إمساكية-و أوقات رمضان – لندن 2018
بيان توضيحي للإمساكية المرفقة طبقا لأفق لندن
كل التوقيتات محسوبة على الأسس التالية:
أوقات الشروق والغروب مأخوذة من مؤسسة بريطانية تستقي معلوماتها من ناسا ومن بعض المؤسسات الفلكية الأخرى واسمها: Timeanddate.
وقت الفجر محسوب على أساس تنقيص زمان يعادل طول الشفق (لخط العرض 52 درجة) من نهاية الليل مضافا إليه 6 دقائق للتأكد من تحقق قرآن الفجر أو تجمع خيوط الفجر بحيث يصبح الأفق الشرقي أبيضا من مكان شروع الفجرحتى خط تماس الأفق مع الأرض. فالفجر كما قاله الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ونقله الشريف الرضي في نهج البلاغة، هو الوقت الذي يعرف فيه الرجل وجه صاحبه (في غياب الأضواء الصناعية أو العمارات المرتفعة بالطبع). وهو يحصل بعد أن تنزل الشمس بمقدار 12 درجة (احتمالا) تحت الأرض (الفجر البحري). آنذاك، سوف يشاهد الناظر إلى الأفق، خطا أبيضا يظهر على سواد السماء الشرقي وهو وقت الإمساك. (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر. البقرة: 187). وبعد حوالي خمسة دقائق فإن الخط الأبيض المذكور سوف يتوسع ليملأ الأفق بالنور الأبيض وهو وقت الصلاة. (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر؛ إن قرآن الفجر كان مشهودا. الإسراء: 78). وقرآن الفجر يعني مجموعة الفجر باعتبار تجمع الخيوط المضيئة للفجر. كما أن القرآن يعني المجموعة نظرا لقوله تعالى في سورة القيامة: 17 (إن علينا جمعه و قرآنه) و كلمة “قرأ” في الأصل، تعني جمع. ويطلق على القراءة المعروفة باعتبار أن المرء يجمع الحروف والكلمات لتركيب الجمل ثم يتلوها أو يتلو ما جمعه غيره.
وقت الظهر هو منتصف النهار من الشروق إلى الغروب + 3 دقائق للاحتياط.
لم نعين وقتا لصلاة العصر وذلك لتعذر إيجاد قاعدة موحدة مقبولة لدى جميع المذاهب. لكننا نوصي بأداء صلاة العصر بفاصلة لا تقل عن ساعة ونصف أو ساعتين من وقت الظهر أو اختيار منتصف وقتي المغرب والظهر.
وقت الصيام غير التقليدي محسوب على أساس إضافة 14:22 ساعة إلى الفجر وهو يمثل معدل ساعات الصيام لمكة المشرفة يوم العشرين من شهر يونيو وهو أطول يوم في السنة تقريبا وبزيادة قليلة للاحتياط. وعلى الذي يقتنع باتباعه أن يتعهد بأن يطيل الصوم في الشتاء إلى نفس المعدل أيضا. بمعنى أنه يعين ليله بالساعات فهو يفطر في الصيف قبل صلاة المغرب ولكنه في الشتاء يفطر بعد صلاة المغرب. وقد طبعته في الإمساكية باللون الأحمر تحت عنوان: Civil Layl. ويمكن للمسلمين أن يعينوا لأنفسهم الليل في آخر ساعات العمل الرسمية في بلادهم فيكون الليل في بريطانيا في الخامسة والنصف مثلا دائما وأبدا. ولكن الفجر لا يجوز تغييره لأنه مذكور بعلاماته في القرآن. هذا ما أظن بصحته والعلم عند المولى عز وجل.
وقت صلاة المغرب هو بعد غروب الشمس لدى جميع المذاهب، إلا أن بعض المسلمين وخاصة الشيعة يحتاطون للتأكد من المغيب فنحن من أجلهم وكاحتياط للآخرين أضفنا ثلاث دقائق إلى وقت الغروب للإفطار. والتشبث بالرواية الشيعية المشهورة والمنقوله عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام والتي يوصي بها أتباعه آنذاك أن يلاحظوا الحمرة فهو في أساسه مقترح للتأكد من حصول الغروب. ونحن في عصر غزو الفضاء واثقون علميا من الغروب الذي ذكرناه ولا نحتاج إلى التأكد بواسطة الحمرة. إنه مجرد اقتراح من فقيه عالم في عصر كان يصعب فيه التأكد من غروب الشمس وهو مختلف من بقعة إلى بقعة من الأرض كما أنه غير دقيق.
وأما وقت العشاء فقد حددناه على أساس انتهاء الشفق وبداية العتمة للجميع (Nautical twilight) فيما عدا صائدي النجوم الذين يحتاجون إلى عتمة سماوية كاملة وهي بعد وقت عشائنا المعروف بانتقال الشمس (كما تُرى) ست درجات أخرى تحت الأرض. والعشاء في الواقع تمثل وقتا معكوسا للفجر حيث ينتهي النور الذي يملأ الأفق.
وكما يبدو، فإن الدول الإسلامية تتبع طرقا حسابية أخرى تنتج توسع مدى الفجر مع الأسف. وبالنسبة للذين يعيشون بالقرب من القطب الشمالي فإن الفجر الصيفي يزداد عندهم بمقدار نصف ساعة تقريبا على البلدن العربية وهذا المدى يزداد كلما اقتربنا أكثر إلى القطب. هناك يصوم الناس أكثر من نهار كامل كما يُصلون قبل طلوع الفجر الصادق احتمالا مع الأسف. إنهم يعتبرون الضوء الثنائي للغسق أو الفجر معادلا للضوء الثنائي للمنجمين وهو حينما تصل الشمس 18 درجة تحت الأرض والمعروف بين الغربيين بــ (astronomical twilight) وهناك بعض الإخوة في المملكة السعودية كانوا يضيفون درجة عليها ففجرهم بظني لم يكن فجرا صادقا والعلم عند الله تعالى.
ولقد سعيت سابقا لأكرر تحديد الفجر بالرؤية العينية وهو ليس سهلا في مدينة لندن التي أعيش فيها فأخفقت لأن ذلك يحتاج أمنيا إلى تجمع عدد معقول من المؤمنين من الذين يعرفون الأماكن المسطحة التي تكون معتمة بالكامل وأنا لست قادرا على تحقيق ذلك. ولذلك وحتى نكون أكثر رعاية للاحتياط فإني أضفت حوال درجتين على وقت الفجر. فوقت الإمساك في الإمساكية المرفقة هو حينما تمر الشمس بمحاذاة 14 درجة تحت الأرض ولكني أوصي بعدم إقامة صلاة الفجر مباشرة بعد الإمساك. هناك ما يقرب من 16 دقيقة بينهما ويمكن استغلالها للتهجد والتضرع إلى الله تعالى أو للتفكر في كتابه العزيز أو لتلاوة القرآن الكريم بصوت لا يزعج النائمين أو الجيران بالطبع.
وبالمناسبة فإن صلاة التهجد بسيط جدا وغير معقد وتكفي المدة المذكورة لإقامتها. وهي عبارة عن خمسة صلوات مثاني أي بركعتبين وتضاف إليها صلاة وتر فيكون المجموع 11 ركعة وتضاف إليها نافلة صلاة الصبح وهي ركعتان فيصير مجموعها 13 ركعة. وهناك من يصلي أكثر من ذلك، ولكنه غير ضروري برأيي ولا داعي للمزيد من الصلوات بل الأفضل أن يتفكر الناس في ربهم الحكيم وفي كتابه الكريم. ولا إشكال بالطبع أن نقلل من عدد الركعات لتناسب وقتنا. وأما الدعوات المذكورة في بعض كتب الحديث فهي زائدة ويمكن أن يكتفي المرء بالدعوات الموجودة في القرآن ليتلوها في قنوت الوتر الأخيرة إن أراد. وإنني أستغرب من الإخوة الذين يصلون التهجد جماعة وبصوت عال وخاصة من المساجد المعروفة كالمسجد النبوي فهي في الواقع تخالف القرآن الكريم. يقول سبحانه لنبينا في الإسراء: أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴿78﴾ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا ﴿79﴾.
فالآية الأولى تحدد أوقات الصلاة وتأمره عليه السلام بالإقامة جماعة ولكن الثانية تأمر شخصه بدون الجماعة أن يتهجد ولا تأمره بالإقامة ولم تحدد وقتا دقيقا للتهجد ولكنها أمرته بأن يتخذ من الليل نافلة له عسى أن يبعثه ربه مقاما محمودا. والمقام يعني المسكن والمحمود وصف لمن يعطيك دون أن يستفيد منه نفسه والبيت لا يستفيد من إقامتنا فيه فهو محمود في عطائه. وما يدعيه الإخوة المفسرون في تفسير الآية فهو أمر تعسفي لا غير. ومما لا شك فيه بأنهما ليستا خاصتين بنبينا بل هما لنا جميعا فالمسلمون جمميعا يقيمون صلوات الجماعة وهم جميعا يستحبون صلاة التهجد. والله تعالى وعد الجميع بأن يسكنهم المقام المحمود في جنات النعيم. فالمقام المحمود ليس للصلوات الجماعية التي نقيمها مع بعض بل هو لصلاة التهجد التي لا تقام بين الناس بل بين المرء وربه فحسب. ولذلك فإن صلاة التهجد في الحرم المكي هي صلاة الدعاية والإعلان وليست تهجدا. أدعو الله تعالى أن يهدي إخواننا ليتركوا للمؤمنين أوقاتا يختلون فيها بربهم ليطلبوا من وجهه الكريم المزيد من المعرفة والعلم. كما أدعو إخواني وأخواتي من تلاميذ القرآن الكريم ألا يبوحوا بتهجدهم إن وفقهم الله تعالى للإتيان به لأن ذلك يمكن أن يُدخلهم في مجموعة المرائين والعياذ بالله تعالى. هناك تنقلب الصلاة إلى مبعث للويل والويلات مع الأسف فتصدق عليهم آية “ويل للمصلين”. بالطبع أن الآية المذكورة للذي يصلي دون أن يزكي فيعتبره القرآن مرائيا لأنه لم يراع أهداف الصلاة. والعلم عند العلي العظيم جل جلاله.
لِيكن بعض أعمالنا خالصة لله تعالى ولتكن علاقتنا مع ربنا خفية جهد الإمكان. إننا نخفي عن الناس الكثير من مسائلنا الخاصة فنستر على أموالنا وأعراضنا لأننا نبالغ في حبهما. فهلا فكرنا في أن العلاقة مع الله تعالى هي أحب وأحسن العلاقات التي يوطدها العقلاء ويسعون لتوسيعها ولإخفائها عن أسماع وأعين الآخرين لتكون العلاقة خاصة بين العبد وربه. فلتكن لكل منا أعمال خالصة من صلاة وزكاة وإنفاق يبتغي بها وجه ربه ولا ينتظر من الناس ثناء عليها فهي وحدها التي تفيدنا كثيرا يوم القيامة.
وختاما أتمنى لجميع الإخوة والأخوات صياما مبرورا وتعرضا واسعا للبركات الإلهية.
والسلام على المسلمين جميعا ورحمة الله وبركاته.
كتبه لجمعية المودة
أحمد المُهري
14/5/2017
أوقات رمضان – لندن 2018