مازال السؤال الذي توقفنا عنده في المقال السابق لماذا الاقتصاد ؟
أشرت أن الاقتصاد هو الضلع الأهم من اضلاع القوة ..
الحياة الإنسانية قائمة على تلبية مجموعة من الاحتياجات عبر استخدام الموارد المتاحة، بما تمتلكه من قدرة ومعرفة للحصول على الوفرة في حياتهم …
لو قرأنا التاريخ كله ، لوجدنا أن الحروب والتوسعات كان الهدف الرئيس منها أولا هو السيطرة على مقدرات تلك المناطق المحتلة او السيطرة على طرق النقل برية أو بحرية … والآن الجوية ..
وكما تعرفون كانت طرق التجارة في الماضي تحت سيطرة العرب فالمسلمين ، وجاءت دور الاستعمار لتسطير على تلك الطرق والموارد المتاحة في تلك المناطق ، ومع تطور الانسان وحضارته وبدأت عجلة التطور تدور رحاها بسرعة البرق بعد الإسلام ، ومن ثم بعد النهضة الاوربية وتلاها الثورة الصناعية فالثورة الإنسانية للحصول على حرياته ثم الحروب الكبرى ثم جاءت الثورة المعلوماتية وثورة الاتصالات …
كل مرحلة هي جزء مهم في تاريخ الإنسانية المشترك ، لا احد يمكنه ان يقول ان أوربا كانت شيئا قبل مئتي عام من الآن ، فطريقة إدارة الاقتصاد في حينها كانت تعتمد على الأدوات التي وضعت في القرون التي سبقتها وهي آليات معقدة مقارنة بالأحدث ولا يعني انها انتهت بل تطورت .
في الماضي كانت ركيزة العمل الاقتصادي قائمة على دورة المقايضة بما تلمكه والحاجة لدى الطرف الثاني والذي يمتلك شيئاً أنت تملكه وهو بحاجته ، دورة صغيرة ورغم هذا كانت تمر بأدوار وبحار … ولكن الإنسان يريد أن يحصل على أشياء مختلفة ولذا لم تطور الفكر في الوصول الى شيء ذا قيمة مشتركة يقبلها جميع البشر فكان الذهب والفضة تلك السلعة المدرة التي تحمل القيمة في ذاتها فصارت النقود ، ودارت الدورة وتطورت الأدوات ولم يعد من المجدي حمل الذهب والفضة للحصول على المنافع فولدت الصكوك فالسندات فالنقود المعتمدة (البنكنوت) ….
وبدأت تتشكل الدورة الاقتصادية بصورة واضحة اليوم ، النقود تدور في دورة الحياة لتلبية متطلباتها وتعود مرة أخرى ، من حيث بدأت وبصورة طبيعية الدورة الاقتصادية تكتمل بدورة النقد ، وهي ترتقي من دورة الى أخرى أو تنكمش لدورة أدنى ، من دورة النمو (الوفرة) أو دورة الانكماش (العجز) .
ولابد من إيجاد وسيلة لمراقبة تلك الدورة فولدت البنوك ، وتم ربط البنوك بالنوك المركزية وتم ربط البنوك المركزية بالبنك الدولي وصندوق النقد ..
تدخلت القوى الكبرى التي تعلمت أن هناك وسائل للحصول على الرفاه الاقتصادي باستخدام أدوات القوى الاقتصادية ,,,
و منذ أوائل القرن التاسع عشر حتى بداية الحرب الأولى، كانت لندن هي المستقر العالمي للعملات الدولية، وبالتالي مركز الثقل للمبادلات التجارية والتحويلات المالية الدولية، وذلك لما لديها من ذهب إلى جانب احتلالها لمناطق كثيرة في العالم (المملكة التي لم تغب عنها الشمس ) وعلى أساس قاعدة الذهب استمرت قوة العملة في العالم والى اليوم وقبل أن تتدخل أمريكا .
ولما بدأت محادثات (بريتون وودز) سنة 1944 تحت رعاية الأمم المتحدة، بغرض وضع مسودة النظام النقدي الدولي، اقترحت بريطانيا أن يوضع نظام لإصدار النقد العالمي يكون مرتبطًا بلجنة دولية لها حق الإشراف على ثبات أسعار الصرف (اتحاد المدفوعات الدولي)، لكن إصرار أمريكا (أمريكا ياعم مين قدها !!) جعل حق الإشراف للمصرف المركزي الأمريكي. واستقر الدولار حينئذٍ ليكون هو النقد الوحيد الذي يصلح لأن يكون أداة التبديل بالذهب…..(يا الله بمليون دولار …مين يسلفني !!)
وكما ذكرنا سيطرت الولايات المتحدة بعملتها النقدية الدولار الأمريكي على سوق النقد ، وصارت كل احتياطي العالم تقاس بالدولار … وذلك وفق قرار نيكسون في 1971 يقضي بإلغاء تبديل الدولار بالذهب …. وانتقل العالم إلى مرحلة جديدة في نظامه النقدي وهي مرحلة هيمنة الدولار، وإلغاء الارتكاز إلى قاعدة الصرف بالذهب، حيث صار الذهب مجرد سلعة كباقي السلع التجارية، واستقر الحال لأن يكون الدولار هو قاعدة النقد، وعلى أساسه تثبت أسعار الصرف، وصارت المعاملات المالية وحركات البورصات والمبادلات التجارية، وتقييم أسعار صرف عملات الدول الأخرى مرتبطة بالدولار، ويتبع ذلك أسعار النفط وأسعار الذهب في الأسواق الحرة.
وصار من يريد أن يتعلم يفهم أن اقتصاد السوق اليوم هو اقتصاد أمريكا … وبرزت قاعدة مهمة لا يهم أن يكون هناك عجز في الاقتصاد المحلي ، المهم أن دورة النقد مستمر وتحقق النمو والوفرة بالحصول على الأصول وثبات واستقرار النمو والطلب ،
وبدلاً من البحث عن تلبية الاحتياجات ولدت صناعة الاحتياجات،و ولدت ثقافة الاستهلاك للاستهلاك ، فكم من المنتجات يتم استهلاكها ونحن في الحقيقة لا نحتاجها …كل فكرة تولد في أمريكا تجد له سوقاً في كل مكان … وعجبي!!
برزت تغيرات في العالم مع القرن العشرين وبديات القرن الواحد والعشرين ، أوصلت للعالم كله أنك إلم تتعلم وتعمل ستخرج من دائرة القوة الى دائرة الضعف ومن القدرة الى العجز ومن السيطرة الى التبعية ، فاختر طريقك وسنأتي لذكر تلك المتغيرات …
كل العالم يستشعر خطر سيطرة الدولار الأمريكي على الاحتياطات العالمية ، لماذا ؟
لان قيمة الدولار الأمريكي لا تعود لذات العملة ، بل لأنه دولار الولايات المتحدة . ,فأي شيء سيحدث للولايات المتحدة سيجعل اقتصاد العالم كله يترنح وبنوكهم تغلق أبوابها و أغنياءهم يغنون : يا ليل ياليل …. فأمريكا على يقين أن العالم سيدافع عن وجودها مهما حدث !
الحروب لن تجدي ، ظل الاتحاد السوفيتي شوكة في حلق أمريكا … لكنها لن تجازف بحربه بصورة مباشرة ، والكل يعلم ذلك ، وبدأت معركة تكسير العظام أو الحرب الباردة التي راح ضحيتها الاتباع وليس الكبار …
قوة الاتحاد السوفيتي كانت سياسية وعسكرية ولم تكن اقتصادية .. فانهياره جاء كابوساً على اتباعه ،
فعلمت المانيا التي انهزمت في الحرب العالمية مرتين أن تبدأ معركتها بصورة افضل ومع فرنسا ثم بقية دول أوربا ، لأنها تعلمت .. تطورت … وبدأت تولد فكرة اقتصادية جبارة الاتحاد الأوربي الذي ولد ليكون رقماً في القوة الاقتصادية الكبرى في العالم ولكنه مازال ينمو ..مازال .. وعوامل النجاح له ستبرز في المعركة طويلة الاجل …
ولدت فكرة في العالم الإسلامي وهي تنمو الآن … ربما!!
ولدت تلك فكرة #الدينار_الذهبي_الإسلامي الذي ستقوم ماليزيا بإصداره إلى البروفيسور #عمر_إبراهيم_فاديلو ، رئيس دار سك العملات الإسلامية ومؤسس شركة الدينار الإلكتروني في دبي، ومؤسس منظمة المرابطين الدولية التي أسست عام 1983 في جنوب أفريقيا ولها انتشار واسع في جنوب أفريقيا وأوروبا. وتعتقد منظمة المرابطين أن وحدة العالم الإسلامي لا يمكن تحقيقها إلا بالعمل الاقتصادي الموحد.
الفكرة ببساطة لا تعني أننا سنحمل الذهب بأيدينا ، وستجدني معلق صرة ذهب عن يميني ، واتناول منها بعض الدنانير … الفكرة ببساطة تعتمد على إعادة صك دنانير ذهبية ، وجعل كل البنوك المركزية الإسلامية تعتمد عليها كاحتياطي نقدي وجعلها هي الغطاء الأساسي لعملتها الورقية ، وجعل الاحتياطي من هذه العملة في بنك مركزي إسلامي يكون مقره ماليزيا مثلاً ، بمعنى بأن تتبنى الحكومات الإسلامية خطة تحتفظ بموجبها بالذهب في بيت مقاصة أو في بنك مركزي، على أن يجري استغلال هذا الذهب في تسوية الحسابات التجارية (ميزان المدفوعات ) بين تلك الحكومات بدلاً من الاستعانة بأسواق الصرف الأجنبي والمؤسسات المالية الغربية.
وقد تم صك أول دينار إسلامي وأول درهم في 1992 ، ويتم حاليا التداول في العديد من دول العالم بشكل مباشر بنحو 100 ألف دينار ذهبي إسلامي و250 ألف درهم فضي تم سكها من قبل الشركة، بأمل أن تحل في مرحلة لاحقة مكان الدولار الأمريكي لتسوية الحسابات التجارية بين الدول الإسلامية التي يبلغ تعداد سكانها نحو 1.3 مليار نسمة. (وهذا مانرجوه)
وقد تطورت فكرة الدينار في عام 1997 ليتم وضعها في إطار مصرفي عن طريق إطلاق ما يسمى بالدينار الإلكتروني، وهو نظام تبادل يستعمل فيه الذهب كنقد من خلال معاملات تجرى عبر شبكة الإنترنت.
وتقول شركة إي دينار المحدودة التي تتخذ من جزيرة لابوان الماليزية مقرها:
إن حجم التعاملات الإلكترونية في الدينار الذهبي الإسلامي عبر الإنترنت وصل حاليا إلى ما يوازي أربعة أطنان من الذهب، وإن نسبة المتعاملين تنمو بمعدل 10% شهريا….
وكما يقول السيد عمر :
إن نظام الدينار الذهبي يستهدف تقليص هيمنة الدولار الأمريكي وإعادة استخدام الذهب كعملة دولية في العالم بدلا منه؛ لأن أسعار العملات الورقية في تذبذب مستمر وليست كالذهب الذي يحمل قيمته وثمنه من خلال امتلاكه كمعدن ثمين
وبدأت دول العالم تفكر في وضع منظومة اقتصادية …. أخيراً ….
لماذا نورد هذا ؟
حتى نفهم بالتأكيد هناك ضغط ومؤامرة لإيقافك عن الحركة ، متى استسلمت لها هنا وقعت في الفخ ، البدائل المتاحة هي باستخدام القوة المحركة الدافعة وهي الأسباب التي أدت لنجاح الآخرين …
ولأني مازلت في المقدمات ..و لكي ابدأ معكم في التقدم للأمام نعرض معاً بعض القواعد التي ستكون أساساً لفهم بعض الأمور ستبقى ورادة في خاطرنا دائما من الآن :
– دائما اكرر التاريخ لا يعيد نفسه وانما الايام دوال بمعنى ان الاسباب تؤدي الى نتائج ان تكررت الاسباب تكررت النتائج والعكس صحيح … قال تعالى في سورة آل عمران الاية 140 : (وتلك الأيام نداولها بين الناس) ..
فالدوال أي الشيء الذي يتم تداوله وتبادله كالنقد من يد لأخرى.. بمعنى أوضح لا يمكن ان يتكرر الشيء ذاته وانما يمكن تكرار العمل ذاته ، فالعملة تنتقل من يد ليد ولك انسان استخدامه لها وطريقته فمن كرر استخدامها لنفس الغرض ممن استخدمها سابقا سيحصل على نفس النتيجة،
كمان أوضح ان اردت ان تلعب لأول مرة كرة القدم ستتعلم قواعدها وطريقة لعبها وستبدأ في متابعة المحترفين فيها وتنظر كيف كانوا يلعبونها ، ستشكل نموذجا تكرره عبر ذاتك وتبدأ في اللعب عند ذلك ما تحتاجه للفوز هو ان تتفوق على خصمك فأنت تلعب بنفس قواعده وادواته ، وبالتالي لا يمكن ان تأتي بريفي لأول مرة وتطلبه بتشكيل كرة قدم هذا إن كان يعرف كرة القدم أصلاً (وهذا افتراض )
– على العموم ولتأكيد المعنى بصورة أوضح هناك قاعدة السببية ننظر لقوله تعالى في سورة الكهف : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85))
يوضح الله تعالى إنه مكن لذي القرنين الأسباب التي ستوصله ثم جاءت الاية التالية وهي تبدأ بفاء العاطفة الدالة على التعقيب والسببية ، فذو القرنين استخدم تلك الأسباب والمعنى الم يستخدمها لما وصل فلكل شيئاً سببا .
وبالتالي من اتبع من الناس اياَ كان نهجه ، دينه ، تلك الأسباب وصل للهدف المنشود ومن تعذر (خليه مكانه.. ما بغيناه) … ومحلك سر !!!