حمار الحدود – بقلم / سالم باوادي
حمار الحدود –
كتب / سالم باوادي
كان في شطري البلاد يسودان نظامان اقتصاديان مختلفات , الاشتراكي في الجنوب, والراسمالي في الشمال. فمتهن اصحاب المناطق الحدودية بين الشطرين مهنة التهريب للعيش. وكانوا يستخدمون الحمير في هذه العملية , يقوم المهرب بوضع بضاعته على ظهر الحمار ثم يرسله عبر الوادي . والحمار المدرّب جيدا يعرف طريقه حتى يصل إلى مكان الاستلام والتسليم, حيث يجد من هو في انتظاره, وهكذا تسير العملية دواليك. ذهابا وايابا.
وفي احدى الليالي قبضت الشرطة الحدودية على الحمار وهو محمل بالبضاعة المهربة , إذ تهريب البسكويت والصابون والشامبو وما في مثلهم كان في نظر الشرطة تخريب لاقتصاد الوطن.
تحفظت الشرطة على الحمار عن طريق ربطه جنب المركز إذ لا يمكن حبسه, على أمل التعرف على صاحبه ليتم محاسبته. ومع مرور الوقت والحمار ينعم بالمكوث في جوار الأشاوس حماة الحدود , ويأكل من طعامهم ويشرب من مائهم..ولكن العسكر قرروا في الأخير بيع الحمار في سوق (الربوع ) لانَّ مكوثه أصبح مكلفا دون فائذة تذكر.
وبالفعل تم بيع الحمار في السوق . وكان صاحبه ينتظر هذه اللحظة التاريخية, ليقوم بشرائه من المشتري, فهو يعرف حماره جيدا . لا يقدر بثمن. وفي المساء يرسله عبر الوادي ليعود محمل بالبضاعة كالعادة السابقة.
وفعلا تم تحميل الحمار وارساله عبر الوادي وانتظر الرجل الحمار أن يعود بالبضاعة إلى المكان المعتاد, ولكن ذهب الليل ولم يأتي الحمار . تفاجئ الرجل في الصباح عندما علم أن الحمار قد غيرَ وجهته و ذهب بالبضاعة إلى مركز الشرطة . غير معيشة المرء تغير تفكيره.
هذا حال كثير من حمير السياسة في بلادي ,ما يبلغ من العمر عتيّا, إلا وقد طاف على جميع التيارات المتناقضة والمتضاربة, سرعة تغيير الوجهة بكل ما حملت إلى حيث توجد العيشة.
#هبل_تايم