اعادة نشر 2010 : الاقتصاد اليمني بين الانهيار والاصلاح 1

الاقتصاد اليمني بين الانهيار والاصلاح

كتبهاأحمد مبارك بشير ، في 10 يوليو 2010 الساعة: 09:08 ص

الاقتصاد اليمني

بين الانهيار و الإصلاح

الحلقة الأولى

لست هنا في صدد التجريح أو التنكيل ، أو أي نوع من الكلام غير المجدي ، أحاول من خلال هذا المقال وضع نقاط معينة لعلها تكون مفيدة في اصلاح الوضع الاقتصادي للوطن .

أولاً : مازلنا نخلط بين الحدث والوطن ،و الحدث ماضٍ ينتهي ، ونتذكره ، ونفرح به ، ولكن الوطن قائم نحن فيه ، يدوم ونحن نذهب عنه ومن هذا :

– الوحدة حدث تم وانتهى ، ونحن نعيش في ظل ما حدث ، ونعيض في اطار الوطن ، فلاداعي أن نعلق كل الأمور بحدث ، وننس الأهم والأكبر وهو قضية وطن ، والوطن عزنا وقوتنا .

– الثورة حدث ، نحن أبناء هذا الحدث ، ومضت أيامه ونحن الآن نقارب الخمسين عاماً في ظل وطن ما بعد الثورة، فلا يوجد أحد على الإطلاق مهما بلغت قوته ومكانته أن يعيد الماضي ، ولكن الحاضر قائم والمستقبل أمانا ، ومستقبلنا وطن .

– فإذن الوطن هو القضية وهو الغاية ، وعليه تبنى الأهداف ، وله تشيد الخطوات .

ثانياً : مشاكلنا اليوم كثيرة ومنها :

1- ضعف السيولة المتدفقة لخزانة الدولة ، مما يعرضها لعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات تجاه الغير وتجاه الوطن و أبناء الوطن . ولأهمية التدفق النقدي فقد سعت الحكومة للحفاظ على سلامة العملة الوطنية ، وحرصت على إيجاد تدفق نقدي متجدد عبر :

– الجرعات المستمرة في اسعار الخدمات كهرباء ، ماء ، غاز ، تعليم ،صحة ، دمغة ، نظافة ، بلدة …. والمشتقات النفطية والتي ستؤدي تلقائياً لرفع جميع الأسعار.

– الضرائب المتنوعة وآخرها ضريبة المبيعات على كبار المكلفين ، وسيؤدي أيضاً لزيادة الأسعار الأخرى .

– الجمارك عبر نظامها الموسوم بالغريب وتسعيرته الغريبة …

– أذون الخزانة .

– البحث عن مصادر تمويل إقليمية ودولية ، قروض أو هبات أو منح .

ورغم هذا وفوق هذا ، الاقتصاد يتدهور ، بشهادة الحكومة نفسها ، والخوف أن تعلن الدولة إفلاسها ، وذلك بحديث رسمي من رجال الدولة و قيادييها بأن اليمن ستتعرض لمجاعة كبيرة (( الله يستر!!!! ))

2- الانفلات الأمني وعدم القدرة على السيطرة على عدد كبير من محافظات ومناطق الدولة ، حراك جنوبي ، قطاع طرق ، عصابات تخريب ، حوثي ، قاعدة ، مرتزقة ، مبتزين ، إمامية ،….. و المواجهة الأمنية مستمرة ، و طلب مساندة من الخارج من قوى صديقة وشقيقة . والحال على ما هو عليه . حتى واجهنا أكبر مأساة بهجوم على مبنى الأمن السياسي في عدن ، ورغم وجود ثكنات عسكرية مجاورة ولكن لا أحد يتحرك .. ولا أحد يعلم .., و سكوووووووووووووووت .

3- معارضة لا تقبل أي عرض تطرحه الحكومة ، وحكومة لا تقبل حواراً مع المعارضة ، ولذا شكلت الحكومة أحزاب داعمة للحكومة سمتها أحزاب اللقاء الوطني ، ولا أحد يحاور أحد .

4- بطالة تستشري وتنهش المحافظات ، لتأكد المقولة (( عمل يجهد خير من فراغ يفسد )) والفراغ سبب مشاكل كبرى ، ومنها الإرهاب .

وحتى اللحظة نجد أن حكومة المؤتمر ومنذ توليها القيادة وبكل أطياف رؤساء وزرائها ، لا نجد لحلولها أثراً ، بل نجد أزمات تطفو ، ونار ترتفع من تحت الرماد ، ولا يمكن أن نضع اللوم على أي حكومة سبقت أو اللوم على الحكومة الحالية فقط ، لأننا بهذا نقلو أنه لا يوجد في المؤتمر رجل رشيد ، وعلى العكس تماماً لأن من في المؤتمر هم أبناء هذا الوطن ، ولكن معاول الفساد وسطوته على مقاليد إدارة الدولة ، وهم في كل ركن من أركان الإدارة ، متنفذين أو أصحاب سلطة ، أو تجار سلطة ، يلعبون دوراً خطيراً في تسيير الأمور ، لمصالحهم ونسوا أنهم جزء من وطن ، وأن الوطن أمانة في أعناقهم … نسوا فمن يذكرهم !!! ؟

ثالثاً : لنص للخلاصة : ولنفهم لب القصية علينا أن نحاول البحث عن المشكلة أين هي ؟ :

1- عدم الاستقلال القضائي :

2- خيانة الأمانة : (( عدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب )) بحجة حزبية أو دنيوية ، ونسوا أن المنصب تكليف لا تشريف . وصار من هؤلاء من نقول فيهم :

يسوسون الأمور بغير علم فيسمع قولهم ويقال ساسة .

3- تأجيل الحلول بمجموعة من المهدئات ، والمهدئات هي حلول ولكنها مؤقتة ، غير دائمة ، ولأن الحل مؤقت ، لا نصل به إلى حل ، وتتحول المشكلة إلى كارثة وأزمة .

رابعاً : فإذن علينا أن نعترف بفضل إدارة حكومة المؤتمر في وضع المناسب في مكانه ، وتفويضه التفويض الكامل لأداء عمله ، ولذا لابد أولاً من

1- تشكيل حكومة وطنية يراعى فيها الآتي :

– اختيار الأفاضل من القادرين على ممارسة المهام التي ستوكل لهم عبر النواب ، ويتم اختيارهم من :

– جميع الأحزاب والكتل الوطنية .

– جميع النقابات المهنية والعمالية العاملة .

– الشخصيات الوطنية و القبلية المهمة صاحبة القرار في محيطها .

2- التوقف عن التصريحات والتلميحات السلبية ودعم التشرذم والتذكير بآلام الماضي ، فليكن الماضي عبرة لبنا الحاضر ونقلة إلى المستقبل .

3- التوقف عن سياسة الجرعات السعرية ، لأنها حلول مؤقتة ، فتلقائياً مع رفع الأسعار ترتفع أسعار أخرى ، ويحتاج المواطن لرفع راتبه ، وتدور الدائرة ، تجاوباً مع مؤسسة التمويل ما دخل سيخرج ، وزاد الاحتياج وظلت العملة تنهار .

4- إعادة النظر في دعم الاستثمار بالطريقة الحالية ، والعقود الفوضوية التي تبرمها الحكومة أو ابرمتها ، وكأن مال الأمة مشاع لأصحاب النفوذ و ضعاف النفوس ، وياريت يستثمرون في الوطن بل خارج الوطن ، يعني فلوسنا لغيرنا ، ول نلوم الأجنبي مهما يكن هو يريد مصالحه ، ولا عيب في ذلك ، ولكن اللوم والعيبة في ابن الوطن الذي يقبل هذا ، والذي سهل للغريب دخول الدار وسرقة المال .

5- الشفافية والاعتراف بالأخطاء ، ودعوة من له الخبرة في المساهمة والتنازل عن الكبرة والمجاملات عن الإنجازات والوعود ووووو ؟؟؟ ، ولا نقول أننا كنا أفضل سابقاً ولكننا نقول أننا نريد حالاً أفضل لأن اليمن يستحق وابن اليمن يستحق ولا نقارن أنفسنا بأحد .

6- لم تكن القبيلة ولا القبيلة أبداً مشكلة ، فالقبيلة عز وفخر ، والقبيلي يحمل كل معاني الشرف والأمانة والإخلاص ، المشكلة الحقيقة هي انتشار دعم المرتزقة والمبتزين ن الذين أرهقوا الدولة وسيرهقون أجيالاً قادمة تلعن الماضي كما نلعن اليوم ماضينا . البحث عن الخطأ فضيلة والاعتراف به كرامة والتوبة منه عزة .

7- حاولت الدولة خلق اقتصاد رأسمالي حر ، لكنها أوجدت اقتصاداً قائماً على العشوائية الرأسمالية ، و وحشية الباب المفتوح ، الذي خلق رأسمالية متوحشة آذت الاقتصاد ، و أفسدت المال . فلا توقفها حكومة ولا خوف من أحد .. وكما وصفت الاشتراكية المتحجرة في أموال الناس الخاصة ، كسا الرأسمالي حلة سوداء على أموال الناس العامة . و لإنقاذ من ذلك إلا باقتصاد وسطي يراعي فيه الحق العام ، ويصان فيه الحق الخاص ، وتبرز فيه حرية السوق ورقابة الدولة ورعايتها .

اقتصاد الوسطية التي ترعاه ألماني بطريقتها ، واليابان بذكائها ، والصين بتوسعها ، والسعودية بريادتها، وتركيا بهيبتها ، وماليزيا بجمالها .

8- علينا أن نهم ونعي أن تجربة اليونان لن تتكرر في اليمن على الإطلاق لعدة أسباب إن رعيناها :

– اليمن أغنى مناطق الجزيرة العربية .

– تبرز قوة اليمن من خطها الساحلي الطويل وبروز أهم موانئ العالم فيها .

– ثروتها النفطية والغازية والمعدنية ، وأهم من ذلك الثروة المائية الكبيرة في حوض وادي حضرموت .

– أهم وديان الجزيرة وأكبرها تصب فيها ،و أهم الأغيال المائية وأوسعها .

– التنوع التراثي والتأرخي المثير والهام لليمن وعن اليمن .

– التنوع الثقافي والسكاني .

– عدد السكان و أصالتهم .

– التربة الخصبة والمميزة .

ماذا يعني ما سبق ؟ :

– إن انهيار أي اقتصاد لأي مؤسسة هو من انعدام أو انخفاض أو ضعف التدفق النقدي الداخل إليها ،وخاصة وأن لديها تدفق نقدي خارج مما يساهم في تدمير المؤسسة أو توقفها أو إفلاسها .

– وكما نقول عن المؤسسة نقول عن الدولة ، إن الدولة تمتلك قدرة هائلة على خلق أكبر حجم من التدفقات النقدية الداخلة والتي ستساهم في دعم كل جوانب الاقتصاد للدولة ، والقضاء على البطالة ورفع القدرات للدولة والمساهمة في خلق الرفاه الاجتماعي .

وفي الأخير ما أود طرحه كنقاط نهائية :

– دعم استقلالية القضاء ، والبدء الفوري في محاكمة رجالات الفساد بأقسى درجات العقوبة ، حتى يرتدع من يليهم . واستعادة جميع الأموال المسلوبة من الأمة والمصدرة خارجاً لأحضان دول أخرى وأعادتها لأحضان خزينة الدولة .

– إيجاد آلية حقيقة لخلق سوق المال وخصخصة المؤسسات بما يدعم الوسطية وبما لا يضر بحياة الأفراد وذلك بــ:

1- تحيد سوق للأسهم المالية .

2- حصر جزء من الأسهم لصالح الدولة .

3- على الدولة تحديد أسهم لجميع العاملين في إطار المؤسسة التي ستخصص .

4- على الدولة وضع فرض تشغيل تلك القطاعات وليس تجميدها كقطع أرض .

5- خلق الشفافية عبر آلية مالية مراقبة من قبل البنك المركزي والقضاء التجاري .

– فتح باب الاستثمار الحقيقي وذلك بدعم التوجه الفعال لجذب الاستثمار في إيجاد :

1- آلية شفافة و واضحة وسهلة للاستثمار .

2- آلية سوق مالية صحية و دعم ذلك .

3- حفز ودعم المشاريع التنموية الخاصة بإقامة البنى التحتية الداعمة للإستثمار (كهرباء –جسور – طرق –موانئ –أرصفة … وغيرها من الخدمات … )

4- آلية قضائية حامية ومراقبة .

5- آلية أمنية تخدم ولا تهدم .

6- إغلاق باب الجباية والابتزاز من جماعات المرتزقة .

7- إعادة النظر في تشغيل موانئ عدن والمناطق الحرة .

8- إعادة تشغيل أحواض السفن الوطنية .

9- إعادة النظر في آلية الجمارك والضرائب في صورة أفضل من الموجودة ..ولا داعي للتقلد بدول تعاني مثلنا (مصر أو الأردن )

وكما أقول وأكرر .. لن نتحدث عن الماضي .. ويكفينا النظر فيمن حولنا .. نريد أن ننظر أن نكون أفضل .. لأننا نستحق .. و الوطن يستحق .. ولا ينبغي أن نظل عالة على الآخرين … لا نريد أن نكون يداً سفلى بل نريد أن نكون اليد العليا ..

من أجل وطني وأبنائي … من أجل أسرتي وأسركم .. كتبت ولأجله سأستمر في الكتابة .

كفى ………….فلنعد النظر

كتبه رجل يحب وطنه ويحبكم : أحمد مبارك بشير .

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.