هي فوضى .. هيبة الدولة
هي فوضى … هيبة الدولة
نعم الجميع يريد عودة هيبة الدولة …
سأعطي مثالاً للتشبيه على ما يحدث ..
الاب يسعى لتربية أولاده بعد ان دللتهم امهم ، فصاروا يتحركون بحريتهم ويناقشونه في كل شيء ، بل وصار لهم رأي يصارعون اباهم عليه ، قرر الاب عازما ان يعرف ابناءه ان البيت له حرمة هي مش فوضى ، وبدأ يضع قواعد جديدة للتفاهم معه في البيت وان النظام سيكون على هذه الشاكلة ، وحذر وزمجر وهدد ، وبدأ بقطع المصروع لكل من رأى منه امتعاضاً أو اعتراضاً … فلما وجد من بعض عياله تقرباً بدأ يزيده في الدلال ، ويعده بالمزيد ، ولكن هناك بعض التنمر من بعض العيال ، فدخل يوماً في نقاش مع امهم فإذا هناك أصوات ترتفع تقف مع الام فما كان من الاب الا ان اخذ برأس الام وانهال عليها لطماً ، واقسم اليمين ان يريهم منه العين الحمراء ، هي فوضى ، ومضى اليوم وقرر بعض الأبناء ان يراجع اباه في تصرفه وان له مقاماً كبيرا ولا يحق له ما صنع بأمه ، فانهال عليه بالضرب بل وسحب حزامه الجلدي واخذ يضربه حتى اسال الدم من جلده ،وهو يصرخ توقف ابي .. ابي رحماك … سمعه بض اخوته فجاءوا لنصرته .. فلما رأى تلك الوجوه اجتمعت متنمرة اخذ باصغرهم وسكب على رأسه قدح الشاي الساخن ثم رماه على الجدار صارخاً لا فوضى بعد اليوم … مات الصغير .. أراد به الاب ان يصبح عبرة للبقية …اراد ان يشعرهم ان دلال امهم افسدهم وان ليس لهم الا ان يرتدعوا فللبيت حرمته وللاب هيبته … لكن الحكاية لم تنته ….
هذا هو المشهد … الام هي مصر … والجيش يظن نفسه الاب … والعيال الشعب … والمؤسسات هي بيت الدولة …
يريد الجيش المصري ان يقدم لنا النموذج المثالي بالنسبة له لرعاية العيال ، هو ابوهم وسيرعاهم وهو يعرف مصالحهم .. هو سيختار .. هو يقدر الظروف .. هي صورة تقول لنا كالآتي :
– لا اعتراض على قراراتي .. انها تخدمكم وهي في صالحكم فأنتم لا تعلمون ما يحاك بكم .
– لتخفيف الكبت .. يمكن الاعتراض بكلام عام للتخفيف والتهدئة .. وهذا ما كان يقدمه لنا الاعلاميون الافاضل في عهد مبارك من تخفيفهم للقرارات الظالمة وما يقدم من أفلام للتهدئة وان هذا ظلم بس لازم يمشي هو حد يقدر على الدولة .
– ممكن يكون في معارض .. بس المعارض يصيح بما اسمح له بذلك اما الاعتراض من اجل اخذ موقع القيادة فهذا ممنوع .. وهذه كانت أحزاب المعارضة في زمن مبارك .
– أي شخص مهما يكن حتى ولدي يعارضني هو إرهابي … هذا النموذج تكرر في زمن كثير في زمن مبارك .. تهمة إرهابي جاهزة ما تخفش ..بس التهمة الأكبر انك اخواني والعياذ بالله .
مسرحيات الكوميديا السوداء التي تأتي من مصر وآخرها مسرحية القتل في رمسيس ثم فض المحاصرين في مسجد الفتح ..والتي سلم الله انها نقلت عبر قنوات فضائية فمنعت الدم عن من فيها ، ولكن هذا لم يمنع من تأديبهم وسحب الصحفيين الذين نقلوا الخبر لسجن طرة ، حتى يقال للبقية (اوعوا تعملوها تاني … قولوا توبة ) .. ثم جاء إعادة اغلاق المساجد لتصبح مكاتب عمل تفتح وتغلق في الدوام … واضح بلا نقاش أن من يخطط ويدبر رجل مخابراتي متعمق في جذور المخابرات والمسرح الهزلي …..
أي حد يقول ما حصل على طول ..فصل من الوظيفة أو تحويل للنيابة … زي مدير شركة المقاولين لما قال ان الطائرة العسكرية هي من اطلق الرصاص على المبنى وهي سبب الحريق..على طول تم فصله … ولما تسمع الاب يوسف يقول في ان من يحرق الكنائس هي البلطجية من الامن … لابد ان يتم مراجعته من الكنيسة فيما قال …
على العموم … حدادنا مستمر ..والحياة لن تتوقف … سينقشع الظلام وسيأتي يوم جديد ..
ولكي لا اريد ان اقف هنا منتهياً اريد منكم احبائي ان تشاهدوا فلم العبقري خالد يوسف (هي فوضى ) لتفهموا معنى هيبة الدولة التي يتم الحديث عنها اليوم …
ولو اعدت المشهد بشكل اكثر وضوحا عودوا لأفلام الرعب الامريكية للأحياء الأموات (الزومباي ) .. تأتي القوات المسلحة لتنقذ بعض الناس وتقتل الآلاف منهم أنهم مجرد وحوش إرهابية مخيفة … … وبالتالي الجيش لا يقتل عياله بل يقتل هجوم خطير من وحوش آدمية متحركة اسمها الارهابيون …
اما هيبية الدولة المدنية الفعلية فهي تطبيق القانون عبر مسار القانون بعيداً عن ان يحكمها طرف واحد بمعنى :
لا يوجد سياسة اصلا بلا دين… ولو جئنا لأصل المفهوم المدنية هو ان يتم ادارة شئون الدولة من قبل السياسيين المدنيين وحتى ادارة شئون القوات المسلحة والامن تديرها العناصر المدنية التي لا تنتمي تلقائيا للأمن او الجيش.. هذا اولا وثانيا المدنية في الاساس الا يصبح فيها المسئول الحاكم له سلطة دينية بمعنى ان يكون ممثلاً لله في الارض يصدر فتاويه و يحرم ويحلل ولذا يتم احالة شأن اصدار القوانين والاحكام لسلطة اخرى هي مجالس النواب ويتم تجنيب السلطة التنفيذية الحاكمة هذا الامر الا فيما يمس قضايا الامن وحماية الحدود بما يتشاور معه مع السلطة التشريعية ,,,وثالثاً ان لا يكون الحاكم التنفيذي هو صاحب القضاء في الاحكام وانما منفذ للأحكام وبذا تنتج لنا سلطة ثالثة هي سلطة القضاء … وجاءت مع تطور الاعلام ان يتم تجنيب السلطة الحاكمة امر الافصاح والاشهار وتتحمله جهة محايدة بعيدة عن تلك السلطات ولا تتحكم بها فجاءت سلطة الاعلام ..
وبالتالي كلما شد الاب ليعيد هيبته ..مع تحمل الأبناء لبطشه حرصا منهم على عدم العقوق بفضله ومكانته ، يتمنون الف مرة ان يموت … ومع كل دعوة تنهار هيبته ولا تصبح هيبة بل ذل وخوف من بشطه وقسوته … وان زاد عليها قد يخرج الأبناء عن الطاعة .. بل وقد يقفون ويتحدون الاب بل وتمتد أيديهم عليه …فلا تبقى في نفوسهم قيمة لهذا الاب ولا هيبة ولا كرامة …
أيها السادة ان اردنا الحقيقة سنصل لها وان اردنا الباطل سنصل له … والابسط من هذا وذا وانت تقول اننا نؤسس دلة ديمقراطية مدنية ..للشعب ومن الشعب ..ابدأ مصالحة وطنية حقيقية شاملة لا تقي فيها أحد وتلملم الجروح …وعد للشعب فاستفته فيما يرد :
– إما أن تخيرهم في استفتاء بين الدستور 2012 او خريطة الطريقة بإشراف قضائي كامل مع فريق دولي للاطلاع والتقييم ومع التقييم الداخلي وليأتي الجميع للفصل في القضية .
– أو أن كنا نصر أنها ثورة فلنعد للشعب ايضاً .. فليتم انتخاب سلطة تأسيسية كاملة … من الشعب هي من يعد الدستور .. وهي من تختار الحكومة وهي من تسير الدولة ..
هذا إن كنا نقول اننا نسير في مسار ديمقراطي مدني .. أما غير ذلك ..فهي سلطة الديكتاتور وان غسلتها الكلمات ولعبت بها ايادي المخابرات …
هذه مصر ..نريدها لنا شامخة عالية قوية اماً حنوناً تحتضن الجميع .
وفي المنتهى
اللهُم آحفَظنا مِن شَتات الآمّر ،
وَمَس الضُر، وَضيقّ الصَدر، وَعذابّ القَبر
وَحلوُل الفَقر وَتقلّب الدَهر وَالعُسر بَعد اليُسر .