إعداد الصحابة لغياب رسولهم – 4
تابع مركز #تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence
تصحيح أخطائنا التراثية
إعداد الصحابة لغياب رسولهم – 4
فهمنا من سورة المجادلة والحشر بأن الله تعالى كما نظن كان يعد المسلمين لإدارة أمورهم بصورة برلمانية في غياب الرسول الأمين عليه السلام ويسعى لإيجاد التوازن الاقتصادي بين المهاجرين والأنصار. بمعنى أن تفضيل الرسول باعتبار الوحي على بقية المسؤولين السياسيين والإداريين سينتهي بمجرد وفاة الرسول حيث ينقطع الوحي معها. يجب أن تتحول الحياة السياسية إلى حياة برلمانية محضة فلا فرق بين أحد؛ وكل واحد يمكن أن يكون رئيسا. أو وزيرا, أو مستشارا, أو مواطنا عاديا. ولو كانت السورتان تهيئان أصحاب المسؤوليات فإن سورة الممتحنة كانت تهتم ببيان حقوق الناس وإعدادهم ليحكموا أنفسهم بأنفسهم ويشتركوا في صياغة الدساتير والقوانين المناسبة ويعينوا السلطة التنفيذية والقضائية. ولذلك أمر الله تعالى رسوله ليرسل المؤمنات إلى بيوت أهل مكة بعد فتحها ليعرفوا الناس على حقوقهم ويعلموهم أصول دينهم لتعم الثقافة الإسلامية المبنية على الشورى ويعرف كل إنسان أنه لا يحتاج بعد وفاة الرسول إلى ولي أمر متصل بالسماء.
وفي سورة الصف يعد الله تعالى المسلمين ليُكوِّنوا لأنفسهم قوة عسكرية تدافع عنهم وتحفظ لهم دينهم وكرامتهم. يوضح لنا سبحانه في سورة الصف أن الله تعالى يحب أن يرى المؤمنين جميعا صفا واحدا ضد من لا يؤمن بالله تعالى فهم حينئذ يتحولون إلى بنيان مرصوص يستعصي على العدو هزه والتقليص من قوته وصلابته. رأينا في سورة الممتحنة بأن الله تعالى أمر الشعب المسلم بأن ينسوا العداوات والخصومات بينهم ولا يعتبروا إنسانا عدوا لهم إلا إذا رأوه معاديا لله تعالى فهو العدو الحقيقي لهم. لم يأمرهم ربنا بإزالة أحد أو طرده أو حرمانه من حقوقه بل اكتفى بأن أوصاهم ألا يتخذوا أعداء الله أولياء لهم يسرون إليهم بالمودة, حتى يتمكنوا من الاكتفاء بتقوية بنيانهم حتى يخافهم أصحاب المآرب الفاسدة فإنه في سورة الصف يعلمهم أن يوحدوا صفوفهم.
هذا التوحيد لا يمكن أن يتحقق بجد وقوة إلا إذا تركوا الادعاءات الباطلة واهتموا بالحقائق وبأن يضع كل فرد أو مجموعة نفسه أو تجمعه في المكان المناسب له دون زيف. وأمرهم ربهم سبحانه بأن يوحدوا أهدافهم لتصير أهدافا إلهية وليست أهدافا بشرية دنيوية لكسب المزيد من السلطة والمال. أنبأهم الله تعالى بأن سياسة الله تعالى في إدارة شؤون الناس عن طريق الناس أنفسهم لم تتغير بل بقيت على ما كانت عليه منذ أيام موسى وعيسى. لكن المشكلة في الشعوب التي لم تكن مستعدة ولذلك أنزل الله تعالى أنبياء بعد موسى لإكمال رحلة التثقيف العام. فلما جاء المسيح بدأ دور جديد وأراد الله تعالى أن يوقف الرسالات فترة من الزمن لأهداف عنده. يمكننا أن نظن بأنه تعالى كان يريد اختبار الأمة المؤمنة من البشر في غياب الرسل الكرام ليرى مدى استعدادهم للتضحية في سبيل الأمة وفي سبيل ربهم.
ولذلك قال المسيح بأن لا نبي بعده ولكنه بشرهم بظهور نبي بعد فترة واسمه أحمد. هذا الاسم هو اسم على مسمى وليس اسما اعتباريا عاديا. ذلك لأن الرسول المبشر به سوف يكون خاتم النبيين وسوف يتوقف الوحي بعده حتى يوم القيامة بمعنى أن الناس سيكونون أكثر تطورا عنده. هكذا سوف يستلم الوحي العام الباقي ولذلك سوف يكون كثير الحمد لله تعالى فاسمه أحمد باعتبار رسالته الكبرى وباعتبار ظهوره في مرحلة عظيمة ليربي الناس على أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم ولا ينتظروا المزيد من وحي السماء.
وضح سبحانه في السورة الإعدادية هذه، لبني إسرائيل ولكل من يسمع، بأن محمدا هو امتداد لموسى وعيسى ولكن قوم موسى لم يتبعوا رسولهم وقاموا بإيذائه حتى اضطر ليشكو منهم ويذكرهم بما يعلمون عنه بأنه رسول الله إليهم فأي مساس به قد يُعتبر مساسا بعبادتهم وخلوصهم لربهم الذي اختاره لرسالاته. وأما قوم عيسى فإنهم اتهموه بأن ما يقوله سحر ولعلم القارئ الكريم فإنني أظن بأن السبب الأساسي في تسميتهم مقولات الرسل أحيانا بالسحر ليس هو الهيمنة الكلامية التي يتميز بها الذي يرتبط بالوحي ولا ما يأتي به بعضهم من حركات غير عادية بل هو ما وضحه الله تعالى نفسه لنا في سورة ص: كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ (3) وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5). يتعجبون من شخص يأتي ويقول لهم بأن لا إله إلا الله. وقد ناقشت هندوسيا ذات مرة عن السبب في اعتقادهم بالآلهة فقال لي بأن العمل كبير جدا ولا يمكن لفرد أن يأتي به. فنحتاج إلى إله للخلق وإله للهواء وإله للضياء وإله للماء وهلم جرا. ونحتاج إلى بيان الموضوع ولكن ليس في هذه المقالة التي نسعى فيها لفهم الإعدادات التي سبقت ختم النبوة بإذن الله تعالى. ولكن باختصار فإن موضوع عودة كل الأمور إلى الواحد الأحد ليس قابلا للقبول عند كافة الناس بل هو أمر حقيقي ولكن فهمه في غاية التعقيد فنحتاج إلى مزيد من البيانات التي لا تسعها هذه المقالة.
وإن أهم مسألة يريد الله تعالى أن يعالجها للناس في هذه السورة هي أن الحاجة إلى الرسل مؤقتة وليست دائمة كما أظن. تقول السورة بأن هناك وراء ما يرونه إرادة إلهية جازمة لا يمكن صدها إطلاقا وهي أن يتطور الناس بأنفسهم فيصير كل فرد نبيا لنفسه ويصير كتاب السماء رسولا يبقى بينهم ليصحح أخطاءهم ولن يكون للبشر دور كبير في هدايتهم أو بسط العدالة بينهم بممارسة الحكم والقضاء بين عباد الله تعالى. فالسورة مهتمة بالآية التالية: يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8). تقول الآية الكريمة بأن ما يرونه من رسل يأتون فهم يشاهدون في الواقع نورا سماويا يوضح حقائق الوجود حسب تطور الناس شيئا فشيئا ليتعرفوا على الإله الواحد ويشعروا بعدم الحاجة إلى غيره في مسألة الهدى. ولذلك قال تعالى بعدها: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9). لسان حال الآية الكريمة هو أن ما يراه الناس من رسل فهم يترجمون نورا سماويا بلغة قومهم فحسب. الأديان السماوية الثلاثة ليست أنوارا موسوية أو عيسوية أو محمدية؛ كلا، بل هي كلها نور إلهي واحد والمرسِل هو الواحد الأحد جل جلاله والهدف واحد.
وليس المقصود من الدين كله هو تفوق الإسلام على الديانتين السماويتين بظني القاصر. بل المقصود هو تفوق دين الله تعالى على بقية الأديان؛ فالكل مدينون في واقع أمرهم لله وحده وما يرونه ليست إلا أدوات توضيحية مساعدة لهم فقط. قال تعالى في سورة الأنفال: قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40). الهدف الأساسي هو أن يشعر الجميع بأنهم مدينون لله وحده وليسوا مدينين للرسل عليهم السلام ولا لغير الرسل. هذه هي دعوة كل أنبياء الله تعالى واختلاف الدعوات باعتبار التطور البشري فقط. بمعنى أن نوحا أيضا سعى ليكون الدين كله لله وموسى وعيسى سعيا لنفس الشيء ومحمد يسعى لنفس الأمر.
فهدف الرسالات السماوية هو أن يكون الدين كله لله لا لغيره إطلاقا. وفائدة ذلك هو أنهم لو أذعنوا لحقيقة الدين فسوف يغفر الله تعالى لهم ذنوبهم وينجيهم من العذاب الحق يوم القيامة ويدخلهم جنات النعيم، إضافة إلى الفوائد الدنيوية. وأما منهج الوصول إلى أن يكون الدين كله لله فهو في أن يوحد الناس أهدافهم لتكون أهدافا إلهية ترتبط بإرضاء ربهم وليست أهدافا بشرية ترتبط بحماية الوطن والممتلكات والأعراض. هناك سوف يكسبون الدنيا والآخرة وبالنسبة لقوم رسولنا الأمين فسوف يفتحون مكة ويستولون على القوة القومية في ملك المزار الأعظم المتمثل في المسجد الحرام وتوابعه.
فلو يسعى الناس لإرضاء ربهم وينسوا أنفسهم وأموالهم وأهليهم فسوف يكسبوا أنفسهم وأموالهم وأهليهم وأوطانهم ولكنهم لو يسعوا لمكاسبهم الشخصية والقومية والوطنية فسوف لا يكسبوا حماية الله تعالى. مشكلة أمتنا أنها لا تعرف ذلك فتسعى لمكاسبها الشخصية والقومية و الوطنية وتسميها سبيل الله وهي ليست سبيل الله في الواقع. هي سبلنا نحن البشر فليس لنا أن ننتظر عناية الرحمن الخاصة لو لم نخلص له وحده ناسين أوطاننا وأهلينا وأنفسنا وكذلك مقدساتنا ورسلنا وكل ما نؤمن به خارج إطار الألوهية الحاكمة فعلا. نحن جهلا منا نتبع الظنون وننسى الحقيقة المطلقة التي لا تتعدى الخالق العظيم الذي يملك كل المتغيرات وبيده كل المفاتيح. وفي هذا المجال أنقل جملة طيبة من إحدى رسائل الإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة: فَإِنَّ الْبُخْلَ وَ الْجُبْنَ وَ الْحِرْصَ غَرَائِزُ شَتَّى يَجْمَعُهَا سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ.
يجب أن نحسن الظن بالله تعالى لنرى منه تعالى دفاعه عنا. قال تعالى في سورة الحج: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ (41). واسمحوا لي أن أتساءل هل يأتي يوم يعرف فيه إخواننا وأخواتنا كيفية استدرار رحمة الله تعالى؟ أتمنى ذلك ولكننا اليوم لسنا كذلك مع الأسف.
فلنمعن في سورة الصف مرة أخرى لنرى الله تعالى كيف يعلِّمنا استمطار رحمته: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (13).
تؤمنون بالله وبرسول الله. لكننا نحن نؤمن بالله وبمحمد بن عبد الله. نؤمن بهما ولا نؤمن بأن محمدا أخ لنا ولكنه حمل رسالة ربنا إلينا لأننا نعرف لغته ونشعر بالحب الأخوي له. محمد أخونا كما كان نوح أخا لقومه وموسى أخا لقومه وعيسى أخا لقومه وكذلك إبراهيم وهود ويونس وكل النبيين المرسلين الذين كانوا إخواننا لقومهم وإخوانا لنا جميعا. هل نعرف بأننا لو وصفنا أخانا الكبير بالسيادة فعلينا بأن نعني السيادة الدنيوية المحضة التي لا يمكنها أن تصلنا بعد وفاته؟ لكننا حينما نخاطب ربنا بالمولى والسيد فهو المولى الدائم والسيد المطلق الذي خلقنا ورزقنا ومنحنا إخوانا طيبين وأكرمهم وأكرمنا بأن أرسلهم إلينا ليطمئن آباؤنا إليهم في حياتهم وينقلوا لنا ما أوحى الله إليهم وإلينا.
فعلينا حقا أن نؤمن بالله؛ وبرسوله؛ ونجاهد في سبيل الله لا في سبيل رسول الله حتى لو كان الرسول بين ظهرانينا؛ نجاهد في سبيل المالك الحق بأموالنا وأنفسنا. إنه هو المالك الحقيقي لكل من وما دونه. أظن بأن من يفكر فقد عرف الآن معنى قوله تعالى: ذلك خير لكم. بالطبع خير لنا إن كنا نعلم وليس خيرا لنا إن كنا لا نعلم. إذن نحتاج إلى علم لنعرف بأن ذلك خير لنا. فكيف يكون خيرا لنا؟ لنبدأ دراسة القضية فنستهل بما نتطلع إليه. نحن نبحث عن حياة طيبة في الدنيا وحياة كريمة خالدة في الآخرة. كلتا الحاجتين تتحققان بالعودة إلى الله تعالى وحده. قال تعالى في سورة نوح على لسانه عليه السلام: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12). يقول نوح لقومه: استغفروا ربكم. ويعدهم بأنهم لو استغفروا ربهم فإنه سوف يفتح عليهم أبواب السماء وخزائن الأرض ويمدهم بالبنين. بالطبع لا يوجد ذكر عن الآخرة لأن مسألة الآخرة لم تكن واضحة لمن قبل قوم شعيب. هناك القليل من الناس كانوا يعرفون بعض الشيء عن النشأة الآخرة مثل ذي القرنين الذي أظنه كان قبل نوح فلم يكن نبيا ولكنه كان يعرف النشأة الآخرة وهو من أغرب المسائل عندي.
لكن نوحا يعد قومه بأن الله تعالى سوف يمدهم بالخيرات لو استغفروا ربهم. فمن نتائج الاستغفار الصحيح أن يفتح الله تعالى على عبده أبواب الخير الدنيوي علاوة على فوائده في الآخرة. وباختصار فإن الله تعالى هو الرحمن الذي يفيض بالرحمة وهو الكريم الذي يحب أن يساعد عبيده وصنائعه. لكن المشكلة في العوائق التي نقيمها نحن بأوزارنا وآثامنا. فالاستغفار لو كان صحيحا وعن علم فإنه قد يغفر لنا ذنوبنا ومع الغفران تنفتح أبواب الرحمة من جديد. ونرى نوحا يطلب من قومه بأن يستغفروا ربهم ولا يقول لهم استغفروا الله تعالى. ذلك لأنه يريد إفهامهم بأن الله ربنا وهو يتولى أمرنا في الواقع فلو استغفرناه كرب فنحن نعني بأننا نعترف له بالربوبية وبه ننفي ربوبية البشر. ألا ترون بأن فرعون موسى الذي كان مؤمنا بالله ولكنه كان يقول لقومه: أنا ربكم الأعلى. كان فرعون يوحي إلى قومه بأنه ربهم من عند الله تعالى وقد خوله الله لإدارة أمورهم. فتوجيه خطاب الربوبية الكاملة الشاملة لله تعالى عن علم ودراية تعني بأن الشخص ينفي وجود وسائط بينه وبين خالقه وهو ما يريده الله تعالى.
ولو نفينا وجود الوسائط بيننا وبين الله تعالى ربِّنا فنحن نستحق الغفران حينئذ وسوف يغفر لنا ربنا. والآن نعود مرة أخرى إلى آيات الصف المذكورة أعلاه بأن الله تعالى يعد قوم نبينا بأنهم لو جاهدوا في سبيل الله لا في سبيل الوطن والرسول والأهل فإن المغفرة ستكون من نصيبهم ونتيجة ذلك أن يفتحوا مكة في الدنيا ويدخلوا جنات النعيم في الآخرة. فالمسألة التي غفل الناس عنها بسيط جدا ولكنها غير معروفة ومألوفة للناس. ليس تحرير مكة جهادا في سبيل الله ولا تطهير المسجد الحرام من المشركين جهادا في سبيل الله فالمشركون يمكنهم الصلاة في المسجد الحرام حتى بعد الفتح. كان المسلمون في مكة وحينما واجههم الخطر أمرهم ربهم بالهجرة وترك مكة ولم يأمرهم بالجهاد في سبيل الله لدحر المشركين. لم يمنع الله تعالى أحدا من الدفاع عن بيته وأهله ووطنه مع القدرة ولكن ليس ذلك جهادا في سبيل الله. هذا ما يحبه الناس كما قال سبحانه: وأخرى تحبونها، نصر من الله وفتح قريب. الجهاد في سبيل الله يتحقق حينما يأمر الله تعالى وليس حينما نراه نحن ضروريا.
كان الرسول بين ظهرانيهم وكان المسلمون مضطهدين ولم يأمرهم ربهم بالجهاد ولم يسمح لنبيه بأن ينظر في الأمر فيأمر بالجهاد إن شاء. لا توجد آية واحدة يخول الله تعالى أيا من رسله فيها ليحكم بالقتال في سبيل الله. لننظر إلى آية فتح مكة من سورة النساء: وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75). هناك مجموعة مؤمنة مضطهدة في مكة دعت الله تعالى بعقلانية وأدب فلم تقل ربنا أخرج المشركين من مكة لنعيش سالمين بل قالوا: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. هناك سياسة وحكمة ربانية تقضي بأن يبقى المشركون حاكمين على مكة المكرمة فالمؤمنون المستضعفون لا يرون لأنفسهم أي حق في الوقوف أمام تقديرات ربهم ولكنهم يدعون لأنفسهم أن ينجوا من العذاب فقط. يدعون لأنفسهم أن يخرجهم ربهم من القرية الظالم أهلها. مرة أخرى هل يأت يوم يتعلم فيه أتباع الأديان السماوية كيفية الدعاء وكيفية مخاطبة سيد الكائنات جل جلاله؟ هل تتعلم شعوبنا المؤمنة بالله تعالى كيف يراعوا الأدب أمام ربهم؟ مجرد تمنيات قد تبقى تمنيات!!
هل علم القارئ الكريم بأنه يحتاج بأن يتعلم كيف يدعو ربه؟ هناك شروط أخرى للدعاء المستجاب نحتاج إلى أن ندرس سورة مريم لنعرفها بإذن الرحمن عز اسمه. هل الإخوة أصحاب الألقاب الدينية يعرفون دقائق القرآن حتى يسمحوا لأنفسهم بإصدار حكم الجهاد ونسبتها إلى العلي العظيم؟ هل لو سمى أهل الأرض جميعا قتالهم في سبيل تحرير وطنهم قتالا في سبيل الله؛ سيصير ذلك القتال قتالا في سبيل الله؟ هل هم أعظم عند الله من عبده ورسوله محمد عليه السلام؟ قال تعالى في سورة الحج: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40).
من الذين أذن لهم؟ هل هو الله تعالى أم هو عبد الله ورسوله؟ بل هو الله تعالى الذي أذن لهم ليقاتلوا في سبيل تحرير وطنهم وليس الاذن إذنا عاما لكل أحد بل هو إذن لهم. لم يقل ربنا بأنه أذن لكل من يُقاتَل؛ بل قال للذين يقاتَلون. فهو إذن خاص لقضية خاصة وليس إذنا عاما. فما الذي يريد الله تعالى من المسلمين في غياب الوحي؟ ذرونا نقم بتحليل السورة الصغيرة في حجمها الكبيرة في معانيها لعلنا نعرف رسالة الله تعالى لنا. هناك ثلاثة أنبياء هم موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام مع أصحابهم مذكورون في السورة. أمر الله تعالى موسى وقومه للقتال في سبيل الله للسيطرة على الأرض المقدسة ولكنهم لم يستجيبوا لأمر ربهم. ثم جاء عيسى فلم يأمره ربه بالقتال؛ ثم جاء محمد فأمره ربه بالقتال في سبيل الله حتى يتم فتح مكة لتكون عاصمة للمسلمين فاستجاب له قومه وأنجز الله تعالى لهم وعده. كل ذلك إخبار بما حصل أيام الرسل ولكن الله تعالى أمر المسلمين في النهاية بأمر آخر وهو مذكور في آخر السورة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14). هذه هي الوصية الأخيرة لنفس صحابة الرسول الذين أمرهم ربهم يوما ما بالقتال: كونوا أنصار الله كالحوارييّن. هل قاتل الحواريون أم دخلوا حربا ضد أعدائهم؟ كلا، لم يكن هناك قتال ولا أمر بالقتال أيام المسيح. لكن الله سبحانه وتعالى أيد الذين آمنوا بالله ورسوله عيسى بن مريم على الذين كفروا منهم فأصبح المؤمنون مسيطرين على غيرهم بدون قتال. فما هي رسالة الآية الكريمة التي تلخص السورة الكريمة في الواقع بل تلخص نضال ثلاثة من كبار رسل الله تعالى في كوكبنا الأرضي؟
لن يأتي نصر الله تعالى بالقتال والخروج على السلطة الجائرة ولن يأتي نصر الله تعالى بالقتال في سبيل الله فهناك قتال بأمر الله في حرب أحد الدفاعية ولم يأت نصر الله تعالى في المعركة ولا بعدها. بل نصر الله تعالى خاص بالذين ينصرون الله وليس الذين ينصرون أوطانهم وملكهم وأنفسهم. لم يقل الحواريون بأنهم أنصار المسيح عيسى بن مريم بل قالوا بأنهم أنصار الله تعالى. أرجو ممن يريد أن يمعن النظر في سؤال المسيح ثم يقارن بينه وبين جواب الحواريين. هكذا يمكنه أن يعرف مغزى أمر الله تعالى.
قال الله سبحانه للمؤمنين من صحابة نبينا: كونوا أنصار الله.
وقال المسيح لقومه: من أنصاري إلى الله؟
وأجاب الحواريون: نحن أنصار الله ولم يقولوا نحن أنصارك إلى الله.
سؤال المسيح صحيح وجواب الحواريين صحيح أيضا. فلو قال المسيح: من أنصار الله فسيكون قد كبر نفسه وتعالى على قومه بأن اعتبر نفسه هو الله تعالى. إنه يبحث عن من ينصره وهو في سبيله لإعلاء كلمة الله تعالى بما يمكن للبشر أن يقوم به. فهو يجب أن يقول: من أنصاري ولا يجب أن يقول: من أنصار الله. كيف يمكنه أن يميز بين أنصاره وأنصار الله؟ إن نصر قوم المسيح لله مخفي عن غير الله تعالى فهو أمر قلبي بين العباد وربهم. ولذلك يقول المسيح لقومه بأنه لا يدعو إلى نفسه بل يدعو إلى الله ويحتاج إلى من ينصره في سبيل الدعوة إلى الله تعالى. ليس الله محتاجا لمن ينصره وليس غير الله قادرا على أن يطلع على ما في قلب أحد. لكن الذي يتبع المسيح في سبيل المسيح إلى الله فهو ينصر المسيح في سبيله إلى الله.
وأما قومه فقد تعلموا منه عليه السلام ولننظر إلى الجملة الجميلة التي هي كالعلامة المسجلة للمسيح في القرآن الكريم وهي: إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم. هذه الجملة مذكورة ثلاث مرات في القرآن وكلها من قول المسيح. سأذكر جميعها دون شرح راجيا ممن يريد، أن يفكر فيها بنفسه لعله يتعرف على رسالة ربنا في سورة الصف والسر في أنه أمر أصحاب رسولنا أن يكونوا كأنصار المسيح:
-
من سورة آل عمران: إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (51) فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53). أرجو الانتباه بأن الذين طلبوا شهادة الله بأنهم مسلمون هم أتباع المسيح الذين قالوا ذلك قبل ظهور الإسلام بحوالي ستة قرون.
-
من سورة مريم: مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37).
-
من سورة الزخرف: وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (63) إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (64) فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ (65).
ولكم إخواني وأخواتي أن تمسحوا الأرض كلها لتروا بأن الاسلام انتشر بسعة بالتعارف والتبادل التجاري وليس بالسيف. إن أكبر تجمع للمسلمين في العالم هو في أندونيسيا يليها الهند وكلاهما أسلم من أسلم فيهما عن طريق التجار وليس عن طريق المحاربين القتلة السفاكين. ليست الفتوحات الإسلامية إسلامية وإنما هي فتوحات بربرية قام بها طواغيت الأرض ولا دخل لها بالإسلام. إنهم كانوا مسلمين واستعملوا اسم الاسلام ليستولوا به على الرقاب. ولو ندرس حكايات القتلة السفاكين الذين حاربوا أمم الأرض ليسرقوا وينهبوا ويستولوا على البنات والنساء فسنرى بأنهم هم الذين أوقفوا انتشار الإسلام الحقيقي. فحتى يومنا هذا فإن المسيحية أكثر انتشارا في الأرض من الاسلام. لم يصن الله تعالى إنجيل المسيح بل اختفى اختفاء كاملا ولكنه صان قرآن محمد. هذا القرآن العظيم كان قادرا على الانتشار في الأرض بالحسنى ولكن الفتوحات البربرية للقتلة من المسلمين أوقفت انتشار الاسلام. لقد وعد الله تعالى أن يجعل الذين اتبعوا المسيح فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة والمسيح هو الذي بشر بظهور النبي محمد كما قرأناه في سورة الصف. قال تعالى في سورة آل عمران: وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55).
الذين اتبعوا المسيح في الآية الكريمة أعلاه هم المسيحيون والمسلمون جميعا والمستثنى منهم هم الذين لم يرضوا باتباع دين المسيح من اليهود وكل من يعتنق اليهودية فهو غير مشمول بالآية الكريمة. ولا يظنن أحد بأن محمدا عليه السلام كان مشركا والعياذ بالله بل كان مؤمنا بديانة السماء وهي المسيحية ولا يظنن أحد بأن السيدة الفاضلة خديجة بنت خويلد كانت ترضى بالزواج مع من لم يدن بدين الله تعالى وهو النصرانية أو المسيحية في ذلك اليوم. لا يهمني الأسماء ولا أهتم بتفصيلات المؤرخين فأنا أقصد الذين اتبعوا المسيح بن مريم وهم المسيحيون وإيانا. ولكن الله تعالى وعد بأن يجعل الذين اتبعوا المسيح فوق الذين كفروا فمن أراد أن يستفيد من وعد ربه فليلبِّ دعوة المسيح ومحمد عليهما السلام فبقدر ما نتبعهما فنحن نكسب الفوقية في الدنيا والآخرة. اتباع محمد هو اتباع للمسيح أيضا كما هو اتباع لكل أنبياء الله عليهم جميعا سلام الله تعالى.
لكن هناك خصوصية للمسيح وهو برأيي ما يريده الله تعالى. تلك هي أن المسيح لم يُؤمر بخوض المعارك وبأن المسيح كان يسعى لنشر السلام والسلامة والعلم بين البشر وهو الطريق التي يجب أن تبقى معمولا بها حتى يوم القيامة. ليس من حقنا نحن البشر أن نفضل رسولا على رسول بل هو من حق الله تعالى وحده وهو لم يقل شيئا من ذلك في القرآن فكلهم بالنسبة لنا بدرجة واحدة. لكن الدعوة المسيحية قابلة للبقاء والدعوة الموسوية والمحمدية كانت تضم شقين. شق مؤقت وهو الحرب وشق دائم وهو السلام. فليس لنا أن نتبع شق الحروب لأن الوحي مقطوع اليوم وأما شق السلام فهو مشترك بين كل الرسل الكرام. ولذلك قال تعالى لصحابة نبينا: كونوا أنصار الله بالشكل الذي قاله الحواريون. وما عليكم من نشر الإسلام بالسيف فإن الله تعالى هو الذي سينشر دينه والسيف مانع وليس مساعدا. أرجو أن يفهم المسلمون ذلك.
أحمد المُهري
29/5/2017