عندما اصطفى الله العرب … اكباش تتبع الراعي !
عندما اصطفى الله العرب على غيرهم من البشر
جاء على موقع “ملتقى أهل الحديث”, وهو من المواقع المعتبرة, أن النسب من الخصال المعتبرة في الكفاءة. استند الأئمة العظام في قولهم هذا على التالي:
1. قول عمر بن الخطاب إنه سيمنع زواج ذوات الحسب والنسب إلا من أكفائهن, و
- أن العرب يعتمدون الكفاءة في النسب, و
3. يتفاخرون برفعة النسب, و
4. يأنفون من زواج الموالي, و
5. يرون ذلك نقصًا وعارا, و
6. لأن العرب فضلت الأمم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
يعتمد الاعتبار في النسب على الآباء. يعود ذلك إلى أن العرب تفتخر بالآباء وليس بالأمهات. يعني ذلك أن الله قد “أحلّ” لمن كانت أمه غير عربية وأبوه عربيًا أن يتزوج ممن كان أبوها عربيًا, و”حرّم” على من كان أبوه غير عربي أن يتزوج ممن كان أبوها عربيا حتى ولو كانت أمه عربية.
مِنَ الْخِصَال الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْكَفَاءَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ, النَّسَبُ. وَعَبَّرَ عَنْهُ الْحَنَابِلَةُ بِالْمَنْصِبِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِقَوْل عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : لأَمْنَعَنَّ فُرُوجَ ذَوَاتِ الأْحْسَابِ إِلاَّ مِنَ الأْكْفَاءِ. وَفِي رِوَايَةٍ قُلْتُ : وَمَا الأْكْفَاءُ؟ قَال : فِي الأْحْسَابِ (1). وَلأِنَّ الْعَرَبَ يَعْتَمِدُونَ الْكَفَاءَةَ فِي النَّسَبِ, وَيَتَفَاخَرُونَ بِرِفْعَةِ النَّسَبِ، وَيَأْنَفُونَ مِنْ نِكَاحِ الْمَوَالِي، وَيَرَوْنَ ذَلِكَ نَقْصًا وَعَارًا. وَلأِنَّ الْعَرَبَ فَضَلَتِ الأْمَمَ بِرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالاِعْتِبَارُ فِي النَّسَبِ بِالآْبَاءِ لأِنَّ الْعَرَبَ تَفْتَخِرُ بِهِ فِيهِمْ دُونَ الأْمَّهَاتِ, فَمَنِ انْتَسَبَتْ لِمَنْ تَشْرُفُ بِهِ لَمْ يُكَافِئْهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَالْعَجَمِيُّ أَبًا وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ عَرَبِيَّةً لَيْسَ كُفْءَ عَرَبِيَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهَا عَجَمِيَّةً؛ لأِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اصْطَفَى الْعَرَبَ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَمَيَّزَهُمْ عَنْهُمْ بِفَضَائِل جَمَّةٍ، كَمَا صَحَّتْ بِهِ الأْحَادِيثُ (2). وَذَهَبَ مَالِكٌ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ النَّسَبِ فِي الْكَفَاءَةِ. قِيل لِمَالِكٍ : إِنَّ بَعْضَ هَؤُلاَءِ الْقَوْمِ فَرَّقُوا بَيْنَ عَرَبِيَّةٍ وَمَوْلًى، فَأَعْظَمَ ذَلِكَ إِعْظَامًا شَدِيدًا وَقَال : أَهْل الإْسْلاَمِ كُلُّهُمْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ.
(1) أثر عمر . أورده ابن قدامة في المغني ( 6 / 483 ) وقال : رواه أبو بكر عبد العزيز بإسناده .
(2) بدائع الصنائع 2 / 319 ، ونهاية المحتاج 6 / 252 ، ومطالب أولي النهى 5 / 85 ، والمغني 6 / 483 .
أكباش تتبع الراعي
تعليقًا على رسالة “عندما اصطفى الله العرب”, أرسل إلينا فضيلة الشيخ أحمد المُهري رسالة يبدي فيها حزنه على جرأة من ينسبون إلى الله سبحانه وتعالى كلامًا لم يقله. يقول شيخنا الفاضل:
“لا أدري كيف يجرؤ مسلم يؤمن بأن القرآن كتاب الله تعالى وليس بيد المسلمين كتاب سماوي محفوظ غيره ثم ينسب إلى الله تعالى ما لم يقله الكتاب الكريم. وأما أحاديثهم التي كتبوها بأيديهم ونسبوها إلى الرسول الأمين عليه السلام فإن مسند الإمام أحمد بن حنبل ينقل الحديث التالي من الرسول في الجزء الخامس منه ضمن الحديث 23536: ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأسود على أحمر ولا أحمر على أسود إلا بالتقوى. وقال الإمام أحمد رحمه الله أسفل الحديث بأن إسناده صحيح. والأحمر في لغة العرب القديمة بمعنى الأبيض عندنا.
فحديثهم عن فضل العرب على غير العرب وأحكامهم السخيفة إثر ذلك الإفك كلام باطل حتى في منطق المحدثين. أما القرآن فإنه سبحانه يصرح في سورة الحجرات:
*يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)* وحتى يطمئن الإخوة والأخوات بأن ما يقولونه يخالف القرآن فأنقل لهم الآية التالية لها:
*قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* 14
والأعراب بأي تفسير فسرناه فهم عرب في النهاية. عرب من أولاد إسماعيل كما يقول اللغويون ويسكنون البادية. وحتى لا نكون ظالمين فأنقل آيات من سورة التوبة توضح الأعراب بأن منهم الجاهل الجدير بألا يعلم حدود ما أنزل الله تعالى, ومنهم من ينفق لأغراض فاسدة, ومنهم في النهاية من يؤمن:
*الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97) وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98) وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (99) وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100) وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)*
كلهم عرب وكلهم من أولاد إسماعيل ولكن أهل المدينة ليسوا منهم ولكن منهم المنافقون أيضا. فمن أين أتوا بهذا الفخر الأحمق على أمة البشر؟ سمعت مرة أحد شيوخ المملكة يتحدث في الإذاعة بأن كل الجزيرة العربية مقدسة. هذا الشيخ لا يعلم بأن كل الجزيرة العربية بما فيها مكة, والحرم, والكعبة ليست مقدسة. إن مكة محرمة وليست مقدسة. لا يوجد مكان مقدس في القرآن عدا الوادي المقدس في طور سيناء ومدينة القدس المعروفة. اللهم نجنا من الجهل, ونجنا من الجاهلين, وعرف أمتنا المسكينة على شيوخها حتى لا يتبعوهم كالأكباش التي تتبع الراعي.
أحمد المُهري
8/9/2016