ثقافة القرآن للمبتدئين – المؤمنون
من ثقافة القرآن للمبتدئين
13 – المؤمنون
كل إنسان يولد مؤمنا بربه إيمانا طبيعيا فنراه يبدأ حياته باتباع التعاليم الطبيعية من الشرب والأكل والنوم والضحك والبكاء والدفاع عن النفس وغير ذلك. كل ذلك يمثل إرادة الله تعالى في أن يسعى الإنسان لحماية نفسه بما أوتي من قوة. هذا يعني بأن المولود الإنساني يعتمد على كل ما يوحيه ربه من تعليمات الفطرة الموجودة في وجدان كل الناس من يوم خلقهم. هذا الوحي الفطري الذي يوحيه ربنا لنفس كل منا لحظة خلقنا فهو وحي يتطور مع تطورنا. بمعنى أننا كلما احتجنا إلى المزيد من التعليمات فإن الله تعالى يهدينا إليها لأنه هو الذي خلقنا وهو سبحانه يعتبر نفسه مسؤولا عنا أو بتعبير أجمل راعيا لنا. فكل إنسان يولد مؤمنا ويعيش طفولته مؤمنا. لكنه حينما يتقدم في طفولته وتبدأ نفسه بالتفكر والتدبر ويسعى لاستعمال قوة الإرادة فإنه يسعى أيضا لإشباع شهواته ورغباته التي تتطور مع تطوره في الحياة. هكذا يترك الإنسان الإيمان الفطري شيئا فشيئا ويذهب وراء أهوائه. كان يذهب قبل ذلك وراء وحي الفطرة الذي يأتيه من الله تعالى ثم بدأ يذهب وراء وحي الشهوات التي يسعى الشياطين لتنشيطها في الإنسان. فكلما أكثرَ الإنسان من اتباع الشهوات فهو يقلِّل من اتباع تعليمات ربه الفطرية حتى يصير المرء شهوانيا يفضل نفسه ومتعه على أي شيء آخر. وبما أن تعليمات الفطرة الربانية موجودة مع الإنسان شاء أم أبى فإنه يسعى لإبعاد نفسه عن تلك التعليمات بالجحود والإنكار لعله ينجو من تأنيب وجدانه. هكذا يصير المرء كافرا بربه شيئا فشيئا مع الأسف. فالكافرون هم الذين يسعون لتغطية فطرتهم التي تدعوهم إلى الله تعالى وتشجعهم على عدم اتباع الشهوات ولكنهم يقاومون والله تعالى يلعنهم في النهاية. والمؤمنون هم الذين يطورون الإيمان الفطري بالمزيد من العلم والمعرفة والسعي لإدراك حقائق الوجود والله تعالى يساعدهم على ذلك وتلك المساعدة نسميها الهدى والرحمة من الله تعالى.
أحمد المُهري
#تطوير_الفقه_الاسلامي