اعادة نشر 2009 : التدافع

التدافع

كتبهاأحمد مبارك بشير ، في 28 أبريل 2009 الساعة: 09:06 ص

قواعد النهضة ….(2) سنة التدافع

سنة التدافع منهجية فبدونها تتحول الحياة إلى جحيم وصراع للحياة …

قال تعالى : (( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252) )) البقرة

وقال سبحانه : ((وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40))) الحج

وقال سبحانه : (( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) )) الزخرف .

هكذا هي سنة الحياة ودون قناعتنا بها نعيش في دوامة من الصراعات التي لا تنتهي ، وكل منا يسعى لكسر شوكة الآخر ، لا يريد التنازل ، ولا توجد لديه أي مرونة للتعامل مع المشكلة .

صراع بين الأخ وأخيه ، الابن وأبيه ، الصديق وصديقه ، ينتهي بلا نصر الكل في هذه المعركة مهزوم ، المنتصر الوحيد هنا هو الشيطان الذي غرر بكليهما ، في سبيل متاع لن يأخذ معه أي منهما شيء لآخرته ، سيدفن تراباً تحت التراب . ويلاه !!.. انظر لنفسك في قبرك المهجور.. ويلاه !! لا رفيق ولا صديق ولامال ولا أنيس . الكل فارقك وأنت تصارع في الحياة لأجل قرش فأكلك القرش في جوفه ولا نلت لا أخرى ولا نعمت بدنيا .. وعجبي !!!!!

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد …

هذه المنهجية وهذه السنة التي خلق الكون عليها ، لو فهمناه كما ينبغي أن تفهم لعشنا في غاية السعادة … أتعلمون من يأتي أولاً هل النجاح يحقق السعادة أم السعادة تحقق النجاح ؟؟؟؟؟؟؟

نعم … السعادة تحقق النجاح … الإنسان السعيد يحقق النجاح نقطة نقطة وخطوة خطوة ، وعكس ذلك من يسعى للسعادة من خلال النجاح يظل يلحق نجاحه ويبحث عنه وكل مرحلة يصل إليها يجد أنه لم يحقق أي نوع من السعادة سوى سعادة اللحظة التي تنتهي ، لكن السعيد تمضي معه الحياة قدماً لأنه سعيد ، يرى السعادة عنواناً والخير كل الخير أمامه ، فلن يجعل الله في دربك إلا خيراً ، وكل خطوة تراه تظنها في غير مكانها هي جزء من تقدمك للأمام ولكن عليك بالصبر ، القناعة .. إنه السلم الكهربائي الذي يصعد بك دون أن تشعر بالعناء ، وتصل دون أن تشعر بالأدوار التي اجتزتها .

هذه السنة التي تجعل الناس في انسجام تام ويعلم أنه رزقه مكتوب ومعلوم (( وفي السماء رزقكم)) فليس لأحد من الخلق أن يتحكم فيه أن يزيد أو ينقصه شيئاً ، ولأننا لا نعلم كم رزقنا وماهي قسمتنا أمرنا الله تعالى بالسعي ، والبذل ، و الحياة قائمة على الأسباب من سعى وتوكل نال وحقق مبتغاه وزاده الله توفيقاً و سداداً ، ومن تقاعص وانتظر وتواكل ، عاقبه الله بتقصيره وطول أمله ، فهيهات يحقق مبتغاه .

هذه السنة تجعل المال يمحقه الطمع ، الجشع ، التعالي ، العجلة ، التكبر وعدم الحمد على النعمة ، يمحقها الله كما كانت تفنى وتنتهي مهمات بلغت عنان السماء ، فلن يشبع ابن آدم إلا التراب .. وهو لاحقه عاجلاً أو آجل ولكل كتاب وسوف تعلمون .

لن تنال أكثر من نصيبك فلم التكالب والقتال على شيء لا تدري أعو نصيبك أو لا ، فإن كان نصيبك جاءك سهلاً وميسراً ، وإن كان غير ذلك فمهما بالغت في التدمير والتنكيل واستخدمت كل وسائل البطش والقسوة لن تأخذ منه شيئاً مهما ظننت غير ذلك .

هذا التدافع يجعل العالم في حالة سلم ، في حالة انسجام ، وبدون هذا التدافع ، تجد الحروب تستعر في كل مكان فالكل يظن أن حقه حق وحق غيره (مرق) !!! وعجبي .

التدافع هو التعايش بين الناس هذا يعمل عند هذا وهذا يعمل لهذا وهذا يعطيه هذا وهذا يكسوه هذا وهذا يعلمه هذا .. وهذا … والكل يتعايش … هذا مزارع وهذا نجار … هذا نحات وهذا كاتب .. هذا معلم وهذا طبيب .. فلا يمكن لأحد مهما بلغ من طاقة أن يكون الكل في واحد … فالمهندس المعماري الفنان لن يبلغ في بنائه مبلغه إن لم يكن لديه العامل المحترف والنجار الخبير والدهان المتفنن ، والمبلط الجيد و… كل واحد يحتاج للآخر مهما بلغ احتراف فلان ..لن يأتي يوم ويستغني عن علان ..الكل بحاجة الكل والفرد بحاجة المجموع والمجموع بحاجة الفرد والبعض بحاجة الكل والكل بحاجة البعض …

هل فهمت هل وعيت … سنة لن تخترقها إلا بالقناعة والتعايش و الرضا بالموجود .. والسعي للأفضل مع النظر في حاجتنا للآخر .. وإلا عشنا في متاهة ,, والله المستعان .

وصلى الله على محمد وآل محمد … ودمتم بخير ولنا لقاء

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.