تعليق على محاضرة الأخ الصباغ حول قيامته المتكررة
تعليق على محاضرة الأخ الصباغ حول قيامته المتكررة
تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/
تعريف:
نشر أخي وزميلي الفاضل المهندس عبد الرضا الصباغ بحثا بديعا حول القيامة. إنه ظن بأن القيامة متكررة وهذا تعليق على محاضرة فضيلته والتي ألقاها في شمال لندن في بيت الأخ الفاضل الدكتور حازم العبيدي حفظهما الله تعالى. وقد كررت نشر بحثه في أسفل هذا التعليق.
المهدي المنتظر:
حينما كنت في سن التلقي ممن يلقنني كنت أؤمن إيمانا جازما بالمهدي المنتظر وبأنه سيأتي ليملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا. ما شعرت يوما بأن الشيطان وسوس لي بأن ذلك الأمر قد يتناقض مع كتاب الله تعالى فادرس القرآن قبل أن تؤمن بالمهدي يا هذا. كما أنني لم أفكر يوما بأن الله تعالى لا يمكن أن يخلق الكون لغير الله تعالى بل كنت أؤمن جازما بأن الكون مخلوق لأصحاب الكساء الخمسة المعروفين لأن حديث الكساء مروي عند الفريقين وما رواه الفريقان حق لا يجوز لنا إبطاله!
ولكن في لحظة مصيرية وحينما سكنت بريطانيا وبدأت أفكر في القرآن؛ في تلك اللحظة المصيرية شعرت بأن القرآن مغاير لمعتقداتنا التي ورثناها من آبائنا الطيبين. ومن يوم أن بدأت أفكر بالقرآن شعرت بأن الشيطان لا يتركني بل يوسوس في صدري ليقنعني بأن القرآن قد يكون غير صحيح لأنه يرفض غالبية مقولات السلف الصالح. كيف يمكن القول بأن ملايين البشر الذين ينتظرون المهدي المنتظر في ضلال والقرآن الذي لا يقر به ولا بالأئمة المعصومين ولا بالحكومة العالمية الكبرى ولا بيوم الخلاص في الدنيا ولا بالقسط قبل القيامة على حق؟
لكن ربنا يهدي من طلب منه ويترك من لا يطلب منه الهدى في ضلاله لأنه لا يريد الهدى ولا فائدة في أن يُلهم الله الهدى لمن لا يريد الهدى. طلبت ولا زلت أطلب من ربي وحده أن يهديني ولذلك بدأت أستمع لكل من يقول قولا فلعله يكون أحق مني. هكذا وجدت الحق. رأيت بأن المهدي المنتظر ليس من بدع الشيعة بل هو منتظر لدى اليهود والمسيحيين وكل المسلمين. ثم اطلعت على بعض أحكام السيخ فرأيتهم ينتظرون نبيهم (Guru) الذي مات قبل 400 عام ليعود إليهم بالخير والبركات ويحول كل أهل الأرض إلي سيخ! ولذلك قلت بأن المهدي إما أن يكون صنيعا شيطانيا أو حقيقة رحمانية. وبما أنني لا أؤمن بأي حديث سماوي صحيح خارج نطاق القرآن الذي لا يدعو إلى المهدي المنتظر ولا إلى تبعاته وأسبابه فهو ليس رحمانيا. إنما هو شيطاني لأن الشيطان قادر على إيصال فكرته إلى كل الناس باعتبار قدرته على الإلهام في النفوس. مع الاعتذار الشديد من بني جلدتي.
يوم القيامة:
عودة إنسان إلى الأرض أو ظهوره بعد غيابه أمر غيبي ليس لبشر أن يعلم إلا إذا قاله علام الغيوب جل جلاله. وكذلك يوم الحساب الذي لا نراه بعيوننا فهو أيضا أمر غيبي ليس لأحد من البشر أن يتحدث عنه إطلاقا. نحن نرفض أية قيامة يتحدث عنها البشر لأنها غيب ولكننا نتقبل ذلك من الله تعالى وحده لأنه وحده القادر على إعادتنا إلى الحياة وكل من يتحدث عن يوم القيامة من خارج القرآن فهو يتحدث عن غيب لا علم له به فكلامه مجرد خيال قد لا يمت إلى الحق بصلة. قال تعالى مخاطبا نبينا في سورة الانفطار: وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19). فكل حديث نبوي أو رأي بشري حول يوم القيامة خيال لا يُعتد به. ليس من حق النبي محمد عليه السلام ومن قبله من الأنبياء أن يحدثونا بحديث عن يوم القيامة لأنه غيب مطلق لا يعلمه إلا الله تعالى. ولم يقل ربنا بأن هناك وحيا خاصا برسوله من خارج القرآن بل قال عكس ذلك.
قال تعالى في سورة الجن: حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلاّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28). هذه الآيات تهدينا إلى أن يوم القيامة غيب لا يعلمه أحد ولا يعلم حوادثه أحد إلا الله تعالى. كما تدل أيضا بأن كل الوحي السماوي للرسول عام يجب إبلاغه تحت رصد سماوي لا يمكن تخطيه. فالرسول أبلغ الرسالة بالكامل وهو هذا القرآن ولم يبق لديه وحي خاص به لينقله لنا أبناؤه أو صحابته أو البخاري أو الطوسي.
هذا تصريح سماوي نراه في عدة موارد في الكتاب الكريم وأذكر منها واحدة من سورة الأنعام: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (19). فلا وحي لنا غير هذا القرآن.
حكاية القيامة المتكررة:
يصرح القرآن بأن هناك يوم واحد للأولين والآخرين هو يوم القيامة. وأذكر واحدة من تلك التصريحات من سورة المرسلات حيث يتحدث ربنا عن يوم الفصل هكذا في بداية السورة: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (15). ثم يقول سبحانه في أواخر السورة: هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ (38) فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (39) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (40). ويوم الفصل لم يأت لأنه تعالى قال قبلها بأن الرسل أقتت ليوم الفصل وأن رسولنا لا يدري شيئا عن يوم الفصل.
لن تجد في القرآن أية إشارة إلى القيامة المتكررة والقيامة غيب غير مشهود اليوم فهل نتحدث عن الغيب بلا دليل؟ هل قال تعالى بأن قيامة قوم نوح قد انتهى وقيامة قوم محمد سيأتي وقيامتنا نحن في آخر الزمان سيأتي بعد قيامة الصحابة الأولين؟
فمن الغريب أن تنتج الجلسات التي كنت أديرها منذ زمن بعيد وعلى لسان زملائي المكرمين ادعاءات غيبية دون أن يكون بيدهم تصريح قرآني واضح. وقد قام أخي العزيز الدكتور قصي الموسوي قبل سنوات بإلقاء خمسة محاضرات لإثبات القيامة المتكررة بزعمه. ثم جاء أخونا الدكتور محمد الطيار وقال لي بأنه هو الذي بدأ بهذا الاستنتاج وبأن قصي تحدث وكأنه هو المبدع. قلت له بأن ما تفضل به قصي باطل وغير صحيح فهل تريد أن تفتخر بالباطل؟ قال على كل حال فأنا البادئ!!
ثم جاء أخيرا أخي الفاضل المهندس عبد الرضا الصباغ ليتحدث عن القيامات المتكررة بلا دليل صريح وبصورة أبعد من أخينا قصي عن الواقع. ذلك لأن قصي لم ينكر الأبدية ولكن عبد الرضا أنكر الأبدية أيضا مع بالغ الأسف! ولعله فعل ذلك دون قصد لأنني أعرفه بحسن النية وصفاء السريرة كما عليه أخونا قصي. لا إشكال عندي في طيب نفسية قصي وعبد الرضا ولكنني أرد رأييهما فقط وأتمنى أن يصححا خطأِي لو كنت غير مصيب.
كما أنني أسمح لنفسي بتوجيه العتاب لأخي الصباغ لأنه مطلع على منشورات المودة وقد نشرت خمس مقاطع عن يوم القيامة فهو إما أنه تجاهلها أو أنه لم يقرأها. إنه معاتب في كلتا الحالتين. كان عليه أن يقرأ ما كتبه أخوه ويرد عليه قبل أن يبدي رأيه الشاذ. أضف إلى ذلك بأنني كتبت رسالة في حدود 200 صفحة ردا على محاضرات أخي قصي ولا أدري هل اطلع عليها الصباغ أم لا؟ سوف أرفق الرسالتين مع هذا الموجز لعلهما يفيدان القارئ الكريم بإذن الله تعالى. تلك الرسالة مهمة جدا ولا سيما لمن يريد أن يتحدث عن يوم القيامة مخالفا الرأي الإسلامي العام مثل أخينا الصباغ حفظه الله تعالى.
وللعلم فإن أخي قصي حاول جادا إثبات قيامته الخاصة به وربط محاضراته بالبرزخ في القرآن. تعرض قصي للكثير من المسائل وبصورة أكثر علمية من عبد الرضا الذي اكتفى بذكر بعض الآيات بتعليقات بسيطة لا يمكن أن نسميها تعليقات علمية. لكن عبد الرضا تكلم بصورة بديعة عن الحركات الكوكبية الطبيعية في المستقبل وهو بحث ممتع بغض النظر عن صحته أو سقمه. مرجع ذلك البحث هو علماء الفيزياء الذين يتخيلون ولا يمكنهم أن يأتوا بدلائل علمية على بداية الخلق أو نهاية الكون.
ومن المضحك المبكي بأنني وبإصرار من أحد الإخوة الكرام حضرت بعض محاضرات أخينا قصي وحينما دخلت القاعة كان سيادته قد بدأ الحديث وفوجئت بأنه يتلو مقطعا من الآية هكذا: فأوردهم النار؛ ثم فسر بأنه يعني بأن فرعون أورد قومه النار لأن الفعل ماض! والآية من سورة هود وهي مع ما توضحها من آيات: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (96) إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (97) يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (98) وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99). كان من واجبي أن أفاجئه بأن أطلب منه أن يقرأ الآية بالكامل ولكنني ما فعلت احتراما له.
الآية تبدأ بالفعل المضارع: يقدم قومه ولا تبدأ بالماضي. ولكنه سبحانه استعمل الماضي لتثبيت حتمية النار لفرعون وقومه.
الفعل الماضي والفعل المضارع:
أظن بأنني بلا مبالغة ذكرت معنى الماضي والمضارع لزملائي عشرين مرة أو أكثر. ولا أظن بأن أخي الصباغ لم يسمع مني ذلك أو لم يقرأ علي لأنني كتبت الموضوع عدة مرات. فكان من الضروري أن يرد سيادته علي قبل أن يستند إلى الفعل الماضي بأنه يخص الزمن الماضي وهو ليس كذلك. الفعل الماضي يعني الفعل المحقق وقوعه والفعل المضارع يعني الفعل المشابه للاسم والمضارع يعني المشابه. ليس أي من الفعلين خاصا بالزمن الماضي أو الحاضر أو المستقبل. نحن من خلال الجملة نعرف ذلك. الماضي يعني المحقق كما نستعمل نفس الجذر للتوقيع فنسميه الإمضاء. وحينما نقول لشخص امض في ذلك فنحن نقول له بأنه مأذون بذلك.
والفعل بالنسبة لله محقق سواء حصل من قبل أو سيحصل في المستقبل. ولذلك فإن الله تعالى يستعمل الفعل الماضي عادة لبيان ما سيفعله باعتبار أن ما يعدنا ربنا محتوم ومحقق لا محالة. أما نحن البشر فإننا لا نستعمل الماضي لفعل لم نأت به لأن المتغيرات ليست بيدنا بل هي بيد الله تعالى ولا ندري فقد لا نقوى على فعل ما نقول ولذلك لا يجوز لنا أن نستعمل الماضي لأفعالنا المستقبلية. وأما الحقائق فإننا نحن لا نستعمل غير المضارع وهكذا يفعل الله تعالى. ذلك لأن المضارع مشابه للاسم فلو قلت: زيد يكتب رسالة أو قلت زيد كاتب رسالة فهما متشابهان في المعنى.
وأما العقود والمعاملات وما شابهها فلا يجوز استعمال المضارع فيها بل يجب استعمال الماضي. فمثلا لو أن فتاة قالت لزوج المستقبل: أنكحك نفسي على مهر كذا جنيها، فإن العقد باطل. لأنها يجب أن تنكح نفسها بلفظ الماضي لإثبات العقد. فتقول: أنكحتك نفسي ويقول الزوج قبلت ولا يجوز أن يقول أقبل. تقول ذلك للإنشاء وليس للإخبار فالإنشاء دائما يتم بالماضي ولو أنها تنبئ عن نية مستقبلية؛ فالفتاة لما تتزوج بعد بل تريد أن تنكح نفسها مستعملة الفعل الماضي للإنشاء.
وهكذا المبايعة فلا يقبل منك المشتري أن تقول له أبيعك بل يجب أن تقول بعتك لإثبات جديتك للبيع. حتى التواقيع فلو تنظر إلى العقود بكل اللغات تقريبا فتكتب قبل التوقيع: وقعه أو تم التوقيع وبالإنجليزي يكتبون بالماضي: signed. وذلك قبل أن يوقع أحد.
وأما بالنسبة للأعمال التي نستعد للقيام بها فنستعمل الماضي قبل أن نقوم أيضا. فمثلا حين الإقامة للصلاة فإن الإمام أو من ينوب عنه يقول: قد قامت الصلاة، قبل أن تقام الصلاة فعلا. ذلك لإعلام الموجودين في مكان الصلاة بأن الجماعة ستُقام بعد لحظات باعتبار أن الإمام وبعض المأمومين صاروا مستعدين للصلاة. فالإقامة تدعو الباقين أن يتركوا أحاديثهم وأعمالهم الأخرى ويستعجلوا الالتحاق بالمصلين. لا يقول أحد: ستقام الصلاة بل يستعمل الفعل الماضي لعمل لم يقوموا به بعد. من هذه الأمثلة نعرف بأن الفعل الماضي فعل يُستعمل لإثبات فعل فما سيفعله الله تعالى ثابت باعتبار سيطرته على كل المتغيرات ولذلك يستعمل الماضي وما يقوم به البشر غير ثابت فلا يجوز استعمال الفعل الماضي لما لم يقوموا به بعد إلا عند العقود والمعاملات واستعداد الصلاة والحرب وأمثالهما.
القيامة عند الأخ الصباغ:
حاولت أن أعرف معنى القيامة بالضبط عند الأخ الصباغ ولكنني عجزت تقريبا. فلو كانت القيامة شخصية حين الموت فلماذا تحدث الله تعالى في سورة القيامة عن اجتماع الشمس والقمر وقد ذكر فضيلته الآيات ولم يحللها بل تعرض لمسائل القيامة بصورة موجزة وفي النهاية اعتبر وجود أيام للقيامة وفسرها بأن لكل مجموعة متقاربة زمانيا يوم قيامة. لم يأت بدليل واضح ولكنه تعرض لعدة مسائل سأوضح بعضها لعله يقتنع بأنه لم يكن مصيبا.
- ذكر الآيات التالية من سورة القمر ووضع خطا في نهاية الآية 6: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ (6) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ(7) مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8).
ثم قال بعدها: تتحدث الآية عن بدء القيامة وانفصال النفس عن الجسد، والآية بالفعل المضارع وذلك لاستمراريتها حاليا، وإلى ما شاء الله. انتهى النقل.
وأقول بأن الآية الكريمة التي تحتها خط متعلقة بظرف الزمان المذكور في الآية التي قبلها (يوم يدع الداع) فلا يعطي معنى الاستمرارية الحالية كما تفضل بل تعني بأنهم سيخرجون من الأجداث في يوم يدع الداعي. وهناك آية مشابهة تعطي نفس المعنى تقريبا في سورة الروم: وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ (25). ثم إذا دعاكم لا يعني الحال والاستمرارية بل يعني يوما أو وقتا مستقبليا يدعونا فيه فنخرج من الأرض. وتلك الأرض ليست هذه الأرض التي نعيش فيها لأنه سبحانه يفصل في نفس المكان من سورة الروم مسألة إعادة صياغة الكون مستعملا حرف التراخي “ثم”.
قال تعالى بعد تلك الآية في نفس سورة الروم: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27). وحتى لا يشتبه الأمر على أحد فإن الآية تتحدث عن حقيقة تخص الله تعالى وحده ولذلك جاء الفعلان بصيغة المضارع ومعناهما بأن الله تعالى بادئ الخلق وهو سبحانه معيد الخلق. الخلق قد بدأ فعلا ولكنه سبحانه ذكره بصيغة المضارع باعتبار الحقيقة وليس باعتبار الزمان.
وذكر سبحانه نفس الموضوع في سورة إبراهيم: فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49). فهناك يوم في المستقبل تبدل أرضنا بأرضنا أخرى كما تبدل كل أراضي الكون وكل سماواتها بأراضي وسماوات أخر. هناك يبرزون لله الواحد القهار وليس قبل ذلك. في ذلك اليوم يرى رسولنا كما نرى نحن أيضا المجرمين مقرنين في الأصفاد وليس قبل ذلك. فهناك حركة كونية كبرى ستحصل لتغيير السماوات والأرضين جميعا ثم تقام القيامة.
وقال تعالى في سورة المائدة: يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109). لقد مات جميع الرسل قبل ظهور رسولنا عليهم السلام بمئات وآلاف السنين ولم يجمعهم الله بعد يوم نزول القرآن. بل هناك يوم آخر يجمع الله فيه الرسل فيقول ماذا أجبتم. سيقول الرسل حتما لا علم لنا لأنهم ماتوا وبقي أتباعهم بعدهم. لاحظوا يقول ثم قالوا. فالمضارع والماضي يتحدان في الآية الكريمة لأنهما لا يرتبطان دائما بالزمان. لكننا نعرف بأن ذلك اليوم لم يأت بعد باعتبار أنه تعالى قال في بداية الآية بأن جمع الرسل منوط بظرف زماني لم يأت بعد.
- تفضل الأخ العزيز وذكر لنا مقاطع من العهد القديم والعهد الجديد وآيات من القرآن الكريم لإثبات التشابه بين ما ذكره العهدان مع القرآن لبيان وجهين للقيامة كما يبدو. هما وجه مفزع ووجه صالح للكون. حاولت أن أعرف وجه التشابه فعجزت عن ذلك. لعل النقص في فهمي ولكن لا أظن بأن غالب القراء سيعرفون هدف أخي الصباغ بالجمل القصيرة التي كتبها. فمثلا ما هو تشابه سورة الانفطار التي تتحدث عن الانفجار الثاني الذي يحدث بعد انتهاء آثار الانفجار الأول ودمار الكون الفعلي ليبين الله تعالى على رفات هذا الكون كونا آخر ويعطيه القابلية للأبدية. لا علاقة لسورة الانفطار التي تشير إلى حوادث عظمى بمقولات العهدين السابقين برأيي المتواضع. لكنني على كل حال أقدر سعي أخي الصباغ لنقل ما قيل حول ما ظن بأنه تغيير كوني متشابه فشكرا له.
- استرسل فضيلته في بيان بعض المسائل دون السعي لربطها ببعضها البعض حتى وصل إلى قصة أصحاب الكهف. تلك حكاية حكيمة نحتاج معها إلى أن نفكر لنعرف السبب في قوله تعالى مستنتجا أسباب تقديره لينام أصحاب الكهف 300 سنة شمسية ثم يفيقوا. قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِم بُنْيَانًا رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا (21). فما هو السر في تلك العملية التي قدرها الله تعالى؟ لم يذكر الأخ الصباغ أي شيء عن ذلك وما دريت السبب في تعرضه لتلك الحكاية المهمة. بالطبع أنني فسرت السورة من قبل ولا أدري هل كان الأخ الصباغ حاضرا حينما وضحت رأيي المتواضع. على كل حال فإن الإخوة في جلسات شمال لندن يعلمون السر في تلك الحكاية.
- تحدث عن الساعة والساعة مسألة مهمة جدا في القرآن الكريم ولا أظن بأنها تعني ساعة القيامة بالتحديد بل هناك عدة تحولات كبرى تتم في الكون وكل منها ساعة باعتبار تحرك الكون نحو التغيير المفاجئ. لقد وضحت كلها في جلسات شمال لندن حسب فهمي المتواضع. لكن الأخ الصباغ يسعى لإثبات أن الساعة تعني لحظة الموت كما يتراءى لي. بالطبع يمكن أن نسمي ساعة الموت ساعة لكل شخص باعتبار التحول الذي يطرأ على الفرد ولكن هل سماها الله تعالى ساعة في القرآن الكريم؟
لكنني لاحظت بأنه يعتبر القيامة التي نؤمن بها (قيامة مزعومة) حينما أراد بيان قرب الساعة كما ورد في سورة الأحزاب: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63). بالطبع أن زعمنا هو باعتبار ما قاله سبحانه مباشرة بعد تلك الآية الكريمة التي ظننت بأن القرب يعني سنة أو سنوات ولكن مضى 14 قرنا دون أن نرى تلك الساعة. قال تعالى بعدها: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لاّ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (65) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا (66). فكيف تفسر الأبدية التي ذكرها الله تعالى بعد تلك الآية كنتيجة لتلك الساعة؟
وأما تفسيرك للقرب بأنه يعن عدة لحظات أو ساعات أو سنين وعلى كل حال قلتم أنها لن تتجاوز العمر المتعارف فهو ليس صحيحا برأيي القاصر. قال تعالى في سورة القمر: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1). ويمر 14 قرنا ولم ينشق القمر حتى يومنا هذا. وقال تعالى في سورة المعارج: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (4) فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلاً (5) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا (6) وَنَرَاهُ قَرِيبًا (7) يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ (8) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (9). هل خمسون ألف سنة موعد قريب أخي الصباغ. والواقع أنه سبحانه يتحدث عن سنواته وليس سنواتنا. وكل سنة من سنواته تعادل 365000 سنة من سنواتنا. قال تعالى في سورة الحج: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (47). فسنوات المعارج الخمسون ألف تعادل أكثر من 18 بليون سنة من سنواتنا. وأقصد بالبليون ألف مليون سنة.
هذه السنوات قد تشير إلى الاحتمال الأول الذي ذكرتموه لنهاية الكون وهو الانكماش العظيم (The Big Crunch). بالطبع لو أراد الله تعالى أن ينتظر حتى تفقد المجرات الجاذبية باعتبار الابتعاد الشديد عن بعضها البعض فإن ذلك قد يأخذ وقتا يزيد عن بلايين البلايين البلايين البلايين من السنين وقد يصل إلى عدد 10 أس 60 أو 70. لكنه سبحانه وعد بأن ينهي الكون بقوته حيث قال في سورة الزمر: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاّ مَن شَاء اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70). هذه هي القيامة أخي الكريم وليس ما تفضلتم به. النفخ في صور الكون يمثل ابتعاد الكواكب عن بعضها البعض بسرعة دراماتيكية تمهيدا لتدميره ثم انفجار كوني ثان ثم تمدد جديد للكون وهي النفخة الأخرى أو الثانية حيث نقوم من قبورنا الجديدة في الأرض الجديدة وليس من قبورنا الفعلية التي لا تمثل قبرا حقيقيا لنفوسنا إذ لسنا جميعا ندخل القبور كما تعلمون. لكن القبور الجديدة حتمية شرحتها سابقا تحت عنوان “إبراهيم خائف لا مرتاب”.
- أشار فضيلته إلى الأعراف وتمنيات أهل الجنة والنار. الأعراف في واقعها تتحدث عن أصحاب الرسل وسورة الأعراف تتحدث عنهم. وقد وعدت أخي الدكتور أحمد مبارك بشير أن أكتب عن الموضوع وأرفقه بموضوع القيامة ولكنني كنت مشغولا جدا ونسيت في الواقع. سوف أكتب مستقبلا بإذن الله تعالى. وباختصار فإن أصحاب الرسل مختلفون اختلافا بسيطا عن غيرهم. ألم نسمع بأن الله تعالى عذب أصحاب نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وكذلك الفراعنة من أصحاب موسى في الدنيا؟ ألم نقرأ حكم الله تعالى على أبي لهب وزوجته بالنار وهما في الدنيا يسمعان حكم الله تعالى عليهما؟ الفرق بينهم وبيننا هو أن مصيرهم النهائي واضح من قبل الموت ولذلك فإنهم يبلغون بأنهم من أهل الجنة أو من أهل النار حين موتهم. والقيامة بالنسبة لهم للمحاكمة ولتحديد درجاتهم في الجنة أو النار. وأصحاب الأعراف هم الذين لم يحضروا الدعوة الرسالية بالكامل فهم بعد الموت يتمنون أن يدخلهم الله تعالى يوم القيامة في الجنة ولا يحكم عليهم بالنار. ذلك لأنهم يرون بقية الصحابة الذين تكاملت الدعوة بشأنهم فتبين مصيرهم ولكنهم لم يتبين بعد.
والعذاب العظيم المذكور بالنسبة لأصحاب الرسل باعتبار أنهم يعلمون بأنهم من أصحاب النار إما حين نزول العذاب عليهم أو مباشرة بعد الموت. حالهم حال القتلة الذين يعلمون بأنهم أصحاب النار فعظمة عذابهم جميعا هي باعتبار أنهم يعلمون بأنهم أصحاب النار فلا أمل لهم في النجاة مباشرة من بعد الموت إلى يوم يقوم الناس لرب العالمين. لكن بقية المجرمين في الأرض فإن مصيرهم غير واضح قبل يوم القيامة. ومثلها الأجر العظيم فإن أصحاب الرسل يعلمون لحظة الموت بأنهم من أهل الجنة فيتنعمون بالخبر المفرح حتى يوم القيامة. ويمكنكم ملاحظة أن الأجر العظيم في القرآن مخصص لأصحاب الرسل وهو بالاعتبار الذي ذكرت والعلم عند المولى عز اسمه.
- تحدث فضيلته عن الروح والنفس والجسد ولم يوضح للمستمعين الذين حضروا محاضرته الفرق بين تلك الكائنات. فاستدلاله بتلك الأشياء الثلاثة يعتبر عقيما حتى يوضح لنا فهمه لها بكل دقة وبصورة استدلالية.
وأظن بأنني قد قمت ببيان بقية الآيات التي ذكرها في البحث المنشور المرفق تعليقا على برزخ قصي ولذلك أكتفي بهذا الحد وأتمنى لأخي الصباغ ولأخي قصي الموسوي ولأخي محمد الطيار مزيدا من التوفيق للتفكير في كتاب الله تعالى وأنا أفتخر بأن أتعلم منهم.
أحمد المُهري
11/3/2018
سيتم نشر كتيب عن (يوم القيامة لاحقا – من المقالات السابق نشرها ) في صفحة المركز بإذن الله تعالى .
يــوم القيامــــــــة
يرى الكثيرون بأن هنالك تناقضا بين العلم والدين، أو أن العلم والإيمان لا يلتقيان.
إن التناقض يكون صحيحا فيما لو كان الدين من وضع البشر، أو أن الكتاب المقدس لديانة ما، من تأليف البشر. وهذا المثال واضح جدا في التوراة.
أما في القرآن، فعند وجود ما يسمى بالتناقـض، فإن المؤمنين يقولون إن العلم غير صحيح، و يسخر الملحدون من النصوص التي تبدو مخالفـة للعلم. والحقيقة إن الخطأ في الغالب هو في الفهم والتفسير والذي هو اجتهاد بشري أخذ طابع القدسية مع الزمن.
القيامة هي تعبير عن القيام من الموت للحساب. فهل يعني هذا أن القيامة يوم واحد لكل الأموات أم أن لكل ميت قيامته الخاصة، وهل ستكون القيامة بالجسد أم بالنفس ؟.
ترتبط الحياة على الأرض بالطاقة التي تبعثها الشمس. ومصير الحياة على الأرض يعتمد كذلك على الشمس، فلو اختل التوازن بالشمس، كأن تقل اشعتها الواصلة للأرض لاي سبب كان فتتعرض الأرض لموجة برد وصقيع مما يؤدي إلى قلة المحاصيل الزراعية وتسبب المجاعة وتناقص أعداد الخلق. كذلك لو ازدادت أشعتها ( حرارة أو كهرومغناطيس ) فإن التأثير على الحياة يكون كارثيا أيضا.
أما إذا انتهت حياة الشمس بشكلها المعروف فإن الحياة الأرضية تنتهي قطعيا لجميع الكائنات.
إنتهاء الشمس :
كانت الشمس دائما مركز الكون بالنسبة للإنسان، ومع تطور علم الفلك الحديث أيقن الإنسان حقيقة أن الشمس هي نجم من عدد لا يحصى من النجوم.
مبدئيا، تعتبر الشمس مثال لسلسلة من نوع القزم الاصفر. ومثل كل النجوم لها دورة حياة متمثلة في التشكيل الأولي والتسلسل الرئيسي وأخيرا في نهاية المطاف :الموت.
بدأت دورة حياة الشمس تقريبا قبل أكثر من 4. 6 مليار عام وستستمر لقرابة من 4. 5 إلى 5. 5 مليار عام آخر، وعندما ينضب الهيدروجين والهليوم في الشمس سوف تنهار وتتحول إلى قزم أبيض.
ولادة الشمس :
وفقا لنظرية نيبولر، بدأت الشمس وكل الكواكب في نظامنا الشمسي كغيمة هائلة من جزيئات الغاز والغبار. وحدث شيء سبّب انكماش هذه الغيمة، نتيجة مرور نجم أو موجة صدمة ناتجة عن انفجار سوبرنوفا، مما تسبب في إنهيار جاذبية مركز الغيمة.
ومن هذا الإنهيار بدأت تجمعات الغاز والغبار بالتجمع في مناطق أكثف. حيث تقوم المناطق الأكثف أو الأثقل بسحب وجذب مواد أكثر، فيسبب قانون حفظ الزخم الدوران، بينما يسبب ازدياد الضغط إلى زيادة الحرارة.
تنتهي معظم المواد على شكل كرة في المركز، الشمس تتكون من 98% من المادة التي تكون الغيمة بينما بقية المواد تتجمع على شكل قرص يدور حول المركز.
الكرة في المركز ستكوّن الشمس مستقبلا بينما القرص سيكوّن الكواكب. وتستمر الكرة المركزية قرابة مئة الف عام بالإنهيار قبل أن تصل الحرارة والضغط إلى درجة الاشتعال الداخلي لعملية الإندماج النووي في لب الشمس.
تبدأ الشمس دورة حياتها بنشاط شديد جدا، حيث تنتشر الرياح الشمسية نتيجة الانفجارات على سطحها، وبعد بضعة ملايين من الأعوام تهدأ وتدخل إلى الطور الحالي للشمس، حيث تبدأ دورة الحياة.
التسلسل الأساسي :
الشمس مثل معظم النجوم في الكون هي في مرحلة التسلسل الاساسي من دورة حياتها، خلال هذه المرحلة تصهر تفاعلات الإندماج النووي في لب الشمس ذرات الهيدروجين إلى ذرات هليوم. في كل ثانية 600 مليون طن من المادة تتحول إلى نيوترون واشعاع شمسي، وطاقة تقدر بمليار قنبلة هيدروجينية كل ثانية. بدأت هذه العملية قبل4. 57 مليار عام، وتنتج الطاقة بهذه الطريقة منذ ذلك الحين.
وبتحول المزيد من الهيدروجين إلى هليوم، يستمر لب الشمس بالإنكماش ليسمح للطبقة الخارجية من الشمس بأن تقترب من مركز الشمس ليكون تحت تأثير جاذبية أكبر. وهذا يسبب ضغطا أكبر في لب الشمس، والذي سيقاوم بزيادة معدل تفاعلات الإندماج الناتجة في لب لشمس. هذا يعني بأن الشمس تستمر بصرف مخزون الهيدروجين في اللب وتزداد سرعة عملية الإندماج وكمية الطاقة الناتجة من الشمس.
حاليا يقود هذا إلى زيادة 1% في أضاءة الشمس كل 100 مليون عام وزيادة 30% أعلى مما كانت علية قبل 4. 5 مليار عام.
بعد 1. 1 مليار عام من الآن ستكون الشمس أكثر لمعانا بــ 10% مما هي عليه الآن، وهذا يزيد إضاءتها أيضا، أي يعني زيادة في الطاقة الحرارية التي سيمتصها الغلاف الجوي للأرض. مما سيؤدي إلى حدوث تأثير الدفيئة الرطبة على الأرض، ويصبح جو الأرض مشابها للبيئة الجهنمية لكوكب الزهرة.
بعد 3. 5 مليار عام من الآن، ستكون الشمس أكثر لمعانا ب 40%. وهذه الزيادة ستسبب غليان المحيطات وانصهار القمم الثلجية بشكل دائم وتبخر كل المياه على الكوكب إلى الغلاف الخارجي وفقدانها بالفضاء.
بعد 5. 4 مليار سنة من الآن تصل الشمس إلى نقطة انتهاء التسلسل الاساسي من دورة حياتها، ومع نضوب الهيدروجين في لب الشمس، رماد الهليوم يكون غير مستقر وسوف ينهارتحت تأثير وزنه الهائل، وهذا سيسبب زيادة الحرارة وزيادة كثافة لب الشمس، مما يسبب نمو حجم الشمس ودخولها طور العملاق الأحمر في رحلة تطورها.
سوف تتوسع الشمس لدرجة أنها ستصل بقطر مدار عطارد والزهرة ويمكن أن تصل للأرض، وحتى لو نجت الأرض من هذا التوسع، فإن الحرارة تجعل أي حياة مستحيلة على الأرض.
الطور النهائي والموت :
عند الوصول لطور العملاق الاحمر سيتبقى حوالي 120 مليون عام من عمرها النشط، اللب المتكون من الهليوم سوف يشتعل بعنف على شكل وميض الهليوم وحينها سيتحول 6% من لب الشمس و40%من كتلتها إلى كاربون في غضون دقائق.
ستنكمش الشمس لحوالي 10% من حجمها الحالي و50% من اضائتها الحالية ومع حرارة أقل. أما ال100 مليون عام المتبقية ستستمر بأحراق الهليوم في لب الشمس حتى ينضب، وفي هذه المرة ستدخل طور العملاق المقارب حيث سيتوسع بسرعة أكبر من المرة السابقة وتصبح أكثر لمعانا.
خلال ال290 مليون عام المتبقية ستصبح الشمس غير مستقرة وتفقد كتلتها من خلال سلسلة من النبضات الحرارية والتي ستحدث كل 100000 عام ومع كل نبضة يزداد حجمها وتصبح أكثر لمعانا ب5000 مرة وقطرها إلى ما يزيد عن سنة ضوئية. وبعدها تتقلص لتكون كرة باردة تسمى بالقزم الابيض.
نهايـــة الـكــــون
من الأشياء التي تدعو إلى التأمل ويفكر بها الإنسان هي كيف وجد الكون وكيف بدأت الحياة على الأرض وهل يبقى الإنسان أم ينقرض من على الأرض كما انقرضت كائنات كثيرة، وهل ينتهي الكون.
الحقيقة أننا لا نعلم الكثير عن الكون. يتفق العلماء حول طريقة بدء الكون، إلّا أنهم اختلفوا حول طريقة انتهاء الكون، ومن الأشياء المشوقة في هذا المجال هو وجود عشرة مفاهيم أو سيناريوهات، يؤمن بها علماء الفلك والفيزياء. والغريب أنها لا تتشابه فيما بينها. ومن هذه المفاهيم أو الفرضيات :
1 – الانكماش العظيم
The Big Crunch
النظرية المقبولة الأكثر حول خلق الكون هي نظرية الإنفجار الكبير، حيث كانت كل المواد موجودة كوحدة واحدة وبكثافة لا نهائية وبحجم نقطي، ثم شيء ما جعلها تنفجر. فتمددت المادة بشكل سريع لتكوّن الكون.
الإنكماش اوالتهشيم العظيم بالنتيجة تكون عملية عكسية للانفجار العظيم. حيث أن الجاذبية هي المسيطرة على الكون وعندما يبلغ الكون مداه المفترض، – مثل أي اجسام أو شظايا من الإنفجار تنطلق بسرعة وتصل مدى معين وتقف- تبدأ المجرات تنجذب نحو المركز وهي نقطة الإنفجار الاولى وتشكل ذلك الجزء المتنامي بالصغر والشديد الكثافة.
أن أساس هذه الفرضية هو تباطؤ سرعة النجوم والمجرات ولو كانت النجوم والمجرات تتباطأ لكانت الفرضية صحيحة. إلّا أنه أُثبت حديثا بأن سرعة النجوم والمجرات في حالة ازدياد وليس في حالة تباطؤ.
لذا لا يُعتمد على هذه الفرضية.
2 – الموت الحتمي لحرارة الكون :
The Inevitable Heat Death Of The Universe
تعتمد هذة الفرضية على نظرية الثرمو داينمك، وهذه النظرية كانت السبب الرئيسي للتفكير بأن لابد أن يكون للكون بداية، وأنها ليست أزلية.
حيث تفترض النظرية بأن الطاقة الحرارية تنتقل من الاجسام الحارة إلى الباردة ولا تكون بالعكس. وأن الطاقة الحرارية تتلاشى مع الزمن فيما لو انتهى مصدر الحرارة، وكما علمنا بأن كل النجوم مثل شمسنا، ستصل لمرحلة ينتهي فيها الوقود ولا تستطيع بعث الحرارة، فستبرد تدريجيا إلى الصفر المطلق لكن المادة ستبقى كاجسام باردة تهيم بالفراغ المظلم.
3 – الموت الحراري بسبب الثقوب السوداء :
Heat Death Via Black Holes
بالإعتماد على النظرية المقبولة، أن كل المواد في الكون تدور حول ثقب أسود، مثلما المجرات التي تحتوي كل شئ وتدور حول ثقب أسود.
تتميز الثقوب السوداء بكثافة عالية بسبب انضغاط المادة فيها والتي تسببها الجاذبية العالية لها، وهذه الجاذبية تسحب النجم إذا اقترب من مدارها، إليها أشبه بعملية التهام. وعندما تتم هذه العملية يخرج وميض من الثقب الاسود كالبرق ومن ثم يتلاشى ويرجع الثقب أسودا مرة أخرى.
كلما التهم الثقب نجما تزداد كتلتة ويتوسع مدار تأثير جاذبيته، وعنما تنتهي النجوم، تلتهم الثقوب بعضها بعضا، وينعدم النور في الكون. وتنتهي الثقوب السوداء مع الوقت بسبب تبخر كتلتها فتصدر أشعة هاوكنك، وبموت آخر ثقب أسود، سوف لا يبقى غير جزيئات هاوكنك المشعة.
4 – إنتهاء الزمن :
The End Of Time
في نظر العلماء يعتبر الزمن سرمديا، فهو بدأ من لحظة بداية الكون وسيستمر إلى ما بعد فناء الكون.
لكن ماذا لو توقف الزمن أو تجمد؟. أي بمعنى أنه لن تكون هناك إضافة بالزمن بل فقط اللحظة نفسها وتستمر للابد – مثل توقف شريط الفلم على لقطة معينة – وهو ليس بالحقيقة للأبد لأن ليس هناك أصلا توقيت.
يمكن القول بأن هذه الفرضية هي فرضية فلسفية أكثر من كونها علمية ومتعلقة بالفلك.
5 – الارتداد العظيم :
The Big Bounce
الارتداد العظيم مشابه للتهشيم العظيم من حيث الفكرة، إلّا أن المواد لا ترتد لنقطة الاصل بل تبدأ المجرات بالتصادم مع بعضها ونتيجة التصادم تحصل ارتدات وتعود حالة مشابهة للانفجار العظيم مولدة كونا جديدا. أي أن المادة لا تتهشم بل يتم إعادة تدويرها.
6 – التمزق العظيم :
The Big Rip
نظرية التمزق لنهاية الكون تعتمد على فكرة التوسع المضطرد للكون. حيث هناك قوة غير منظورة تدعى بالطاقة المظلمة تسبب التوسع المتزايد للكون. وبسبب السرعة المتزايدة للمجرات والتي ستبلغ إلى اقصى المديات لتبلغ حد معامل الالتواء، فتحصل قفزة إلى اللاشئ.
إن هذه الحالة تكون بعد أن يبرد الكون أي بعد 16 بليون عام. ولو تصادف مثلا وجود حياة حينها، فإن هذه القفزة ممكن أن تمزق وتحرق الاجساد.
يعتبر هذا السيناريو الأعنف بالموت مقارنة بإنتهاء حرارة الكون.
7 – الاستقرار الحرج :
Vacuum Metastability Event
أساس النظرية مبني على أن بناء الكون الاساسي غير مستقر، إذا نظرت لقيم جزيئات الفيزياء الكمية، فالبعض يقترح بأن الكون على حافة الاستقرار، وبعض العلماء ينظرون بانه بعد بلايين السنيين فإن الكون سيعبر منطقة الإستقرار الحرج، وعند حصول هذا فانه في نقطة ما في الكون ستتولد فقاعة، يمكن تصورها ككون بديل يتمدد بسرعة الضوء ويمسح أي شئ في طريقه، أي ينهي الكون.
8 – الحاجز الزمني :
The Time Barrier
إذا أردنا حساب الاحتمالات في الاكوان المتعددة (اللانهائية) فإن احتمالية حصول أي حدث تكون مئة بالمئة. وللتعرف حول هذه المسألة فإن العلماء يأخذون مقطعا من الكون ويدرسون الاحتمالية لهذا المقطع، وهذاما يجعل العملية الحسابية تعمل، لكن الحدود التي تم رسمها لا تسمح بالتوسع خلفها. تم حساب عبور الحاجز الزمني ب 3. 7 بليون سنة لانتهاء الكون.
9 – عدم الحدوث ( لاننا نعيش في كون متعدد ) :
It Won`t ( Because We Live In A Multiverse)
سيناريو تعدد الأكوان، وبعدد لا نهائي للأكوان، يجعل هذه الأكوان تدخل أو تخرج من الوجود، ومن الممكن أن يبدأ الكون من الانفجار العظيم وآخر قد يفنى بأي طريقة.
في هذا السيناريو هناك حركة ولادة وفناء مستمرة للأكوان، فلا يهم أن يفنى كون ما لأنه دائما هناك كون أو أكوان أخرى.
10 – الكون الخالد :
The Eternal Universe
الفكرة القديمة لأزلية وسرمدية الكون قد تبدو حقيقية، حسب المفهوم الحديث للزمن، فبدلا من مبدأ ( السنكلارتي ) الذي يفترض بداية الزمن بالانفجار العظيم، يفترض العلماء وجود الزمن قبل الإنفجار أي لكون سابق، في هذا النموذج فإن الاكوان تفنى وتولد من جديد.
القيامة في الاديان السماوية :
اتفقت الكتب السماوية على أن القيامة تظهر في صورتين مختلفتين:
الصورة الاولى، وجه مفزع تنهدم فيها أركان العالم.
التـوراة
لم يرد ذكر اليوم الاخر، والبعث والنشور، الثواب والعقاب الأخروي في التوراة صريحا. قد يكون السبب إلى أن اليهود يهتمون بالأعمال، ولا يعنون كثيرا بالايمان، فاليهودية في جوهرها أسلوب حياة لا عقيدة تعتقد، لأن حياتهم تقوم على المادة وحب التملك. كما قال الله تعالى:
(وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَاهُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96البقرة2)
يوم الحساب أو نهاية الزمان ترجمة لمصطلح ( يوم هدين ) وهو مصطلح عبري يعني ” اليوم الذي سيحاسب فيه الإله كل البشر في آخر الايام ” وهو تطوير لمصطلح يوم الرب، ذي الطابع الحلولي القومي المتطرف الذي كان يعني حدوث الخلاص داخل إطار قومي.
تطور هذا المفهوم الأخير على يد النبي عاموس وغيره إلى مصطلح يوم الحساب أو يوم الحكم والقضاء العالمي والشامل لليهود ولغيرهم. إن اول إشارة للثواب والعقاب بعد البعث ترد في اشعياء
(ولْوِلوا لأن يوم الرب قريب قادم كخراب من القادر على كل شيء) اشعياء 13-6
( هوذا يوم الرب قادم بسخط. . . . فإن نجوم السموات وجبابرتها لا تبرز نورها تظلم الشمس عند طلوعها والقمر لا يلمع بضوءه ). اشعيياء 13-9
(فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنور وكل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشا ويحرقهم اليوم الآتي، قال رب الجنود ). ملاخي 4-1
(ذلك اليوم يوم سخط يوم ضيق وشدة يوم خراب ودمار يوم ظلام وقتام يوم سحاب وضباب ). صنفيا 1-15
الإنجيـــل:
(وللوقت من بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمرلا يعطي والنجوم تسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع حينئذ تظهرعلامة ابن الإنسان في السماء، وحينئذ تنوخ جميع القبائل الأرض ويبصرون ابن الإنسان آتيا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير فيرسل ملائكته ببوق عظيم الصوت ) متي 24، 29-31
( وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم التلاميذ على إنفراد قائلين قل لنا . . ما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر) متي 24-3
(فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال قائمة في المكان المقدس ليفهم القارئ ). متي 24-15
( لانه تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة وتكون مجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع. . ويبغضون بعضهم بعضا ) متي 24-7
القرآن الكريم
إذا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ. (الانفطار:1-5)
الصورة الثانيـــــة :
يتبدل فيها وجه العالم بالصلح والصلاح :
التــوراة
ويكون في آخر الايام أن جبل بيت الرب يكون ثابتا في رأس الجبال ويرتفع فوق التلال وتجري اليه كل الامم ز اشعياء 2 – 2
فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل والمسمن معا وصبي صغير يسوقها، والبقرة والدبة ترعيان، تربض اولادهما معا والأسد كالبقر يأكل تبنا، ويلعب الرضيع على سرب الصل ويمد الفطيم يده على جحر الافعوان، لا يسوون ولا يفسدون. اشعياء 11 و 1-9
تفرح البرية والارض اليابسة ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس. . . . اشعياء 35، 1
لأني هانذا خالق سموات جديدة وأراض جديدة فلا تذكر الأولى ولا تخطر على بال، بل ابتهجوا إلى الابد في ما انا خالق. . . اشعياء 65، 17
الإنجيل
ثم رأيت سماء جديدة وأرضا جديدة لأن السماء الأولى والأرض الأولى مضتا والبحر لا يوجد في ما بعد، وأنا يوحنا رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة نازلة من السماء من عند الله مهيأة كعروس مزينة لرجلها. رؤيا يوحنا اللاهوتي 21، 1
القيامة من منظور قرآني
عند الحديث عن القيامة، يجب التفريق بين المتلازمات الثلاث وهي الروح والنفس والجسد، لنتعرف الآيات التي تتكلم عن أيٍّ منها.
أسماء يوم القيامة
يوم الفصل أي الحكم بين المتخاصمين ( إن يوم الفصل كان ميقاتا )، الطامة الكبرى، الصاخة، اليوم الموعود، اليوم العسر، يوم الجمع، يوم التغابن، يوم الخروج، الآزفة، يوم الفتح، القارعة، الغاشية، يوم الدين، يوم البعث، اليوم الآخر، اليوم المشهود، اليوم العظيم، الوعد الحق، يوم التلاق، يوم الحساب، يوم التناد، اليوم الأليم، اليوم الحق، يوم الوعيد، يوم الخلود، اليوم الثقيل ويوم الحسرة. ويوم تقوم الساعة.
آيات ورد فيها لفظ “الساعة” :
في التفسير السائد ورد تعبير الساعة مرادفا لتعبير القيامة، فهل الساعة تعني القيامة أم شيء آخر؟.
يمكن تقسيم الآيات التي وردت فيها “الساعة” إلى ست مجاميع :
آيات جاءت مع ( يوم تقوم )
( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12الروم30) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكَائِهِمْ شُفَعَاءُ وَكَانُوا بِشُرَكَائِهِمْ كَافِرِينَ (13الروم30) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14الروم30)
( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55الروم30) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (56الروم30)
النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46غافر40)
لاشك أن يوم تقوم الساعة هو تعبير عن يوم القيامة، ففي سورة الروم تأكيد على ذلك، لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث.
آيات جاءت مع كلمة ( بغتة )
قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إذا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ إلّا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31الأنعام6)
يقول الطبري؛ حتى إذا جاءتهم الساعة التي يبعث الله فيها الموتى من قبورهم فجأة، وكس الذين كفروا بلقاء الله، ببيعهم منازلهم من الجنة بمنازل من اشتروا منازله من أهل الجنة وعاينوا ما باعوا وما اشتروا فتبينوا الخسارة.
أنا لا اظن بأنه كان موفقا في تفسيره.
أَفَامنُوا أن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أو تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (107يوسف12)
يقول القرطبي تأتيهم القيامة فجأة وهم على شركهم.
فهل هي حقا القيامة؟
وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا امرُ السَّاعَةِ إلّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أو هُوَ أَقْرَبُ إن اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77النحل16)
وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أو يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55الحج22)
في تفسير الجلالين تأتيهم الساعة بغتة، أي ساعة موتهم. ونحن سنتبنى هذا المفهوم، ونميز لاحقا لماذا لم تستخدم كلمة الموت صراحةً.
آيات جاءت مع عبارة (آتية)
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إلّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ (85الحجر15)
إن السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى(طه 15)
وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7الحج22)
إن السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (59غافر40)،
هنا الحديث كلة عن قرب الموت فما علاقة القيامة بالصفح الجميل للرسول، والتأكيد الاخر على أنها الموت، هو أن الموت يسبق الانبعاث من القبور.
آيات علم الساعة
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إلّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (187الأعراف7)
إن اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَام وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ أن اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34لقمان31).
يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا (63الأحزاب33)
( إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إلّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47فصلت41)
علم الساعة يقصد به لحظة الموت. ففي سورتي فصلت ولقمان، يتحدث القرآن عن آيات حياتية نراها في حياتنا، مثل الموت والولادات وإنزال الغيث وإخراج الثمرات.
أما في سورة الاحزاب فيجيب القرآن باستفهام؛ وما يدريك لعل الساعة قريب. لا يوجد أي تفسير صحيح لها بحسب ظني إلّا أن تكون ساعة الموت وليس القيامة، فلعل الساعة تكون قريبا هو جواب للذين يسألون هل أنها قريبة منهم، قد تكون لحظات أو اياما أو سنيين، وفي كل الأحوال لا تتجاوز العمر المتعارف عليه لحياة البشر. وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا. هذا خطاب للرسول وهي لا محال أن تكون تتحدث عن القيامة في آخر الزمن، لأنه لحد الآن مضى على هذه الاية أكثر من 14 قرنا ولم تحدث ( القيامة المزعومة ).
آيات تتكلم عن شيئين مختلفين :
( قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ أن أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أو أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ أن كُنْتُمْ صَادِقِينَ(40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ أن شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41الأنعام6) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إلى اممٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42الأنعام6) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43الأنعام6) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إذا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44الأنعام6) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45الأنعام6)
الآيات تخبرنا عن عذاب دنيوي، والدعاء بكشف العذاب ومن ثم تمتعهم بالنعم ثم الموت بغتة
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74مريم19) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ أما الْعَذَابَ وَاما السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75مريم19)
في هذه الآيات يحدثنا القرآن عن شيئين مختلفين هو العذاب في الدنيا أو الساعة بمعنى الموت.
فيمكن أن نقول بأن الايات السابقة التي فيها لفظ الساعة، عدا مجموعة آيات يوم تقوم الساعة هي تتحدث عن انفصال الروح فقط، أما الجسد والنفس فما زالتا مع بعض.
تؤكد حالات الموت السريري ذلك إذ لو تم إرجاع الروح فإن الإنسان يستفيق وهو لا يختلف عن الإنسان قبل الدخول لحالة الموت السريري.
وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أو بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إلى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاما فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19الكهف18) إِنَّهُمْ أن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أو يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إذا أَبَدًا (20الكهف18) وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أن وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ
بَيْنَهُمْ امرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى امرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21الكهف18)
إن لهذه الايات دلالة قاطعة بأن الساعة تعني الموت، فبعد أن افاقوا من نومهم، علموا بأن وعد الله حق وذلك لزوال الكفار وإحلال المؤمنين محلهم، ( ليعلموا أن وعد الله حق ) ومن ثم تذكر الساعة، فيتنازع القوم فيما بينهم واتفقوا على أن يتم بناء على باب الكهف لانهم قد ماتوا.
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرض وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (1سبأ34) يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرض وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2سبأ34) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الأرض وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أكبر إلّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (3سبأ34) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ امنُوا وَعَمِلُوا ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4سبأ34) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5سبأ34)
في هذه الآية (لا تأتينا الساعة ) ليس المقصود أن الناس لا يعرفون أن هناك موتاً، بل أنهم لا يعتقدون بأن الموت ( الساعة ) هو بداية لحياة أخرى :
وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إلّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33المؤمنون23) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إذا لَخَاسِرُونَ (34المؤمنون23) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَاما أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35المؤمنون23) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36المؤمنون23) أن هِيَ إلّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37المؤمنون23) أن هُوَ إلّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38المؤمنون23)
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إلى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6سبأ34) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (7سبأ34) أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8سبأ34)
يوم القيامة
القيامة تعبير عن القيام من الأموات.
ويتفق المفسرون على أن يوم القيامة سيحدث بعد دمار الكون وذلك تفسير لبعض الآيات التي تصف ما يحدث من دمار للجبال، من تسيير ونسف، وما يحدث للشمس أو السماء. وهي صور مفزعة بحق.
بَلْ يُرِيدُ الإنسان لِيَفْجُرَ امامهُ (5القيامة75) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامةِ (6القيامة75) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7القيامة75) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8القيامة75) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9القيامة75) يَقُولُ الإنسان يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10القيامة75) كَلَّا لَا وَزَرَ (11القيامة75) إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12القيامة75) يُنَبَّأُ الإنسان يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13القيامة75)
إذا زُلْزِلَتِ الأرض زِلْزَالَهَا (1الزلزلة99) وَأَخْرَجَتِ الأرض أَثْقَالَهَا (2الزلزلة99) وَقَالَ الإنسان مَا لَهَا (3الزلزلة99) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4الزلزلة99) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5الزلزلة99) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6الزلزلة99) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7الزلزلة99) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8الزلزلة99).
يقول الإنسان مالها وليس الناس
الْقَارِعَةُ (1القارعة101) مَا الْقَارِعَةُ (2القارعة101) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3القارعة101) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4القارعة101) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5القارعة101) فَاما مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6القارعة101) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7القارعة101) وَاما مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8القارعة101) فَامهُ هَاوِيَةٌ (9القارعة101) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10القارعة101) نَارٌ حَاميَةٌ (11القارعة101).
إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7المرسلات77) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8المرسلات77) وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9المرسلات77) وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ (10المرسلات77) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11المرسلات77) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12المرسلات77) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13المرسلات77) وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (14المرسلات77)
السؤال المهم الآن، هل القيامة يوم واحد لكل البشر أم أن لكل شخص قيامته ؟
عندما يكون يوم المحكمة الدنيوية لشخص ما ولأية قضية فإنه يطلق على هذا اليوم ؛ يوم المحاكمة أو يوم المحكمة، وليس بالضرورة أن تستغرق قضيته كل اليوم، وليس من الضروري أن تقوم المحكمة لقضيتة فقط، بل تناقش عدة قضايا في اليوم نفسه، كما ليس بالضرورة أن تكون المحكمة ليوم واحد، إذ أن المحكمة تستمر طوال العام وتبقى طالما هناك بشر وإلى أن تنتهي آخر محاكمة على كوكب الأرض . ويكون يوم المحكمة يوما لكل من له قضية فيها.
لو فرضنا جدلا أن القيامة يوم واحد لكل البشر وأنها تأتي بعد دمار الكون، فهل من العدالة الإلهية أن يشاهد أهوالها البشر في آخر الزمان وحدهم ؟. واذا ادعى أحدهم بأن الناس كلهم يقومون من الموت ليشاهدوا هذا الرعب، وبذلك يتساوى العدل في الرعب لأول ولآخر البشر.
وهذا الجواب يطرح اشكالية أخرى، لم يفطن إليها مفسروا القرآن القدامى، ألا وهي المادة التي يتكون منها الجسم البشري، فمن المعلوم أن أجساد الأموات تتحلل إلى عناصرها الأولية وهي غازات ومعادن ثم يُعاد انتشارها لتدخل في السلاسل الغذائية وتدخل من جديد في أجسام الكائنات اللاحقة أو كمركبات في الجمادات من صخور ومعادن، وهكذا دواليك، في دورة لإعادة التدوير، فقد تكون بعض ذرات الكاربون المشكِّلة لأجسامنا، كانت في السابق في جسم ديناصور أو دودة مثلا.
من المنطقي أن نقول بأن القيامة خاصة للناس المتوفين في زمن متقارب وهي ليست عامة لكل البشر، وبذلك تنحل كثير من الإشكاليات في الربط بين العلم والدين وفي عدم التناقض بين آيات القرآن. وذلك وفقا للاتي :
- إن نهاية شمسنا مصدر طاقتنا وحياتنا تنتهي قبل نهاية الكون بمليارات السنيين.
– بالإضافة إلى أن الحياة على الأرض لا تنتهي بغتة بل تكون عبر ملايين السنين، هذا إذا إنتهت بشكلها الطبيعي، أي لم يتدخل بها الإنسان، فلا تأتيكم إلّا بغتة لا تعني إنتهاء الكون بغتة.
- كذلك وصف لإهل الجنة والنار.
- حديث أهل الجنة والنار وأهل الأعراف.
- تمني العودة لأهل النار أو تمني معرفة أهل الأرض بالثواب لأهل الجنة.
-
الدلائل المنطقية.
الأدلة القرآنية على أن يوم القيامة هو يوم متكرر ؛
آيات تتكلم بالماضي عن القيامة وأهل الجنة والنار
يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48إبراهيم14) برزوا وليس سيبرزون
( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67الزمر39) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأرض إلّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَام يَنْظُرُونَ (68الزمر39) وَأَشْرَقَتِ الأرض بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69الزمر39) نفخ بالصور بصيغة الماضي، لقيامة من في السماوات إشارة إلى أن هناك حياة عاقلة ومكلفة خارج الأرض أو ربما سكان الأرض من يهاجر إلى كواكب أخرى مستقبلا. كذلك قضي بينهم بالحق، جاءت بصيغة الفعل الماضي.
وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ امةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83النمل27) حَتَّى إذا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أم مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84النمل27) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (85النمل27) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا أن فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (86النمل27) وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأرض إلّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87النمل27).
كلها تتكلم بالماضي. أما الآية التالية فلا علاقة لها بيوم القيامة، بل هو العذاب الدنيوي الذي يطلب الناس كشفه عنهم.
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10الدخان44) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11الدخان44) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12الدخان44).
الكلام بالمستقبل، وحديث الناس يدل على أنهم مازالوا أحياءً، لأنهم يدعون لكشف العذاب وإيمانهم بعد ذلك. أما الآية التالية فهي تتكلم عن عذاب أهل النار ونعيم أهل الجنة، بصيغة الفعل المضارع لأنهم يعيشون هذا الواقع الآن عمليا.
( إن يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ (40الدخان44) يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (41الدخان44) إلّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (42الدخان44) إن شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43الدخان44) طَعَام الْأَثِيمِ (44الدخان44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45الدخان44) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46الدخان44) خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إلى سَوَاءِ الْجَحِيمِ (47الدخان44) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48الدخان44) ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49الدخان44) إن هَذَا مَا كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ (50الدخان44) إن الْمُتَّقِينَ فِي مَقَام امينٍ (51الدخان44) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (52الدخان44) يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ (53الدخان44) كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (54الدخان44) يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ امنِينَ (55الدخان44) لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (56الدخان44) فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57الدخان44)
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إلى شَيْءٍ نُكُرٍ (6القمر54) خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ (7القمر54) مُهْطِعِينَ إلى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8القمر54)
تتحدث الآية عن بدء القيامة وانفصال النفس عن الجسد، والآية بالفعل المضارع وذلك لاستمراريتها حاليا، وإلى ما شاء الله.
إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10الانسان76) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11الانسان76)
لم يذكر الله أنه سيقيهم شر ذلك اليوم، مثلما لم يقل سيجزيهم بالآية المقبلة :
وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12الانسان76)
أما الآيات التالية فهي بصيغة المضارع المستمر لانهم حاليا ينعمون بها :
مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13الانسان76) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14الانسان76) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15الانسان76) قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16الانسان76) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17الانسان76) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18الانسان76) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19الانسان76) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا(20الانسان76)
يتكلم مع المخاطب الذي ما زال حيا يرزق في الدنيا مثلما بيَّنا في مقال ( دفاعا عن الرسول )، إذا وجه الكلام للرسول مباشرة فيتم استخدام صفتة الرسالية أو النبوية أو الضمير أنت أو الضمير المستتر الذي تقديره أنت، لذا يتكلم بالمستقبل :
عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21الانسان76) إن هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (22الانسان76)
آيات أحاديث أهل الجنة والنار
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166البقرة2) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أن لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167البقرة2)
وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أن هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43الأعراف7) وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أن لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44الأعراف7) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ (45الأعراف7) وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أن سَلَام عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46الأعراف7) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47الأعراف7) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48الأعراف7) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49الأعراف7)وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أن أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أو مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إن اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ (50الأعراف7) الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (51الأعراف7)
( وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أم صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21إبراهيم14).
آيات التمني
حَتَّى إذا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99المؤمنون23) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100المؤمنون23)
( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26يس36) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (27يس36) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ (28يس36) إن كَانَتْ إلّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامدُونَ (29يس36)
كيف يطلب من هو بالنار العودة للأرض ليعمل صالحا والكون كله غير صالح للعيش، (هذا فيما إذا افترضنا أن القيامة تكون بعد دمار الكون ) لا بل كيف يود من دخل الجنة لو يعلم قومه بما غفر الله له وتمنيه أن يتبعوه على هداه ليحصلوا مثله على الجنة.
إن هذه الآيات لتدل دلالة قاطعة على أن أهل الجنة أو أهل النار على علم باستمرار الحياة على الأرض بعد موتهم مباشرة. والتأكيد القرآني على بقاء قومه مستمرين بالحياة إلى أن تأتيهم الصيحة . طبعا الصيحة التي تهلكهم لا علاقة لها ببقية سكان الأرض.
الدلائل المنطقية
من المعلوم أن القبور تندرس بمرور السنيين، ومن الممكن أن تكون أية بقعة من الأرض أن تكون قبرا لإنسان ما من زمن ما، وقد تكون المساكن التي نسكنها الآن، كانت قبورا فيما مضى من الزمان.
استخدمت لفظة القبر بالقرآن للدلالة على القبر للميت من قبل الأحياء :
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره
ثم اماته فأقبره
بعثر من في القبور
كذلك استخدمت لفظة أجداث ( بمعنى القبور في لغة أهل هذيل) لكن القرآن استخدمها فقط لتلتصق اللفظة بيوم القيامة. وسوف نرى لاحقا سبب استخدام الجدث بدلا من القبر.
( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51يس36) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52يس36) إن كَانَتْ إلّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53يس36)
وكما نعلم فإن القبور غير ثابتة مع الزمن، وهناك أناس لا يتم دفنهم بالقبور كأن تلتهمهم الحيوانات بالبر أو بالبحر أو يتم احراقهم كما يفعل الهندوس.
أول استنتاج هو أن العملية تتم بعد الموت ولا تنتظر لآخر الزمان، لأن لا وجود للقبور القديمة.
ثانيا : أنا أعتقد بأن الجسد يكون بمثابة القبر للنفس لأنها محشورة فيه ولا تستطيع القيام بأي شيء وذلك لعدم وجود الروح.
وبذلك فإن القيامة والتي تعني القيام من الأموات ما هي إلّا قيامة النفس وانفصالها عن الجسد. وعملية الانفصال هذه تكون من الجسد ولا علاقة لها بالقبر المتعارف عليه.
تبقى الفقرة الأخيرة وهي الآيات التي تذكر تعبير إلى أو قبل يوم القيامة. والتي يفسرها الأغلبية بمعنى أن القيامة تقع في آخر الزمان، بعد دمار الكون.
وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إلّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامةِ أو مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (58الإسراء17)
القرية ؛ في العرف المعاصر هو اللفظ المقابل للفظ المدينة. أما لغةً فهو بالإضافة إلى أنها تمثل المكان إلّا أنها تدل على جمع واجتماع، لذا يقال للمكان قرية وذلك لاجتماع الناس فيها. ففي الآية أعلاه تدل على البشر. والقيامة هنا تعني قيامتهم هم، مثلما تم استنتاجه سابقا.
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى يَوْمِ الْقِيَامةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55آل عمران3) فَأما الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56آل عمران3) وَأما الَّذِينَ آمنُوا وَعَمِلُوا ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57آل عمران3)
نفسرهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إلى يَوْمِ الْقِيَامةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14المائدة5)
( وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إلى يَوْمِ الْقِيَامةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64المائدة5) وَلَوْ أن أَهْلَ الْكِتَابِ امنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65المائدة5) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَاموا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ امةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66المائدة5) ) وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إلى يَوْمِ الْقِيَامةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأرض فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64المائدة5) وَلَوْ أن أَهْلَ الْكِتَابِ امنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65المائدة5) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَاموا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ امةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66المائدة5)
وَإِذْ قَالَتْ امةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أو مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164الأعراف7) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165الأعراف7) فَلَمَّا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166الأعراف7) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلى يَوْمِ الْقِيَامةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إن رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167الأعراف7) وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأرض اممًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168الأعراف7) فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أن لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (169الأعراف7) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَاموا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170الأعراف7)
في هذه الآيات تعبير إلى يوم القيامة، لايعني أن القيامة تقع عند انتهاء الكون، إذ أنه من الممكن أن لا يتبع أحد من الناس الرسل فكيف سيغلب المؤمنون الكافرين ؟ إذا لم يكن هناك مؤمنون أصلا. والعكس صحيح، قد يكون كل الناس مؤمنين ولا وجود للكافرين.
لكن إن كانت القيامة مثلما ذكرنا، فإن الآيات تكون منسجمة مع المنطق. فإن العداوة والبغضاء تنتهي فيما بينهم عند قيامتهم.
عبدالرضا الصباغ
لندن 2018