحصول على قبول عام في أي انتخابات ، هنا لم يعد هناك حاجة للجلوس والتفاهم والتقاسم … وعلم أنه بناء على وضع الدولة والتعداد السكاني ، وقبول الحزب على الأرض معدومة ، هنا فهم أنه لم يعد مدرجاً ضمن الشركاء بل ضمن الأحزاب التي برزت في الساحة وبشكل مذهل خلال أعوام ، وعلى رأس القائمة التجمع اليمني للإصلاح ..مفاجأة …!!
هنا بدأت (الخناقة بين الشركاء )
خدعنا … ضحكتم علينا .. ياعيباه !!!
يعوا والفعلة اين عقولكم … ظنيناكم وحوش .. صرتم بخ !!!
وفي تلك المرحلة التي غاب عنها كلياً تأسيس مؤسسات الدولة التركيز على نظام الدولة ، جلس الشركاء كغرماء
ومن لأ وأيوه !! إلى قح بم !! في صيف 1994 م
وهي حرب أهلية .. ولا يمكن أن تسمى غير ذلك … حرب شارك فيها من الجنوب ضعف من في الشمال ضد الحزب الاشتراكي اليمني … ليخرج الحزب بقوته مهزوماً ….
وجاءت الفرصة الثالثة لبناء الدولة الحديثة … ما بعد حرب 1994 م
والعجيب أن الفرصة كانت أقوى لذلك الأمر …للأسف .. حدث ما كان معتاداً أن يفعله حكام العاصمة (مشيخة الدولة )
– الاستحواذ والاستيلاء والتقاسم والتفاهم … لم يكن جديداً هذا .. مورس في تهامة ومورس في صنعاء ومورس في صعدة ومورس في تعز … مورس في كل أرجاء الدولة .. (متعودة دايماً !!)
المشكلة أن أبناء المحافظات الجنوبية لم يعتادوا هذا ولم يألفوه ولم يصدقوا أن دولة تصنع هذا… دولة تسرق نفسها لحساب أفراد في الدولة !!! فالاستحواذ والانتهاك كان لأراضي الدولة وممتلكاتها لصالح أفراد بعينهم وليس لصالح الدولة وشعبها .. فالتأميم الذي شاهده هؤلاء في الجنوب كان الاستيلاء على الممتلكات للصالح العام … أما هنا كان التأميم للصالح الخاص …
– دولة مؤسسات بلا مقومات للمؤسسات … جيش غريب التقسيم كأنه عبارة عن مجموعة من الكتايب التابعة لأفراد والولاء لهؤلاء الأفراد وليس للدولة … كتيبة واحدة تمتلك أكثر من 70% من مكونات الجيش وهذا الذي تنبه له الرئيس السابق صالح وبدلاً من إعادة هيكلة الجيش أنشئ كتيبة مقابلها يقودها ابنه … (مشيخة مش إدارة !! ) الله المستعان .
– رئاسة الدولة بدلاً أن تنشغل بأمور الدولة العليا مشغولة بمن يعمل هنا ويمشي هناك !!
نبعد شوي الموضوع معقد !!
المهم … فحلقات الدولة الأساسية مفقودة تقريباً يبدو للعيان أنها متوفرة من يدخل في العمق يجد الكارثة لكن ليس بالصورة القاسية الكلية ..يعني شوي!!
وتمر الأحداث متتابعة وسريعة ، والمحاولات الحثيثة لبناء الدولة مفقودة ، والجهد المبذول يضيع والحقوق تستباح ، وجاءت موجة انتخابات 2006 ورأت النخبة أن الفرصة حانت لمعالجة الأمر ، ولكن قوة المصالح والأبعاد مازالت متمركزة حيث عجزت النخبة في تلك السنوات من اكتساب صورة أقوى على الأرض يمكن أن يعود ذلك لأمرين :
– التمويل : حيث أن الحزب الحاكم يحظى بتمويل من كل مكان حتى من التجار اليمنيون والي لم يسعوا وهم أعلم بمصالحهم من بناء قوة معارضة أخرى من خلال تمويل في الباطن .
– الجهل : فلم تستطع الفئة النخبوية والثقافية من نقل المعلومات وتثقيف الرأي العام وضخ المعرفة بين اجزائه بعكس السيطرة الإعلامية والمالية للطرف الآخر .
المهم انتصرت المشيخة وحازت الحاكمية من جديد ، وكانت لديها فرصة للتحول الحقيقي وبناء الدولة الحديثة ، ولم يكن ذلك وبدأت موجات الصراعات ترتفع مع ضعف القدرة الاقتصادية للدولة وتوفير التمويل ، وبرزت مجموعات حقوقية وفئوية في الجنوب خاصة تطالب بحقوق المقالين والمقعدين اجباراً … وبنفس آلية العمل المصالح والمجاملات حاولت الدولة معالجة المشكلة والتي لم تحل … فتحولت الآهات إلى صرخات .. وتحولت من مطالب فئوية إلى مطلب سياسي .. فك الارتباط …
فك الارتباط … يبدو للوهلة الأولى أنه الحل الحقيقي لمشكلة الجنوب .. والمشكلة ان من يبرز في قيادة هذا التيار هم من شارك في تدمير الجنوب بل وقتل أبنائه …عندما تسأل من سيقود فك الارتباط وما هي آلية معالجة القضايا في الجنوب ..
تسمع صدى من بعيد … لما يتم ذلك لدينا في جعبتنا مفاجآت … !!!!!!!!!!!!!!!!!
وعندما تقول لهم لست معكم .. تسمع خربشة في أذنيك …خائن وعميل و……..!!!
فعقلية من حكم في السبعينيات مازالت هي السائدة … لحمة من كبشي واشتي كبشي يمشي!!
لا عليكم الحلول موجودة .. انظر سيجتمع قادة الجنوب وسيشكلون حكومة استقلال ومتحدث رسمي وقيادة جديدة … وتمر الأيام وستمر وهم عاجزون لأن العالم لكي يقبلك عليك :
– أن يجتمع كل تيارات العمل السياسي الجنوبي في الداخل والخارج المعارض والمساند في حورا وطني شامل جنوبي لاختيار النخبة الممثلة للجنوب وتوجهاته .
– أن يجتمعوا ويتنازل بعضهم لبعض من أجل مصلحة الدولة وليس مصلحة أفراد .
– أن يتقبلوا بعضهم بعضاَ وإن اختلفوا ، وأن يقبلوا الحل المشترك الذي يصدر عنهم .
ولكي تتضح لصورة أكرر أن معنى فك الارتباط هو العودة لما قبل 21 مايو 1990 يوم توقيع اتفاقية الوحدة و 22 مايو يوم اعلان الوحدة .. وهذا مخالفة قانونية لاتفاقية الوحدة ولا يمكن أن تتم عد لاتفاقية الوحدة .
وإن افترضنا أن هذا تم فبموجب ذلك يتم العودة لدستور الجنوب والذي يحمل في مادته الثانية أن الحزب الاشتراكي هو قائد الدولة ، والحزب اليوم منضوٍ تحت سقف الحوار الوطني ومن يمثله هو السيد ياسين سعيد نعمان ، فلا يوجد تمثيل للسيد علي سالم البيض والذي كان هو الأمين العام للحزب وليس رئيس الجمهورية .. أما رئيس الجمهورية فهو السيد حيدر ابوبكر العطاس .. فهناك خلل في اطار مع من نتعامل اليوم للوصول إلى هذه النقطة .
وإن افترضنا وضع اعلان دستوري منظم للدولة فمن له الحق في وضعه؟ وما هي صفته ؟ومن هم الممثلون الأساسيون لهذه الوضعية؟ ، ومن يحق لهم التفاوض لهذا الدولة؟ من يمثل الشرعية للجنوب ؟؟
الممثل الشرعي اليوم هو الرئيس عبد ربه منصور هادي …
والطريقة الوحيدة اليوم للوصول إلى صناعة التغيير هو الحوار الوطني …
ولا يخدعنكم أحد أن كل شيء معد وجاهز … إلا إن اردتم أن تكونوا إمعة …
ولكي نجبر المتحاورين على الفعل علينا عدم التوقف عن المسيرات والمظاهرات السلمية من جهة دون اغلاق أو تعد على أحد .. والاستمرار في النقد البناء والتقدم بمقترحات على طاولة الحوار …

اليوم مازلنا نصمع الأصوات هنا وهناك للمطالبة بمحاكمة القتلة ؟؟؟ ومعاقبة المفسدين ..؟؟
والسؤال الأول :
من هم القتلة ؟؟؟
ومن سيحاكمهم ؟؟
ومن هم الفاسدين ؟؟
ومن سيحاكمهم .؟؟
إن اتفقنا أن اطارنا بناء دولة مؤسسات وقانون … فمطلبنا السابق هو عوار في دولة النظام والقانون ..
فمن ساهم في القتل اليوم جزء نراهم يقفون في صفوف الثوار ..
ونقدم لهم التحايا والتكريمات … أوليسوا قتلة .؟؟؟؟؟
من نقول أنهم فاسدون مفسدون … جزء منهم يقفون بيننا دفاعاً عن الثورة والتغيير ونصفق لهم …ونعطيهم جوائزاً على فسادهم .. ضحك على الدقون !!
ومن نطالبهم بمحاكمة القتلة والفاسدين هم جزء من منظومة المشيخة التي لم يتم تنقيتها بعد ..ولهم باع في أعمال السحر أقصد الإباحة والتبجيل والتحليل في فترة ماضية .. فهل تغيرت المنظومة في ليلة وضحاها ..
إذن هناك من يريد منا إضاعة الوقت … واشغالنا عن الهام العاجل بالمؤجل …
اليوم المهمة الصعبة هي تكوين الدولة .. وإصلاح مؤسساتها
اليوم الوضع الاقتصادي يحتاج إلى معالجات عاجلة وسريعة
اليوم المنظومة الأخلاقية ومستوى الوعي يحتاج إلى دفعات قوية للمصارحة والمكاشفة الحقيقية .
اليوم الكل عليه أن يعمل …
لو أعدنا النظر في مخرجات أول لقاء للحوار الوطني الشامل .. والوجوه العابسة .. والنقد والتجريح والشتم والتشويه …
لكم ذلك أيها السادة
لكن إن أردنا أن نبدأ علينا أن نخلع عباءات الولاءات ونركز على الولاء للوطن و للأمة التي تنتظر أعمالنا
أيها السادة شاهدوا معي الشكل التالي وقولوا لي ما ترونه فيه :

لا شيء

صورة في اطار … !!!
اشكال … خطوط .. وجوه غير واضحة …
هذا ما نراه !!!
نعم ولكن ليس كل ما نراه
لقد تجاهنا الصفحة البيضاء التي فيها هذه اللوحة التي رسمتها …
إن صفحة ماضينا بيضاء .. فيها الكثير من التعرجات والاخطاء …
فلنضع الصفحة البيضاء أمام أعيننا .. ونأخذ العبرة من تلك الأخطاء السابقة .. ونبدأ في تشكيل دولتنا
بداية من مصالحة شاملة … الجميع
الوطن يريدنا جميعاً ..
الوطن ملكنا جميعاً …
لدينا مشاكل مع بعضنا … دع القانون … القضاء يحكم .. نحن هنا أخوة … (ألا نختلف ونظل أخوة)
“أيكون المؤمن سارق … قال نعم ” من حديث شريب
لم يمنع السارق أن يظل مؤمن .. أخ … القضاء يعاقب على الأفعال لا الأشخاص …
لا نجعل أنفسنا أرباباً ندخل من نشاء الجنة وندخل من نشاء النار
ليس لنا في النوايا
لنا في الأعمال
ليس لنا في الأشخاص
لنا في تصرفاتهم
فلنجعل الحوار الوطني في الأساس هو اطار للمصالحة الشاملة واطار للمصارحة التامة ..
ولنبدأ .
ولأجل معالجة قضايا المظالم والفساد فإني ارجو أن يتم التالي :
• تشكيل نيابة منبثقة من النيابة العامة (تسمى نيابة العدالة الانتقالية والمظالم) تتكون من :
– النائب عام وثلاثة قضاة ،وثلاثة محامين .
– يتم تشكيل لجان فرعية تابعة لهم في المحافظات في مقر نقابة المحامين حيث يتم تشكيل في كل لجنة : قاضي تحقيق وعضوية 3 محامين .
– على جميع الجهات التعاون لتقديم كل الدعم المعلوماتي والتوثيقي لهذه النيابة .
– يتم دعوة كل من لديه مظلمة .. أو تهمة قتل أو فساد ضد أياً كان في أي موقع في الدولة أو خارجها بالتقدم بظلمته أو اتهامه مشفوعا بما يملك من أدلة للجنة في محافظته .
– تقوم اللجنة بمراجعة كل الملفات والبحث والمعاينة للمعلومات ورفعها إلى النيابة المختصة (العدالة والمظالم)
– للنيابة الحق في الاستدعاء والتحقيق والتأكد وكل ما يمكن للتأكد من كل ملف واحالة القضايا المكتملة للقضاء المختص بالقضية (جنائية أو فساد أو …,)
– يستمر عمل النيابية لفترة لا تقل عن 12 شهراً لتلقي كل المظالم وبعد ذلك تحال الأوراق للنيابة العامة بعد تشكلها بناء على الدستور الجديد .

وما يعنيني أن أقدم قبل النهاية كل الشكر لمن سلم نفسه في هذه المرحلة الانتقالية ليكون واجهة للعمل ، في حكومة الوفاق وفي قيادة المحافظات وعلى رأس القائمة رئاسة الجمهورية … تحملوا الشتائم والسباب واللعن وهم يعلمون أننا صغيرا وكبيرا نرسل لهم يومياً رسائلاً من الدعوات … يتحملون هذا الجهد الكبير .. الله يعنيهم .. ورغم هذا نعتب عليهم أنهم ما زالوا يعملون في اطار جهدهم الذاتي المبني على ما سبق ، كنا نرجو منهم أن يشكلوا في ظل هذه الظروف فريقاً من الخبراء والمحترفين والمختصين كاستشاريين ومرجعية لحل المشكلات ويأخذوا بآرائهم … إن أرادوا أن يخرجوا منها أقوياء غير منبوذين … مرحلة صعبة تحتاج لجهد الجميع وليس الانفراد بالجهد والعمل وفق التجربة والخطأ …
وفي الختام : الفرق تشكلت وكل فرقة لها عمل واطار : فلنساهم معهم في وضع آلية للوصول بها إلى نتائج ملموسة على الأرض ، كل ما علينا هو مشاركتهم والتعاون معهم لوضع لمسات كل اليمنيين على طاولة الحوار.
نسأل الله التوفيق والقبول والخروج من هذا النفق الطويل …
طولنا
الله يعافي الجميع
أحمد مبارك بشير
10/4/2013
_1_1

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.