الضمان التجاري العقبة الوظيفية و الرقم الوطني
مقال العدد 31 مجلة الرابطة الاقتصادية صفحة 56:
الضمان التجاري العقبة الوظيفية و الرقم الوطني
الضمان التجاري العقبة الوظيفية والرقم الوطني
في السلسة السابقة حول مسارات فرص العمل، تم التركيز على أهمية خلق الوظائف وتبنيها، وكان في بالي البدء في سلسلة أخرى، الا ان موضوع الفرص الوظيفية و عقباتها التي توضع امام الشباب كل باحثي الوظيفة، للحصول عليها جعلتني اركز في هذا الموضوع، و الاستفسار الاول لماذا عقبة الضمان التجاري؟، التي يطالب بها طالبي الوظائف من القطاع الخاص ، بل امتدت الى الوظائف غير الدائمة في القطاع العام ، وبدأت بعض منظمات المجتمع المدني تطلبها ، والمنظمات الدولية تبحث عن شهادة صحيفة الحالة الجنائية (فيش وتشبيه _ المواطن دائماً متهم!)… هل هذا خطأ؟،
دعنا لا نلقي اللوم على طرف قدر ما يمكننا البحث عن المشكلة والمعالجة،
المشكلة الرئيسية هنا عندما يُطلب من شخص اساساً باحث عن عمل ، عن ضامن تجاري ، يفتح الباب لعدة مشكلات فرعية ، منها استغلال بعض مالكي السجلات التجارية هذا الوضع ، ويفتح باباً للبحث عن طرق غير (صحية) للحصول على ضمان تجاري أياً كانت تلك الطرق، والغريب ان الامر تطلبه شركات يمنية أي أنها على معرفة جيدة، إنها اذا طُلب منها أي ضمان لباحث عن وظيفة من شركة أخرى لما قدمته له ، فكيف تتوقع ان تقوم مؤسسات او شركات بتصرف مخالف لتصرفها ؟! ، ألم يخطر في بالها ان الباحث عن الوظيفة لو كان له علاقة بتجار، فكانوا على الأقل ساعدوه للحصول على وظيفة او عمل اياً كان بدلا من البحث والتنقل هنا وهناك … هذه احدى العقبات ، يضاف اليها متطلبات الوظيفة ، يتم طلب متطلبات لا يمكن توفيرها بسهولة وبمستوى دخل منخفض ، فمثلا البحث عن اللغة في وظيفة لا تتطلب اساساً امتلاك اللغة ، او يتطلب خبرة 5 سنوات في وظيفة يمكن العمل عليها وممارستها من خلال التعلم والتدريب الأولي في اقل من شهر ، أي لا تتطلب مهارات معقدة، ويتطلب في وظيفة شهادات جامعية في حين ان الوظيفة يمكن اشغالها بشهادة فنية او ثانوية ، عراقيل احياناً لا تفهم في تصميم الوظيفة وطلبها ، يضاف اليها متطلب الضمان التجاري، والتي نركز عليها هنا.
من الضامن للمواطن؟
الدولة هي الضامن لمواطنيها!
كيف يمكن ذلك ؟
دعوني اتحدث هنا عن استراتيجية تتطلب وقتاً زمنياً للمعالجة الا انها صارت مطلوبة، ويمكن العمل عليها رغم هذه الظروف،
التوصية ان يتم بناء السجل المدني، الذي يمثل الأرشيف الوطني للمواطنين، يمثل الحل في ربط الرقم الوطني للمواطن “رقم فريد يستخدم في جميع المعاملات الرسمية وغير الرسمية” ، ويصدر الرقم الوطني للمواطن فور ميلاده بشهادة الميلاد ، والتي من خلالها يحصل على بطاقته الشخصية عند بلوغه السن القانوني ، يرتبط هذا الرقم بكل أرشيف المواطن بما يشمل ذلك ، مساره التعليمي ، حتى تخرجه ، يرتبط حتى بوثيقة زواجه وطلاقه ، بجواز السفر ، حتى وفاته ، يسهم توفير هذه القاعدة في حل مشكلات كبيرة في ارشفة تاريخ كل مواطن ، حتى سجله الجنائي ، حتى وان تشابهت الأسماء لا يمكن ان تتشابه الأرقام الوطنية ،
يسهم ذلك في:
- يسهل عملية الإحصاء وتتبع النمو السكاني،
- يسهل تسجيل الولادات، الوفيات، الزواج، والطلاق، فجوات التعليم والتسرب في المدارس ومتابعة ذلك وغيرها من المسائل بسرعة وكفاءة.
- يمكن ربط الرقم الوطني بخدمات الصحة، التعليم، والضمان الاجتماعي، والحسابات البنكية وحتى الضرائب والغرامات وغيرها…
ولابد في ذات الوقت من إزالة العراقيل وطول الإجراءات المتطلبة لاصدار الرقم الوطني او الحصول على البطاقة الشخصية او جواز السفر ” كلما طالت الإجراءات وتعقدت، كلما فتحت باباً من أبواب الفساد” ، ولذا لابد من السعي لتبسيط وتوحيد الإجراءات، لماذا يتطلب الحصول على بطاقة وجود شهود وتوقيع جهة أمنية على صحة البيانات؟ ، والشخص يملك شهادة ميلاد الصادرة من الدولة والتي تعرف الوالدين بأنهما مواطنين من اليمن ، وكأن الدولة ، لا تثق بالدولة ؟؟!،
هذا النظام المعقد مقارنة بكثير من الدول الأخرى التي تجاوزته، عربية وغربية، هناك دول اعتمدت تسجيل المولود في السجل المدني، ومنه يحصل على الرقم الموحد للموطن اياً كان اسمه للحصول بعدها على كل الخدمات ومنها اصدار البطاقة الشخصية عند بلوغه العمر القانوني. ولذا أتوقع لتحسين النظام للسجل المدني وتحسين ربط المواطنين بالخدمات الحكومية وغير الحكومية:
- توحيد الرقم الوطني للبطاقة والجواز.
- يمكن اعتماد نظام إلكتروني لتسجيل المواليد وإصدار الرقم الوطني تلقائياً.
- تبسيط الإجراءات عبر التحول إلى الخدمات الرقمية وتقليل الحاجة إلى الشهود والتوقيعات الأمنية.
- يسهم ذلك ايضاً في تحديد نسبة القادرين على الانتخاب وتطوير السجل الانتخابي بفاعلية دون أي لبس،
- معرفة التعداد الحقيقي للسكان اليمنيين وغير اليمنيين، عن طريق اصدار رقم آخر للمقيمين في اليمن، وهذا يفتح باباً آخر للتنظيم بشكل اكثر فاعلية.
ماذا يفيد في التوظيف؟
لن يفيد ما سبق التوظيف فقط ، بل يسهل أيضا على المواطن الحصول على الخدمات المالية والمصرفية والشمول المالي ، والخدمات الحكومية وغير الحكومية بسهولة وسرعة ، وفتح باب لدراسة الكثير من المتطلبات التي يمكن ان يتدخل فيها القطاع الخاص او العام او المدني بالاستثمار و التنمية ، عن علم واحصاء ،
ولنركز على التوظيف ، سيتطلب هذا النظام أيضا ان يتم إعادة صياغة وهيكلة قانون العمل وقانون الخدمة المدنية، بما يجعل ساعات العمل الأسبوعية موحدة 36 ساعة يسهم ذلك في زيادة فرص التوظيف ، كما يتطلب وضع آلية للنقل بين الوظيفة العامة والخاصة وغيرها بسهولة في الضمان الاجتماعي دون الحاجة لإجراءات معقدة مما يدعم الوظيفة العامة بالكفاءات من الخاصة والعكس ، ويسهم ذلك أيضا في تكوين قاعدة بيانات وظيفية للقوى العاملة في اليمن ، بما يتيح معرفة مستوى الاعمال والكفاءات والفجوات في السوق ، ويمكن ان يوفر ذلك لشركات التوظيف التعرف على حجم الكفاءات ، و يتعرف المستثمرون على القدرات المتاحة في الدولة اليمنية ، مما يسهم في صناعة الوظائف، والفرص الاستثمارية ،
كما يسهل ذلك قيام أي شخص بتسجيل نفسه في ( قاعدة بيانات القوى العاملة في اليمن) عبر رقمه الوطني ، فتنتقل بيانته بما يشمل مساره المهني وخبراته الى سجل القوى العاملة وغير اليمنيين يمكنهم التسجيل برقم المقيم ، كما يسهل ذلك على الباحثين عن الوظائف من خلال شركات التوظيف التي تحصل على ترخيص من وزارة العمل ، لتقديم فرص العمل للبحاثين وطالبي الوظائف ، ويمكنه القيام بأريحية بالدور التوظيفي لصالح الكثير من شركات القطاع الخاص والمؤسسات التنموية ، بل يسهم ذلك في ربط ذلك النظام ، بوزارات الحكومة الباحثة عن الوظائف بما يسهل ويسهم في تقليل كمية الروتين والاجراء القاتل الذي (يهلك القدرة والكفاءة) ،
وبكل اريحية يمكن للشركات طالبات الوظيفة الوصول الى معلومات عن الشخص من خلال رقمه الوطني الذي يظهر سجله او المقيم ، ويصبح القبول سهل واقل تعقيداً ، وقد يتطلب ذلك:
- إنشاء منصة وطنية تعتمد على قاعدة بيانات مركزية، تربط الباحثين عن العمل بشركات التوظيف او الشركات والمؤسسات طالبة الوظائف مباشرة.
- تبني عقود عمل موحدة تعتمد على معايير مناسبة، مما يسهل التوظيف ويقلل من الحاجة إلى ضمانات تجارية.
- إطلاق برامج لتدريب وتوظيف طالبي الوظائف بالتعاون مع القطاع الخاص.
قد يتطلب ما سبق إرادة وقرار،
لكن ما الذي يمكن عمله الان في ظل الظروف الحالية من القطاع الخاص او التنموي؟،
توصيتي في ذلك:
- مراجعة طلب الضمان التجاري،
- لا ينبغي ان نضع انفسنا في خدعة نعلم في النتيجة ان هناك خسارة لقدرات تنفع الشركة او المؤسسة، في مقابل تحايل البعض للحصول على تلك الفرصة ،
- وعلى الجهات ان تعمل من اجل وضع آلية مؤسسية تضمن سير العمل بشكل سليم وعبر عقد رسمي لمرحلة تجريبية ثم مرحلة دائمة مع حماية حقوق العامل والعمل ، دون ضرر ولا ضرار ،
- ولا يمكن ان تسلم الشركة اعمال تعتقد انها معقدة لشخص لا تثق به ، اما الوظائف الحساسة فالشركة تستقطب الموظف الذي تأمنه وتثق به فلا داعي لمتطلبات لا تسهم في دعم باحثي الوظائف في هذه الظروف.
- الشركات التي تعمل في نظام دوامين مثلا من 9-9،
- فعليا العامل يعمل لديها 12 ساعة ويزيد ولا تخدع نفسها في انها تقدم له وقت استراحة 1-4، فهو فعلاً مربوط بها لا يمكنه ان يرتاح ولا ان يصنع لنفسه شيئا ،
- بالتالي هذه فرصة مهمة لخلص وظائف ومزيد من التوظيف ، بمعنى ان يتم تقسيم العمل لصالح خلق وظائف إضافية ومن هذه الوظائف تنمو الخبرة والممارسة الوظيفة الأولى 9-3 ، والثانية 4- 10 ،
- هذا يسهم في زيادة قدرة الشركات على التوظيف وتوزيع عادل للخبرة والقدرات في ظل ظروف يتطلب الجميع ان يكون يداً واحدة لدعم الاسر الميسورة بكل ما يمكن واقل واجب هو دعم توظيف أهلنا شباباً او كباراً لا يهم السن ، الا ما تطلبه الوظيفة فالوضع استثنائي لا يتطلب النظر الى العمر وخاصة في الوظائف ذات المهارات السهلة سريعة التعلم.
- تقليل المتطلبات الوظيفية بما يناسب الاجر المقدم، وعدم التعقيد في وصول طالب الوظيفة لاي فرصة وان كانت وظيفة مؤقتة ،
في الأخير هناك مسار آخر لم اشمله في هذا المقال ، تطوير المسار المهني ، لانه يتطلب مقالاً مستقلاً لأهميته ، كيف يمكن تطوير المسار المهني بما يتناسب مع سوق العمل اليوم وفي المستقبل؟
ولنا لقاء بإذن الله
شكرا
احمد مبارك بشبر
25/07/2024