نظرية ظهور العلم -26 -هل يمكن أن نقول التالي؟

نظرية ظهور العلم -26 

هل يمكن أن نقول التالي؟

أسهمت أمة محمد إسهامًا مبهرًا في تقدم المعرفة البشرية في قطاع العلوم الطبيعية والإنسانية.

الكبابيش جزء من أمة محمد.

إذن, الكبابيش ساهموا إسهامًا مبهرًا في تقدم المعرفة البشرية في قطاع العلوم الطبيعية والإنسانية.

إذا كان من الممكن أن نتحدث بهذا الشكل, فأرجو إضافة المنايفة إلى قائمة من ساهموا في تقدم المعرفة البشرية في قطاع العلوم الطبيعية والإنسانية.  خاصة أهل كفر نفرة الكرام.  فهم ليسوا أقل إيمانا من الناطقين باللغة العربية في القرون الخمسة الأولى من الهجرة. 

الخلط واضح.  والسؤال أوضح. 

هل أنتج الناطقون باللغة العربية في القرون الخمسة الأولى من الهجرة “علما” ساهم في تقدم المعرفة البشرية في قطاع العلوم الطبيعية والإنسانية؟ 

ثانيـًا, أشار الأستاذ الدكتور عبد الغني إلى أني نسيت تماما أن:

أ‌.       منطقة ما بين النهرين (ميسوبوتاميا) هي التي اخترعت أعظم اكتشافين في تاريخ الإنسانية, وهما الكتابة والعجلة, وأن

ب‌.   حضارة النيل هي التي بُنيت على أكتافها الحضارة اليونانية، وأن 

ت‌.   الحضارة اليونانية لم يعرفها الغرب إلا عن طريق العرب, وأن

ث‌.   الأسبان فخورون بفترة الحكم العربي, فقد كانت منارة العلم باعتراف كل الأروبيين, وأن 

ج‌.    علوم (“العرب”) كانت تدرس في الجامعات الأوربية إلى عهد قريب، وأن

ح‌.    البي بي سي البريطانية بثت برنامجًا عن قرطبة, وجمال المعمار (“العربي”), والآثار التي تركها (“العرب”) هناك، وكانت من الجمال حتى أن بنائي الكنائس قلدوها.

أود أن أؤكد للأستاذ الدكتور عبد الغني أني لم أنسَ كلمة مما ذكر سيادته, كما أود أن أؤكد صواب كل ما يشير إليه كل حرف في كل كلمة مما كتب أعلاه (باستثناء كلمة “العرب” و”العربي” ورجاء وضع كلمة “المسلمون” و”الإسلامي” بدلا منهما).    المشكلة, مرة أخرى, أن كل هذا لا علاقة له بموضوع كتاب “ظهور العلم”. 

الفكرة الأساسية التي يدور حولها كتاب “ظهور العلم” هي أن الناطقين بالعربية في القرون الخمسة الأولى من الهجرة لم يساهموا – مثلهم في ذلك مثل بقية خلق الله في كل المجتمعات الرعوية –  في تقدم المعرفة البشرية في قطاع العلوم الطبيعية والإنسانية.  العرب ليسوا بدعًا بين الأمم.  مجتمعات الصيد والتقاط الثمار, ومجتمعات الرعي والزراعة البسيطة لا تنتج علمًا.  العلم “أداة” مثلها في ذلك مثل الساقية, والشادوف, والطنبور.  يستحيل على مجتمع رعي أن ينتج ساقية.  لمَ ينتج أي مجتمع في العالم “أداة” لا يحتاج إليها.  هذه هي سنة الله في خلقه.  هذه هي السنن الإلهية.  المجتمعات الرعوية لا تنتج علومًا تساهم في تقدم المعرفة البشريّة في حقل العلوم الطبيعيًة والإنسانيًة.  فكرة أن براكين العلم التي انفجرت في البصرة, والكوفة, وبغداد في القرون الأولى من الهجرة هي براكين عربية فكرة خاطئة, وغير أخلاقية, ومضرة.   خاطئة لأنه لم يحدث.  غير أخلاقية لأنا ننسب إلى أنفسنا ما ليس لنا.  مضرة لأنها تمنعنا من أن نرى الحق.  حان وقت التعرف على الحق والاعتراف بالحق.   حان وقت الإقلاع عن السجائر البني.

لا يمكنني إنهاء هذا المقال قبل الكشف عما شغلني أكثر من أي شيء آخر في رسالة الأستاذ الدكتور محيي الدين عبد الغني.  عرَّض أستاذنا الكبير بمبحث “ظهور العلم”, وقال عنه إنه غير منصف, بل ووصفه بأنه بحث أعور.  المشكلة, أنه لم “ينقده”.  لم يبين لنا سيادته أين الخطأ.  لم يتعرض سيادته للإطار النظري الذي يدور البحث في إطاره مبينا غياب أي إطار نظري أصلاً, أو مبينا أنه إطار نظري عفا عليه الزمن وأن هناك أطرًا أخرى أكثر حداثة وأكثر دقة.   لم يُشِر سيادته إلى أن الحقائق التي أوردتها لا تساند فرضية البحث, أو لا تكفي لتأييدها.  لم يبين سيادته أن ما “صوره” البحث على أنه حقائق إنما هو مجموعة من “الادعاءات” لا مجموعة من الحقائق.  أي لم يفعل مثلما فعل فضيلة الشيخ الطحاينة عندما تحدث عن “معجم العين” للخليل بن أحمد أستاذ سيبويه مبينا أن المسألة لم تقتصر على مزدوجي اللغة وحسب.  لم يبين سيادته كذلك ما إذا كان الإطار النظري للبحث يتعارض مع فرضية البحث أو إلى وجود تناقضات بين الحقائق التي يستند إليها البحث.  لم يفعل سيادة الدكتور محيي الدين عبد الغني أكثر مما نفعله كل يوم في ثقافتنا العربية “السعيدة”.  أمسك بالبحث, ونظر فيه, ورأي أنه يتحدث عن فكرة ليست “حلوة” فألقى به في صفيحة الزبالة.   

كلي ثقة في أن عالمنا الكبير سيعيد النظر في البحث, وسيكتب إلينا مبينا “بالتفصيل” و”بالدليل” أين الخطأ.  أين الخطأ؟  

يتبع …

كمال شاهين

#نظرية_ظهور_العلم

#تطوير_الفقه_الاسلامي 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.