اليمن بين ثورتين واقتصاد منهار ! (إرث من الوعود غير المكتملة)

بين ثورتين واقتصاد منهار - اليمن بين ثورتين واقتصاد منهار ! (إرث من الوعود غير المكتملة) 1

المقال الجديد في العدد 45 ، لشهر اكتوبر 2025 ، مجلة الرابط الاقتصادية ، والذي خصصت مقالاته حول الوضع الاقتصادي الذي تمر به اليمن ، مقالي يركز على الأهداف الكبيرة التي قدمتها ثورتي سبتمبر واكتور ، ولماذا لم يتحقق منها شيء ؟ رغم مرور 63 سنة على سبتمبر و 62 سنة على اكتوبر ، وعود مستمر من حكومات متعاقبة ولا شيء مكتمل ، محاولة للفهم ، والمعالجة، المقال في صفحة 42:

https://eaf-ye.com/admin/uploads/magazine/pdf/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%AF45_compressed.pdf

image - اليمن بين ثورتين واقتصاد منهار ! (إرث من الوعود غير المكتملة) 3

اليمن بين ثورتين واقتصاد منهار !

(إرث من الوعود غير المكتملة)

مرت على أحمد ثلاثة أشهر ونيف، كان يظن فيها بعد تحسن سعر الصرف أن مرتبه سيصله، لكن لا المرتب وصل ولا الكهرباء اشتغلت.

كان من المدافعين عن تحرك الحكومة، ويهاجم التجار بأنهم سبب الفساد، والآن في حيرته مستاء، وديونه غارقة لدى التاجر صاحب الدكان الصابر عليه.

تدخل عليه ذكرى سبتمبر، ويقترب أكتوبر، ولا ضوء في الأفق.

حكاية أحمد حكاية الملايين من الوجوه اليمنية التي تعيش “الصدمة” يومياً، وتلعب “لعبة الخوف” من مستقبل مجهول.

إنه الموظف الحكومي الذي ينتظر مرتباً لا يأتي،

والمواطن الذي يعيش في ظلام دامس،

والأب الذي يواجه نظرات أطفاله الجائعة بعجز وألم.

أحمد، يمثل كل اليمنيين، يمثل اليمن،

اليمن الذي تنساه القيادات المترفة في مكاتبها المكيفة وبيوتها المضاءة،

ومع إطلالة ذكرى ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر، يجدهم من خلف كواليس الشاشة ، يهنئون ، ويدندنون بالغناء عن الثورة والانجاز ، والصبر والتحمل ،

ومن هنا وهناك يجد أحمد ، و اليمن نفسه غارقاً في ضبابية الحاضر، مثقلاً بإرث من الوعود غير المكتملة وأزمة اقتصادية خانقة تتفاقم يوماً بعد يوم.

تبدو الأهداف السامية التي قامت من أجلها الثورتان: “التحرر، والعدالة، والتنمية” ، وكأنها أمر بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى، مجرد شعارات محفورة على جدران التاريخ لا تجد طريقها إلى أرض الواقع.

فعلى ماذا يدندن الحاضرون خلف الشاشات؟!

مفارقة (مضحكة ، مبكية) الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً ، والتي يفترض أنها وريثة هذا الإرث الثوري، تبدو وكأنها تكرر نفس الأخطاء التاريخية بل وتضيف إليها أخطاء جديدة، فإن كانت الحكومات السابقة تفتقر إلى الاستراتيجية رغم وجود انسجام نسبي في صفوفها، فالحكومة الحالية تعاني من غياب الاستراتيجية والانسجام معاً، مما يضعها في قلب “الصدمة” الاقتصادية ويجعل المواطن اليمني رهينة “لعبة الخوف” من مستقبل مجهول.

بين الشعار والتطبيق

حملت ثورتا سبتمبر وأكتوبر في طياتهما آمالاً عريضة بمستقبل أفضل وأهدافاً طموحة شملت جميع جوانب الحياة.

  • هدفت ثورة سبتمبر 1962 إلى: التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وإقامة حكم جمهوري عادل، و رفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً، وإنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أحكامه من روح الإسلام الحنيف.
  • و سعت ثورة أكتوبر 1963 إلى: استكمال التحرر الوطني بالتخلص من السيطرة الاستعمارية الاقتصادية والسياسية، وبناء اقتصاد وطني قائم على العدالة الاجتماعية يحقق للشعب السيطرة على مصادر ثروته.

مستوى التركيز للثورتين : ( بناء اقتصاد قوي ورفاهية المواطنين.)

غايات نبيلة بقيت في معظمها حبراً على ورق، شعارات ترفع في المناسبات وتنسى في الممارسة اليومية.

لم تنجح الحكومات المتعاقبة، منذ قيام الثورتين وحتى اليوم، في بلورة استراتيجيات وطنية واضحة ومستدامة لترجمة هذه الغايات إلى خطط عمل تنفيذية قابلة للقياس والمتابعة.

السمة البارزة كانت غياب “العقل المشترك” الذي يدير الدولة نحو أهدافها، ولا زالت هذه السمة الى اليوم،

إلا انه في السابق مع انسجام الحكومات النسبي وتوفر الموارد جعل الدولة تسير بشكل مقبول، إلا أنها لم تنطلق أبداً في مسار تنموي حقيقي ومستدام.

هذا الفشل التاريخي في ترجمة الأهداف إلى واقع ملموس لم يكن مجرد عجز تقني أو نقص في الخبرات، بل كان انعكاساً لغياب الإرادة السياسية الحقيقية وهيمنة المصالح الضيقة على المصلحة الوطنية العامة.

الصدمة ولعبة الخوف

الثورتان، رغم نبل أهدافهما، لم تنجحا في إنتاج نخب سياسية قادرة على التفكير الاستراتيجي طويل المدى، بل أنتجتا نخباً تركز على مصالحها، والبقاء في السلطة أكثر من تركيزها على بناء الدولة والمجتمع.

يتجسد هذا الفشل التاريخي اليوم، في أزمة اقتصادية معقدة ومتشابكة، يمكن اعتبارها “لعبة الخوف” أو نسخة مخيفة عنها، تلك اللعبة التي وصفتها في مقالي السابق الذي نشرتها في صفحاتي “الصدمة ولعبة الخوف”، فالحكومة المعترف بها دولياً تقف اليوم أمام معضلة اقتصادية حادة تتمثل في إدارة سعر الصرف، هذه المعضلة تكشف عن عمق الأزمة في الاقتصاد اليمني.

بعد أن نجحت الحكومة نسبياً في كبح جماح تدهور العملة وإعادة سعر الصرف إلى مستويات أفضل نسبياً، تجد نفسها اليوم في مواجهة خيارين أحلاهما مر، وكلاهما يحمل أخطاراً جسيمة على الاقتصاد والمواطن:

  • الخيار الأول: السيطرة على سعر الصرف في حدوده الحالية، وهذا يتطلب ضخ كميات كبيرة من العملة الصعبة في السوق، وهو ما لا تملكه الحكومة بالكمية المطلوبة. مما سيؤدي إلى:
  • تضخم جامح وغير مسيطر عليه نتيجة زيادة المعروض النقدي.
  • غلاء في الأسعار يفوق ما شهدناه في عام 2024.
  • تآكل أكبر في القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة أصحاب الدخل الثابت مثل ( المواطن أحمد).
  • ضغط إضافي على الموازنة العامة للدولة.
  • الخيار الثاني: عودة التعويم غير المسيطر عليه، وهذا يعني انهيار جديد للريال اليمني، وبشكل قد يكون أعنف وأصعب من السابق، نظراً لعدة عوامل:
  • ضعف الاحتياطيات النقدية مقارنة بالفترات السابقة. ( مع انخفاض المنح الموجهة لليمن، وعدم القدرة على استعادة التصدير، ولا يوجد سيطرة وكفاية لتدفقات المغتربين ولا التوجهات الاستثمارية.)
  • تآكل الثقة في العملة المحلية.
  • ضعف القطاعات المنتجة وتراجع الصادرات.

في هذا السياق، تأتي المنحة السعودية الأخيرة، التي أُعلن عنها في 20 سبتمبر 2025 بقيمة 368 مليون دولار (1.38 مليار ريال سعودي)، كجرعة مسكنة (للصداع) لا تعالج جذور المرض، فرغم أهمية هذا الدعم وضرورته، إلا أن عدة عوامل تحد من فعاليته:

  1. قيمة المنحة ضئيلة جداً أمام الاحتياجات الهائلة للحكومة اليمنية. فالحكومة تحتاج إلى مليارات الدولارات لتشغيل الخدمات الأساسية وصرف المرتبات وتمويل المشاريع التنموية، بينما المنحة لا تغطي سوى جزء بسيط من هذه الاحتياجات. لو قسمت هذه المنحة على عدد الموظفين الحكوميين، لما كفت لصرف مرتب شهر إلى شهرين.
  2. تقديم المنحة عبر “البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن” بدلاً من إيداعها مباشرة في البنك المركزي اليمني يثير تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على الاستفادة منها بمرونة وفعالية لمواجهة الأزمات الطارئة. هذه الآلية، وإن كانت تهدف إلى ضمان حسن استخدام الأموال، إلا أنها تحد من قدرة الحكومة على التصرف السريع في الأزمات. (ربما هذا جيد لتوجيه المنحة تنموياً، لكنه سيء لقدرة الحكومة على التصرف رغم ان التصرف محدود في شهرين.)

وعلينا أن نتذكر ، ونذكر ،

أن المنح، مهما كان حجمها، تبقى حلولاً مؤقتة لا تبني قدرات ذاتية للاقتصاد اليمني.

الاعتماد على المنح يخلق حالة من التبعية ولا يحفز على بناء مصادر دخل مستدامة.

أزمة الخدمات الأساسية

تتفاقم المعضلة الاقتصادية مع استمرار أزمة الخدمات الأساسية التي تعكس عجز الحكومة عن أداء أبسط وظائفها.

ففي عدن، العاصمة المؤقتة التي يفترض أن تكون واجهة الحكومة المعترف بها دولياً، تصل ساعات انقطاع الكهرباء إلى 20 ساعة يومياً، وفي بعض الأيام يسجل الانقطاع 11 ساعة مقابل ساعتين تشغيل فقط، هذا إن لم تنقطع بالكامل.

هذه الأزمة ليست مجرد إزعاج للمواطنين، بل كارثة اقتصادية حقيقية تؤثر على:

  1. توقف المصانع والورش والمحال التجارية عن العمل. (يعني الاعمال الصغيرة والمتوسطة في حالة انهيار مستمر ولا حلول.)
  2. تعطل المستشفيات والمراكز الصحية.
  3. تأثر العملية التعليمية في المدارس والجامعات.
  4. معاناة المواطنين في أبسط احتياجاتهم اليومية.

كما أن أزمة المرتبات المستمرة، حيث لم يتم صرف رواتب موظفي الدولة بانتظام منذ أشهر، تقضي على ما تبقى من قدرة شرائية وتزيد من السخط الشعبي، هذا التأخير في صرف المرتبات لا يؤثر فقط على الموظفين وأسرهم، بل يؤثر على الاقتصاد ككل من خلال تقليل الطلب على السلع والخدمات، كأحمد وأمثاله من الموظفين يعيشون هذه المعاناة يومياً، بينما القيادات تتقاضى مرتباتها بانتظام.

وكأن المرتبات تتحول الى “معونات” من طرف الحكومة ، وليست حق ناتج عن العمل والوظيفة العامة ، ويبدو ، ان تفكير الحكومة يسعى الى تحويل المرتبات في بندها في الميزانية الى بند (المعونات) إن صح ذلك، هذا يعني أن مرتبات الموظفين ستصبح مرهونة بتوفر المانحين والمتبرعين، مما يفتح الباب أمام تأخيرات أطول وعدم انتظام أكبر في الصرف، و هذا يطرح تساؤلاً : ” كيف تتوقع الحكومة من الموظفين أداء وظائفهم إذا كانت مرتباتهم معلقة على “كرم” المانحين؟

لابد من التذكير ، أن الرواتب حق دستوري وقانوني، وليس “معونة”، ولا “كرم حاتمي” .

نزيف الاستثمار والإنتاج:

في المقابل يشهد القطاع الخاص، الذي يفترض أن يكون محرك النمو الاقتصادي، تراجعاً حاداً وخطيراً، حيث تشير التقارير إلى إغلاق كثير من المحال التجارية ومكاتب الأعمال في صنعاء وعدن، والعديد من المنشآت في مرحلة تصفية أعمالها بسبب الخسائر المتراكمة (وهذا ما يؤكده تقرير الصحفي #محمد_راجح نشره العربي الجديد في 20 سبتمبر[1] بعنوان ” معاناة اليمن تتعاظم… القدرة الشرائية تنهار وشركات يترصدها الإفلاس” )

هذا التدهور يعود إلى عدة عوامل:

  1. تواجه منشآت الاعمال الضرائب والجبايات المتتالية والكثير منها غير قانوني ولا يتناسب مع واقع الأنشطة والاعمال اليوم، وللأسف ينعكس تلقائياً على الأسعار المقدمة للمواطنين، لأنه يزيد من أعباء منشآت الاعمال المالية ويقلل من ربحيتها.
  2. عدم الاستقرار السياسي والأمني يجعل المستثمرين يحجمون عن ضخ أموال جديدة أو حتى الاستمرار في مشاريعهم القائمة.
  3. تراجع القدرة الشرائية للمواطنين نتيجة انقطاع المرتبات “وانخفاض قيمتها السوقي” مع ارتفاع الأسعار يقلل من الطلب على السلع والخدمات، مما يؤثر سلباً على أرباح المنشآت ويدفعها إلى تقليص أنشطتها أو إغلاقها.
  4. عدم توفر التمويل المصرفي بالشروط المناسبة مما يحد من قدرة المنشآت على التوسع أو حتى الاستمرار في العمل.
  5.  البنوك نفسها تعاني من أزمة سيولة وتتردد في منح القروض نظراً للمخاطر العالية، نتيجة التضخم وعدم استقرار الدورة النقدية ، وانقسام النظام المالي في اليمن.

قيادة بلا رؤية موحدة

الأزمة الاقتصادية ليست مجرد أرقام وبيانات، بل انعكاس لأزمة سياسية وقيادية عميقة، فـ”العقل المشترك” الذي يفترض أن يدير دفة الحكم غائبٌ تماماً، ومجلس القيادة الرئاسي، الذي يفترض أن يكون القيادة الجماعية للبلاد، لم يقدم حتى الآن رؤية واضحة وموحدة لإدارة هذا المشهد المعقد، حيث تتسم قرارات المجلس و الحكومة بالتخبط والتردد، وتفتقر إلى خطة اقتصادية شاملة تعالج جذور المشكلة بدلاً عن التعامل مع أعراضها، بدلاً من وضع استراتيجية طويلة المدى لبناء اقتصاد مستدام، تكتفي الحكومة بإجراءات ردود أفعال تهدف إلى تهدئة الأوضاع مؤقتاً دون معالجة الأسباب الجذرية للأزمة.

هذا الفراغ القيادي ليس جديداً، بل استمرار لحالة غياب المشروع الوطني التي عانى منها اليمن لعقود طويلة، وهذا الوضع أسوأها، فما الجديد؟

الجديد اليوم، غياب الانسجام داخل مكونات الشرعية نفسها يفاقم من الأزمة ويجعل أي حلول جزئية غير فعالة.

الانقسامات السياسية والصراع على النفوذ والموارد داخل معسكر الشرعية يحول دون اتخاذ قرارات حاسمة وضرورية لإنقاذ الاقتصاد، هذه الانقسامات تتجلى في:

  1. صدور قرارات متناقضة من جهات مختلفة داخل الحكومة.
  2. عدم التنسيق بين الوزارات والمؤسسات الحكومية.
  3. تنافس مكونات الحكومة على السيطرة على الموارد المالية المحدودة.
  4. عدم وجود آليات فعالة للمساءلة والمتابعة.

إحدى أخطر مظاهر هذا التشتت عدم توحيد الأجهزة الأمنية والعسكرية، رغم أن اتفاق الرياض يفرض عملية توحيد هذه الكيانات.

الواقع المرير وللأسف، وجود شخصيات قيادية تمتلك ألوية وكتائب تتبعها مباشرة، وتنفق عليها من “أموالها الخاصة”، والتي هي في الحقيقة أموال عامة ”وصلت اليها بطريقة ما” .

هذه “الأموال الخاصة” تأتي من مصادر إيرادية للدولة، كالنسب التي يتم استقطاعها من الضرائب والجمارك وغيرها من المؤسسات التي تحولت إلى مصادر “للمال السايب”، باختصار شبكة معقدة من الفساد المؤسسي الذي يحول موارد الدولة إلى جيوش خاصة.

هذا الوضع يمثل قنبلة موقوتة للدولة من عدة جوانب:

  1. توحيد هذه الكيانات يعني دمج عشرات الآلاف من العسكريين في المؤسسة العسكرية الرسمية، وهو عبء مالي لا تستطيع دولة فقيرة اقتصادياً تحمله.
  2. معظم هؤلاء العسكريين لم يحصلوا على تدريبات نظامية كافية للحصول على مواقعهم القيادية أو العسكرية، مما يعني أن دمجهم سيؤثر على كفاءة المؤسسة العسكرية.
  3. هذه الكيانات تمثل حفرة سوداء تبتلع موارد الدولة دون مردود حقيقي، فهي لا تخضع لرقابة مالية ولا تقدم خدمات أمنية فعالة للدولة.
  4. وجود كيانات عسكرية خارج السيطرة الرسمية يهدد الاستقرار الأمني ويفتح الباب أمام صراعات داخلية محتملة. (وربك يستر!)

ثروات مهدرة

تعاني الحكومة من ضعف شديد في السيطرة على الموارد الطبيعية والمالية للبلاد، مما يحد من قدرتها على تمويل الخدمات الأساسية والمشاريع التنموية. هذا الضعف يتجلى في عدة جوانب:

  1. رغم أن اليمن يمتلك احتياطيات نفطية وغازية مهمة، إلا أن الحكومة تواجه صعوبات كبيرة في استخراج وتصدير هذه الموارد، بسبب: عدم السيطرة الكاملة على المناطق المنتجة للنفط والغاز، و تدهور البنية التحتية للقطاع النفطي، وصعوبات في التصدير بسبب إغلاق بعض المناف.
  2. فقدان السيطرة على العديد من المنافذ الجمركية يحرم الحكومة من مصدر مهم للإيرادات.
  3. ضعف النظام الضريبي وعدم فعالية آليات التحصيل يقلل من الإيرادات الضريبية، كما أن انتشار الاقتصاد غير الرسمي يحرم الحكومة من إيرادات ضريبية كبيرة.

تكشف بعض المعلومات عن مشكلة خطيرة تتمثل في عدم قيام المؤسسات الإيرادية المهمة بتوريد عائداتها للبنك المركزي، هذه المؤسسات، تحتفظ بأموالها تحت ذريعة “الخوف من عدم دفع مرتبات موظفيها”، لكن الواقع أكثر تعقيداً وخطورة، بينما تضمن هذه المؤسسات مرتبات موظفيها بانتظام، تبقى الأموال المتبقية تحت تصرف قيادات هذه المؤسسات، التي تتعامل معها وكأنها أموال شركات خاصة وليست مؤسسات عامة، هذا السلوك يحرم الدولة من مصادر إيرادية مهمة كان يمكن أن تساهم في حل أزمة المرتبات والخدمات الأساسية.

الترف في زمن الأزمة

تبرز وفي ظل الأزمة الاقتصادية اليوم ، مفارقة غريبة، تتمثل في أن معظم القيادات لا تعيش “الفقد” أو الحرمان الذي يعيشه المواطن العادي مثل أحمد.

هذه القيادات تستلم مرتباتها بانتظام،

وأبناؤهم يدرسون بشكل طبيعي في الخارج،

ولديهم كهرباء ومولدات خاصة،

ويعيشون في بيوت مكيفة ومضاءة،

بالتالي لا يشعرون بالفقد الذي لو وجد ، قد يجعلهم يركضون ركضاً لإنهاء هذه المعاناة.

انفصال عن واقع معاناة الناس وليس مجرد مسألة اجتماعية، بل استمرار للأزمة وتفاقمها، فعندما لا تعيش القيادة نفس ظروف الشعب، تفقد الحافز الحقيقي للتغيير والإصلاح، حيث تصبح الأزمة مجرد أرقام في التقارير، لا واقع يومي مؤلم يتطلب حلولاً عاجلة.

من المفترض، ووفقاً للمنطق الأخلاقي السليم، أن من يمتلك الحاجة ويسعى لوصول ذات الحاجة لغيره، فالقائد (في ظل وضع اقتصادي جيد) لن يتركه شعبه في قلب المعاناة ، بل يتنازل من أجلهم ، ويشعر بالجوع ، كي يعمل جاهداً لإطعام شعبه، ويعيش الظلام من أجل أن يرى بلاده منارة، ولن يستلم مرتبه ، قبل ان يستلم أصغر موظف لديه راتبه ، أنها الأولوية القصوى بالنسبة له.

لكن واقعنا يقدم مفارقة عكسية، فالقيادات مترفة تدير شعباً معدماً، ومسؤولون يعيشون الرفاهية بينما مواطنوهم يعانون من أبسط الحاجات الأساسية.

هذا الانفصال يخلق حالة من اللامبالاة واللا إحساس بالمسؤولية، مما يجعل الحلول بطيئة وغير فعالة، إن وجدت أصلاً.

أزمة توحيد العملة

من أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد اليمني اليوم مسألة توحيد العملة، والتي تعكس عمق الانقسام السياسي في البلاد، فوجود عملتين مختلفتين (الأوراق النقدية القديمة والجديدة) في مناطق مختلفة من البلاد يخلق تعقيدات اقتصادية ومالية كبيرة:

  1. وجود أسعار صرف مختلفة للعملة الواحدة يخلق فرصاً للمضاربة ويشوه الأسعار.
  2. تعقيد عمليات التجارة بين المناطق المختلفة.
  3. تراجع ثقة المواطنين في العملة المحلية.
  4. عدم قدرة البنك المركزي على تطبيق سياسة نقدية موحدة.

هذه المسألة ليست مجرد تحدٍ تقني، بل انعكاس للانقسام السياسي العميق الذي يعيشه اليمن، فتوحيد العملة يتطلب أولاً توحيد الرؤية السياسية والاقتصادية، وهو ما يبدو بعيد المنال في الوقت الحالي.

الجوع كسلاح

تتجاوز الأزمة الاقتصادية في اليمن حدود الأرقام والإحصائيات لتصبح مأساة إنسانية حقيقية.

تصنف الأمم المتحدة اليمن كثالث أكثر دول العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي، حيث يعاني 17 مليون يمني من نقص في الطعام، ومن المتوقع أن يُجبر مليون شخص إضافي على الجوع الشديد قبل فبراير 2026 .[2]

الإحصائية الأكثر إيلاماً أنه “في أسرة واحدة من كل خمس أسر، يقضي شخص ما يوماً وليلة كاملة دون طعام على الإطلاق”،

كما أشار توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل وجوه بشرية تعاني في صمت، وأطفال يذهبون إلى النوم جوعى، وأمهات يواجهن خيارات مستحيلة بين إطعام أطفالهن أو شراء الدواء.

أحمد وأمثاله من الموظفين يعيشون هذه المأساة يومياً، بينما كان في السابق يستطيع إطعام أسرته من مرتبه، أصبح اليوم يعتمد على صبر التاجر وكرم الجيران.

التحول من الكرامة إلى الحاجة،

ومن الاستقلالية إلى التبعية،

يمثل مأساة شخصية وجماعية في آن واحد.

لا تقتصر المعاناة على الفقراء فحسب، بل تمتد لتشمل الطبقة الوسطى التي تشكل عماد أي مجتمع مستقر.

موظفو الدولة، والمعلمون، والأطباء، والمهندسون، وغيرهم من أصحاب المهن، يجدون أنفسهم عاجزين عن تلبية احتياجاتهم الأساسية بسبب انقطاع المرتبات وارتفاع الأسعار.

هذا التآكل في الطبقة الوسطى له تداعيات خطيرة على المجتمع:

  1. هجرة العديد من الكفاءات والمهنيين للبلاد.
  2. تدهور جودة الخدمات الصحية والتعليمية.
  3. زيادة التوترات الاجتماعية والسياسية.
  4. انتشار حالة من اليأس والإحباط بين المواطنين.

أحمد، الذي كان يعتبر نفسه من الطبقة الوسطى، يجد نفسه اليوم ينزلق نحو خط الفقر، هذا الانزلاق ليس مجرد تراجع في المستوى المعيشي، بل تدمير للهوية الاجتماعية والكرامة الشخصية.

رؤية للخروج من المأزق

لمواجهة المشهد المعقد والمتشابك الذي نعيشه، لم تعد الحلول الجزئية أو المسكنات المؤقتة كافية.

الحاجة اليوم ملحة إلى رؤية استراتيجية شاملة لا تعالج أعراض الأزمة فحسب، بل تقتلع جذورها لتبني أساساً صلباً لدولة فاعلة واقتصاد مستدام.

وما أقدمه هنا ليس حلاً سحرياً، بل مجرد مؤشر للطريق وخارطة طريق عملية، تنطلق من فهمي لطبيعة الأزمة وتستجيب للألم الحقيقي الذي يعانيه المواطن كل يوم.

إنه طريق شاق، ويتطلب إرادة سياسية حقيقية، وشجاعة استثنائية في اتخاذ القرار، وتكاتفاً مجتمعياً واسعاً، لأن إنقاذ وطن وانتشال الناس من معاناتهم لم يعد يحتمل أي تأجيل أو تردد.

تبقى الكرة الآن في ملعب أصحاب القرار لتحويل هذا المقترح إلى رؤية وطنية شاملة، ومن ثم إلى واقع ملموس.

فيما يلي، ملامح هذه الرؤية المقترحة للتعافي وبناء المستقبل.

دولة قادرة، واقتصاد متعافٍ، ومواطن آمن ومكرّم

المحورالاستراتيجية والمتطلب
 إصلاح الإدارة والحكم إعادة بناء الثقة في القيادةإعادة هيكلة مجلس القيادة الرئاسي لتعزيز الانسجام والفعالية، مع وضع ميثاق عمل واضح يحدد الأدوار والمسؤوليات.ربط مرتبات ومزايا القيادات بمؤشرات أداء ملموسة (انتظام صرف المرتبات، توفير الكهرباء……)، إلزامهم بالعيش في نفس ظروف.
 تفعيل المساءلة ومحاربة الفسادتفعيل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ومنحه صلاحيات حقيقية لملاحقة الفساد.تطبيق الشفافية الكاملة في إدارة المال العام ونشر التقارير الدورية.
 بناء القدرات المؤسسيةإطلاق برنامج وطني لتأهيل الكوادر الحكومية، وتحديث النظم الإدارية والمالية.
 إنقاذ اقتصادي ومالي عاجل إنهاء الانقسام النقدي كأولوية قصوىوضع خطة زمنية لا تتجاوز 6 أشهر لتوحيد العملة، مع تعزيز استقلالية البنك المركزي.
 إعادة السيطرة على الموارد المالية للدولةإلزام جميع المؤسسات الإيرادية (في كافة المناطق) بتوريد نسبة لا تقل عن 70% من عائداتها لحساب الحكومة في البنك المركزي.ضمان حصول المؤسسات الملتزمة بالتوريد على ميزانياتها التشغيلية ومرتبات موظفيها بانتظام.تعيين مراقبين ماليين في جميع المؤسسات الإيرادية لضمان الشفافية ومنع أي استقطاعات خارج القانون والخطة المعتمدة ضمن موازنة المؤسسة.
 إدارة أزمة سعر الصرف بحكمةاعتماد نظام صرف مدار ومرن، وإنشاء صندوق لاستقرار العملة، وتنظيم السوق الموازي بدلاً من محاربته.
 بناء محركات نمو جديدةتحسين كفاءة تحصيل الإيرادات الضريبية والجمركية، واستكشاف مصادر جديدة مثل الاقتصاد الرقمي و الاقتصاد البنفسجي والاقتصاد الأزرق.
 شراكة حقيقية من أجل التنمية يتم إطلاق خطة عمل مرحلية واضحةالمرحلة الأولى: تشكيل لجنة الحوار (خلال 3 أشهر): لجنة مشتركة لتحديد المشاريع ذات الأولوية العاجلة (كهرباء، مياه) ووضع تصورات للحلول.المرحلة الثانية: إطلاق المؤتمر الوطني للشراكة (خلال شهر): لعقد اتفاقية إطارية وإطلاق مشاريع تجريبية فورية لبناء الثقة.المرحلة الثالثة: تأسيس المجلس الأعلى للشراكة (خلال 6 أشهر): ليكون المظلة القانونية والتنظيمية الدائمة للمشاريع المشتركة.
 نحو مؤسسة عسكرية وأمنية موحدة ومهنية إنهاء فوضى التشكيلات المسلحةالتطبيق الفوري لاتفاق الرياض ووضع جدول زمني صارم (لا يتجاوز 12 شهراً) لدمج كافة التشكيلات العسكرية والأمنية تحت قيادة وزارتي الدفاع والداخلية.إطلاق برنامج تسريح طوعي مع حوافز مالية وفرص إعادة تأهيل مهني للمنخرطين في القطاع المدني.
 بناء مؤسسة عسكرية احترافيةتجفيف منابع التمويل غير الشرعي ومنع أي استقطاعات من الموارد العامة لتمويل أي كيانات خارج إطار الدولة.وضع معايير مهنية صارمة للترقيات والتعيينات، وإنشاء نظام رقابة مالية شفاف على كافة النفقات العسكرية والأمنية.
 إطار قانوني وتشريعي داعم تشريعات الطوارئ الاقتصاديةإصدار حزمة تشريعات اقتصادية عاجلة لتبسيط إجراءات الاستثمار وإزالة العوائق البيروقراطية.
 قانون الشراكة وقانون المساءلةإصدار قانون حديث للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون آخر يربط أداء ومساءلة القيادات العليا بالخدمات المقدمة للمواطنين.
 الاستثمار في الإنسان والتنمية الاجتماعية بناء منظومة حماية اجتماعية شاملة ومستدامةتطوير نظام تأمين وطني موسع ليصبح إطاراً منظماً يشمل كافة الفئات، بما في ذلك العمالة غير المنتظمة (المستقلة)، والمزارعين، والفئات الضعيفة، لضمان الحماية ضد مخاطر البطالة والمرض والشيخوخة.اطلاق برنامج “كرامة” كبرنامج وطني للتحويلات النقدية يستهدف الأسر الأشد فقراً، والموظفين ذوي الدخل المحدود، وكل من فقد مصدر دخله، لضمان حد أدنى من العيش الكريم.
 ضمان جودة التعليم والصحة عبر نماذج مبتكرةإطلاق برنامج طوارئ لضمان استمرارية التعليم.إعادة تأهيل المرافق الصحية الأساسية وتوفير الأدوية والمعدات الطبية الضرورية.تشجيع نماذج الإدارة غير الربحية والتعاونية لإدارة المستشفيات والمدارس، بما يضمن تقديم خدمات عالية الجودة بأسعار معقولة، ويعود بالنفع على المواطنين والعاملين فيها، بدلاً من الاعتماد الكلي على القطاع الخاص الهادف للربح.تأسيس أدوات تأمين صحي وتعليمي كآلية لضمان حصول كل طفل على التعليم الإلزامي وكل مواطن على حزمة خدمات صحية أساسية لائقة.
 حلول فورية لأزمات المواطن اليومية أزمة الكهرباء (خطة طوارئ)توفير حلول فورية للعاصمة المؤقتة عدن والمناطق الأخرى خلال شهر.فتح الباب أمام القطاع الخاص للاستثمار في محطات توليد صغيرة ومتوسطة، مع التوسع في مصادر الطاقة المتجددة (الشمسية)، وتطبيق نظام الدفع المسبق للاستدامة.
 أزمة المرتبات (حلول مرحلية)صرف جزء من الراتب (50-70%) بانتظام لإعادة دورة السيولة للاقتصاد.إصدار قسائم مدعومة للغذاء والوقود كبديل جزئي ومؤقت.

البحث عن الأمل المفقود

في ذكرى الثورتين، يقف اليمن مرة أخرى على مفترق طرق، لكنه مفترق يلفه الضباب ويحيط به الغموض.

لقد ضاعت “الغايات” التي رسمتها الثورات في دهاليز السياسة وصراعات المصالح، وفُقدت “الوسيلة” الفعالة لإدارة الدولة وتحقيق التنمية في ظل اقتصاد منهار وقيادة مشتتة ومنفصلة عن واقع الناس.

إن حلقة الفشل التاريخي تدور من جديد، والضحية هو المواطن اليمني الذي يجد نفسه وحيداً في مواجهة “الصدمة” و”لعبة الخوف”.

لكن التاريخ يعلمنا أن أحلك الليالي قد تسبق أجمل الفجر،

وأن الأزمات الكبيرة قد تحمل في طياتها بذور التغيير الحقيقي. “بإذن الله تعالى”

اليمن اليوم أمام فرصة تاريخية لكسر حلقة الفشل المستمرة،

لكنه يتطلب،

أن تعيش القيادة نفس “الفقد” الذي يعيشه الناس، وأن تشعر بنفس الإلحاح الذي يشعر به أحمد وملايين اليمنيين.

يتطلب إرادة سياسية حقيقية، ورؤية استراتيجية شاملة، و” عقلاً مشتركاً” قادراً على تجاوز المصالح الضيقة نحو المصلحة الوطنية العليا.

الحلول موجودة والخبرات متوفرة، والشعب اليمني أثبت عبر التاريخ قدرته على صنع المعجزات عندما تتوحد إرادته وتتضح رؤيته.

والأسئلة مفتوحة تبحث عن اجابة:

  • هل ستجد القيادة اليمنية الشجاعة والحكمة لاتخاذ القرارات الصعبة والضرورية؟
  • هل ستتمكن من النزول من أبراجها العاجية والعيش مع الناس لتشعر بمعاناتهم الحقيقية؟
  • هل ستتمكن من تحويل الغايات السامية للثورتين من شعارات إلى واقع ملموس؟

أم أن أحمد سيبقى ينتظر في الظلام، وديونه تتراكم، وأطفاله يسألون عن الحليب الذي لن يأتي؟

أم أن الضباب سيظل سيد الموقف،

واليمن في مهب رياح الأزمة إلى أجل غير مسمى.

الأسئلة مريرة،

والواقع لا يبشر بالكثير،

لكن الأمل يبقى معقوداً “بالله عز وجل” أولاً ، ثم على صحوة الإرادة الوطنية من سباتها، وأن تجد اليمن طريقها نحو فجر جديد يحقق أحلام الثورتين ويلبي تطلعات الشعب في الحرية والكرامة والعيش الكريم،

التاريخ لا يرحم الذين يضيعون الفرص، لكنه يكافئ الذين يجدون في الأزمات فرصاً للنهوض والتقدم.

وها هو ذا أحمد يجلس في بيته المظلم، يحاول أن يشرح لأطفاله لماذا لا يستطيع شراء الحليب هذا الأسبوع.

يتذكر كيف كان يدافع عن الحكومة قبل شهر فقط، وكيف كان يؤمن أن تحسن سعر الصرف سيحل مشاكله.

اليوم، يدرك أن المشكلة أعمق من سعر الصرف، وأن الحلول الجزئية لا تكفي لمواجهة أزمة شاملة.

أحمد، في انتظاره الطويل، يحمل في قلبه بذرة أمل صغيرة،

أمل أن يأتي يوم يضيء فيه بيته،

ويصل فيه مرتبه،

ويشتري فيه الحليب لأطفاله دون أن يستدين من التاجر الصابر.

هذا الأمل الصغير هو ما يبقي اليمن واقفاً،

هذا الأمل،

قد يصنع المعجزة إذا وجد من يحمله ويحوله إلى واقع.

أصلح الله بالكم

ودمتم سالمين،

أحمد مبارك بشير ‏26‏/09‏/2025


[1]  https://www.alaraby.co.uk/economy/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%B8%D9%85%C2%A0%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D9%82%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D9%84%D8%A7%D8%B3

[2]  https://news.un.org/ar/story/2025/09/1143349

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.