عام ينتهي ويبدأ من جديد!
عام ينتهي ويبدأ من جديد!
المقال الاخير للعدد 24 ، يناير 2024 مجلة الرابط الاقتصادية،
مجلة الرابطة الاقتصادية – العدد (24) (fliphtml5.com)
الأعزاء لكم مني تهنئة لمدخل هذا العام 2024، كل عام وانتم بخير ، وجعل هذا العام (عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) ،
كنت سأخصص هذا المقال للحديث عن مسارات خلق فرص العمل، الا ان العام 2023 ينتهي ومازالت احداث غزة هي البوصلة ، وما بعد طوفان الأقصى ليس كما قبله، لذا دعوني هنا انظر معكم للأثر السلبي للحرب في اليمن ، وعلى الكيان المحتل في فلسطين.
كلنا في حالة ترقب لخريطة طريق للسلام في اليمن، فهل موعد الناس في فبراير 2024 ، ام انها استمرار لسلسلة بلا نهاية لحرب على الناس والاقتصاد ، ربما اكتب هذه الكلمات وانتم تقرونها ، وقد تغير في الامر أمر ،
دعونا ننظر الى الخسائر التي تعرضت لها اليمن حتى اليوم منذ 2015:
- خسائر مادية كبيرة: قدرت الأمم المتحدة أن الحرب في اليمن كلفت البلاد ما يقرب من 126 مليار دولار من النمو الاقتصادي المحتمل.
- انخفض الناتج المحلي الإجمالي لليمن بنسبة 60% منذ اندلاع الحرب.
- ارتفع معدل البطالة في اليمن إلى 60% ومعدل الفقر إلى 80%..
- تدهور من تعطل جزئي او كلي او ضعف في معظم الخدمات الأساسية كالصحة و الكهرباء والنقل و التعليم …..
- نزوح أكثر من 4 ملايين شخص من منازلهم بسبب الحرب، وكثير من النازحين في حالة لا يمكن ان تكون الا رواية لا يمكن للبعض تصديقها ، سأروي شيئاً هنا من مصدر من العاملين في المجال الإنساني في الساحل الغربي الذي يروي الحالة فيما يلي :
شخص بعمر 35 تقريباً، الشاب محترم وخلوق .. تتحدث معه بشكل طبيعي فجأة ينطفئ ( يشرد ذهنه) بشكل ملحوظ .. قلت قد تكون حالة نفسية! سألت عنه في المخيم الي ساكن فيه .. قالوا عنه : انه يقوم بالليل من النوم ويصيح بصوت عالٍ يقول انا قتلت امي وابي واخي .! قصته انه نزح من الدريهمي مع امه وابيه واخيه .. لما وصلوا الخوخة .. اُعلنت الهدنةـ فأقنع اهله بالعودة للبيت من اجل جلب “احتياجات لهم”، الاهل كانوا رافضين لكنه أصر ..و بحكم انه يصرف على الاسرة و فهو صاحب الكلمة بالبيت .. سمعوا كلامه.. وكان اخر كلام والديه: (مافيش داعي نرجع يا ابني و الي راح ربي بايعوضنا!) المهم ، عادوا لبيتهم .. بعد وصولهم بنصف ساعة .. تعرض المكان لضربة هاون حوثية، وسقطت القذيفة لوسط البيت وماتت اسرته. هذا الحادث عرضه لصدمة نفسية ما زال يعانيها الى اللحظة. |
- ارتفع معدل الوفيات في اليمن بنسبة 40% منذ اندلاع الحرب.
- انتشرت العديد من الأوبئة في اليمن التي كانت اليمن تجاوزتها مثل الكوليرا والحصبة.
- …. والسلسلة طويلة من الخسائر، ابرزها خسائر في قوام الاسرة وتماسك المجتمع.
جزء كبير من هذا الانهيار مرتبط بالقدرة للوصول الى العمل ، كلما عجزت السلطات على توليد فرص العمل والتركيز على اقتصاد الحرب لدورة الاقتصاد ، ستستمر المأساة ، لكن ما يجعل اليمن صادمة هي الدورة النقدية المتدفقة ، اكانت من المانحين الدوليين ، ومنها من دورة الاقتصاد المحلي الإنتاجي لشعب مُنتج ، ومنها القادم من المغتربين ، مما يجعل التدفق النقدي يصل الى 8 مليار$ ، ما يمكن ان يساهم في ذلك هو إعادة تأهيل الاقتصاد وتمكين السلطة من إدارة الموارد ، وانهاء حالة الحصار غير المعلن ، وفتح الممرات والموانئ والمنافذ، والانتقال الى مرحلة تسوية سياسية ، يسهم ذلك في تعزيز زيادة التدفقات النقدية ، مما يسهم في تعزيز خلق فرص عمل ، سيكون لهذا حديث حول فرص العمل .
ما اريد الإشارة اليه ان كل سنة، كل شهر ، بل كل يوم لا يصل فيه اليمن الى الانتقال الى تسوية قابلة للحياة ، تسوية تسهم في تعزيز بناء الدولة ، سيظل الوضع اليمني كما هو واسوأ ، هل يمكن ان يحدث ذلك عن قريب ام لا ، لا اعلم ! لكن ارجو والامل بالله تعالى.
دعونا نعد الى الاحداث في فلسطين، الذي برز تأثيرها على اقتصاد الكيان المحتل بحسب وكالات الاخبار:
- رغم ان الاقتصاد الاسرائيلي يستند الى قاعدة صناعية وزراعية وتكنلوجية متقدمة، ودعم مستقر من الغرب ، عاملان يجعلان من هذا الكيان قوة اقتصادية متقدمة في المنطقة ، إلا ان هذا لم يمنع وكالات التصنيف الائتماني العالمية من تعديل النظرة المستقبلية إلى الاقتصاد الإسرائيلي من “مستقر” إلى “سلبي”،
- تُقدر خسائر رأس المال في سوق البورصة لإسرائيل منذ 7 أكتوبر الى الان بأكثر من 20 مليار دولار.
- تُقدر التكلفة للعملية العسكرية لإسرائيل 250 مليون دولار أميركي يوميًّا، يمثل ذلك 1.5 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي.
حتى اوربا اليوم تعاني من وضع اقتصادي صعب جداً، بل اثرها في الاقتصاد الأوربي اشبه بما حدث بعد الحرب العالمية الثانية بل وأصعب،
كأننا نقول متى يهدأ العالم، فالصراع وموجاته تنعكس على حياة الناس البسطاء ، انه الاقتصاد الذي تنعكس فيه كل التأثيرات ، ويأتي ثقله القاتل على المواطنين ومن سقوط في هاوية الفقر الى الفقر المدقع ، والفقر كافر ، فلا تسمحوا لكافر ان يرتع بين الناس فإن سقطوا في هاويته ، لن تعود لأي دولة مستقر ولا بداية .
نسأل الله السلامة و الفرج القريب ومن جديد انظروا لقلوبكم ، واطلبوا من الله ان يكون هذا العام (عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) .
شكراً
احمد مبارك بشبر
26/12/2023