الخليج و كورونا
لقد تركت السياسة منذ مدة طويلة ولكنني لا زلت أعلم بالسياسة ولو قليلا. ولي تعليق بسيط على ما كتبه الأستاذ الفاضل كاظم الحمامي. فأنا قد أحمل نفس همومه بل أحمل بعض معلوماته. لقد قرأت تحقيقا سريا قبل حولي ربع قرن عن توصيات كانت قديمة ذلك اليوم للكونجرس إلى البيت الأبيض حول خطورة الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية. قرأت بأنهم يتخوفون من تكاثر الأسرة وانتقال الثروة النفطية المتحولة إلى عملة سهلة التداول إليهم شيئا فشيئا. سوف يشكلون خطرا كبيرا بأموالهم الشخصية على شعبهم وعلى شعوب العالم. وقد حصل ما قالوا فعلا ولكن لم يحصل ما أوصوا. وحينما أبلغني أحد الإخوة بعد ساعات من الهجوم العسكري بالطائرات السعودية على بلاد فقيرة لا تملك ما يسد الجوع والعطش لديها قلت له بأن العد التنازلي قد بدأ مع الأسف.
إنني مهتم بأمن كل الخليج والسعودية على رأسها وليس ذلك خوفا على مكة. فللبيت رب يحميه. سوف لن يصل أحد لتدمير مكة حتى يرث الله الأرض ومن عليها. قال تعالى في سورة الحج: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25). والغريب أنني حينما وصلت في رحلتي التفسيرية إلى تلك الآية وقبلها بأسابيع سمعت عن اقتراح أحد المرموقين في أمريكا بتدمير مكة ليزول صنم المسلمين. ومن بعد ذلك مباشرة وبعد أسابيع ظهر الركود الاقتصادي في أمريكا وبقية أروبا واشتد في أمريكا. قلت لزملائي انظروا إلى آثار هذه الآية الكريمة فبمجرد أن أرادوا فإن الركود غزاهم فلقد أذاقهم ربهم فعلا من عذاب أليم. ذلك ليعلموا ولن يعلموا باستحالة أن ينوي أحد المساس بمكة لإزالتها إلا والله تعالى له بالمرصاد. وقلت لهم بأن الحجاج الثقفي لم يرد فيه بإلحاد ومحاربة جهيمان في الحرم ليس إرادة إلحادية ضد مكة بل ضد من احتمى بها والله لم يهدد من أراد النيل بمن احتمى بمكة. فأنا لا ولن أخاف على مكة.
لكن اهتمامي كبير بالسعودية لتوازن القوى في المنطقة التي يقطنها فئات كبيرة من المسلمين ومن إخواني الخليجيين وكذلك بقية المسلمين عربا وغير عرب هناك. وأنا أشهد بأن حكام السعودية مع الأسف تجاوزوا حدودهم ولم يكتفوا بما قاموا به من تدمير مقصود ضد سوريا بالتعاون مع قطر الذي فسد في مصر وسوريا والعراق وهاهم يقصدون اليمن. إن السعوديين أكثر من غيرهم يعرفون معنى اليمن وكذلك المصريون. لن يتمكن أحد من تدمير اليمن بالطائرات ولكنهم يؤذون بعض الأبرياء فقط وهذا ما يعجل في انتقام الرحمن.
إنني مصلح وأتمنى أن ينتبه حكام السعودية والخليج عامة للمؤامرات التي تفضل ببيانها أخونا الدكتور الحمامي للملأ فيصلحوا ما أفسدوه ويتركوا العبث بأمن جيرانهم. إن ما سمعناه بأن من حفر بئرا لأخيه وقع فيه حقيقة تجربية برأيي. عليهم لو يراجعوا عقولهم بأن يسدوا الحفر العميقة التي حفروها في بلاد الناس قبل أن يمسوا جارا خطيرا وشعبا ثائرا لا ولن يسكت على الظلم. لقد ظنوا بأن الطائفية تنجيهم والواقع أن الحوثيين لا يشكلون قوة خطيرة في اليمن وسيأتيهم الخطر من بقية الشعب اليمني أكثر من الحوثيين.
إنني لا أستبشر بذلك ولكن التداولات الطبيعية لا يمكن إيقافها. عليهم بأن يصلحوا أنفسهم قبل كل شيء وعليهم بأن يعلموا بأن الله تعالى لن ينسى عبيده المظلومين فهو يمهل ولا يهمل. إن ظلمهم مع الأسف بلغ رقعة كبيرة من أرض الله تعالى وهو عيب عليهم ولن يزيدهم إلا ضررا وسوف يكون ذلك تقربا منهم للتغيير. إنني أخاف من هذه التغييرات المفاجئة بحكم خبرتي ولكن ليس إلى إيقافها من سبيل.
وشكرا أخيرا للأخ الدكتور كاظم فنجان الحمامي على تحليلاته ومقالاته الطيبة.
أحمد المُهري
19/4/2015
الولايات العربية الأمريكية
حقائق مذهلة لم تسمعوا بها من قبل
كاظم فنجان الحمامي
لا أكتمكم سرا أنني بدأت أفقد ثقتي بزعماء التوريثات المنوية، وزعماء الإزاحات الفوضوية، وأبطال الانقلابات الدموية. أشكك بعروبتهم ونخوتهم ومروءتهم ووطنيتهم، التي كادوا يفقدونها كلها بمواقفهم الانبطاحية المخزية، وبدأت أفقد ثقتي بفضائياتنا المئوية، التي لم تنقل لنا ما يُحاك ضدنا في الخفاء من مؤامرات ودسائس دولية تستهدف تمزيقنا وبعثرتنا، وتستهدف الاستحواذ على ثرواتنا، لأنه من غير المعقول أن تتحدث الفضائيات الأوربية والأمريكية بصراحتها المعهودة عن مخاطر المخططات المعادية للعرب، بينما تنشغل فضائياتنا ببث برامجها التافهة، وتضليل المشاهد العربي بهذا الكم الهائل من الأخبار الكاذبة والحكايات الملفقة. من دون أن تحاول تسليط الأضواء على مطامع الغزاة والبغاة والحشرات.
قبل أيام كتبت مقالة تحذيرية تحت عنوان (الخليج بين مخالب البنتاغون)، تناولت فيها بعض المحاور التآمرية، التي وضعت ثروات النفط والغاز في جيب العم سام، وأقحمت المنطقة في نفق الصراعات الطائفية المهلكة.
ففي عام 1975 كتب المحلل العسكري (روبرت تاكر Robert W Tucker) مقالة تحت عنوان (النفط ومسألة التدخل الأمريكي)، طالب فيها الحكومة الأمريكية بضرورة الإسراع نحو بسط سيطرتها العسكرية على الساحل الغربي لحوض الخليج العربي، ويشاع أن هنري كيسنجر هو الذي كتب المقالة التحريضية التي نشرتها مجلة (هاربر) باسمه المستعار (Miles Ignotus)، وكانت بعنوان (اغتنام النفط العربي Seizing Arab oil)، نشرها كيسنجر في العام نفسه، وأعلن فيها عن اقتراب العد التنازلي لشفط النفط العربي كله، ومصادرة حقوله الغنية المتناثرة في أرجاء المملكة العربية السعودية، والدويلات الخليجية القريبة منها.
وفي العام نفسه نشرت مكتبة الكونغرس دراسة جدوى، تحت عنوان (حقول النفط كأهداف حربية Oil fields as a military objectives)، والتي اختتمتها بمجموعة من التوصيات، تقضي بضرورة الاستيلاء على نفط الكويت، والسعودية، والعراق، وليبيا، وقد أخذت الدراسة بنظر الاعتبار سهولة التلاعب بمصير تلك البلدان بأدوات التشتيت الطائفي، والعمل على تفريقها، وبعثرتها، وتقسيمها، سيما أن تلك البلدان لا تمتلك القوات الدفاعية الكفيلة بمواجهة العدوان الخارجي، ويحكمها زعماء يدينون بالطاعة والولاء للبيت الأبيض، وهذا الخصلة بالذات تعد من العوامل المشجعة لقوات الاحتلال.
وفي عام 2002 نشرت مؤسسة (RAND) دراسة تحليلية مفصلة من تأليف (Laurent Murawiec) تحت عنوان (Taking Saudi Out of Arabia)، بين فيها المؤلف أهمية تدمير العالم العربي برمته، وأكد فيها على ضرورة البدء بزرع الفتنة الطائفية، والانطلاق بها من قلب الجزيرة العربية وأطرافها، وتدمير مكة والمدينة.
من نافلة القول نذكر أن مؤسسة (RAND) تتخذ من قطر وكراً خبيثاً لها، وصار واضحاً أن هذه الدويلة الشيطانية المارقة، هي التي تطوعت لخدمة الغزاة، ووضعت أرضها وبحرها وأجوائها في خدمة البنتاغون. على اعتبار أن دويلة (قطر) هي النواة المرشحة لقيام الولايات العربية الأمريكية.
والله يستر من الجايات