مشاوي كباب … والحكومة الرشيدة
مشاوي كباب … والحكومة الرشيدة
لم تعد تجدي الحروف العابرة
ولا الكلام
كلما فكرت ان اضع الملامح حول تلك
تلك الصفحة الفارغة
لم اجد الكلام
مرحبا بألم
مرحبا بأمل
لا اريد ان اعبر عليكم اليوم لأكرر ما سيقال في كل مرة ، ولن اكرس الظنيات ، ولن ابحث عمن سنحمله المسئولية فيما يمر به المواطن المطحون في هذه الأرض ، حيث لم يعد لأي مواطن قصة تروى سوى :
اريد ان أعيش ،
هل هناك أمل ؟
هل هناك أمل ؟
عندما جاءني ذلك الاتصال من صديق عزيز الصحفي (معتز الميسوري ) …
يخبرني انه يفتقد تلك الكلمات ، ولان قلمي مازال يفتقد المحبرة ، قررت ان استخدم قلمي الآخر والخاص ،
لأكتب له ولكم قصة ، سمعتها ذات يوم عن الحكومة الرشيدة ، التي تتميز بتلك الأمانة الشديدة ، والدقة الرشيدة ، وحسن التدبير الذي يصل لحد من حدود … …دعوني لا اكمل الكلمة ،حتى لا تذهب احداث تلك القصة ،
عزيزي العزيز
اقرأها معي واسمعها من داخلك ،
قصة الحكومة الرشيدة ومشاوي الكباب :
عندما تشكلت وزارة الحكم الرشيد ، بعد إزالة تلك الحكومة الفاسدة ، بدا ان الأمور تسير الى الامام ، فقد تم اختيار قيادات عُرفت بالنزاهة الشديدة ، وبصمة السجدة على جبينه عتيدة ، ولا تفارقهم كلمات الاستغفار ، حيث تدندن دندنة عجيبة ….
سارت الاعمال سيرها الذي إعتاده الناس في بداية أي حكم جديد ،
يُلغى كل ما له علاقة بمن سبقوهم في مقاعد السيادة ، هذا دأبهم ظنا ان ابليس قد بصق في قرارات السابقين ، وتنفس في صفحات تلك الأوراق ،
والامر هكذا تفاءل الناس بالخير العظيم ، ومرت بهم الأيام ،
فقد كل موظف ما كان يتحصله من مصلحة (فاسدة ) ،
التزم كل موظف بمهامه حذرا و محذرا ، في مكاتبهم يتنازعهم الكرسي في المقام ،
والحمد لله
صارت المعاملة التي تستغرق أياما ،
زاد الوقت قليلا ،ربما أسبوعا او يزيد ،
اذ صارت المعاملة تسير وفق النظام ، بلا عبث ولا تضليل ،
نعم تأكد للناس انه لا احد يجرؤ ان يتجاوز النظام،
ولا يُقبل من احد رشوة او مجاملة او تضليل ،
الكل يسير وفق النظام والقواعد ،
ربما فقط يحدث بعض التجاوز،
الا انه مقبول ، حيث والامر يخص الاولياء ، الاتقياء ،والبركة ، الذين تبرز في ملامحهم سمة الايمان ، ويغرقهم الزهد في جماله باتزان ، فسبحان الرحمن .. ،
في ذات الأيام أُبلغت إدارة من إدارة الوزارة في احدى المحافظات الكبيرة ، بأن الوزير حفظه الله ورعاه وسدد خطاه ، قرر ان يزور مكاتب الوزارة في المحافظات مبتدئا بتلك المحافظة تحديدا ، وهي المحافظة الأهم اليوم في كل الأمور ،
والهدف اطلاق رؤية الحكومة الرشيدة في دعم الوطن والمواطن ، والتخلص من ارث الماضي ، وعراقيل الحاضر ، للوصول الى مستقبل مشرق مغرد بالآمال …
وصل خبر زيارة معالي الوزير الى مدير مكتب الوزارة ، الذي اجتمع بطاقم عمله ، لتنظيم زيارة معاليه ، والاطلاع على ما سيقدمه أعضاء المكتب من مقترحات تضاف الى رؤية الحكومة الرشيدة ، وبعد ان قارب الاجتماع على النفاذ ، اقترح مدير العلاقات ، بناء على وجود بند للضيافة في الموازنة ، ان يتم ضيافة معالي الوزير بضيافة مقبولة ومتواضعة ، لا تحمل سمات الماضي ، وتعبر عن الترشيد في استخدام الموارد ، وبعد نقاش ليس بالطويل ، اتفق الحضور ان تكون ضيافة الوزير مشاوي كباب تركي الشهيرة ، وهي وجبة مميزة وبسعرها يناسب الميزانية ، ويدعم التوجه للترشيد ، بدون اخلال بآداب الضيافة ، وبعد ان تم الموافقة على هذه الضيافة ، اقرت موازنتها ان تكون نصف طبق كباب للضيوف ومضيفيهم ، انه لأمر يعبر عن التواضع والحرص على المال العام ، وهكذا كان …
في موعد الزيارة ،
تم تأكيد طلب مشاوي الكباب ، وفي انتظار زيارة معاليه ، وبعد مضي ساعتين على موعد الزيارة ، اُبلغ المكتب بأن امرا طارئا حدث يؤجل الزيارة الى يوم آخر يحدد موعده لاحقا ، فور وصول هذا الخبر ، طلب المدير العام فورا من مدير العلاقات الغاء طلبية الكباب ، الا انه ابلغه ان الامر مستحيل ، وقد تم سداد القيمة وماهي الا ساعة وتصل الينا ،بهذا ، طلب المدير اجتماعا لقيادة المكتب ، وحضر الجميع ، وتبادلوا المقترحات ، و وصل الجميع الى قرار ، ان يتم حفظ الكباب في الثلاجة ، انه من المال العام ، حتى موعد زيارة الوزير ، ومن اجل استمرارية الحفاظ على تلك الوجبة المهمة ، تم تفعيل دوام مسائي لمراقبة الكباب في الثلاجة ، و ربطها بالمولد الخاص بالمكتب حال اطفئت الكهرباء ، وهي عادة الكهرباء ! ومن باب الحماية والحرص على المال العام ، اضيف دوام آخر لمتابعة أي دخول او خروج الى الثلاجة ، منعا من لأي محاولة متطفلة للعبث بالمال العام الذي تمثله تلك الوجبة … وهكذا كان ،
مر الأسبوع الأول ، فالثاني ، فالثالث ،
في الأسبوع الرابع الذي قرر فيه المدير العام اجتماعا لرفع تقرير عن وضع الوجبة ، كان الوزير قد اقبل عليهم ، واستقبله مكتب الوزارة باستعداد مثالي ، غير مسبوق ، وبعد ان وضع الوزير رؤية الحكومة الرشيدة ، استمع الى عرض الحضور عن ملاحظاتهم ، ثم استمع لما حدث من تفاصيل عن قصة نجاح المكتب في الحفاظ على المال العام ، والتي شملتها قصة مشاوي الكباب ، والتي استمع الوزير اليها وهو يبستم متهللا بذلك التصرف الذي ينم على الحرص والدقة ، وحماية المال العام ، وتحرك بعدها الوزير الى مكان الثلاجة والتي اطلق عليها في التقرير ،
لجنة مراقبة مشاوي كباب زيارة معالي الوزير ،
تابع الوزير تلك الإجراءات بسرور تام ، ولاحظ كيف تم توزيع العمل ،للقيام بالحماية والحفاظ على المال العام الذي تمثل في تلك الوجبة الذهبية .. وحان الوقت الآن لتناول تلك الوجبة التي انتظرت ما يقارب الشهر في انتظار الافتتاح …
أخيرا فتحت الثلاجة ، التي أغلقت بعدة اقفال ،
وظل في حراستها 3 بالتناوب ،
و رأس لجنتها اثنان من افضل الكفاءات المالية في مكتب الوزارة،
وربطت بكهرباء دائمة التشغيل عبر مولد المكتب الاحتياطي ،
نعم فتحت الثلاجة ،
لم يكن في جوفها الا اطباق عبث بها عابث ، ولما نظر الوزير الى عمقها كانت هناك فتحة صغيرة ، غالبا قديمة ، من آثار النظام القديم ..
كانت ممرا آمنا للفئران العابثة التي عبثت بالمال العام ،
لم يشعر بهم احد ، لذا وفورا امر الوزير بتشكيل لجنة تحقيق في الحادثة الكارثية ، وتشكيل لجنة مالية لمعالجة العبث بالمال العام ، ولجنة أخرى لتقديم مقترحات واضحة عن تشكيل فريق للقضاء على الفئران العابثة بالمال العام .
ولان القصة يا صديقي ليست بحاجة لتفسير ،
ربما انت فقط بحاجة لإعادة القراءة والاستماع .
ولأنه ودائما أقول
#اصلح_الله_بالكم
ومحبتي الدائمة
احمد مبارك بشير
30/7/2018
تعليقات على مشاوي كباب :
تعليق الدكتورة هالة كمال (حكاية الشنكل )
السلام عليكم..
قصة مشاوي الكباب، والإصرار العجيب المزعوم علي شكليات ادعاءات الحفاظ علي المال العام في الوقت الذي يتم نهبه والاعتداء عليه بانتظام من حراسه والقائمين عليه؛ اقتناعا منهم بأحقيتهم الكاملة فيه التي لا أعلم لها مصدرا إلا عقولهم الخربة ونواياهم الخبيثة وشهوات الإثراء الغير قابلة للارتواء..
أقول تلك القصة ذكرتني بمشهد تمثيلي عبقري أداه ببراعة كل من الراحلين بطلي الكوميديا الثنائي:
فؤاد المهندس وحسن مصطفي..من فيلم (أرض النفاق) قصة الأديب والروائي الراحل يوسف السباعي -رحمهم الله جميعا-
المشهد الساخر يدور حول موظف/مراقب مالي في إحدي المصالح الحكومية كان قد أهدر مالا ووقتا وجهدا استمر سنوات في القيام بتشكيل لجان ولجان منبثقة للتحقيق في وقوع (مسمار) من شيش في نافذة إحدي الغرف..واستمات الموظف محاولا إقناع رئيسه بفكره الجهبذ ومجهوده الكبير في الحفاظ علي ما اصطلح علي تسميته (المال العام)..!
وأتذكر د. كمال وا.المياحي وحديثهما عن إرثنا الثقيل من ثقافتنا العربية التي تكبل فكر أفراد هذه الأمة، وتهدر طاقاتهم وآمالهم في أي تغيير، أعاننا الله علي مواجهة محاولات الاستماتة الرهيبة التي يبذلها المسؤولون والمعاونون والقائمون علي أمورنا، بل ومعظم الناس من حولنا في الإبقاء علي هذا الإرث وإحياء كافة تفاصيله العقيمة من الحفاظ علي الشكل و(تستيف) المناظر والهيئات والمقامات والملفات والأوراق و..المناصب علي حساب مصالح العامة ومتطلبات حياتهم البسيطة المشروعة..
المهم في كل الأحوال والظروف أن تجري الأمور كلها وفق:
رغبات وتعليمات وتوجيهات السيد الرئيس..
(رئيس العمل) يعني؛)
وغني عن القول هنا أن أي (من الأعمال) التي تصدر بهذا الشكل والتوجه، صعب جدا أن يتصف بال(صلاح).
شكرا لأستاذنا أحمد مبارك بشير
الذي يداوم علي المشاركة الفعالة والكتابة رغم الظروف السياسية المعقدة التي يمر بها اليمن الذي (كان) ونتمني من أعماق قلوبنا أن (يعود) سعيدا..
أعانكم الله
هالة كمال