أنا والربيع العربي 4 – اليمن

أنا و الربيع العربي ..حلقة 4

اليمن

غبت عنكم … فاعذروني ..على العموم لقد وقفت معكم في الحلقة الماضية ونحن نتوجه للصلاة ..نعم أنا والربيع العربي .. بعد صلاة المغرب كان لقاء آخ أتابع فيه حكاية الربيع العربي ، والحديث لم ينته عن اليمن فإليكم فصول الحوار الذي دار :
بدأت الحديث : أشكر لك سعة صدرك وحسن الضيافة فهل نبدأ في حوارنا عن اليمن و الأحداث التي برزت مع الربيع العربي .
– أهلا بك أخي مرة أخرى ، لا بأس ..تفضل !
– أولاً دعنا نعيد الذاكرة ونبحث عن بروز المشكلة الحقيقية التي أوصلت لما نحن فيه اليوم .
– أخي دائما أحب أن أضع بدايات لحديثي ليتم وصله في الكلام وكنت أتمنى أن ابدأ معك في اطار تكوين الطواغيت ولأن هذا موضوع هام يربط أحداثه وإصرارك أن نبدأ في اليمن فإني سأجعل هذا الموضوع لمرة لاحقة .
– شكرا لك ، نعم أن الموضوع اليمني يهمني اليوم لما يحدث من تداعيات وخاصة مع بداية المرحلة الانتقالية .
– نعم أقدر ذلك .
– ولذا هناك أمور أحب أن نتحدث عنها في هذا المضمار عن اليمن وحدود الدولة وما تم استقطاعه منها ، ودولة الوحدة ، والحراك ، والمشترك , والمؤتمر . كل ذلك ونحن نتحدث عن أرض الايمان والحكمة .
– دعني إذن اضع لمساتي الأولى في الموضوع قبل الدخول في أصل الحكاية :
• حدود الدولة والتقسيم وخلافه ، نحن نتكلم في اطار دول حديثة ترتبط بمنظومة عالمية واعتراف دولي وخلافه ، ولكل زمان دولة ورجال فحدود الدولة أو التقسيم في الماضي أو في الحاضر إنما هو تكوين هوية لاطار عام يعترف به العالم وفق قواعد وقوانين للمساحة التي تحكمها دولة ما ، ومن هذا فلكل زمان مكوناته وطريقة اداؤه وعجلة الزمان لا تعود للخلف. فلو عدت قبل مئة عام لوجدت خريطة الدولة العثمانية وتقسيمها و ولاياتها تختلف عن تقسيم الدول اليوم ، حتى في أوروبا .
• ومن هذا فالمواطنة في الدولة هي الانتماء إلى مجتمع واحد يضمه بشكل عام رابط اجتماعي وسياسي وثقافي موحد ، ومن هنا جاءت الجنسية التي تؤكد رابط المواطن بالدولة الحديثة ولم يكن هذا فيما سبق .
• فالمواطن منتسب لوطنه لا لعرق أو نسب أو جنس أو دين أو مذهب .
• وكل من سكن أرضاً واستوطنتها مواطن فيها لا يحق لأحد رفضه لا لونه أو لجذور آبائه . هذا أولاً
• ثانياً : الدولة اليمنية الحديثة تأسست عام 1990م باسم الجمهورية اليمنية والتي تشكلت في اتفاقية وحدة بين دولتين لم يسجل التاريخ قبل هذا يوماً أن توحد هذا الإقليم في هذا الاطار ولا هذه الحدود ولا بهذا الاسم وبالتالي يوم 22 مايو 1990م هو يوم تكوين دولة موحدة بين دولتين وليس يوم اعادة توحيد الشطرين .
– اعذرني للمقاطعة ولكن توحدت اليمن وهذا ما نقرأه في التاريخ .
– شكرا .. حسن .. ما تفهمه لا ما حدث صديقي دعني أتابع .
– نعم تفضل .
– شكرا وإذن :
• في هذا الإقليم اليمني تشكلت دول وممالك وسلطنات ، وامارات ولم تدع أياً منها حكم اليمن عموماً أو حددتها ، ولم تطلق أي منها على نفسها اسم اليمن كاسم للدولة ، حتى تبع شمر يهرعش اطلق على نفسه ملك سبأ وذو ريدان ويمنت ، ولم يقل أنه ملك اليمن . وكما تعرف فيمنت يطلق على الجزء الساحلي الجنوبي في الإقليم اليمني والممتد إلى حضرموت . حتى اسم اليمن لم يبرز في التاريخ إلا بعد الميلاد بقرنين .
• وبالتالي أعود لأكرر الوحدة اليمنية ولدت من خلالها دولة الجمهورية اليمنية وانهت دولتين ذاتا سيادة وحدود معترف بها في اطار المواثيق الدولية . وهذه الدولة تعاني تصدع داخلي حاد ليس سببه اطار الوحدة وإنما مقومات الانفصال التي أسسها نظام الدولة الحاكم فيها خلال الفترة الماضية وهذا ما سنأتي إليه لاحقاً .
• الجزء الثالث : أصل العرب قضية يتحامى بها الناس ويرفعونها فوق كل اعتبار ، رغم أنها ليست ذات اعتبار ، فالناس لأدم وآدم من تراب فكلنا ابناء آدم ، والعرب من حملوا رسالة الاسلام ونزل القرآن بلغتهم فقد اصطفاهم ربهم تعالى لحمل خاتم رسالات الله ، فالعربية ليست نسب ومن منا اليم يستطيع أن يأتي بميثاق مدعوم يثبت نسبه الخالص لقحطان أو عدنان . هناك ما يزيد عن 400 مليون انسان يتحدثون العربية لغتهم الأم ومليار ونصف انسان يتعبد بها ، ولو دخلنا الجدل في الامر لقال آخر أن ابراهيم ابو اسماعيل عليهما السلام من العراق ، وهاجر أم اسماعيل عليهما السلام من مصر وجرهم من العرب البائدة وليست من نسل قحطان التي ينسب له العرب العاربة ، ومنهم جاءت قريش خير القبائل العربية واعظمها ..فسندخل في متاهة لا داعي لها ، والخير في أمتي إلى يوم القيامة وهذا أفضل من اضاعة الوقت بهذا .
• الجزء الرابع : رواية البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوباً، الإيمان يمان والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم”. , حديث لا يحتاج إلى توضيح فالكلام فيه يشمل من جاء من اليمن وليس أرض اليمن أو دولة اليمن ، وكلنا يعلم أن هؤلاء وغيرهم خرجوا من اليمن جنوداً لله وعبروا الصحارى والبحار واستوطنوا حيثما وصلوا ، فالخيرية التي في هذا الحديث ذهبت معهم وفي أجيالهم حيثما سكنوا ، وبالتالي فبركة هذا الحديث عمت أرجاء الأرض وفي كل بقعة وصلها أهل اليمن من شرق العالم إلى غربه ، فليست مرتبطة بالمكان بل بالناس ، وبعد ذلك هناك من هاجر من أصقاع الأرض و من سكن واستوطن اليمن وصار فيها من أهل الأرض فهل يعمه الحديث الآن . !!
• الجزء الأخير : وحدة اليمن ليست مشابهة لأي وحدة قامت بين الدول العربية الحديثة ، حتى الوحدة بين سوريا و مصر كانت وحدة كونفدرالية وليست اندماجية ولا حتى فيدرالية ويمكن أن أقرب الفهم إليك وحدة مصر وسوريا في الجمهورية المتحدة أبه بالاتحاد الأوربي اليوم ولأن مقوماته ضعيفة فقد انهار سريعاً ، ولا يمكن المقارنة مع السودان فالجنوب يختلف عن الشمال في كل الأحوال والمقاييس و ثبت هذه الفرقة حكام الشمال وذلك في حدوث الفروق التي في العرق والدين ، والاستعمار ساهم في تأجيجها من جهة أخرى وجاء الأساس في خلق الفرقة هناك هو نظام الحكم في السودان بعد الاستعمار وحتى الحكم الحالي الذي لا استبعد أن يطاله الربيع العربي قريباً جداً .
– شكرا لهذا العرض ، والآن صديقي دعنا نلخص اطار المشكلة في اليمن اليوم ، وخاصة وأن الثورة الشبابية التي تمت في العام 2011 متأثرة بأحداث تونس ومصر أوصلت الناس كم يرون إلى أزمة خانقة لا يرون فيها نجاة من كابوس الجوع والفقر ، ورغم تسليم السلطة لقيادة جديدة ما زالت الأمور عالقة دون أن نرى تحلحل لأزمة تتفاقم .
– نعم أخي دعنا نبحر معك قليلاً في اطار اليمن الحديث :
• في العام 1962 حدث أكبر انقلاب عسكري من الجيش الملكي بقيادة قيادة الجيش بزعامة السلال أحد كبار قادة جيش الإمام بعد وفاة الإمام أحمد وتولي البدر الحكم مباشرة، وصحيح أن مفكر ومدبر الانقلاب والمخطط له هو الدكتور عبد الرحمن البيضاني وهو مدني ليس له علاقة بالجيش ويختلف في الفكر مع قيادة الانقلاب أصحاب التوجه الناصري ، اندلعت بعد هذا الانقلاب أكبر حرب أهلية في الشمال استمرت حتى العام 1970م عرفت بحرب اليمن ، وبعد نهاية حصار السبعين المعروف انتصرت فيه القوات الجمهورية على القوات الملكية وكان كل طرف مدعوم من دول خارجية فالجمهوريون دعموا من مصر وسوريا والصين والملكيون دعموا من المملكة العربية السعودية ، انتهت الحرب بالاعتراف بالجمهورية العربية اليمنية . وهذه المعركة الطويلة ساهمت في تراجع التواصل مع مفكر الثورة الدكتور البيضاني، وبروز تيار جديد قديم في الثورة وفي الجمهورية ،مما نتج عنه نسخة كربونية سيئة من الأنظمة الجمهورية اخذت من البعثية وخلطته بالقبيلة ودمجتها بالمصالح ، صحيح أن هناك تصحيح في ظل الرئيس الحمدي (1973-1977) ولكن جهده البسيط انتهى باغتياله . ولم تهدأ التوترات في الشمال حتى وصل لسدة الحكم علي صالح الذي اجاد لعبة المصالح بذكاء.
• في العام 1963 بدأت صورة الثورة ضد المستعمر من تحركين شعبيين (جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل – و-الجبهة القومية للتحرير ) وفي نفس العام اعلن عن تكوين اتحاد الجنوب العربي الذي دمج أغلب محميات الجنوب عدا حضرموت تحت رعاية ودعم بريطانيا حيث وعدتهم بالتحرير وجلائها عن الجنوب في العام 1968 ، وجاءت أحداث قناة السويس لتجبر بريطانيا على التعجيل بالخروج في العام 1967م ، وسلمت الأرض للجبهة القومية والذي انتصر بقيادة الدولة في العام 1969م فيه الجناح الماركسي وصار هو الحاكم في البلاد حيث عدل اسم الدولة باسم جمهوري اليمن الديمقراطية الشعبية في نهاية العام 1970م وتم دمج كل الكيانات والأحزاب في حزب وحيد هو الحزب الاشتراكي اليمني والذي قاد الدولة بمنظور اشتراكي ماركسي حتى العام 1986م حيث اندلعت حرب أهلية في عدن اطاحت بأغلب القيادات لتبرز بعدها التوجه نحو الوحدة مع الدولة في الشمال .
• كما تلاحظ أخي في كلا الناحيتين يتم تدمير الماضي ، رغم أن الماضي هو جزء منك ، والماضي عبرة وعظة ، ولا أحد لا ماضي له ، ومن الماضي كان الحاضر ونصنع به المستقبل ، كلهم جعلوا الماضي لعنة و وبال أن قاعدة البناء هي (خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام ) في الماضي اخطاء نعم .. نصححها في الحاضر .ز وفي الماضي منطلقات وبناء نكمله للأفضل ، لا يمكن أن نبدأ دوماً من الصفر ، وكأننا نعيش في رحاة تدور بدايتها هي نهايتها . فلو راجعت معي ستجدكم تكررون يومياً الإمام والإمام ، فعل وترك ، الاستعمار والاستعمار ..فعل وترك ، والإمام أكله الدود ، والاستعمار ولى وترك بصماته غباء الأنظمة ، ولم يسأل أحد ماذا فعلتم أنتم خلال خمسين سنة من جلاء حكم الإمام وجلاء حكم الاستعمار.. من أهداف ثورتكم القضاء على الفقر والجهل والمرض … والمرض تفاقم والفقر تعاظم والجهل تفشى وأعمى العقول والقلوب .
• في العام 1990م جاءت الوحدة اليمنية واندمجت الدولتين فكانت ثورة على كل مخلفات الماضي من فساد حكم في الشمال ، وإدارة اشتراكية مركزية في الجنوب ، لم تمر على الوحدة أشهر حتى بدت أنياب الفساد تبرز ، ومخالب الجشع تتحرك ، ولعاب يسيل أمام لقمة طرية كبيرة ، مخالب الفساد بدأت تتحرك ليبدأ التوتر في الازدياد ،برزت مبادرة وثيقة العد والاتفاق كمرجعية منبعثة من اتفاقية الوحدة 90 ، وشهد لها العالم ، ولكن الأطماع الشخصية والفساد كان أقوى ، الكل صامت لا يتكلم ولا يعترف أين الخطأ والشعب لا يدري من الجاني اندلعت حرب أهلية في العام 1994 بما يعرف بحرب صيف 94 . وجاءت قرارات مجلس التعاون الخليجي ، وقرارات الأمم المتحدة ولكن الطرف الشمالي لا يتوقف وامتد وعبر موجات الفساد وشراء الذمم ، والاختراقات التي هي سلاح حاد جداً يستخدمه النظام بقوة انتهت الحرب لصالح الصالح .
• جاء العام 95 ليحدث انقلاب كلي على اتفاقية الوحدة ، وعلى دستورها الذي على أساسه قامت الدولة اليمنية الحديثة ، وتم تغييره بالكامل تحت نظر وسمع الجميع والشعب غافل لا يدري ،كل الأحزاب ترضخ .
• المأساة تبرز في أحداث العام 98م في أول محاولة انقلاب على الحكم تم اسكاتها بقوة وبرزت القوى الرافضة لما يحدث وبدأت تتشكل فكرة لوقف نزيف الدولة وانهيارها .
• سيطرة أكبر وبروز أكبر وفساد يتعاظم ، بذكاء وجدارة تم جعل مؤسسات الدولة في خدمة حاكم الدولة بدلاً من خدمة شعب الدولة ، وبدلاً من استقلالية السلطات بدأت مركزية السلطة الواحدة تبرز في اطار شخص الحاكم .
• ردود الأفعال بدأت تتحرك ، و الحركة بطيئة مدعومة بصمت الأحزاب التي تعرف بأحزاب المعارضة وماهي إلا أحزاب تسعى لمصالح كبار منتسبيها لا أكثر ولا أقل .
• بدأ الكلام عن توزيع ثروة اليمن بين أفراد قلة مما زاد توتير الأوضاع وبدأت الحلقة تضيق ، حتى برزت موجات المطالبات بالحقوق وعلى رأس المطالبين برزت كيانات ما عرف بالمتقاعدين والعسكريين ، التي منها جاءت حركة الحراك الجنوبي ، وبرزت المعارضة بعد انتخابات 2006 التي ابرزت الصامتين .
• وجاءت حروب صعدة كنوع من اشغال الرأي العام الداخلي والخارجي وخاصة السعودية التي تدفع بالملايين نحو شيوخ وشخصيات يمنية لمنع مشاكل اليمن من الخروج منها من جهة وكسب ولاءات داخلية ، وهي ما تصنعه معظم دول العالم في الحفاظ على مصالحها ولا نلوم الخارج ، فالقلعة الصامدة لا يمكن قهرها من الخارج مالم يكن الدخل ضعيف وخرب .
• وجاءت صناعة الإرهاب كنوع آخر من الصناعات لإشغال الرأي الداخلي والخارجي مستغلين موجة أمريكا في حربها على الإرهاب ، وللقاعدة والإرهاب حديث يطول .
• آلاف من اليمنين قدموا تضحية في سبيل اشغال الناس بأزماتهم الداخلية فيما يعرف في ادارة النظام بسياسة ادارة الازمات أو إدارة الخوف وكل ذلك في سبيل ابقاء منظومة الفساد كما هي .
• موجة الربيع العربي 2011 انتقلت إلى اليمن ، وبرزت في قلب اليمن تعز وعدن ثم صنعاء، ولم تكن سوى حلقة مكملة لما سبق ذكره .. وموجة لتحرير اليمن الحديث .
– ربما الصورة تتضح أكثر لو ساعدتني في تأكيد التالي :
1. الحكم في اليمن لم يستقر وما حدث هو تكوين دولة مركزية جبرية تحت ادعاء تكوين دولة مدنية ديمقراطية لا فرق بين حكم الإمام وحكم الجمهوريين .
2. عدم الاعتماد على النظام والقانون ومحاكمة المخطئ ورفع راية العدل ، يتم التمرير والتسويف ورفع راية الفساد .
3. أحداث 2011 ما هي إلا بروز لصمت طال سنوات حتى صرخت الحناجر (آه )
– جميل تلخيصك .
– شكرا لكن السؤال الآن لقد بدأنا مرحلة انتقالية ولا شيء تغير والأمور معلقة كما تبدو الكل لا يعرف أين نحن الآن وفوق هذا تأتينا دعوات الانفصال من الحراك الجنوبي ، وإرهاب القاعدة الذي شتت الناس في أبين . وضع الكهرباء الذي لم يحل و المجاعة التي ترتسم كصورة سوداء على وجوه أكثر من نصف اليمنيين .
– دعني أمر كعادتي في اطار سريع وجولة حول طرحك هذا :
• لا أريد أن نقول أن ما حدث في الدولتين و وفي اطار الوحدة شر مطلق فلا يوجد شر مطلق ، وما يأتي الشر المطلق إلا علامة على أوان الساعة وانتهاء الحياة الدنيا . المهم : وبالتالي هناك تجارب ونجاحات وانجازات صحيح ليست بذات ذكر ولكنه مسيرة في حياة أمة لابد من أن نأخذ بخيره ومنها يا عزيزي أنك من أبناء هذه المرحلة وتعلمت فيها وهذا ما نقوله في كل مرحلة في تاريخ الأمة .
• إن أول متهم بتدمير وافساد الحياة السياسية والاقتصادية ليس الحكام فقط بل الذين من حولهم الذين صمتوا حتى استطالت ايدي الفساد وعندما بدأت تمس مصالحهم صاحوا ، وتنبهوا .
• لقد تمركز الولاء في بناء الدولة على الأشخاص والقبيلة و الأقارب و الأحساب ، وتم تجميد القضاء واقصاء الرقابة ، فتمركز الفساد حتى صار الفساد الأمر الطبيعي وعداه أمر غير طبيعي وغير مقبول .
• لقد كتبت أنت يا صديقي مقالاً رائعاً قبل فترة كان عنوانها ( الرئيس لن يتنحى ) ، وبالفعل الرئيس علي صالح لم يتنح عن ادارة الدولة ، تنحى ظاهرياً أما اذرعه و حلفاؤه فهم يعملون حفاظاً على هذا الإرث والأثر ، حتى من برز كعدو له في فترة الصراع ، هم اليوم حريصون كل الحرص ألا ينتهي النظام الذي أسسه لأن مصالحهم تضيع مع انهياره .
• إن المعركة المخفية اليوم عن العيون والتي تبرز كصرعات على الأرض يتحملها الشعب هو صراع بين حلفاء الأمس على شكل صراع غير ظاهر بين الحرس الأبناء للرئيس صالح والأقارب من بيت الاحمر وفي الواجهة علي محسن الأحمر .
• إن من وقع المبادرة الخليجية بدعوى انقاذ الثورة والخروج من الأزمة هو دائماً الذي يدخل في آخر اللحظات ليحل المشاكل بنية سليمة أم لا هو من ارتضى عمليات الانقلاب على دستور الوحدة في 95 وهو الذي شارك في تثبيت دعامات التغيير في 98 وهو الذي دعم فوز الرئيس صالح لأكثر من مرة باسم تجنيب البلاد الفتن ، وهو صاحب أشهر الفتاوى التي تتماشى مع كل مرحلة هو حزب القبيلة وليس حزباً اسلامياً كما يقال عنه (حزب الإصلاح) ومن يشاركه ، ليس لديه رؤية سوى مصالح ضيقة باسم مصلحة البلاد بجهل أو بعلم كان المحرك لإفساد الحياة السياسية . ((من فرعنك يا فرعون …قال هامان )) وهامان هنا هي أحزاب برزت مع الوحدة تحت عباءة النظام ودعمه لم تكن يوماً معارضة حقيقة بالمعنى الصحيح للمعارضة في النهج الديمقراطي.
– هل تعني أن اللقاء المشترك ؟ساهم في الخطأ الآن ؟ عذرا للمقاطعة !!!
– لا بأس ، نعم أكمل أخي :
• دعنا نعد لنقطة سابقة ، بعد الانتخابات في 2006 بدأت تبرز توجهات في البحث عن أسباب انهيار الدولة وبروز المشاكل في صعدة والحراك في الجنوب ، وغيرها ، بدأت تظهر أصوات من الداخل تصرخ إلى متى نصمت ، يجب أن نقولها بوضوح أن سبب المشكلة هو رئيس الدولة ، والسؤال من يجرؤ على طرح هكذا كلام ، وجاء موت كبير آل الأحمر الشيخ عبد الله بن حسين ، لتتحرك التوجهات لأبناء الأحمر ، الذي صرخ منهم صارخ واحد هو حميد ، وبدأ يسنده بهدوء وروية وحرص المقاتل العسكري الذكي علي محسن الأحمر ، وهنا برزت العطاءات تعالوا نقتسم الكعكة اليمنية بيننا بالتساوي ، وهنا بدأ الحراك الصامت يرتفع ، والأصوات تعلو بهدوء ، ولكن الحركة واضحة ، ومن هنا بدأ التغييرات في اطار المصالح وبناء تكتل جديد يبنيه الرئيس للتخلص من الكتلة المعارضة التي تعرفه من الألف إلى الياء ، واستمر الصراع الصامت البارز ، والكل يخاف أن يرتفع أكثر لأن هناك صوت آخر أقوى ويهدر بقوة ويصيح إنه الحراك الجنوبي ، ومن تحرك للحصول على قرب من الحراك الجنوبي ومن صده من جهة ، ومن اختراقه وتم ذلك كثيراً ولكن القيادات الرئيسية ما زالت تتحرك وهي تخيف الأعداء في الصراع على المصالح .
• فلما جاءت أحداث تونس وتبعتها مصر وكأن سفينة الانقاذ برزت للجميع ، وتحول الصراع من صراع المجالس إلى صراع الساحات .
• والعاصفة بدأت تتكشف لو تم تبني نهج الثورة إذن فإنها عاصفة تزيل عروش الفساد ، وتقضي على كل المصالح ، وتعيد ترتيب الأوراق ، فلابد أن يقودها أحد لدرب هادئ تنتقل فيه نقلات خفيفة ويتم احتواء الموق على شكل أزمة سياسية بين أحزاب السلطة والمعارضة ، وتم ذلك ولذا فالمبادرة تجاهلت بقوة مقومات الثورة التي ما زالت ترقد تحت الرماد ، من شباب الثورة الذين آمنوا بفكرها ، ومن حراك جنوبي لا يهدأ ومن كتلة في صعدة ، ومن معركة على الأرض بين رفقاء السلاح أبناء الرئيس علي وقيادة الفرقة علي محسن ترز قصتها واضحة في اطراف أبين ، وفي معارك صنعاء ، ويذهب ضحيتها الأبرياء .
• رغم هذا حاول المشترك أن يتحمل مسئولية المرحلة بجدية ، ولكنها فغل أنها مرحلة اثبات وتحتاج لعركة سياسية ذكية بينهم وبين السلطة الحقيقة ،فكان لابد من انشاء :
1. وحدة لإدارة الأزمات .
2. اختيار ذكي لقيادة الوزارات لا يرعى فيها الرفقة بل القدرة .
3. ابراز اعلامي يحقق ابراز معالم التغيير وخطواتها .
4. تحريك الفئة الصامتة نحو المعرفة .
• يوم الجميع يعيش كما ذكرت في دوامة مربع المجهول لا أحد يفهم وتدار الدولة بنفس آليات الحكم السابق مما يعني للناس أن من يحكم اليوم هو حاكم الأمس تغيرت الأسماء والوجوه ولم يتغير شيء ، ويبرز للناس أكثر أن هناك أغبياء يعتمدون على التغيير من الخارج وبنفس آليات النظام السابق الذي ظلت اليمن فيها تابعة و تمد يدها دوماً لطلب العون ، والكل ينظر لها كآفة تحتاج إلى من يعالجها . أنت معي !!
– معك هذا ما يجعلني اعتصر.. فماذا نقدم إذن ؟؟
– سأعطيك باختصار فالوقت يطول :
• إن سياسة المهادنة وقبول الحدث وتضييع الوقت بطلب المحاكمات الحقوق الفئوية ونسيان الناس أن الحق العام ضاع ، لباد أن ينتهي .
• وإذن لابد من تشكيل حزب أو حزبين يحملان الوجوه النظيفة التي لم يغبرها الفساد المالي أو الأخلاقي ولم تحمل وزر دم من الناس ، ويتشكل أغلب منتسبيها من شباب الثورة ورجالات التغيير و المفكرين والمثقفين ، حزب معارضة يقف أمام سلطة اليوم ليوجهها وينتقدها ويصحح مساراها ويكون بديلاً لها ويتناقش باسم الفئات الصامتة التي لم تتكلم .
• تكوين إعلام حر نزيه يعتمد المصداقية والحقيقة ويتبنى مكونات الثورة الجديدة وبناء تيار وتثقيف الرأي العام ، من صحف وإذاعة ومحطة فضائية ، فللأسف الشديد كل المحطات اليمنية لها ولاءات وتستخدم الشبهات والتدليس للوصول لهدف ما، لا تتبنى فكر الوطنية والوطن و تمد يدها للجميع دون استثناء المعارض وصاحب السلطة .
• تشكيل نادي من القضاة والمحامين الذين لم يدنسهم الفساد في النظام القائي ليكونا منبراً للبحث عن الحقيقة وتقويم اعوجاج القضاء ، فالعدل أساس الحكم ولا يمكن أن تقوم دولة يتعمد على المولات والمحابات والمسامحات .
• العمل على تكوين حكومة ظل من التكنوقراط تستعد لتحمل قيادة المرحلة الانتقالية القادمة ، فحكومة اليوم ما هي إلا عابر سبيل يغلب عليه العجز والفشل أمام بابها ينتظر .
• تكوين مجلس أمناء ثورة نتبنى أهداف الثورات اليمينة و وثيقة الوحدة الأصلية ليتم بها تقييم الوضع وتقويم الأمور .
• تكوين مجلس استشاري وبحثي للعمل على دراسة الأزمات ومقومات الحل ، يعمل جاهداً للتعريف بجذور المشكلة و وضع آليات الحل لأنه سيتحمل إدارة الأزمات عند الطلب والوقت يمضي سريعاً .
– شكرا أخي أعرف أن الوقت يمضي سريعاً ، والساعات مضت … سأعود إليك قريباً فأي باب نفتحه معاً .
– كما ذكرت في المقدمة صناعة الطاغوت .
– فليكن إن شاء الله إن كان في العمر بقية .. استودعك الله .
– أهلا بك وفي أمان الله .
انتهى اللقاء … ولم ينته فللحديث بقية

أحمد مبارك بشير
30/6/2012

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.