الى الشباب في يوم الشباب
الى الشباب في يوم الشباب
نصيحة منكم واليكم
#اليوم_العالمي_للشباب
12 اغسطس 2024
خطر في بالي ان اتحدث اليكم، أنتم، جميعا بلا استثناء، حيثما كنتم،
احبتي،
ربما نحن مثلكم فقدنا في الطريق الكثير من العمر والوقت،
الكثير من الاماني والاحلام،
فقدناها مع طول الانتظار لنهاية النفق الذي نقف فيه في مكان ما، لا نعلم نهايته،
تلك الحروب التي تجمعت في لحظة واحدة، و وقف عندها الزمن ،
ننظر لغزة بحسرة وعجز، ودموعنا لا تستطيع ان تخرج من مقلنا فقد تجمدت كالدماء في العروق، مآسٍ تجمعت في السودان وفي سورية وفي غيرها ،
ونحن لسنا بعيدين من كل ذلك،
لا اريد ان اثقل عليكم، لكن في ظل كل ذلك،
لا يجب ان نتوقف،
ربما كلماتي الصغيرة القادمة اود ان تكون لكم مرشداً ..
احبتي
تذكروا
ان العلم والمعرفة البشرية، تراكمية وتكاملية،
تراكم المعرفة والعلوم التي وصلتنا جعلتنا نتعلم كل شيء، كتب الطب وعلومها لم تكن مخزوناً جاء من ارقى الجامعات ، بل كانت تجارب بشرية متناقلة حتى وصلت الى خزينة الكتب، والتي تحولت منها الى معارف قابلة للتعليم والتعلم ، وقيسوا على ذلك كل العلوم، والمعارف،
تجارب من قبلنا اوصلتنا الى تلك المعرفة،
وتكاملية، تكاملي، تعاوننا اليوم وتبادلنا لتلك المعارف وتحسينها،
ما اريد الإشارة اليه، انه مهما ظننتم انكم تعرفون الكثير ، فإنكم تجهلون الكثير في المقابل، وانتم بحاجة الى سراج يساعدك في ذلك الطريق المتعرج، ومن اجل تقليل الأخطاء ، تحتاج الى من أضيفت الى تلك المعرفة ممارسة ، تحتاجون الى مرشدين ، هم في الاغلب قريبون منكم ،
أولهم الابوين، الاخوة الكبار الذين تمرسوا في الحياة ،
بل البحث عن الممارسة، يصبح واجباً عليكم ، فبدونها ستظلون تختبرون الخسارة ، والفشل، قللوا من الخسارة بالبحث عن الخبرة المتراكمة ، و البحث عن التكامل بين مثليكم الذي اختبر وجرب ما عرفه واكتشف الثغرات،
ارشدوا بعضهم البعض، و ابحثوا عن مرشدين بينكم ، موجهين في حياة زات فيها العثرات.
ولا تصدقوا من يقول انا (عصامي) ، فعصام ما في مكان ما كان سبباً فيما وصل اليه من خبرة وتجربة، حتى معلمه جزء من تلك الرحلة ، التي اوصلته الى مكانه.
الامر الثاني: اياكم والفراغ، اياكم والفراغ، انه القاتل الفيلسوف، الذي يجعلك تفكر بلا هوادة ، حتى يصل بك الامر لتجربة “الشر” من اجل الاستمتاع بالفراغ.
ابحثوا عما يشغلكم ،
لا تمتلكون وظيفة، ليس مقلقا، اصنعوا من هوايتكم عملاً يشغلكم وان كان بلا اجر، اصنعوا مباردة بينكم البين ، كونوا ايجابيين في التغيير، (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) التغيير يبدأ بالجمع (القوم) المجموعة ، لا يبدأ من الفرد ، اليكم قصة صغيرة:
بعدما رد الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بصير الى اهل مكة بناء على صلح الحديبية، وسلمه لهم ، استطاع ان يفر منهم ، و قال: «يا نبي الله، قد أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم». فقال ﷺ: «ويل أمه مسعر حرب، لو كان معه رجال».
ما يهمني من القصة هنا ليس اكمالها وانما الكلمات الأخيرة للرسول واصفاً أبا بصير، (مسعر حرب لو كان معه رجال) ،
كل واحد منكم مسعر أمل ، مسعر عطاء ، مسعر انجاز، يمكنكم التغيير لو اجتمعتم ، لا يصنع التغيير فرد “فتى او فتاة” بلا قومه ، بتعاونكم ربما تصنعونا شيئا يعجز عنه الكثير ،
ربما مبادرة تصنع التغيير، اضيف قصة أخرى: (شربة “حساء” الحجر السحري)
” يحكى عن شخص غريب وصل إلى بلدةٍ تعاني من المجاعة،
ولم يجد أحداً يعطيه طعاماً، كلما دق باب رده أهلها ، من اين لهم ؟ انهم يعجزون عن توفير لقمة لانفسهم ، كيف لغريب عنهم,
جلس الغريب في وسط ساحة البلد، وأشعل ناراً، وطلب من شخص احضار اكبر قدر “اناء” ، وفعلاً ذهب واحضر له اكبر اناء معدني،
تجمع البعض ، طلب منهم الماء ،
فجاءه الماء وملأ به الاناء،
ثم أخرج حجراً نظيفاً من حقيبة يحملها ووضعه في الماء،
وبعد قليل أخذ غرفةً من الماء ليتذوق «شربة الحجر »،
و قال: ” ممم، إنه لذيذ ! ولكن لو تمكنت من إضافة البطاطا إليه لأصبح رائعاً !
سمعه أحد القرويين وكان معه ثمرة البطاطا لكنها صغير للغاية كان يدَّخرها لنفسه فوضعها في الإناء، استمر الرجل الغريب في تذوق الحساء مع التعليق على وجود شيء ناقص،
وفي كل رشفة كان يذكر نوعاً من الخضراوات والأطعمة حتى ضم إلى الإناء لحماً وجزراً وقرعاً وبصلاً، وبعد الانتهاء من إعداد الحساء قام الغريب بمشاركة الجميع فيه،
وتعجب سكان البلدة من روعة مذاقه، وعرضوا عليه شراء «الحجر السحري» !!”
الحجر السحري تمثل المبادرة التي صنع منها سحراً ذلك الغريب، كل منا في جيبه، حجر سحري من خلاله يمكنه ان يجمع الناس حوله من اجل قيمة الكل بحاجته،
ما نفتقده لا ذلك الحجر، بل من يفكر اين سيضع الحجر وكيف يتحرك من خلاله؟!
ذلك الحجر كان “المبادرة” او الفكرة التي جمعت الناس حولها وخلقت ذلك التعاون المثالي في حل مشكلتهم وحاجتهم ، رغم ان ذلك الحجر لم يكن السبب الفعلي في الحصول على وجباتهم ، لكن السر في التعاون ، والتطوع غير المباشر….
لذا … تطوعوا،
في أي اعمال إيجابية، اشغلوا اوقاتكم،
بما يجعلكم نفوسكم وقلوبكم في حصانة ضد السلبيات التي نعيشها، و تسهموا في زيادة الوعي وتكتشفون مصدر قوتكم.
الامر الثالث: كيف نسهم في صناعة العلوم والمعرفة؟ ونصنع التغيير في مجتمعاتنا بنشر المعرفة!
لسنا الوحيدين الذين يعانوا من الوصول الى المعرفة بسهولة،
يشاركنا حتى دول تصنف كمتقدمة،
رغم انّا كنا من صناع العلوم في زمن ما، السبب يكمن في الكفاءة اللغوية باستخدام اللغة الام ” وهنا اتحدث عن لغتنا العربية”،
كما اشرت هذا حادث لدى كثير من الدول التي تقدم كل اسهاماتها العلمية باللغة الإنجليزية، مما يجعل مجتمعاتها ودولها بعيدة عن تلك المعرفة ولا تستوعبها، وتستمر في جهلها، لذا نجد ان حصيلة العلوم اليوم ان لم نقل بالكلية فالأغلبية هي علوم منشورة بالإنجليزية ، ليس لانها صنعت في بريطانيا ، بل صنعها شعوب عدة منهم عرب قدمت للغة الإنجليزية على طبق من ذهب ، وفي النتيجة دول تلك العقول تبحث عمن يترجم لها تلك العلوم لنقلها الى لغتهم ،
ألم يحاول أحد؟
بالتأكيد دول بدأت في التركيز كما فعل العرب عندما صنعوا التغيير، بدأ من الترجمة للمعارف سابقة ، ثم توثيقها ، ثم نشرها بلغتهم ، فصنعوا علماء منهم احدثوا واضاءوا العالم،
في العصر الحديث، في الدول العربية، كانت بداية مضيئة مع القوميين العرب “تجربة سوريا والعراق” التي صنعت اسوداً في المعارف، وصناع علوم للعالم ، لولا ما حدث لتلك الدول للأسف ،
في الكيان المحتل، كل العلوم تترجم للغة لا يقرأها الا نسبة صغيرة من سكان العالم 9 مليون، إلا انهم صنعوا امة كاملة قادرة على انتاج المعرفة والعلوم بلغتهم العبرية،
في الصين اليوم، تحركت في هذا الاتجاه وقد تتحول يوماً ليس ببعيد لمصدر من مصادر العلوم او المصدر الرئيس للعالم،
هذا خطورة ما يحدث اليوم، في هدم المعرفة اللغوية،
لا يعني كلامي ابداً عدم تعلم اللغات،
بل توجيه وارشاد ان علينا تعزيز قوتنا بلغتنا الام،
بالتالي، فدراستنا بلغتنا الأم هي استثمار في مستقبل أفضل لنا وللمجتمع ككل،
ان التأسيس المعرفي القومي يبدأ باستخدام متقن للغة الام، فهي بوابة الحصيلة اللغوية الأولى ، ومنها لبناء قاعدة معرفية قوية تساعده على فهم المفاهيم المعقدة بسهولة أكبر في المستقبل، وهي تسهم في تحفيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الطفل، وفي مستقبله علماء،
قد يبدو غريباً الربط بين دراسة اللغة الأم وصناعة العلوم، إلا ان هناك علاقة وثيقة بينها ، فعندما نتعلم بلغتنا الام، يمكننا ترجمة ذلك لتعلم لغات متعددة، ونقل تلك المعارف وتحسينها ، ومن تحسينها يمكن الابتكار و يتم إنتاج المعرفة العلمية باللغة الام ، وبها تصل إلى شريحة أكبر من الناس في مجتمعاتنا وتسهم في سد الفجوة الكبرى وتحطيم السدود ، مما يساهم في تطوير المجتمع ككل،
ما اريده هنا،
كل منكم، ممن يمتلك لغة أخرى ، يمكن ان يضع اشغال فراغة في هذا النشاط بنشر المعرفة وترجمتها باللغة الام،
من يمكنه الترجمة والتحقق ،فرداً ومجموعات ، فليبادر ، ليكن هذا هو حجره السحري، ليشبع الجوع للمعرفة ، شاركوها في ويكبيديا، في التواصل الاجتماعي ، في الصحف المحلية ، في ندوات وجلسات، كونوا جزءاً من صناع التغيير ، كونوا صناع المعرفة .
سعيت للاختصار، وارجو ان أكون موفقاً في ذلك،
كل التوفيق وكل السداد، و نسال الله القدير ان ينفع بكم ، بعلمكم وبعملكم،
وللحديث معكم بقية،
شكرا
احمد مبارك بشير
اما بالنسبة للتوصيات التي وجهتها لكل من يمكنه دعم الشباب تجدونها في هذين الموضوعين:
مسارات خلق فرص العمل: