الإنقاذ الاقتصادي …. الطريق المسدود!

كالعادة المقال في العدد مجلة الرابطة الاقتصادية العدد 34 – صفحة 42:

https://eaf-ye.com/admin/uploads/magazine/pdf/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%AF34_compressed.pdf

الإنقاذ الاقتصادي …. الطريق المسدود!

كلما اردت ان اخرج لطريق، أجد الطريق مغلقاً،

وكل وسائل الوصول معلقة ،

الكل يترقب النهاية ولا نهاية للنفق ….

ما يجعل الجمع في هذا الظلام صابراً، ضوء يأتي من بعيد، لا يصل اليه أحد،

الا ان الصبر الطويل جعل التقسيم واضح،

ففي كل زاوية، يترأس قائد،

وكل يدعي ان الزاوية التي يسير اليها تصل بهم الى الأمان،

ولا امان في الظلام ،

والصمت ساد المكان،

عندما قال أحدهم: هذه طريق الإنقاذ! …

تجمع الخلق عليه لم يجدوا امامهم الا جدار…. والطريق مسدود!  

ما سبق خلاصة الخلاصة للوضع المعقد في اليمن ، وفي دول تعيش ذات الوضع ، تحت مظلة انقسام سياسي واسع ، وتدخل لا محدود من الخارج، وغياب الرؤية والقدرة على تحقيق أي شيء ، أي شيء يذكر!

تسقط العملة سقوطها المتتالي وكما يبدو انها لن تتوقف عند سقف 2500 ري لكل $، بل تترفع لتصل الى ابعد من ذلك دون تغيير في مشهد،

وماذا بعد؟!

تأتي الحكومة بخطة سمتها خطة الإنقاذ الاقتصادي، موجهات لدعم العملة الوطنية،

شملت كما تم الإشارة في العنوان الى عدد من الموجهات الرئيسية،

وتبدو من مطلعها انها غير قابلة للتطبيق،

الا انها تصلح للتصفيق،

دعني استعرض الموجهات والتي يمكن تقسيمها في 3 عناوين رئيسية:

  • دعوني اضع بعض الملاحظات على الموجهات التسع السابقة:
  • قد نقول انها إجراءات متأخرة بعد تفاقم الأزمة، فهل يصلح فيها القول ان تأتي متأخراً خيراً من ان لا تأتي، قد يكون ذلك صحيح ان تم استيعاب المتغيرات والتحديات التي استجدت بعد التأخير.
  • تبدو عامة بشكل كبير وغير مصحوبة بما يدعم تطبيقها او حتى جدول زمني ليتم التحقق من قدرة القيادة السياسية والحكومة على تنفيذها، وهل هناك اهداف منبثقة من تلك الموجهات؟!
  • الموجهات تعتمد بشكل كبير على فاعلية وقدرة أجهزة الرقابة وأجهزة الضبط، مع اخذ العلم ان الحكومة  لم تتمكن من تفعيل قدرات أجهزة المحاسبة ، فكيف باستنادها الى موجهات قوامها أجهزة رقابية فاعلة وأجهزة ضبط حازمة وغير مفككة ، مع وضع أمني معقد في اليمن عموماً ولدى الحكومة الشرعية خصوصاً وعدم قدرتها على توحيد الإدارة الأمنية حتى كتابة هذا المقال،
  • وان جئنا للمضاربة، ما يقوم به البنك المركزي لعرض العملة قبل نهاية كل شهر لتوفير سيولة من الريال اليمني من اجل سداد التزامات الحكومة من مرتبات وغيرها، يمثل في ذاته مشكلة المضاربة في السوق النقدي، فما يقوم به البنك المركزي بعرض الدولار للمنافسة والبيع لشراء الريال اليمني لتعويض الفاقد، له عدة آثار سلبية ، من ابرزها
    • تفاقم الأزمات النقدية بدلاً من معالجتها، فالاعتماد على بيع الدولار لتعويض الفاقد النقدي يعتبر حلاً قصير الأجل وغير مستدام، والإجراء لا يوفر استقراراً حقيقاً و لا يعالج الأسباب الأساسية للتدهور، مثل العجز في الميزانية، أو ضعف الإنتاج المحلي، أو عدم استقرار السياسة النقدية.
    • فهل يمتلك البنك خيارات أخرى لاستعادة المنظومة البنكية؟، وفي ظل الظروف الاستثنائية هل قام المركزي، او الحكومة  بوضع استراتيجية طويلة الأجل تضمن استعادة نشاط المنظومة المصرفية وثقة الناس بها ، او تعزيز الإنتاج المحلي، او تحسين ميزان المدفوعات، او زيادة التدفقات النقدية من خلال الصادرات والاستثمارات الأجنبية؟
    • هل فكر المركزي والحكومة بآلية للعمل في الوضع الاستثنائي والاستفادة من الأدوات الممكنة ام كل المتاح هو الحلول المؤقتة؟
  • بدون وجود نظام فعّال لإدارة ومراقبة الفساد، فإن جهود مكافحة الفساد قد تكون محدودة، ولا يمكن لحكومة كبيرة العدد من النواب والوكلاء والعاملين عليها ، و في وضع استثنائي من إدارة ملف معقد في غياب أجهزة الرقابة وتفعيل القضاء وتوحيد الجهاز الأمني، لذا يجب أن تعمل الأجهزة الأمنية بالتكامل مع الأجهزة القضائية فهل تمتلك الحكومة القرار والإرادة؟
  • التحكم في فاتورة الاستيراد دون دراسة فعلية لواقع اليمن ، في ظل ارتفاع كلفة الإنتاج المحلي بشكل مخيف، وبيئة اعمال غير محفزة ، وفي ظل انعدام القدرة على توفير البدائل للتحديات التي تواجه بيئة الاعمال ، ولضعف البنية التحتية ، وووو ، كل ذلك واضافة اليها عدم دراسة تأثير ذلك على حاجة الناس من السلع الأساسية من جهة أخرى ، وان الصناعة في اليمن تعتمد على 90% من مدخلاتها مستوردة ، فكيف سيتم معالجة هذا الامر وفي كم من الزمن؟ ، ومن سيحكم المنافذ البحرية والجوية والبرية لليمن؟ وما الحوافز التي ستقدم لتفعيل الصناعة الوطنية وتوسيعها؟ ، و هل يشمل ذلك متطلبات البنية التحتية واستعادة المنظومة المصرفية لعافيتها؟ ، كل ذلك مع التأكيد اننا في سوق غير مستقر وفي حرب غير محددة النهاية!
  • الانقسام النقدي بين مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها ومناطق سيطرة حكومة صنعاء ، نتحدث عن الامر الأكثر تعقيدا في كل الموجهات ، لا يتطلب ذلك موجه بل خطة شاملة للحد من تأثيره قد يشمل ذلك ما سبق الإشارة اليه في مقال سابق عن البحث عن آلية لتوحيد القرار البنك المركزي في ظل انقسام الإدارة بين صنعاء وعدن ، والهدف الأساسي مصلحة الوطن والمواطن وليس مصالح خاصة.
  • تعزيز كفاءة إدارة المالية العامة والسياسة النقدية ، يجب ان يصحب بتحول رقمي شامل للنظام المالي في اليمن، لتقليل التكاليف والفساد، وتحسين الكفاءة العامة، وهذا يتطلب وجود بنية رقمية عالية الأداء، فما نراه لا يؤكد ذلك اذا كانت وزرارة الاتصالات هربت من إيجاد حل لمشكلة الانترنت وخدمات الاتصالات في المناطق المحررة  باللجوء الى خدمة خارجية (ستارلينك) لا يمكن السيطرة عليها ولا يمكن الاستفادة منها فعلياً في بناء منظومة رقمية للحكومة،  فهي منظومة بدون رقابة حكومية ولا يوجد صورة واضحة ما الفائدة المالية التي ستعود للحكومة من هكذا تحرك ، يعبر عن غياب الروية والرؤية.
  • تفتقر الحكومة إلى التنسيق الفعّال بين المؤسسات المختلفة في إطار الحكومة نفسها، فكيف تفعل بالسيطرة على ما لا تسيطر عليه.
  • تفكك المنظومة الاقتصادية في المناطق المحررة، ورفض بعض المحافظات ترحيل الإيرادات العامة إلى البنك المركزي، وتشرذم مصادر الإيرادات للحكومة وتغول المجموعات المالية الجديدة على قدرة الحكومة وقدرة المركزي.
  • تتجاهل الحكومة انها في وضع استثنائي وهذا اكرره، واليمن تحت البند السابع ، والسلطة الحكومية غير مكتملة بنفوذ اطراف خارجية على رأس القائمة التحالف العربي بقيادة السعودية والامارات ، وسفراء الدول الصديقة لليمن على رأسها أمريكا وبريطانيا، اين دورهم في هذه الخطة ؟ وما علاقتهم بتنفيذها ؟ ، هؤلاء الأطراف ليسوا مجرد سفراء بل اوصياء في دعم الشرعية اليمنية، فلماذا يغيب دورهم في انقاذ الاقتصاد اليمني؟ ، فلا يمكن التحرك دون إشراكهم بفاعلية وكل الأطراف الداعمة، قد يشمل ذلك تقديم الدعم المالي والفني وتسهيل الإجراءات اللازمة لتحقيق استقرار اقتصادي مستدام.

كـأننا امام الموجهات التي نقرأها  عاجز يرسل موجهات لمجموعة من العجزة، لا اريد ان اضيف المزيد فالوضع في اليمن معقد للغاية، لا تكفيه معاناة الانقسام السياسي العميق والصراع المستمر على عدة جبهات، بما يشمل ذلك داخل الحكومة الشرعية ذاتها، التي تعاني من انقسامات داخلية متعددة.

غيوم ضبابية، في مساء مظلم، فكيف الحل؟

  • دعوني اضع افتراضاً، قد يكون مفيداً، لكنه اولي لان من يمتلك المعلومات والقرار هي الحكومة ، لا انا:

ارجو ان يكون نقدي (ليس من النقد الفلوس، بل من النقد أي التمييز بين الغث والسمين) في موقع الاهتمام، وهدفي التوصيات لا الذم،

نرجو لهذه البلد الوصول الى الطريق ، طريق الأمان والخروج من متاهتها الطويلة التي اجهدت الناس كل الجهد، ولم يعد في المتسع بقية ان كان للوطن محب.

شكرا

احمد مبارك بشبر

‏26‏/10‏/2024

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.