نظرية ظهور العلم 19-من أين جاءت فكرة الإسهام العلمي العربي في تقدم المعرفة البشرية؟
نظرية ظهور العلم 19
الثمن الحقيقي لأسطورة الإسهام العربي في تقدم المعرفة البشرية
من أين جاءت فكرة الإسهام العلمي العربي في تقدم المعرفة البشرية؟
واضح تماما أن هذه الفكرة لم تظهر في القرون الأولى للهجرة لأن من أنتج العلم باللغة العربية كانو ما زالوا أحياء. يمكننا أن نقول مطئنين – إلى حد ما – أن أهلنا الذين كانوا يعيشون في القرون الأولى للهجرة كانوا على علم بأن هذا العلم علم فارسي وأن ليس للعرب فضل فيه إلا فضل النقل منه – إن كان في النقل فضل. يمكن القول, بناءً على هذا, أن هذه الفكرة لم تظهر إلا بعد خروج الفرس من الثقافة العربية. أي بعد انتهاء عصر الاجتهاد وبدأ عصر الاجترار – ما يطلق عليه عادة انتهاء عصر التدوين وإغلاق باب الاجتهاد,
لم تنشأ هذه الفكرة, بهذا الشكل, نتيجة دراسة علمية لتاريخ العلم في الثقافة العربية وإنما نشأت نتيجة الحاجة إلى “التعويض”, إلى إعطائنا الإحساس بأننا “فعلنا شيئا”. لم يكن لدينا في عصر الاجترار علماء عرب أصلا حتى يكون لدينا علماء عرب متخصصون في دراسة تاريخ العلم.
لا يحتاج حسم “خيالية” هذه الفكرة, كما سبق القول, إلى أكثر من أن يمسك أي فرد منا بحاسبه الآلي ويشترك في مكتبة تعطية الحق في الدخول على جميع مكتبات العالم والتحقق من صحة هذه الفكرة. لن يأخذ الأمر أكثر من ساعة لكي يتضح أن الفكرة فكرة خيالية فعلا يستحيل أن يقول بها “عالم”. يستحيل أن تصدر هذه الفكرة عن عالم “محترم” يتحدث مع أناس محترمة. يستحيل أن تقبل أناس “محترمة” هذا الكلام. هذا “كلام خيالي”. على الباحث في الأصول التاريخية لهذه الفكرة, بهذا الشكل, أن يرجع إلى الخلف, إلى عصور الظلام العربية, للبحث عن مصدر هذه الفكرة.
واضح تماما أن هذه الفكرة لم تصدر عن “دراسة” الواقع, وإنما صدرت عن “الرغبة” في تعظيم الذات. الفكرة, إذن, صادرة عن “مركزية الذات” وهي الخاصية الأساسية التي تحكم تفكير الإنسان في المرحلة الثانية: أنا مركز الكون. أبي أعظم رجل في الكون. أسرتنا أعظم أسرة في الكون. قبيلتنا أعظم قبيلة في الكون. باختصار, في المرحلة الثانية من مراحل نمو الإدراك حسب مقياس جان بياجيه, نحن الذين دهنا الهواء دوكو, نحن الذين خرمنا التعريفة. وطبعًا نحن الذين بدعنا العلم.
يتبع….
كمال شاهين
#تطوير_الفقه_الاسلامي
#نظرية_ظهور_العلم