دور الصناعات المحلية في التنمية الاقتصادية في اليمن

 التحديات والفرص

دور الصناعات المحلية في التنمية الاقتصادية في اليمن

 التحديات والفرص

مرحبا،

اسعى في هذا المقال إلى تحليل واقع الصناعات المحلية في اليمن، واستعراض التحديات التي تواجهها، ودراسة الفرص المتاحة لتعزيزها، مع الأخذ في الاعتبار تأثير الأزمات الاقتصادية العالمية، وخاصة التضخم وأزمة كوفيد-19، وتأثير الانقسامات السياسية والميزان التجاري على التنمية الاقتصادية، فلطالما لعبت الصناعات المحلية دوراً محورياً في تحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز الاستقلالية الاقتصادية للدول.

بعض المفاهيم ذات العلاقة:

حتى تفهم بعض النقاط التي اشرت اليها في المقال فمن الجيد التعريف بها ادناه:

Nالمفهوم
 الصناعة (Industry)الصناعة بمفهومها الواسع تشمل جميع الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بإنتاج السلع والخدمات، سواء من خلال التصنيع المباشر، أو من خلال الأنشطة التي تضيف قيمة للمنتجات، أو تسهم في تحسين العملية الإنتاجية. وهي تشمل جميع القطاعات الإنتاجية التي تساهم في الاقتصاد الوطني.فمثلاً صناعة البن: هي جزء من القطاع الصناعي الذي يشمل جميع الأنشطة المتعلقة بإنتاج وتسويق وتوزيع البن، بدءاً من الزراعة، مروراً بعمليات المعالجة، وانتهاءً بالاستهلاك المحلي أو التصدير. مثلا السياحة كصناعة: مجموعة الأنشطة الاقتصادية والخدمية التي تقدم للمسافرين والسياح خدمات وتجارب متنوعة، بدءاً من الإقامة والنقل إلى الأنشطة الترفيهية والثقافية، و هي صناعة متكاملة لأنها تشمل سلاسل قيمة متشعبة، مثل النقل، والضيافة، والتسويق، والاستثمار في المواقع السياحية.يشمل ذلك اذن في هذا المفهوم:سلاسل القيمة (Value Chains)سلاسل الإمداد (Supply Chains)
 سلاسل القيمةتمثل جميع الأنشطة التي تُضيف منفعة للمنتج أو الخدمة عبر مراحل الإنتاج المختلفة، بدءاً من المواد الخام وصولًا إلى المستهلك النهائي، مع التركيز على رفع الجودة وزيادة الربحية.
 سلاسل الامدادسلسلة الإمداد تشير إلى الجانب اللوجستي والتشغيلي الذي يشمل جميع العمليات المتعلقة بتوريد ونقل وتوزيع المنتجات من الموردين إلى المستهلكين.
 الصناعة كإنتاج (Production)الصناعة كإنتاج تشير إلى العملية المباشرة لتحويل المواد الخام أو المدخلات إلى سلع قابلة للاستهلاك أو الاستخدام الصناعي. تعتمد على عمليات تشغيلية تشمل الإنتاج الفعلي داخل المصانع والمنشآت الإنتاجية.
 الصناعة التحويلية (Manufacturing Industry)الصناعة التحويلية هي جزء من القطاع الصناعي وتشمل تحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية أو شبه نهائية من خلال العمليات الميكانيكية والكيميائية.
 الصناعة الاستخراجية (Extractive Industry)الصناعة التي تعتمد على استخراج الموارد الطبيعية من الأرض أو البحر دون تغيير طبيعتها الأساسية، وتستخدم في الصناعات الأخرى أو يتم تصديرها كمواد خام.
 الصناعات الريفية المستدامة (Sustainable Rural Industry)الصناعة الريفية : تشير إلى الأنشطة الإنتاجية التي تتم في المناطق الريفية، وتشمل صناعات صغيرة ومتوسطة تعتمد على الموارد المحلية مثل الزراعة، والثروة الحيوانية، والحرف اليدوية. عندما تكون مستدامة: التي تعتمد على الموارد الريفية وتستخدم ممارسات مستدامة، وتساعد في دعم التنمية الريفية وخلق فرص عمل للسكان المحليين.هذه الصناعات تُعتبر الأساس في الاقتصاد الريفي، حيث تساهم في توفير فرص عمل، وتحسين الدخل، وتعزيز الأمن الغذائي.
 الناتج المحلي الإجمالي (Gross Domestic Product – GDP)هو إجمالي القيمة النقدية لجميع السلع والخدمات المنتجة داخل حدود دولة معينة خلال فترة زمنية محددة (عادة سنة واحدة).يتم احتسابها اما بطريقة الإنتاج او طريقة الانفاق او طريقة الدخل.
 الممارسات المستدامة (Sustainable Practices)مجموعة من الأنشطة والاستراتيجيات التي تهدف إلى تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، وحماية البيئة، والتنمية الاجتماعية لضمان استمرار الموارد للأجيال القادمة.
 الميزان التجاري (Trade balance)مقارنة بين قيمة ما تبيعه دولة (صادراتها) وقيمة ما تشتريه من دول أخرى (وارداتها). بمعنى ننظر للدولة كشركة كبيرة فالصادرات هي البضائع التي تبيعها الشركة والواردات هي البضائع التي تمثل مدخلات إنتاجية او استهلاكية لها والتي تأخذ من شركات اخرى.
 الفائض والعجز في الميزان التجاري (Trade surplus and deficit)إذا كانت قيمة الصادرات أكبر من قيمة الواردات فهذا يعني أن الدولة تبيع أكثر مما تشتري، وحينها نقول إن الميزان التجاري لديه فائض.في الاغلب يعتبر الفائض التجاري مؤشراً على قوة اقتصاد الدولة وقدرته على التنافس في الأسواق العالمية. إذا كانت قيمة الواردات أكبر من قيمة الصادرات فهذا يعني أن الدولة تشتري أكثر مما تبيع، وحينها نقول إن الميزان التجاري لديه عجز.يشير العجز إلى ضعف في القدرة التنافسية أو الاعتماد الكبير على الاستيراد.في الاغلب يؤدي العجز التجاري المستمر إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الواردات وتأثير سلبي على التضخم والقدرة الشرائية.إذا كانت قيمة الصادرات تساوي قيمة الواردات: فهذا يعني أن الدولة تبيع وتشتري بنفس القيمة، وحينها نقول إن الميزان التجاري متوازن.

تحليل الوضع الحالي للاقتصاد اليمني وللصناعة في اليمن:

  1. يشهد الاقتصاد اليمني تراجعاً ملحوظاً منذ عام 2015، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي من 45 مليار دولار في 2014 إلى حوالي 21 مليار دولار في 2023.
  2. مع اخذ العلم ان الناتج المحلي القومي يعبر عن حركة العمليات التجارية في الاقتصاد اليمني، لكن لو راجعنا الميزان التجاري نجد قبل عام 2015، كان العجز التجاري في اليمن يقارب 30%، وكانت الفجوة تغطى بشكل أساسي من خلال تحويلات المغتربين، بالإضافة إلى عائدات النفط والغاز، التي كانت تشكل الجزء الأكبر من الإيرادات الحكومية، كان اجمالي العجز بين 3-4 مليار دولار من اجمالي الميزان التجاري. ومع اندلاع الصراع في 2015، توقفت صادرات النفط والغاز تقريباً، مما أدى إلى تضاعف العجز التجاري ليصل إلى أكثر من 100% بحلول 2023.
  3. تحتل اليمن المرتبة 140 بين اقتصاديات العالم من 141 دولة.
  4. زيادة العجز واضحة فيما بعد 2014، حيث لم تتجاوز صادراتنا  1.5 مليار $، مقابل واردات 11.4 مليارا $ أي أن الفجوة اتسعت إلى 9 مليارات تقريباً في الميزان التجاري. (للتنبيه 70 % كانت صادرات النفط الخام، ومع أخذ العلم انه لم يتم قياس الواردات التي تتم عبر التهريب والتي قد تجعل العجز أكبر من الرقم السابق).
  5. نتيجة للحرب والحصار زادت معدلات العاطلين عن العمل فالتراكمات الإيرادية للناتج المحلي للسنوات الست من الحرب قدرت بأكثر من 88 مليارا $.[1]
  6. و يا للأسف أيضا أصبح نمو الناتج المحلي في السالب 1 %.[2]
  7. وفقاً للبنك الدولي، فقد انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 54% بين 2015 و2023، مما يعكس التدهور الحاد في الأداء الاقتصادي للبلاد.
  8. كما تراجعت الصادرات اليمنية بأكثر من 95% مقارنة بما كانت عليه قبل 2015، وأصبحت تحويلات المغتربين والمساعدات الدولية المصادر الرئيسية لتغطية العجز التجاري.
  9. ومع تقلص احتياطيات النقد الأجنبي، انخفضت الواردات بحوالي 64% بحلول 2017 مقارنة بعام 2014، مما تسبب في أزمة اقتصادية كبيرة. تدهور سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية أدى إلى تفاقم التضخم، وزيادة تكلفة السلع والخدمات، مما أثر بشكل مباشر على معيشة المواطنين.
  10. تأثرت هذه الأرقام بشدة نتيجة التضخم العالمي الذي تفاقم بعد أزمة كوفيد-19. حيث فقد الدولار الأمريكي حوالي خمسة أضعاف قيمته منذ 2014، مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية بشكل كبير عالمياً ، وانعكس ذلك بالتأثير على الاقتصاد اليمني. بمعنى ان 45 مليار $ في 2014 يفترض ان تكون 225 مليار $ في 2025 لكن للأسف فقط 21 مليار$ هو الناتج المحلي في 2023-2024 بمعنى انه لا يمثل اكثر من 4 مليار معادلة للعام 2014.
  11.  تزايدت معدلات البطالة، مع غياب التدفقات النقدية أثر على الأسواق المحلية في اليمن، مما زاد من الضغوط الاقتصادية على السكان.
  12. كما أن استمرار الصراع وتوجه بعض القوى السياسية نحو تقسيم اليمن يخلق تحدياً إضافياً للتنمية الاقتصادية. إذ يتطلب الاقتصاد الوطني نظرة شاملة لدولة واحدة موحدة وقوية، بدلاً من كيانات صغيرة مفككة. فالانقسام السياسي قد يؤدي إلى انعدام الاستقرار الاقتصادي، وضعف الاستثمار، وانخفاض قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات اقتصادية متماسكة، مما يزيد من تعقيد تحديات التنمية.

التحديات الرئيسية لتنمية الصناعة في اليمن:

  • قبل 2015 كانت هذه الصورة للتحديات الرئيسية والتي سعت المنظمات الدولية المانحة وأصدقاء اليمن الى إيجاد حلول لها لتعزيز اقتصاد الدولة:
  1. ضعف البنية التحتية:
  2. نقص الكهرباء والمياه.
  3. سوء حالة الطرق والموانئ، مما يعوق حركة البضائع والمواد الأولية.
  4. غياب المناطق الصناعية المجهزة.
  • نقص التمويل:
  • صعوبة الحصول على القروض والتسهيلات الائتمانية.
  • محدودية برامج التمويل المخصصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
  • ضعف دور البنوك في دعم المشاريع الصناعية مقارنة بالقطاعات الأخرى.
  • نقص الكفاءات والمهارات:
  • افتقار سوق العمل إلى العمالة الماهرة والمدربة بما يتناسب مع متطلبات الصناعة وسوق العمل.
  • غياب برامج التدريب والتعليم الفني الملائمة لاحتياجات السوق.
  • ضعف التكامل بين الجامعات والمراكز التقنية والفنية ومتطلبات السوق.
  • غياب التشريعات الداعمة:
  • تعقيد الإجراءات البيروقراطية.
  • ضعف حماية المستثمرين المحليين والدوليين.
  • عدم وجود سياسات واضحة لدعم التصنيع المحلي.
  • ضعف التشبيك في سلاسل القيمة والإمداد:
  • قلة التنسيق بين مختلف القطاعات الصناعية.
  • ضعف التكامل بين مراحل الإنتاج والتوزيع.
  • تحديات تتعلق بالخدمات اللوجستية والتخزين والنقل.
  • الشراكة بين القطاعات المختلفة:
  • ضعف التعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص.
  • غياب الأطر المؤسسية لدعم التكامل بين القطاعات الربحية وغير الربحية.
  • التحديات المستجدة بعد 2015:
  1. انخفاض القدرة الشرائية لدى المواطنين.
  2. تزايد معدلات البطالة والفقر وانخفاض او انعدام القوة الشرائية.
  3. استمرار الخلافات السياسية داخل نطاق الحكومة المعترف بها دولياً.
  4. تراجع دور الدولة في دعم القطاع الصناعي بصورة أساسية وسلاسل القيمة للصناعة في اليمن بصورة خاصة بل غياب الوعي والفهم لها.
  5. تصنيف انصار الله كمنظمة إرهابية.
  6. المعالجات لتلك التحديات قبل 2015:
  7. او ما الذي تم من قبل أصدقاء اليمن والمانحين الدوليين ما قبل 2015 لتعزيز بيئة العمل وبيئة الصناعة المحلية في التحديات ما قبل 2015 ؟
  8.  مع اخذ الاعتبار ان تلك المعالجات لم تكن ضمن رؤية متكاملة وانما كانت اشبه (بالترقيع) في اكثر من جانب ولم تحمل نموذج كامل للتدخل من قبل المانحين ، من جهة لان المانحون ليسوا الدولة ، ولان الدولة لم تكن تستوعب لماذا يتم هذا التدخل، لكن ورغم هذا كانت تلك التدخلات ذات أهمية وقيمة في وصول اليمن الى نقطة النضج في 2010 ، لكن ما بعد 2011 عدنا للبحث من جديد عن (الترقيع) ، عموما هذه التدخلات لأهميتها استعرض بعضها ادناه لربطكم بها وربما يعي أصحاب المصلحة المعنيين فهما أوسع لماذا تم ذلك؟ :
التحديمن التدخلات التي تمت
البنية التحتيةدعمت مجموعة البنك الدولي انشاء عدة صناديق مستقلة بغرض التنمية وتطوير البنية التحتية منها الصندوق الاجتماعي للتنمية في نهاية التسعينيات ، و برنامج تنمية الطرق الريفية ، و مشروع الاشغال العامة ، وبرنامج تنمية مدن الموانئ وغيرها في سبيل إزالة الفجوات في البنية التحتية وهذه احدى التدخلات البارزة في إزالة العقبات امام الصناعة المحلية بصورة خاصة وتنمية الصناعة والاقتصاد اليمني بصورة عامة.
التمويلعبر الصندوق الاجتماعي للتنمية تم اطلاق عدد من برامج التمويل الأصغر والتي تحول بعضها الى مؤسسات تمويل اصغر ، من اجل إزالة الفجوة بين الاحتياج للتمويل في الاعمال الصغيرة ومتناهية الصغر وصولا الى الاعمال الصناعية والتي أدت الى انشاء صندوق تمويل الصناعات والمنشآت الصغيرة. 
التشريعاتشاركت المنظمات الدولية وعلى رأسها مؤسسة التمويل الدولية  UNDP  في تيسير اطلاق عدد من القوانين الميسرة لبيئة الاعمال ومنها قانون بنوك التمويل الأصغر، وتعزيز تشريعات وقوانين البنك المركزي ، وقانون الاستثمار وغيرها.
التشبيك والتأهيل وسلاسل القيمةبتوجه من الصندوق الاجتماعي للتنمية تم اطلاق وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والاصغر والتي تعمل على (دراسة سلاسل القيمة) و وضع استراتيجيات لتعزيز القدرات في القطاع الخاص والاعمال الصغيرة ومتناهية الصغر ، من خلال التشبيك وبناء القدرات والدعم الاستشاري. وكانت الشريك الرئيسي في احداث نقلة في التدخلات لدعم الصناعة في اليمن عبر سلاسل القيمة وسلاسل الامداد والتي تطلب جهد كبير لفهم هذا التدخل العميق، وما زالت. كما تم فصل قطاع التعليم الفني وتحويله الى وزارة التعليم الفني والتدريب المهني ، الا انه واجه مشكلة والى اليوم في تحقيق الهدف من اطلاق هذه الوزارة.
الشراكاتولان الفجوة كانت عميق تطلب إيجاد آلية لإشراك القطاع الخاص والتنموي مع الحكومة في هذا الجهد وبدأت من 2009 والى الان السعي لتكوين آلية لخلق تلك الشراكات وجعلها جزءاً أساسياً في إزالة كل تلك التحديات والتي ما زال الوضع فيها غير مستقر.وحتى الان تعاني الحكومة والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي من فهم مفهوم الشراكة وآلية العمل عليها ولماذا؟
  • اما مع التحديات الجديدة:
التحديمن التدخلات التي تمت
انخفاض القوة الشرائية وتفشي الفقر وزيادة البطالة  سعى المانحون الدوليون الى إيجاد آلية مناسبة لتوفير تدفقات نقدية للأسر في اليمن عبر عدة مشاريع مختلفة ، بكل أنواعها من الاسهام المباشر في توفير الغذاء ، او تدفقات لمشاريع متناهية الصغر بمبالغ رمزية في مناطق الضعف ، والى دعم الضمان الاجتماعي والى مشاريع النقد مقابل العمل ، والى مشاريع لتعزيز القطاع الخاص ودعم استمراريته لخلق وظائف في سوق العمل ، الا ان كل هذا لا يكفي دون وجود (الدولة)  واستراتيجية واضحة لهذه التدخلات التي أصبحت اكثر عشوائية من بداية الازمة ولم تسهم في توفير حلول ناضجة حتى الان. 
العجز الكبير في الميزان التجاريسعى أصدقاء اليمن الى إيجاد حلول لمعالجة توقف الصادرات النفطية والغاز والتي قد تسهم بشكل كبير في معالجة الميزان التجاري الا ان الصراع كان اقوى من عودتها فخلقت فجوة أخرى بدلا من توفير إيرادات للميزان التجاري من خلال بيع النفط والغاز ، الى عجز كبير في توفير الأموال لتوفير الوقود لليمن وخلقت حولها منظومة فساد متكاملة ومعقدة. تم التركيز أيضا على زيادة اسهام المغتربين اليمنيين في الميزان التجاري عبر الحوالات المتدفقة من المغتربين لذويهم الا ان التعقيدات التي نشأت بسبب سقوط النظام البنكي في الصراع سبب أيضا مشكلة أخرى لا تنتهي في معالجة المشكلة، قدمت بعض الدول تدفقات نقدية لدعم المركزي اليمني الا انها لم تكن في حجم المتطلبات الشهرية التي تحتاجها اليمن لمعالجة العجز التجاري الذي يفوق 9 مليار سنوي ، واكثر ، فعلياً لم تكن هناك حلول واضحة دون معالجة الازمة اليمنية في الأساس.
استمرار الخلافات السياسيةوهنا اركز على الخلافات في البيت الواحد الذي يمثل الحكومة المعترف بها دولياً (صار الوضع فيها اقرب لبيت الضرائر) التي يعجز الزوج ان يعود لبيته بسبب صعوبة الحل ، فلا طلق ولا عاد. ورغم محاولات الدول الداعمة لتوفير قاعدة مشتركة لحل الخلافات ، الا ان المصالح الإقليمية من جهة والخلافات الداخلية من جهة لم توفر قاعدة يبنى عليها للمعالجة.
البند السابعيعكس إدراج اليمن في البند السابع حالة عدم الاستقرار والأزمة الإنسانية والسياسية التي يعيشها البلد.هذا الإجراء له آثار عميقة على مختلف جوانب الحياة في اليمن، بما في ذلك الاقتصاد، من ذلك: تراجع الثقة في الاقتصاد اليمني، مما يقلل من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويجعل من الصعب على الشركات والمستثمرين التعامل مع اليمن.يحد ذلك من التجارة والاستثمار ويؤدي إلى نقص السلع الأساسية وارتفاع الأسعار.قد يواجه اليمن صعوبة في الحصول على القروض من المؤسسات المالية الدولية، مما يحد من قدرته على تمويل مشاريع التنمية.يؤدي الصراع المستمر إلى تدهور البنية التحتية، مما يزيد من تكاليف الإنتاج ويقلل من الكفاءة الاقتصادية.يؤدي تدهور الاقتصاد إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، مما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.ولا يوجد حل الا بتوافق الكتلة السياسية في الحكومة المعترف بها دولياً وهذا التوافق يمكن ان يسهم في الوصول الى خروج اليمن من البند السابع والبدء في المعالجة الداخلية للازمة اليمنية، وهذا لا يمتلكه احد من الإقليم والمانحين.
تصنيف انصار الله كمنظمة ارهابيةقد يكون تصنيف انصار الله كمنظمة إرهابية ، يخدم الحكومة المعترف بها دولياً ، لكن في المنظور الآخر ، انصار الله ليست منظمة متمردة بل هي حكومة امر واقع في صنعاء، وفي ظل ضعف الحكومة المعترف بها دولياً وعدم الوصول الى آلية للتسوية السياسة ، او آلية لانهاء الصراع والازمة في اليمن ، هذا يثير مخاوف جدية بشأن التداعيات الاقتصادية والإنسانية المحتملة على المناطق التي تقع تحت سيطرتهم. يؤدي هذا التصنيف إلى تقليل تدفق المساعدات الإنسانية، وصعوبة في التعاملات المالية والتجارية، وتدهور الوضع الاقتصادي في هذه المناطق التي يعيش فيها اغلبية اليمنيين، مما يؤثر سلباً على الاقتصاد الوطني ككل ويعيق جهود التنمية الشاملة، وزيادة معدلات البطالة والفقر، وتفاقم الأزمة الإنسانية. علينا ان نتذكر ان الاقتصاد اليمني مترابط، وتدهور الوضع الاقتصادي في أي جزء منه يؤثر على الأجزاء الأخرى. إذا تدهورت الأوضاع في مناطق سيطرة أنصار الله، فسيكون له تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني ككل، ويعيق جهود التنمية الشاملة والمستدامة في اليمن .الحلول الخارجية والقرارات الأحادية الجانب قد تكون لها آثار سلبية غير مقصودة وتزيد من تعقيد الأزمة. الحل المستدام يكمن في التوافق اليمني الداخلي ومعالجة جذور المشكلة بشكل شامل، بالتالي يتطلب هذا معالجة فورية تشمل حواراً يمنياً شاملاً لتجنب تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في جميع أنحاء اليمن، وإعادة الوضع اليمني لدائرة الحرب الاهلية المستعرة.

التوصيات الاستراتيجية:

  1. تحسين البنية التحتية:
    • تطوير المناطق الصناعية وتأهيلها لتكون جاذبة للاستثمار.
    • تحسين شبكات الكهرباء، والمياه والطرق والموانئ.
    • تبني سياسات تدعم استثمارات البنية التحتية الصناعية.
  2. تعزيز التمويل والاستثمار:
  3. تسريع جهود توحيد إدارة و إرادة البنك المركزي اليمني وتطبيق سياسات نقدية موحدة وفعالة.
    • تطوير وتنفيذ خطة شاملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، بما في ذلك معالجة الديون المتعثرة، وتعزيز الرقابة المصرفية، وتحديث القوانين واللوائح المصرفية لتتوافق مع المعايير الإقليمية و الدولية.
    • تشجيع دخول بنوك ومؤسسات مالية إقليمية ودولية قوية ومتخصصة إلى السوق اليمني لزيادة المنافسة وتوفير خدمات تمويلية متنوعة ومبتكرة للقطاع الصناعي.
    • تقديم حزمة حوافز استثمارية شاملة للمصانع المحلية والمستثمرين الأجانب تشمل، إعفاءات ضريبية، و تسهيلات جمركية على استيراد الآلات والمعدات والمواد الخام، و تخصيص أراض صناعية بأسعار تفضيلية، وتبسيط إجراءات التراخيص والتصاريح.
    • إنشاء صندوق وطني لدعم وتمويل المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة، مع التركيز على الصناعات ذات القيمة المضافة العالية والصناعات الريفية المستدامة.
    • تطوير آليات لضمان الاستثمار وحماية حقوق المستثمرين لزيادة الثقة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
  4. تطوير التشريعات والسياسات:
    • إطلاق برنامج شامل لتبسيط الإجراءات الحكومية المتعلقة بتأسيس الشركات وتشغيل المصانع والتجارة والاستثمار، من خلال التحول الرقمي وتطبيق نظام “الشباك الواحد”.
    • مراجعة وتحديث القوانين واللوائح التجارية والصناعية والاستثمارية لتكون أكثر وضوحاً وشفافية وملاءمة لبيئة الأعمال الحديثة.
    • مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع المؤسسات الحكومية ذات الصلة بالقطاع الاقتصادي والصناعي.
    • إعداد وتنفيذ استراتيجية اقتصادية و صناعية وطنية شاملة ومفصلة تحدد رؤية وأهداف التنمية الاقتصادية والصناعية في اليمن، وتحدد القطاعات الصناعية ذات الأولوية، وتضع السياسات والبرامج اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.
    • إنشاء هيئة وطنية للصناعة تكون مسؤولة عن تنفيذ الاستراتيجية ، وتقديم الدعم الفني والاستشاري للقطاع الصناعي، والتنسيق بين مختلف الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني.
  5. تنمية القوى العاملة:
    • إعادة هيكلة وتطوير منظومة التعلم في اليمن بما يشمل التعليم العام والتعليم الفني والمهني لتلبية احتياجات سوق العمل المتغيرة ومتطلبات القطاع الصناعي الحديث.
    • توسيع نطاق برامج التدريب المهني والتقني وتطوير جودتها، مع التركيز على المهارات المطلوبة في الصناعات ذات الأولوية (مثل الصناعات الغذائية، والصناعات الزراعية، والصناعات الحرفية، والصناعات التحويلية الخفيفة).
    • إطلاق برامج وطنية شاملة للتأهيل والتدريب المهني تستهدف بشكل خاص الشباب والفئات التي كانت جزءاً من منظومة الحرب والمجندين. يجب أن تركز هذه البرامج على:
    • توفير تدريب مهني مكثف في مختلف المجالات الصناعية والحرفية التي يحتاجها سوق العمل، مع التركيز على المهارات المطلوبة في الصناعات ذات النمو المحتمل في اليمن.
    • تضمين مكونات لتنمية المهارات الحياتية مثل التواصل، والعمل الجماعي، وحل المشكلات، بالإضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي لمساعدة هذه الفئات على التكيف مع الحياة المدنية وتجاوز آثار الصراع.
    • توفير تدريب على ريادة الأعمال وإدارة المشاريع الصغيرة لمساعدة الشباب على إنشاء مشاريعهم الخاصة وتوفير فرص عمل لأنفسهم ولغيرهم.
    • تقديم منح مالية أو قروض ميسرة للخريجين المتميزين من برامج التأهيل المهني لمساعدتهم على بدء مشاريعهم الخاصة أو الحصول على فرص عمل.
    • تقديم حوافز ضريبية أو دعم مالي للشركات الصناعية التي تقوم بتوظيف الشباب والفئات التي تم تأهيلها من خلال هذه البرامج، لتشجيع القطاع الخاص على استيعاب هذه الكفاءات الجديدة.
    • إنشاء مراكز متخصصة للتوجيه المهني وتقديم خدمات دعم التوظيف للشباب والفئات المتضررة من النزاع، بما في ذلك المساعدة في البحث عن فرص عمل، وكتابة السيرة الذاتية، واجتياز المقابلات الشخصية، والتواصل مع الشركات الصناعية.
    • بناء شراكات قوية مع القطاع الخاص لضمان توافق برامج التأهيل والتدريب مع احتياجات سوق العمل وتوفير فرص عمل حقيقية للخريجين.
    • تأسيس مراكز تدريب متخصصة داخل المؤسسات الحكومية أو بشكل مستقل، تكون مهمتها الأساسية تصميم وتنفيذ برامج تطوير القيادات والكفاءات الحكومية بشكل مستدام. بما قد يشمل:
    • تطوير قدرات القيادات الحكومية في مجال التخطيط الاستراتيجي، وصياغة السياسات العامة الفعالة والمبتكرة، وتنفيذها وتقييمها، مع التركيز على السياسات الصناعية والتجارية والاستثمارية.
    • تعزيز مهارات القيادات الحكومية في الإدارة الفعالة للموارد العامة، وتحسين الأداء المؤسسي، وتبسيط الإجراءات، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
    • تنمية مهارات القيادة والإدارة، وبناء فرق العمل الفعالة، والتواصل الفعال مع مختلف أصحاب المصلحة (القطاع الخاص، والمجتمع المدني، والمنظمات الدولية)، وإدارة التغيير.
    • تطوير مهارات التفاوض وبناء الشراكات مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية، لجذب الاستثمارات، وتنفيذ المشاريع التنموية المشتركة، وتحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة.
    • يستهدف البرنامج مختلف المستويات الوظيفية في القطاع الحكومي، من القيادات العليا إلى المديرين التنفيذيين والموظفين الفنيين، مع تصميم برامج تدريبية متخصصة لكل مستوى وظيفي.
  6. تعزيز التشبيك في سلاسل القيمة:
    • فهم أوسع لسلاسل القيمة للمنتجات اليمنية ، وتحديد التوجه الاستراتيجي للصناعة في اليمن بصورة خاصة وللاقتصاد بصورة عامة.
    • تحسين التكامل بين القطاعات وخاصة الصناعية المختلفة.
    • تطوير منظومات دعم الأعمال لتعزيز الكفاءة اللوجستية.
    • تحفيز الإنتاج المحلي عبر سلاسل القيمة المستدامة من ذلك:
    • إنشاء علامات تجارية وطنية على رأسها علامة تجارية وطنية “صنع في اليمن” لتعزيز هوية المنتجات اليمنية وزيادة جاذبيتها في الأسواق العالمية.
    • إنشاء مراكز تصدير متخصصة في المدن الرئيسية والموانئ لتقديم خدمات الدعم للمصدرين اليمنيين، مثل معلومات السوق، والتدريب على التصدير، والمساعدة في الحصول على التمويل، وتسهيل الإجراءات الجمركية والتصديرية.
    • توقيع اتفاقيات تجارية ثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول والكتل الاقتصادية المستهدفة لفتح أسواق جديدة للمنتجات اليمنية وتخفيض الرسوم الجمركية والحواجز التجارية.
  7. تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي:
    • معالجة الخلافات السياسية في الحكومة المعترف بها دوليا لتعزيز مناخ الأعمال.
    • تشجيع الأطراف اليمنية على الدخول في حوار شامل وشفاف للتوصل إلى حل سياسي مستدام. من ذلك:
    • حث جميع الأطراف اليمنية على الانخراط في حوار سياسي شامل وجاد برعاية الأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي مستدام للأزمة اليمنية.
    • دعم جهود بناء الثقة والمصالحة الوطنية بين مختلف المكونات اليمنية لتهيئة بيئة سياسية واجتماعية مستقرة ومواتية للتنمية الاقتصادية.
    • تعزيز الحكم الرشيد ومكافحة الفساد:
    • تطبيق إصلاحات شاملة لتعزيز الحكم الرشيد، وسيادة القانون، واستقلال القضاء، وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
    • تفعيل آليات مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة في جميع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.
    • تخصيص موارد كافية لإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، بما في ذلك الطرق والجسور والموانئ والمطارات.
    • اتخاذ إجراءات لدعم القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي.
    • إصلاح القطاع المالي وتقوية البنك المركزي لضمان استقرار العملة وتوفير السيولة اللازمة للاقتصاد.
    • استمرار تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين، وتوفير الغذاء ،والدواء والمأوى.
    • التعاون الإقليمي والدولي بتقديم الدعم المالي والتقني لليمن لمساعدته على التعافي من الأزمة.

في الختام،

يتبين أن الاقتصاد اليمني والصناعة المحلية في اليمن تواجه تحديات جمة، ولكنها تحمل في طياتها فرصاً هائلة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.

تجاوز هذه التحديات واستغلال الفرص الكامنة يتطلب تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، مع إيلاء اهتمام خاص لدمج الشباب والفئات المتضررة من النزاع، وتطوير القيادات والكفاءات في القطاع الحكومي.

قد تكون التوصيات في هذا المقال وعلى رأسها تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، وتطوير البنية التحتية المستدامة، وتعزيز التمويل والاستثمار المسؤول، وتنمية القوى العاملة الماهرة والمبتكرة ودمج الشباب، وتطوير القيادات الحكومية، وتعزيز التشبيك في سلاسل القيمة،

قد تسهم بشكل فعال في إعادة تصميم اقتصاد اليمن وتمكين الصناعات المحلية من القيام بدورها المحوري في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في اليمن، وتحسين معيشة المواطنين، وبناء مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً لنا وللأجيال القادمة.

إن الطريق نحو التعافي الاقتصادي والتنمية المستدامة في اليمن يمر عبر دعم وتمكين الاقتصاد اليمني والصناعات المحلية وبناء قطاع عام كفء وقيادي لتصبح قاطرة النمو ومصدراً للازدهار والرخاء بإذن الله تعالى.

وفي كل مرة اكرر ، لمن يهمه الامر ، هل يهمك ان تعود لوطن قوي وقادر يستوعب كل ناسه ويعز فيه اهله، ام تظل في حفرة لا مخرج منها؟

أيها السادة ، اما ان تكون المصلحة وطنية ، ويكون القرار في الأساس في البيت اليمني ، مع اخذ الاعتبار للمصالح المتشابكة الإقليمية والدولية ، او اننا نستمر في ازمة لا نهاية لها الا جيل قادم لا نعلم متى يصل وكيف يصل.

فرج الله كربتنا ، وشكراً

احمد مبارك بشبر

‏25‏/01‏/2025


[1]  YSEU51_Arabic.pdf (reliefweb.int)

[2] طبعا قد نفترض ان كل ذلك العجز كان يغطى من اقتصاد الحرب ودعم المانحين الدوليين.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.