اعادة نشر 2010 : البطالة المشكلة والحل
البطالة المشكلة والحل
كتبهاأحمد مبارك بشير ، في 26 أغسطس 2010 الساعة: 06:54 ص
البطالة …
(( عمل مجهد خير من فراغ مفسد ))
قال تعالى : (( فإذا فرغت فانصب))
البطالة : مفهوم يمكن أن نعبر عنه في توفر القدرة البشرية القادرة على العمل ، وعدم توفر العمل .
فيأتي المفهوم ليس من عجز القدرة البشرية وإنما من عدم توفر الفرصة لتشغيلها ، وهذا المفهوم لم يأت من الحياة الريفية ، ولكن من الحياة المدنية ، فلا يوجد في الريف هذا المفهوم لتوفر الفرص للتشغيل في أي شيء ((على ما ينبغي!! وليس على ماهو موجود !!)) أقصد أن الريفي يمكنه أن يعمل في عمل أبيه الزراعة والتي يتعلمها تلقائياً من ممارسة العمل مع والديه ، وربة البيت تلقائياً هي تمارس مهام تعلمتها من خلال الحياة والعرف . و بمعنى أيضاً أن الذي لا يعمل لأن لديه ما يغنيه من دخل معاش أو إيجارات أو أي مصدر دخل ، فهو ليس عاطل مادام لم يتوفر لديه الرغبة في العمل أصلاً .
وهناك مفهوم آخر للبطالة يعرف بالبطالة المقنعة وهو توفر فرص للعمل لقوة بشرية لكن بلا عمل حقيقي ، فهو أمامنا موظف أو عامل أو … ولكنه فعلياً لا يمارس أي عمل ، ويغلب توافر هذه البطالة في المؤسسات الحكومة وبعض الشركات الكبيرة، وتواجدها في الحكومة أمر مفروغ منه ، لأن هذه إحدى وسائل دعم الدولة للقضاء على البطالة ، و لكن في القطاع الخاص غير متوفر إلا بسبب رغبة بعض رجال الأعمال ،في المساهمة الخيرية في دعم بعض الأسر المستورة في دعمهم شهرياً عن طريق تشغيل أحد أفراد أسرهم ، فالظاهر أنه موظف وفي الباطن هو دعم خيري وصدقة جارية .
المشكلة … هل البطالة مشكلة ؟
نعم بالتأكيد مشكلة ،ولكنه عرض وليست مرض ، بمعنى أنها ذاتها نتيجة لمجموعة من المسببات أو المشاكل أدت لنشوئها ، فلا يمكن علاج النتيجة إلا بعلاج الأسباب ، فمتى تم علاج الأسباب تغيرت النتيجة وهو المطلوب ، بمعنى آخر لو أنه قد أصابك صداع دائم ، وكل يوم تأخذ على أثره مهدئ ألم (( بندول ، أدول)) وهكذا ، يستمر ألمك ، لأن المهدئ حل مؤقت ، والصداع ما هو إلا نتيجة لمسبب ، فربما كان لديك سوء هضم ، أو مشكلة في الأسنان ، الجيوب الأنفية …. إلخ ، فعليك اكتشاف السبب عبر مختص وهو الطبيب ، وعندها ، عند علاج المشكلة الأساسية تتغير النتيجة ويزول الألم ، لذا دائماً أقول أن الحل المؤقت هو مجرد حل مؤقت .
يمكن أن نشير إلى ثلاث أنواع رئيسة للبطالة وهي :
§ البطالة الدورية والناتجة عن دورية الأعمال فنجد أن محلات تجارية عديدة في فترة زيادة الطلب على منتجاتها وخدماتها تسحب عمالة متعاقدة مؤقتة ومتى أنتهى الطلب . يعود هؤلاء إلى البحث عن وظيفة .
§ بطالة مواقف ومراحل ناتجة عن تنقل العمال ما بين الوظائف والأعمال في المناطق والمدن ، أو نقص المعلومات والمهارات نتيجة تطور الأعمال والمهن والتقنيات فتزول أعمال وتبرز أعمال .
§ البطالة المقنعة، وهي تتمثل بحالة من يؤدي عملاً ثانوياً لا يوفر لهُ كفايتهُ من سبل العيش، أو إن بضعة أفراد يعملون سوية في عمل يمكن أن يؤديه فرد واحد أو اثنان منهم. كما ذكرنا سلفاً .
ورغم أن البطالة ناتج ولكن ينتج عنها أيضاً :
§ يتأخر سن الزواج بالنسبة إلي الشباب, فكيف يتزوج إنسان ليس له إيراد أو مصدر رزق ينفق منه علي أسرة؟..
§ كيف يقتني له السكن ..
§ الفراغ (للغني والفقير ) ونتاجه الفساد الخلقي,الإحباط, لجوء بعض الشباب إلي المخدرات بأنواعها, أو إلي وسائل من اللهو الرخيص, اللجوء إلى وسائل خاطئة ومحرمة للحصول على المال.
§ السخط علي المجتمع و الدولة التي تتركهم في هذا الضياع بلا حلول.. هذا السخط قد يكون علي الأقل عند بعض من الشباب. وهذا كله قد تستغله بعض الهيئات التي تقف ضد الدولة والنظام الحاكم, لكي تثير المشاعر, وتحاول جاهدة أن تعبئ نفوس الشباب في اتجاه معارض. أو الإرهاب .
§ تفكير كثير من الشباب في الهجرة بحثا وراء الرزق, دون أن يدرسوا ما ينتظرهم من تلك الهجرة, وأمام هذا التفكير, ظهر بعض سماسرة الهجرة غير الشرعية, الذين قادوا الشباب في رحلات غير مضمونة, أو هدفها خبيث
ولكي نساهم في حل البطالة علينا النظر إلأى عمق المشكلة ، وعمق المشكلة يكمن في نقص التنمية البشرية ، وقد يظن القارئ أن التنمية البشرية عبارة عن مادة علمية تدرس أو كتاب يمكن الإفادة منه وهنا مكمن الخطأ والخلط ، فالتنمية البشرية هي :
(( الإفادة من القدرة البشرية المتوفرة ورفع قدراتها وكفاءاتها
في الإفادة من الموارد المادية والإمكانات المتاحة للدولة ))
بمعنى آخر هي معادلة لخلق القدرة فيما يتوفر لدى الدولة من كادر في تشغيل ما يتوفر لدى الدولة من موارد والإفادة منها لخلق ، النمو في المجتمع وإيجاد الرفاه الاجتماعي والسلام العام .
بمعنى أدق أن ما يحدث اليوم في الجامعات والاكاديميات للدولة هي تخريج أفواج من العاطلين عن العمل إلى سوق العمل ، فدولة تمتلك وفرة في الأراضي الزراعية وليس لديها قدرة بشرية لتميكن هذه الموارد من خلق الحياة ، دولة تمتلك ساحل طويل ممتد ، ليس لديها أي اهتمام بصناعة قدرة بشرية قادرة على العمل والإفادة في مجال صناعة الأسماك ، أو صناعة السياحة ، أو صناعة الموانئ ، أو إصلاح وصناعة السفن . دولة ممتدة في الطرق المعبدة وليس لديها قدرة بشرية لصيانة وإصلاح الطرق وتوسيعها .دولة تمتلك ثروات معدنية ولا تمتلك قدرة بشرية للإفادة من الصناعة التحليلية والبتروكيماوية ، دولة تمتلك …….. ماذا نقول ؟؟؟؟؟؟؟؟
إذن يمكن أن نوجز ما نريد في الآتي :
§ رفع وتيرة النمو الاقتصادي بشكل يمكن من خلق عمل، عبر خلق الكفاءات القادرة على الإفادة من الموارد المتاحة .
§ خفض تكلفة العمل أي تخفيض الأجور بشكل يخفض تكلفة الإنتاج ويرفع القدرة على المنافسة وتحقيق الأرباح. وفتح فرصة للاستثمارات الحية الحقيقة في المجالات التي تخدم الموارد المتاحة وغير المتاحة .مع تغيير شروط سوق العمل
§ تدريب وتأهيل الباحثين عن العمل في مختلف المجالات مثل النجارة والحدادة وصيد الأسماك وغيرها من المشاريع الوطنية الهامة للمجتمع وذلك حتى يتم قبولهم في المؤسسات الخاصة أو العامة أما بالنسبة للفتيات فيتم تدريبهن في جمعيات الخاصة بالمرأة حتى يتم تكوين الأسرة المنتجة في كل بيت خاصة في المهن النسوية مثل الخياطة والبخور والمشاريع الصغيرة التي تدر دخل على الأسر
§ على الدولة أن تبحث عن سوق محلي وعالمي لدعم وتسويق المشاريع التي ينتجها الشباب والأسر المنتجة لها. عبر مؤسسات الدعم المدني .
§ إيجاد آلية سلسة ومرنة حكومية أو بنكية لدعم وقرض أصحاب الأفكار والمشاريع الخلاقة ، والبناءة من أبناء الأمة . وفتح الفرص لهم لدعم ثقافة البناء والنهضة والتغيير .
§ صرف مبالغ بسيطة للطفل الرضيع والشاب العاطل والزوجة من بيت الوقف التكافل الاجتماعي ومن خيرات البلاد وهي نسبة يستحقها المواطن في القانون الدولي والتشريع الإسلامي .
§ رفع يد الاحتكار وتحرير السوق من سيطرة المتنفذين داخل بلاد الحكومة ومن حولها ، ودعم سياسة دولة تراقب و رأس مال يعمل ، ومن يريد أن يعمل فالسوق مضمار وعليه أن يمتطي الجواد دون بطش ودعم ثقافة الوزير التاجر و رجل الأعمال الضابط ، و القاضي الإقطاعي .
نريد عدالة العمل وعمل العدالة .. نريد أعظم من الحقيقة نريد العفو .
والسلام و لنا لقاء .