أردت أن أختم هذا الفصل بمجموعة من الأحاديث الواردة “في أصح كتاب بعد كتاب الله” – صحيح البخاري- ليقف القارئ على حجم الاساءة- لديننا ولنبينا- الواردة في هذا الكتاب ، وحتى يعرف من أين جاءنا الإرهاب ؟ ولماذا وصلت أمتنا الى ما وصلت اليه ؟ ويقف معنا على الحقائق كما هي بدون تزويق ولاتنميق ،و البحث عن المبررات ، التي تخدم صناعة الأسطورة ولو على حساب الدين ، ولنقف حقا على ما جناه الجامع الصحيح المنسوب للشيخ البخاري على الأمة ، ولعل العديد ممن يسمع ويتابع الهالة التي تم صنعها زيفا وتمويها وكذبا حول البخاري ، سيصدم من هول المفاجاة ، حينما سيكتشف حقيقة مجموعة كبيرة من الأحاديث المسيئة للاسلام ولنبي الإسلام ، بل لرب العالمين داخل هذا الكتاب ، والتي لن نعرضها كلها ، بل سنكتفي بعرض نماذج منها فقط ، نظنها كافية لكل محتار يبحث عن الحقيقة ، ولا شيء غير الحقيقة.
1-الرسول يحاول الانتحار
في ” صحيح البخاري ” “قَالَ الزُّهْرِيُّ فَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ : … وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّى حَزِنَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَلَغَنَا حُزْنًا غَدَا مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّى مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ ، فَكُلَّمَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا ، فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ ، وَتَقِرُّ نَفْسُهُ ، فَيَرْجِعُ ؛ فَإِذَا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَةُ الْوَحْيِ غَدَا لِمِثْلِ ذَلِكَ ، فَإِذَا أَوْفَى بِذِرْوَةِ جَبَلٍ تَبَدَّى لَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ” . برقم ( 6581) من كتاب ” التعبير ” ، باب ” أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة.
الحديث ورد في كتاب من كتب صحيح البخاري ، وهو يتهم الرسول بمحاولة الانتحار ، ومحاولة الانتحار لاتنتج عن إنسان سوي ، فهي نتيجة لاضطرابات نفسية ، فكيف يجوز لإنسان مسلم أن يتهم رسوله بهذا ، ورغم المحاولة التي قام بها ابن حجر العسقلاني وغيره لتبرير رواية البخاري لبلاغ إقدام الرسول على محاولات الانتحار مرات عدة ، معتبرا أن الزياد “فيما بلغنا” وما بعدها ليست من كلام عائشة بل هي زيادة للزهري ، لكن رغم أن هذا تأويل مجرد تأويل ، فالكذب على رسول الله واضح من خلال الرواية الموجودة في صحيح البخاري ، لكن عباد الأسطورة لا يتورعون عن القول :”إن كل ما في صحيح البخاري صحيح”
هذا الحديث في صحيح البخاري يوضح أن الرسول كان بذيئا، وكان صلوات الله عليه ينطق بالكلام الفاحش ، حيث ورد في حديث آخر أنه قال لشخص ” اعضض هن أبيك” ، وفي حديث اخر” من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا” ونسب أيضا للرسول في صحيح البخاري أنه كان يسب المؤمنين كما في حديث عن أبي هريرة “: (( سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة )) رقم الحديث 6000 من صحيح البخاري كتاب الدعوات . فإذا كان الله تعالى في محكم كتابه يقول في حق نبيه” إنك لعلى خلق عظيم” فالرسول كان أكثر الناس أدبا ، وأوفرهم خلقا ، وأرقهم عفة ، وأكثرهم أناقة في اللفظ والقول، لكن عباد الأساطير ، يفضلون الإساءة لرسولنا الكريم على أن يطعن في أسطورة صحيح البخاري ، ويقولون في تبجح غريب وقلة أدب لاتوصف بأن هذا حديث صحيح والرسول قال هذا الكلام وأمر به ، وأنا أفضل ألف مرة أن أنسب هذا الفحش لخطأ الراوي على أن أنسبه للرسول ، وأحكم على الحديث بالوضع والتلفيق.
3- الرسول المعدم
على عكس ما أخبر الله به نبيه في القرءان من إقرار حالة الغنى للرسول صلى الله عليه وسم في قوله تعالى في سورة الضحى :” وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ( 11)” نجد صحيح البخاري يخبرنا في حديث: عن عائشة رضي الله عنها قالت :مات رسول الله ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير..” في كتاب الجهاد والسير باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم والقميص في الحرب تحت رقم
2916 هذا الحديث ورد في العديد من أبواب كتاب صحيح البخاري، وكل الروايات تؤكد على أن الرسول كان معدما، وأن الله لم يغنه عن الناس كما أخبره سبحانه في سورة الضحى”ووجدك عائلا فأغنى” ، ليموت ودرعه مرهونة عند يهودي بالمدينة !!، لذلك سيجد المؤمن نفسه بين موقفين إما أن يصدق كلام الله في كتابه، وبالتالي سيرفض هذه الرواية المناقضة لخبر القرءان عن إغناء الله لنبيه، أو يصدق رواية البشر في كتاب بشري اسمه صحيح البخاري، وبالتالي سيجد نفسه ملزما بتكذيب كلام الله في القرءان ، بتصديقه لروايات هذا الكتاب”صحيح البخاري” الذي تفنن وأبدع في أن يجعل صورة نبينا مهزوزة، وهنا يطرح سؤال آخر حول أين كان أغنياء الصحابة وما أكثرهم ليقوم الرسول برهن درعه الحديدية لدى يهودي مقابل حفن من الشعير؟ إنها معضلة حقا، وأترك الجواب للقارئ الكريم الذي سيجد نفسه أمام خيارين لاثالث لهما.
4- الرسول يكره الناس ليكونوا مؤمنين
روى البخاري باب (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم)) رقم 25 ومسلم باب (( الأمر بقتال الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله)) رقم :22عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال»أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَن لا إِلَه إلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى« .
وهذه إساءة أخرى لرسولنا الأعظم ، لأنه يستحيل أن يخالف أمر الله له في كتابه الكريم ، في العديد من الأيات نورد بعضا منها ، فقد قال الله تعالى :
كل هذه الآيات الواضحة تبين لنا أن الإسلام دين يدعو إلى الاختيار ، في أمور العقفيدة ، لا إلى الجبر والقهر والإكراه ، فمتى أمر الله نبيه بقتال الناس من أجل عقائدهم ؟ لكن عباد الأصنام التراثية ، لايتورعون عن أن ينسبوا هذا الكلام الإرهابي لرسول المحبة والرحمة ، ويتساءل العديد من الناس : لماذا كل هذه الإساءة للرسول من طرف غربيين ؟ والحقيقة التي لايعرفها معظم المسلمين أن هذه الإساءات أجمعها مأخوذة من مثل هذته الكتب التي يقال عنها بأنها أصح الكتب ، وأن كل ما فيها صحيح لا غبار عليه.
ومن الاحاديث الداعية الى الكراهية والاكراه في الدين ما ورد في صحيح البخاري
باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة : “6924 حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن بن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله 6925قال أبو بكر والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها قال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق”.
إن هذه المرويات يستحيل الجمع بينها وبين أمر الله البين الواضح الجلي في كتابه بأن لايكره الناس على اعتناق العقيدة ولا على تطبيق الأحكام الدينية، لأن الأصل في الدين وكل مقتضياته هو الاختيار لا الجبر، لكن من يسمع مادام صحيح البخاري قد قال؟
5- الرسول يسحر فيهذي
ورد في صحيح البخاري بكتاب الطب تحت رقم 5766 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَت:” سُحِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّيْءَ وَمَا فَعَلَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ عِنْدِي دَعَا اللَّهَ وَدَعَاهُ ثُمَّ قَالَ أَشَعَرْتِ يَا عَائِشَةُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِي فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ قُلْتُ وَمَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ جَاءَنِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِي وَالْآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ قَالَ وَمَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الْأَعْصَمِ الْيَهُودِيُّ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ قَالَ فِيمَا ذَا قَالَ فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِي بِئْرِ ذِي أَرْوَانَ قَالَ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْبِئْرِ فَنَظَرَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا نَخْلٌ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ وَاللَّهِ لَكَأَنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ وَلَكَأَنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَأَخْرَجْتَهُ قَالَ لَا أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَافَانِيَ اللَّهُ وَشَفَانِي وَخَشِيتُ أَنْ أُثَوِّرَ عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَرًّا وَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ”.
وقد عقب ابن حجر العسقلاني في فتح الباري تعليقا على هذا الحديث بقوله:” ثم ذكر المصنف في الباب سبعة وعشرين حديثا الأول حديث عائشة قالت : ” سحر النبي صلى الله عليه وسلم ” الحديث ، وسيأتي شرحه في كتاب الطب ، ووجه إيراده هنا من جهة أن السحر إنما يتم باستعانة الشياطين على ذلك ، وسيأتي إيضاح ذلك هناك ، وقد أشكل ذلك على بعض الشراح .” بمعنى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من المخلصين ، فقد قال تعالى : ( قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ)(الحجر:40) وهذه إساءة بالغة لنبينا عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم. وبالإضافة الى هذه الإساءة فهذا الحديث يخالف جملة وتفصيلا عصمة الرسول وحفظ الله له ، كما يخالف قوله تعالى : نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَسْتَمِعُونَ بِهِ إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ وَإِذْ هُمْ نَجْوَىٰ إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَّسْحُورًا ( الاسراء:47)
فالله ينفي عن نبيه أنه سحر ، ويقول عمن يقول بأن الرسول مسحور بأنه ظالم ، بل وصل بهؤلاء وقاحتهم أن اعتقدوا أن رسول الله كان يخيل إليه أنه يقوم بالعمل وهو لم يقم به ، فهو كان يتوهم –حاشاه- أنه يجامع نساءه رغم أنه لم يقم بذلك ، وذلك من الهذيان ، وهي إساءة من الإساءات التي لم يتورع من ألف هذا الكتاب عن تدوينها فيه ، لكن مادام هذا الحديث في صحيح البخاري فلا يمكن تكذيبه ، وأن من يعتقد بما في القرآن وينفي عن الرسول بأنه سحر ، وينكر هذا الحديث المسيء لنبينا فهو كافر بفتوى شيوخ الوهابية ، كما أوردنا نقلا عنهم في هذا الكتاب.
6- الرسول يصلي بدون وضوء
ورد في كتاب الأذان من صحيح البخاري، 697 “حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : ” نِمْتُ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقُمْتُ عَلَى يَسَارِهِ فَأَخَذَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ ، وَكَانَ إِذَا نَامَ نَفَخَ ثُمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ ” ، قَالَ عَمْرٌو : فَحَدَّثْتُ بِهِ بُكَيْرًا ، فَقَالَ : حَدَّثَنِي كُرَيْبٌ بِذَلِكَ” .
أما هذه الإساءة فتبرز أن رسولنا الكريم الطاهر ، ينهض للصلاة بعد نوم عميق ، ليصلي بدون وضوء ، وهو الشيء الذي يعتبر محالا في حق نبينا ، والمعلوم من ديننا وكما تواتر تواترا عمليا عن نبينا ، أن النوم من نواقض الوضوء، سيما منه الثقيل، فكيف يخالف الرسول أمرا هو من جاء به ، وعنه أخذته أمته صغيرا عن كابر، لكن العقول تتوقف ، واحترام الرسول يتوقف عندما يتعلق الأمر برواية من روايات الكتاب الأسطورة “صحيح البخاري” والأغرب أن الروايات تنقض بعضها، في هذه المسألة مما جعل الفقهاء يختلفون اختلافا شديدا في النوم هل هو من نواقض الوضوء أم لا، على عكس الجمهور الذي يأخذ ما تواتر عن الرسول تواترا عمليا لا روائيا.
7- الرسول يختلي بامرأة متزوجة وينام عندها وهي تفلي رأسه من القمل
لا يستطيع مسلم نقي الفطرة ، سليم العقل ، يحترم دينه ونبيه ، أن يصدق بأن رسوله الكريم الأكرم صلى الله عليه وسلم ، يدخل على امرأة أجنبية عنه ويختلي بها في غيبة من زوجها ، وينام عندها ، وتقوم هي بفلي رأسه ، والفلي يعني تنظيف الرأس من القمل ، أي أن رسول الله –حاشاه- كان قذرا ، وغير نظيف ، ورأسه مليء بالقمل ، لا يستطيع مسلم واضح الإسلام أن يقبل على رسوله هذا الكلام ، لكن شيوخ التعصب للموروث الديني ، الذي نتج عن تقديس الرجال ، ولو على حساب رسولنا الكريم ، يصدقون هذا عن نبيهم ، ويعتبرون فعلا أنه قام بهذا العمل الشنيع ، ونحن نقول كلا وألف كلا ، رسولنا أسمى من هذه الترهات ، وقد حاول صناع الروايات أن يبرروا هذا بالا دعاء أن أم حرام كانت خالة رسول الله من الرضاعة، رغم أنه لادليل على ذلك قوي، وتبقى هذه الرواية إلى جانب كثير من الروايات التي تنتقص من قيمة أشرف خلق الله ، وما ورد في صحيح البخاري محض كذب على الرسول ، واستخفاف بالعقول.
8-الشيطان يطعن رسول الله عند ولادته
وفي صحيح البخاري أيضا من كتاب بدء الخلق باب صفة ابليس وجنوده حديث رقم 3286 – حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ، غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الحِجَابِ”.
هذا الحديث في صحيح البخاري يعتبر من الطوام الكبرى المسيئة للرسول ولدينه ، فهو يؤكد عصمة رسول الله عيسى بن مريم عليهما السلام، وهذا أمر مقبول ولا نرفضه، لكنه يؤكد في الآن نفسه، على عدم عصمة نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، فالله هنا لم يستثن من طعن الشيطان في الجنبين من كل خلقه إلا عيسى بن مريم عليهما السلام ، ورسولنا داخل في عموم أولئك الذين مسهم وطعنهم الشيطان ، بل ورد في كتاب الأنبياء باب قوله تعالى:” واذكر في الكتاب مريم…” ما يلي:3431 :” قال أبو هريرة ـ رضى الله عنه ـ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد، فيستهل صارخًا من مس الشيطان غير مريم وابنها. ثم يقول أبو هريرة: وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم”. فهذا الحديث يلحق مريم وابنها عيسى عليهما السلام بزمرة من لايمسهم الشيطان ، بينما رسولنا الكريم كباقي البشر قد مسه الشيطان ، وهذا تطاول على نبينا ما بعده تطاول ، وتفضيل مريم الصديقة ورسول الله عيسى بن مريم على نبي الإسلام ، وهذا مخالف لقوله تعالى آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (البقرة :285)
وهذا غيض من فيض التنقيص في حق الرسول ، فهل بعد هذا يمكن الحديث عما فعله الآخرون من إساءة لنبينا في عصرنا، والإساءة الأكبر موجودة في هذا الذي يصفونه بأنه أصح الكتب، ويكفرون ويتهمون ويشنون الحملات الشعواء ضد كل من ينتقده، لذلك فإني أندهش أيما اندهاش عندما انبرى هؤلاء الشيوخ المقدسون لصحيح البخاري للدفاع عن الرسول ضد كاريكاتير الدنمارك المسيء للنبي ، وضد صحيفة شارلي إيبدو الفرنسية المسيئة لنبينا ، ولم ينبس أحدهم ببنت شفة ، إزاء هذه الإساءات التي أعتبرها أشد وأنكى ضد نبينا في صحيح البخاري ، ذلك لأن هؤلاء الشيوخ يعتبرون ضمنيا أن قداسة هذا الكتاب أقدس من الرسول نفسه مع كامل الأسف.
لإظهار الطوام الكبرى التي في هذا الحديث الوارد في صحيح البخاري، نحتاج إلى صفحات من هذا الكتاب لكن سنكتفي بذكر بعضها، فهذا الحديث يقول إن أبا هريرة ضبط حالة سرقة ، وسامح السارق بدون موجب حق ، وكأنه كان يسرق من ماله في حين هي أموال المسلمين ، فالواجب تقديمه للرسول كي يحاكمه ، وتتكرر عملية السرقة مرات ، ويعمل أبا هريرة على إطلاق سراح السارق ، بل حتى الرسول لم يعتب على أبي هريرة ، عندما ضبط السارق وسامحه ، رغم معرفة الرسول المسبقة بأن السارق كذاب وسيعود للسرقة.
لكن الأغرب في هذا أن أبا هريرة صدق السارق بأنه لن يعود للسرقة، رغم أن الرسول سبق أن أخبره بأنه كذاب وسيعود للسرقة ، غير أن القصة تتطور في المرة الثالثة حيث يقوم السارق الذي ليس إلا شيطانا بتعليم أبي هريرة أمرا من أمور الدين، كما ورد في نص الحديث :” قَالَ دَعْني أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بهَا قُلْتُ مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِي اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَي القَيُّومُ حَتى تَخْتِمَ الآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ وَلا يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتى تُصْبحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ” وفعلا يتم إخلاء سبيله من طرف الصحابي ! لكن الأنكى من ذلك في هذه القصة البخارية، هو ما نسب للرسول في نهاية الحديث بأن من علم أمر من أمور الدين للصحابي هو شيطان ، وأقر الرسول تعليمه وصادق عليه، وهذه عجيبة من عجائب صحيح البخاري التي تسيل الدماء دون إنكار حديث من أحاديثه .
وقد علق على هذا الكاتب إسلام بحيري في مقالة له نشرت على موقع اليوم السابع جاء فيها:”أما الطامة الكبرى فإفصاح النص عن إقرار النبي لهذه الكلمات التي علمها السارق -الذي سيتضح فى النهاية أنه شيطان- للصحابى, وذلك بقوله: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ» ثم يفصح النص عن المفاجأة: «تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ لا قَالَ ذَاكَ شَيْطَانٌ»، وهذا ما يدخلنا في إشكاليات لا حصر لها، أولها أن الرسول أقر السارق على قول قاله فى الدين لم يعلمه رسول الله فلو كان يعلمه لكان أولى بقوله من السارق -أو من الشيطان-، وثانيها أن الشيطان هو الذي يعلم المسلمين القرآن وفضائله، بل يقره النبي على ذلك، وثالثهما أن الشيطان يحفظ القرآن جيدا، ويعرف بدايات الآيات ونهاياتها بدقة، وغير هذا من الخرافات التي لا يقبلها عقل ولا شرع، والغريب أن مقدسي الخرافات وشارحيها قد أكدوا على أنه في ذلك فائدة مهمة من الحديث وهي أن الكافر يؤخذ منه الحق، وقد قاسوا الكافر بالشيطان وهو قياس فاسد باطل لا داعي لشرح عواره، بل الشيطان لا يعلمنا الإسلام ولا يقره النبي على علمه، ولنذكر جيدا أننا ترخصنا مع هذه الخرافة التي تدعي أن الشيطان يتصور بالإنسان ويكلمه فقط لتبيين العلل الفاسدة في النص وإلا فإن هذا الإدعاء بأن الشياطين تتمثل كبشر هو علة فى ذاته نرد بها هذا الحديث كلية، والحقيقة أن الذهول والعجب يتملكنا، كيف أخرج البخاري هذه الخرافات؟ وكيف لم يردها عليه كل الشراح والنقاد؟ بل كيف دافعوا ونافحوا عن ضلالاتها؟ بل إننا نستطيع أن نستبين فحش الكذب فى الرواية من خلال استقراء بسيط لمكانة «آية الكرسي« منذ نزلت في أوائل الهجرة للمدينة، وذلك بأحاديث صحيحة علمها للمسلمين سيد الخلق المنزل عليه القرآن.”
ويضيف إسلام:”وأخيرا فقد أبى من دس هذه الخرافة أن يختمها إلا بعلة قادحة فى الحديث، فباستقراء الحديث نجد أن به إدراج -كلام من الرواة- ليس من أصله، وهناك اضطراب ظاهر شديد فيه، فيقول النص: «وَكَانُواْ أَحْرَصَ شَيءٍ عَلَى الخَيْرِ»، فالمفترض هنا أن يقول الصحابي «وكنا أحرص الناس» ولا يقول «وكانوا»، وهو ما أشار له «ابن حجر» على استحياء في «فتح الباري» ولم يعقب على هذا الإدراج الظاهر إلا بقول هامس لم يتوقف فيه، وذلك من التكلف الشديد فى الدفاع عن هذا الحديث الواهي الذي أخرجه البخاري” . انتهى من موقع اليوم السابع.
ونحن بدورنا نكتفي بإيراد هذه النماذج فهي تكفي طالب الحق ليعرف الحقيقة، هي تكفيه إن كان له قلب وألقى السمع وهو شهيد، قبل أن ننتقل إلى الفصل الأخير من هذا الكتاب لمناقشة مدى أصالة هذا الكتاب وما علاقته بالشيخ البخاري المنسوب إليه لنقف على الحقيقة الصادمة ولندق في نعش صحيح البخاري آخر مسمار.