هل وعد الله فلسطين لليهود ؟
هل وعد الله فلسطين لليهود؟
كثيرا ما نسمع او نقرأ عن هبة ارض فلسطين لليهود حسب الوعد بين الله وابراهيم الخليل .ولنعلم صدق هذا الوعد من كذبه ,علينا البحث في جذور القضية من الاول.
أرض الميعاد
ارض الميعاد في اللغة العربية تقابل المصطلح العبري أرتس يسرائيل أي ارض اسرائيل(فلسطين),فهي ارض الرب ـ يوشع 3/9 , وهي الارض التي يرعاها الاله ـتثنيه 12/11 ,كذلك هي الارض المختارة وصهيون التي يسكنها الرب ,وهي الارض المقدسة ـزكريا 12/2 , كذلك هي الارض الالهية ـدانيال 16/11 .
تعد فكرة الحق الديني في فلسطين من اهم الذرائع التي تقوم عليها الحركة الصهيونية , والتي حشت بها أدمغة يهود العالم والكثير من أدمغة مسيحيي أوربا وأمريكا لا بل حتى أقتنع بها الكثير من المسلمين حتى قبل بدء الحركة الصهيونية بقرون .
يزعم اليهود انهم أصحاب الارض المقدسة ـ فلسطين ـ ومن تلك المزاعم ان الله أعطى وعدا “الهيا” لنبيه أبراهم عليه السلام بتملك أرض فلسطن , ولقد وردت في التوراة عدة نصوص عن هذا الوعد المفترى وبعض التعليقات عليها , ومن ذلك :
ـ ” وقال الرب لأبرام ـ ابراهيم ـ بعد اعتزال لوط عنه , أرفع عينيك وأنظر من الموضع الذي انت فيه شمالآ وجنوبا وشرقا وغربا لأن جميع الارض التي انت ترى لك اعطيها ولنسلك من بعدك الى الابد ” .
اقول هنا ما مدى الرؤية للانسان خاصة في منطقة ذات طوبغرافيا جبلية, مؤكد ان مدى الرؤية سيكون الافق وفي حالة منطقة الخليل فأن مدى الرؤية لن يتجاوز عدة كيلومترات وهي ليست كامل التراب الفلسطيني بالتأكيد.
ـ في ذلك اليوم قطع الرب مع ابرام ميثاقآ قائلآ , لنسلك أعطي هذه الارض من نهر مصر الى النهر الكبير نهر الفرات “
كذلك
ـ وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم عهدا أبديآ لأكون الها لك ولنسلك من بعدك , واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكآ ابديآ وأكون الههم “.
وهنا نتسأل اما كان الله يعلم بأنه سيكون الها لبقية البشر؟ بمعنى من سيكون اله الاخرين ؟
من خلال دراسة التوراة ومجموع هذه الوعود التي اعطيت لبراهيم عليه السلام ولنسله من بعده يتبين الآتي :
– الوعد الالهي قد اعطاه الرب لأبراهيم ولنسله ولم يكن لأبراهيم أولاد , أي لم ينجب اسماعيل واسحاق وعلى هذا فأن لفظة نسلك الواردة في النصين تشمل ولديه وذريتهما دون تفرقة , حيث ان لفظة نسلك وردت عامة ولم تقيد .
– الوعد المذكور بالنص الثالث قد أعطي وكان عمر اسماعيل 13 عاما , حين كان عمر أبراهيم 99 عاما حسب نص التكوين , ولقد رزق ابراهيم ولده اسحاق من سارة وعمره مائة عام . ومما يؤكد أن هذا الوعد أن كان صحيحا هو لأسماعيل فقط كونه الابن الوحيد الموجود, وجاءت لفظة ” ولنسلك من بعدك ” موافقة تماما مع ما جاء في سفر التكوين نفسه عن اسماعيل ” وأبن الجارية ايضا سأجعله امة لانه من نسلك ” .
” ولما كان ابرام ابن تسع وتسعون سنة ظهر الرب لأبرام وقال له أنا الله القدير سر امامي وكن كاملآ فأجعل عهدي بيني وبينك واكثرك كثيرآ جدآ واعطي لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك كل ارض كنعان ملكآ أبديآ”.
– أن الوعد الالهي المعطى لأبراهيم ولنسله من بعده كان معللا بأسبابه وهي القيام بفرائض الرب وشرائعه وأوامره. جاء في سفر التكوين ” من أجل ان ابراهيم سمع لقولي وحفظ ما يحفظ لي اوامري وفرائضي وشرائعي “.
فهل اليهود الذين جاءوا بعد ابراهيم من نسله قد حفظوا اوامر الله وقاموا بأداء فرائضه وشرائعه ليكونوا أهل استحقاق الوعد الالهي بعد ابراهيم ؟ .
أن التوراة ومن خلال عدة اسفار والواقع التاريخي لليهود قديما يقولان لا , لا بل يؤكدان أنحراف بني أسرائيل عن عبادة الله وحده لا شريك له وأنهم كانوا التاركين لشرائع الله وفرائضه المحرفين لكلامه .
– أن الوعد الالهي الذي أعطي لأبراهيم بتملك الارض المقدسة من نهر النيل للفرات يتناقض الى حد كبير مع نصوص توراتية أخرى منها :
” وقال الرب لأبرام أذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك الى الارض التي أريك ” .
فأبراهيم أذا قد امر بترك الارض التي كان يسكنها ليمض الى الارض التي أعطيت له ولنسله . فألارض التي كان يسكنها هي العراق والتي أعطيت له من النيل للفرات , فتكون أرض العراق ضمنها أي ضمن الارض المقدسة اتي اعطيت له وهو في نفس الوقت امر بالخروج منها . فأذا كانت الارضان مقدستان فلماذا يأمره الله بترك الاولى للثانية .فنلاحظ التناقض والاضطراب في نصوص التوراة .
ومما يدل على عدم جدية الوعد الالهي الذي تزعمه التوراة لأبراهيم, انتقاله من فلسطين الى مصر اكثر من مرة ثم انتقاله الى ارض الحجاز وعدم استقراره التام في ارض فلسطين المعطاة بالوعد الالهي .
– أن ابراهيم عد نفسه غريبا عن فلسطين , وكانت امنيته على ارض الواقع ان يعطى من اهل الارض مساحة ليجعله قبرا لزوجته ” أنا غريب ونزيل عندكم أعطوني ملك قبر معكم لأدفن ميتي من امامي “تكوين 23-4
وهنا كلم ابراهيم بني حث ليشتري منهم مقبرة لكنهم لما كانوا يوقرونه كرجل صالح يعيش بينهم فقد فوضوه ان يختار افضل مقابرهم هبة منهم دون مقابل. وفي الحقيقة لم يكن نصيب ابراهيم في ارض كنعان سوى مقبرة للموتى اشتراها بماله الخاص بعد مفاوضات مع ملاكها الاصليين . ويتفق هذا القول مع ما نقرآه في اسفار العهد الجديد ” ظهر اله المجد لأبينا أبراهيم وقال له اخرج من ارضك ومن عشيرتك وهلم الى الارض التي اريك فخرج حينئذ من ارض الكلدانيين وسكن في حاران ومن هناك نقله بعد ما مات ابوه الى هذه الارض التي انتم ساكنون فيها ولم يعطه فيها ميراثا ولا وطأة قدم ” اعمال الرسل 7:1-5
اما بالنسبة لأسـحاق فرغم وجود نصوص توراتية على اعطاء الارض له ولابنائه مثل ما حصل مع ابراهيم.
” الله القدير يباركك ويجعلك مثمرآ ويعطيك بركة ابراهيم لك ولنسلك معك لترث ارض غربتك التي أعطاها الله ابراهيم ” التكوين 28: 3-4 .
” الارض التي انت مضطجع عليها اعطيها لك ولنسلك “28 : 11-13
” الارض التي اعطيت ابراهيم واسحاق لك اعطيها ولنسلك من بعدك ” تكوين 35 : 9-12
هنا نلاحظ بان وصف ارض فلسطين كارض غربة بالنسبة لابراهيم لا اشكال عليه , لكن الارض بالنسبة لاسحاق التي ولد عليها وعاش وتزوج بها وشاخ بها فهي ليست ارض غربة بالنسبة له ,كذلك ليس هناك من معنى لهذا العهد الالهي مع اسحاق اذ انه يدخل تلقائيا بالعهد المبرم مع ابيه لانه من نسل ابراهيم .
ورغم هذه العهود الا ان التوراة ترجع لاعلان عدم ملكيته الا لموضع محدد للعبادة , لا بل تؤكد الاسفار ان يعقوب وبنيه عاشوا في ارض كنعان مستضعفين لم يمتلكوا فيها شئ وان اقامتهم في اية بقعة منها كانت مرتبطة برضاء اهلها وموافقتهم . ولم يحدث ان امتلك يعقوب شيئآ في ارض كنعان سوى قطعة ارض صغيرة اشتراها بماله الخاص لينصب فيها خيمته ويقيم عليها مذبحا لله .
” أتى يعقوب سالما ا لى المدينه التي في ارض كنعان وابتاع قطعة الحقل التي نصب فيها خيمته من يد بني حمور ابي شكم بمئة قسيطة واقام هناك مذبحا ودعاه أيل اله اسرائيل ” تكوين 33 : 18-20
ولقد كانت تلك كل علاقة يعقوب بالارض حتى رحل عنها بقبيلته الصغيرة الى مصر ايام سلطان ابنه يوسف الى ان توفاه الله ودفن في مغارة الكفيلة بارض كنعان تنفيذا لوصيته .
” وفعل له بنوه وهكذا كما اوصاهم حمله بنوه الى ا رض كنعان ودفنوه في مغارة حقل الكفيلة التي اشتراها ابراهيم مع الحقل من عفرون الحثي ثم رجع يوسف الى مصر هو واخوته ” تكوين 50 : 12-14 .
وقبل ان ننهي من التوراة نطرح تسأولين حول وراثة الارض بالنسبة لليهود , هل يشمل العهد كل اليهود ام ابناء يعقوب فقط اذ ان غالبية اليهود في العالم ليسوا من صلب يعقوب وذلك لتهود كثير من الناس سواء اكان هذا التهود بنص توراتي كما حصل في العراق وايران ايام السبي البابلي او تهود الخزر شمال بحر قزوين قبل عدة قرون لاسباب سياسية . التسأؤل الاخر هل يشمل العهد بنو اسرائيل الذين تحولوا للمسيحية او الاسلام او اصبحوا بلا دين .
عندما نفكر بمثالية وبمنطق فأننا نرفض الظلم والاعتداء والقتل , وكما ان علمنا قليل مقارنة بعلم الله ” وما أؤتيتم من العلم الآ قليلآ ” فمؤكد ان مثاليتنا قليلة مقارنة بالمثالية والسمو الالهي . ورغم قلة مثاليتنا مقارنة بالله الا اننا نرفض الظلم والتعدي والقتل …الخ , فكيف ننسب الظلم والاعتداء والامر بالقتل لله .
ان هبة ارض يملكها ويعمرها الكنعانيين الى اليهود فيه ظلم كبير للكنعانيين وأن كانوا وثنيين ففي زمن موسى كان معظم اهل الارض وثنيين ان لم نقل كلهم بأستثناء قوم موسى .ولا يوجد منطق لأعطاء ارضهم لليهود , علما ان لا موسى ولا هارون دخلوا ارض فلسطين , ولا يمكن تفسير دخول يوشع بأنه تنفيذ لأمر الله , اذ ان الله يأمر بالسلم لا بالحرب ” ياايها الناس ادخلوا بالسلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين ” البقرة 208 .
لتبيان ان كان هناك وعد من الله باعطاء ارض فلسطين لليهود من عدمه , علينا ان نفهم بعض الايات المتعلقة بارض فلسطين , بالارض المقدسة ووراثة الارض وسكنها .
ورث
ذكر الجذر ورث سبعة عشرة مرة في القران ليست كلها عن الارض , وهذه مجموعة الايات التي تتحدث عن وراثة الارض.
” وقال الملأ من قوم فرعون اتذر موسى وقومه ليفسدوا في الارض ويذرك والهتك قال سنقتل ابنائهم ونستحي نساءهم وانا فوقهم قاهرون قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا ان الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة لمتقين ” الاعراف127- 128
هنا وراثة الارض عامة , ويورثها من يشاء من عبادة لا تعني ان الله يهبها لهم اذ ان (من يشاء من عبادة ) لها نفس معنى (انما يخشى الله من عبادة العلماء) فالله لا يخشى العلماء بل العلماء هم من يخشوا الله .والناس هم من يورث الارض – كل ارض – وهي سنة الحياة .
“فلما كشفنا عنهم الرجز الى اجل هم بالغوه اذا هم ينكثون فأنتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم بأنهم كذبوا بأياتنا وكانوا عنها غافلين واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وماكانوا يعرشون ” الاعراف136- 137
هنا نرى انتقام الله من بني فرعون ووراثة مشارق الارض ومغاربها للمستضعفين والارض بصورة عامة مباركة حسب قول اللة
” وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام سواء للسائلين ” فصلت 10
وما اتمام كلمة الله الحسنى على بني اسرائيل الا في نجاتهم وهلاك جند فرعون .
“فأرسل فرعون في المدائن حاشرين ان هؤلاء لشرذمة قليلون وانهم لنا لغآئظون وانا لجميع حاذرون فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك وأورثناها بني اسرائيل ” الشعراء53 -59
الكلام الاول لفرعون في مصر اما الثاني فهو اخبار من الله بأخراج فرعون وجنده من جنات وعيون والحديث عن مصر وبالتالي وراثة الارض هي عن مصر ايضا لبني اسرائيل الذي لم يخرجوا مع موسى , اذ ان المعلوم ان ليس كل بني اسرائيل عبيد او مضطهدين ففيهم الاغنياء واصحاب النفوذ وملاك الاراضي الذين لن يضحوا باملاكهم بالخروج مع موسى . ومن هؤلاء الاغنياء الذين ذكرهم الله قارون ولو انه خسفت به الارض قبل الخروج .
“ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم ا ن ادوا الي عباد الله اني لكم رسول امين وان لا تعلوا على الله اني اتيكم بسلطان مبين واني عذت بربي وربكم ا ن ترحمون وان لم تؤمنوا لي فأعتزلون فدعا ربه ان هؤلاء قوم مجرمون فأسر بعبادي ليلا انكم متبعون واترك البحر رهوا انهم جند مغرقون كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك واورثناها قوما اخرين ” الدخان17- 28
هذه الاية تتعلق بمصرايضا ووراثة ارضها لغير قوم .
” واورثكم ارضهم وديارهم واموالهم وارضا لم تطئوها وكان الله على كل شئ قديرا ” الاحزاب 27
الاية الاخيرة لا تشمل اليهود بل هي متعلقة بالمسلمين حين طرد اليهود من المدينة, لذا لا ندخل في تفسيرها.
مقدس
ورد الجذر مقدس في ثلاث ايات فقط .
“واذ قال موسى لقومه يقوم اذكروا نعمة الله عليكم اذ جعل فيكم انبياء وجعلكم ملوكا وءاتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ياقوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على ادباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فأن يخرجوا منها فأنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فأذا دخلتموه فأنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين قالوا ياموسى انا لن ندخلها ابدا ما داموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون قال رب اني لا املك الا نفسي واخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فانها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون في الارض فلا تاس على القوم الفاسقين “المائدة 20-26
” وهل أتاك حديث موسى أذ رآى نارآ فقال لأهله امكثوا اني انست نارا لعلي أتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى فلما أتاها نودي ياموسى اني أنا ربك فأخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى ” طه 9-12
” هل أتاك حديث موسى أذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى اذهب الى فرعون انه طغى ” النازعات 15-17
الايتين في سورة طه والنازعات حول الارض المقدسة والتي هي الوادي المقدس لا يختلف عليها اثنين بانها في سيناء وتحديدا عن جبل موسى .
اما الارض المقدسة في سورة المائدة فيظن المفسرون بأنها فلسطين , ولا شئ يدل في الايه على انها تقع في فلسطين , ولو تتبعنا قصة الخروج من مصر لسيناء فيمكن الوقوف على الاحداث التالية :
1- العبور وغرق جيش فرعون.
2- تفجير اثني عشر عينا للماء وتظليل الغمام .
3- انزال الالواح المقدسة .
4- العجل والسامري .
5- الشكوى من قلة الزاد وانزال المن والسلوى .
هذه الاحداث كلها وقعت في سيناء , كذلك طلب موسى بدخولهم الارض المقدسة كان في سيناء .
والسؤال هنا هل قصد موسى فلسطين ؟ والتى ليس هناك ما يدل على قدسيتها. وان كانت الارض المقدسة جدلآ هي في فلسطين , فهل هي كامل التراب الفلسطيني ؟
سكن
ورد الجذر سكن 28 مرة .فقط ايتن تتحدث عن بني اسرائيل, وهي :
“أذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيأتكم سنزيد المحسنين ” الاعراف 161
لا اظن ان القرية في هذه الاية هي فلسطين فلو تتبعنا الايات من سورة البقرة من الاية 51 الى 61 فكل الاحاث فيها في سيناء وما الاية 58 بدخول الباب وقول حطة الا في سيناء ايضا بمعنى ان سكن الارض المطلوب هو سيناء وليس فلسطين .
” ولقد اتينا موسى تسع آيات بينات فأسئل بني اسرائيل اذ جاءهم فقال له فرعون أني لأظنك ياموسى مسحورا قال لقد علمت مآ أنزل هؤلاء الا رب السموات والارض بصائر واني لأظنك يافرعون مثبورا فأراد أن يستفزهم من الارض فأغرقناه ومن معه جميعا وقلنا من بعده لبني اسرائيل اسكنوا الأرض فأذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا ” الاسراء 101-104
في هذه الايات فان فرعون يريد ان يستفز بني اسرائيل من ارض مصروبعد غرقه كان قول الله بسكن الارض بعد العبور وكانوا في سيناء أي ان الله طلب سكنهم في سيناء.
بارك
ورد الجذر 31 مرة , سنذكر فقط التي تتحدث عن الارض .
“سبحان الذي اسرى بعبده ليلآ من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى الذي باركنا حوله لنريه من اياتنا انه هو السميع البصير “الاسراء 1.
من المؤكد ان المسجد الاقصى يقع في فلسطين وبذلك تكون الارض التي باركها الله هي فلسطين او ربما اجزاء منها وقد تكون المنطقة الوسطى من فلسطين والتي تشمل القدس والخليل .
” ونجيناه ولوطا الى الارض التي باركنا فيها للعالمين ” الانبياء 71 .
وهنا ايضا التأكيد القراني للارض التي بارك الله فيها هي فلسطين , حيث نعرف بأن لوط وابراهيم سكنوا فيها بعد الخروج من العراق .
” ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره الى الارض التي باركنا فيها وكنا بكل شئ عالمين ” الانبياء 81.
دولة ملك سليمان هي فلسطين وعاصمته القدس , وهذا تأكيد أخر على ان الارض التي بارك فيها الله هي فلسطين .
” وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي واياما امنيين ” سبأ 18
تتكلم سورة سبأ عن ملك سليمان ثم تنتقل الى وصف ارض سبأ وبعدها عقاب الله بتحويل ارضهم الى اكل خمط واثل , ثم ينتقل ليوصف المسافة بين سبأ وفلسطين ووجود القرى بينهما ولا يتم الاشارة هنا للقرى الوسطية بانها مباركة بل قرى فلسطين وذلك ما يفهم من سياق الايات .
” فلما أتاها نودي من شأطي الواد الايمن في البقعة المباركة من الشجرة ان ياموسى اني انا الله رب العالمين ” القصص 30 .
هنا البقعة المباركة هي جزء من الشجرة في ارض سيناء .
” واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وماكانوا يعرشون “الاعراف 137 .
لقد مر شرح هذه الايه سابقا .
الان وبعد استعراض ايات القران يتبن بأن الارض التي بارك الله فيها تشمل بصورة عامة كل الكرة الارضية , اما بشكل خاص فهي ارض فلسطين او اجزاء منها .
ولا يوجد نص صريح على ان الارض المقدسة هي فلسطين , بل ان كل التأكيد على الارض المقدسة هي الواد المقدس طوى في سيناء , والتي أخذت قدسيتها بتجلى قدرة الله فيها وتكليم موسى . ولا اعلم لماذا تكون فلسطين مقدسة هل لوجود انبياء كثر فيها ام لشئ اخر لم يذكره الله ؟ام بسبب الموروث الذي وصلنا من الاسرائليات ؟.
وللتأكيد فيجب ان نتبع سيرة موسى على حدة من نزولة الجبل حاملا الالواح الى وفاته .
اذ انه بعد النزول من الجبل ومشاهدة قومة يعبدون العجل وبعد نسفة العجل واخذ وجهاء بني اسرائيل للميقات ظل عاكفا على تعليم بني اسرائيل وشرح التوراة لهم وكل هذا في السنة الاولى للعبور, وحين طلب منهم دخول الارض المقدسة خافوا من الجبارين فيها , ولنتبع الايات من سورة المائدة :
“وأذ قال موسى لقومه ياقوم اذكروا نعمة الله عليكم أذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وأتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ياقوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم وترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين قالوا يا موسى أن فيها قوما جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فأن يخرجوا منها فأنا داخلون قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فأذا دخلتموه فأنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين قالوا يا موسى انا لن ندخلها أبدآ ما داموا فيها فاذهب انت وربك فقاتلا أنا هاهنا قاعدون قال رب اني لا املك الا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين قال فانها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون في الارض فلا تأس على القوم الفاسقين ” المائدة 20-26 .
حرم الله الارض المقدسة على بني اسرائيل لمدة اربعين سنة , لكن التحريم لم يشمل موسى والمؤمنين , اذ أن – فأنها محرمة عليهم – تشمل الذين جادلوا موسى والمؤيدين لهم بالطبع .
ومن بعد هذه الحادثة فلا يذكر القران موسى وبني اسرائيل معآ , أذ يبدو ان الله استجاب دعاء موسى بالتفريق بينه وبين بني اسرائيل . نجد كذلك لقاء موسى بالعبد الصالح اذ لا ذكر لبني اسرائيل في هذه القصة. ولا يوجد ذكر في القران عن موت موسى لكن الروايات تصرح ايضا بأنه كان وحده بدون قومه .
يبقى تساؤل اخير حين خروج يعقوب وبنيه الى ارض مصر كانوا مجرد عائلة كبيرة ابناء وازواج واحفاد ,بينما الفلسطينيون كانوا قبائل ويسكنون مدن عديدة . فبعد 430 سنة ازدادت اعدادهم حسب النمو الطبيعي وبالتاكيد فان اعداد الفلسطينيين تزداد اكثر وتكون مدنهم اكبر واكثر, فلا مجال للمقارنة بين قوة الفلسطينيين وبني اسرائيل . وما طلب موسى من قومه بدخول الارض المقدسة ورفضهم ذلك وتدخل الرجلين المؤمنين الذين انعم الله عليهما بأبداء الرأي بدخول الباب على القوم الجبارين الا تأكيد بأن الارض المقدسة ليست فلسطين اذ لمدن فلسطين ابواب –بمعنى هناك عدة مدن – وليس باب واحد او مدينة واحدة تأخذها ويقضى الامر.
واخير لو كنت انا على خطأ في بياني هذا , وان الله وهب فلسطين لليهود فهل هذه الهبة ابدية , وان كانت كذلك فلماذا يفرقهم بين الامم “وقطعناهم في الارض امما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ” ا لاعراف 168 .
أي جعلهم جماعات شتى متفرقين .
عبدالرضا الصباغ
لندن 2015