العملاق القزم, والألماس السائل, والرسول المعصوم, والعجز عن إدراك التناقض
العملاق القزم, والألماس السائل, والرسول المعصوم, والعجز عن إدراك التناقض
يشيع في اللغة الإنجليزية استخدام تعبير “a contradiction in terms“, وهو تعبير يستخدم للإشارة إلى تلك العبارات التي تتألف من كلمات يناقض بعضها البعض. مثال على ذلك, عبارة “العملاق القزم”, أو “الألماس السائل”. لا توجد عمالقة أقزام مثلما لا يوجد ألماس سائل. لا يمكن إضفاء صفة مثل “قزم” على اسم مثل “عملاق” حيث إن الأولى تتناقض مع الثانية. لا يوجد كذلك “ألماس سائل”. الألماس مادة صلبة. وعليه, فعبارة “ألماس سائل” عبارة لا معنى لها حيث تتناقض الكلمة الأولى منها مع الكلمة الثانية منها. لا تختلف عبارة “الرسول المعصوم”, بدورها, عن عبارة “العملاق القزم” أو “الألماس السائل”. الرسل بشر, والبشر خطاؤون. لا توجد بشر لا تخطيء, والقول بأن هناك “بشر لا تخطيء” هو قول لا معنى له.
المشكلة, وهي حقًا مشكلة, أنه على حين لا يحتاج المستمع في الثقافة الإنجليزية عند سماع عبارة من هذا النوع إلى أكثر من لفت نظر المتحدث إلى “خطأ” ما يقول وبذا ينتهي الأمر, فإن “لفت نظر” المتحدث في الثقافة العربية إلى هذا “التناقض” يكاد يكون عديم الفائدة. يعود ذلك, طبعًا, إلى عجز أبناء الثقافة العربية عن إدراك التناقض عجزًا يقترب من أن يكون عجزًا كاملاً, شاملاً, مطبقًا لا مهرب منه. ومع ذلك, فلا يأس مع الحياة, ولا حياة مع اليأس. وعليه, فالرسل بشر, والبشر خطاؤون, والقول بأن الرسل لا تخطيء قول لا يتفق مع بشريتهم. لا توجد عمالقة أقزام, ولا ألماس سائل, ولا رسل لا تخطيء. هذه عبارات تتناقض الكلمة الأولى منها مع الكلمة الثانية منها. وكأن ما تقوله هذه الرسالة الصغيرة هي أنه لا يوجد بشر لا تخطيء. لا عيسى, ولا موسى, ولا محمد, ولا أي بني آدم على الإطلاق. الوحيد الذي لا يخطيء أبدًا أبدًا هو خالق هذا الكون ولا أحد سواه.
والحمد لله على ما آتانا وما لم يؤتنا, وما أعطانا ولم يعطنا.
25 سبتمبر 2014
#تطوير_الفقه_الاسلامي
https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/