قواعد النهضة 2 : منظومة القيم
قواعد النهضة 2 : منظومة القيم
أهلا بك أيها القارئ الكريم ….
بدأت معكم في مقالي السابق في اطار الوصول معكم لفهم ماهي القواعد التي تنهض بها الأمم … وتنهار بها الأمم أيضاً ،من فهمها ..عمل بها في اطار إيجابي وصل لمبتغاه .. وقد طرحنا معكم القاعدة الأولى سنة التغيير ..وأنهيتها بقصة فيها مجموعة شخصيات ، وأردت من خلالها أن أصل بكم إلى المقال الثاني وهي القيم ، فكل شخصية في القصة تحمل قيمة ما ، وقد أسعدتني اجاباتكم وهي صحيحة في اطار فهمكم لها وملاحظتي المتوقعة :
– أن 90% من الإجابات أنصبت على تسلسل أن تكون الزوجة فالزوج هما أول المتهمين بحمل أثم القضية والنهاية الحزينة وأن الشاب كان آخر المتهمين فيها.
– 10% غيروا الترتيب بين الزوج فالزوجة وانتهوا بأن جعلوا صاحب الزوج هو الأخير في تحمل أثم القضية.
– هناك رسائل وصلتني لا علاقة لها بموضوعي ولا أحب الرد عليها ….
ما أريد أن أقول لكم في البدء أن اجاباتكم جاءت بناء على القيم التي غذيتم عليها وفيها نشأتم ..وهي المنظومة الثقافية العامة التي نعيشها اليوم ..ولهذا فالإجابة كانت متوقعة … من النساء قبل الرجال.
تعالوا معي أولاً قبل أن أسهب في الإجابة معكم حول القصة السابقة لو قرأتم القصة هكذا :
(( وقفت وحيدة في الشارع تبحث عن منقذ لها .. ضاعت في هذه الظلمة .. لمحت عن بعد بسيط ضوء مصباح صادر عن مكان .. سارت نحو الضوء .. برز أمامها بيت صغير .. طرقت بابه .. فتح الباب شاب ابتسم برؤيتها .. :
– أهلا ..
– أأأ .. عفوا أضعت الطريق احتاج إلى مساعدة …
– لحظات تكرماً
دخل الشاب البيت .. ثم عاد بعد لحظات … وقال :
– أختي تقول الوالدة أن تفضلي ..
– نعم
– تفضلي الوالدة في انتظارك
– شكرا
دخلت متوجسة .. أغلق الباب … وهي تنتظر أن يتقدم … هو ينظر إليها بتمعن … يبتسم ..يحرك شفتيه …
– هل الوالدة في الداخل؟
– بل أنا وأنت …بلا والدة بلا خرابيط …بنت ليل صحيح !!!!!
ولم يتركها تغادر سالمة!!! ))
هناك من سيصيح وهم أغلبية ياله من حقير .. نذل .. خدع المسكينة … هذا وحش في صورة شاب !!
وهناك آخرون سيظلون يقولون : من أخرج أبوها من البيت في هذا الليل والدنيا مش أمان !!! هي السبب فيما جرى لها !!
ولكن النسبة ستتغير كثيراً …
ما الذي تغير …؟
إننا نحكم في الأمر بناء على وجهات نظرنا ونصدر أحكامنا بناء على قناعاتنا والتي مصبها هي قيمنا التي نتعامل معها .
إن أي حضارة تنشأ وتنمو ترتكز في الأساس على منظومة قيم .. هذه المنظومة التي تبرز لنا عبر منظومة أخلاقية سلوكية يتعامل بها الناس بينهم البين .
إن أي منظومة للقيم تنشأ معها حضارات خالدة كلما تميز بالآتي :
– قريبة من فطرة الإنسان وطبيعته .
– مرنة قابلة للتغيير والتطور .
– ناشئة على أساس بناء السلوك والعلاقة بين الناس
– بناء العلاقة وفهم العالم الذي نعيش فيه وما يحدث من مجريات حولنا
– وضع الأسس للتعامل مع الآخر
– ساعية لترقية وسمو الإنسان ناظرة لبناء الإنسان الكامل .
ولا توجد حضارة إلا ولها منظومة قيمية تعني بالسلوك والتعامل مع العالم ، وهناك من الحضارات من وضعت أسس معتمدة على قواعد الترهيب والإجبار لفرض تلك المنظومة ، والفرض والإجبار دائماً مهما طال ينهار أمام القيمة الأساسية الأولى للإنسان وهي الحرية …
متى اقتلعت أو اغتصبت الحرية ..فإنه عاجلاً أو آجلاً لن تستمر هذه المنظومة مهما برزت محاسنها ..
و نجد أن أعظم الحضارات قامت على بناء وتنقية السلوك والبحث عن الإنسان الكامل القادر على التعامل مع الحياة والكون ، وهذا ما نجده عندما نقرأ لحضارات اعتمدت على منظومة على أساس وثني مثل :
– البوذية في شرق آسيا.
– الزرادشتية في وسط آسيا .
والتي مازالت تعيش في سلوكيات تلك الأمم ، رغبنا أو أبينا … منظومة سلوكية صامدة … رغم ما فيها من عيوب لأن فيها ما سبق ذكره عن المنظومات .. نعم لديها الكثير من النقص في فهم الكون والحياة والروح والجسد .. ليس هذا مجالي الآن !
تعالوا معاً نعد للقصة ونسعى لفهم القيم التي فيها :
– الزوج .. يمثل العواطف الهادئة والمخفية (الحب – الكره ) ( الحاجة الاجتماعية)
– الزوجة تمثل العواطف البارزة والانفعالية ( الغيرة – الغضب ) (البحث والدفاع عن الأمان)
– صاحب الزوج يمثل العقل الهادئ الباحث المتأني المسيطر (تقدير الذات)
– صاحب الأجرة (السائق) يمثل الاحتياجات السلبية الظاهرة (الشهوة الظاهرة) (الأنانية – الشجع –السحت-أنا أكسب –الحاجة تبرر الوسيلة ) (فسيلوجية)
– حارس الشركة يمثل القواعد والعرف المجتمعي والقوانين والأحكام والقوة والكبت والتهديد . (التقدير)
– الشاب يمثل الشهوة المخفية … (وهي الاحتياجات الفسيولجية الطبيعية بكل ابعادها إما نجمحها أو تجمحنا بمعنى إما تقودنا أو نقودها – الجنس والأكل والشرب وغيرها )
هذه صورة لقيم موضوعة في القصة ، تلقائياً نحن كبشر نسعى للدفاع عن القيمة التي تبرز في تفكيرنا أكثر ، ولذا كلما جنبت وجعلت الشخصية تكون هي الشخصية البعيدة عن الاتهام أنت تحاول أن تدافع عن تلك القيمة بقصد أو دون قصد ،
إننا شعوب عاطفية ، تنساق وراء العاطفة دون تفكير في الامر ودراسته ، ولذا تجدنا نتهم عواطفنا في كل مسيرتنا ، رغم أن العواطف هي التي تجعلنا بشراً ولسنا حيوانات … كل ما نحتاجه أن نقيم تلك العواطف بالعقل والمعرفة والقواعد.. إننا نتجنب المعرفة ، بل نريد من غيرنا أن يعطينا هذه المعرفة مجاناً …
إننا وبكل بساطة ركزنا حياتنا في الاحتياجات الفسيلوجية ، وأصبحنا نبحث عن التبريرات لها ، نخفيها نعم ، ولكنها تسيطر على مخيلتنا …
لا أريد أن أقف كثيراً عند هذه النقطة سأعود الآن لمنظومة القيم ، إن أعظم هبة للبشر هو الإسلام ، إنه منظومة قيمية متكاملة ، لأنها مرسلة من رب البشر ، لكن أيدي البشر تدخلت فيها كثيراً دون وعي أو بوعي لتقيد هذه المنظومة ، وتسعى لتغييرها ، فبرزت مثالب في تطبيقها ، “الإسلام بدأ غريباً وسيعود غرياً كما بدأ” حديث شريف ..
الدين كله منظومة قيمية للتواصل مع خالق الكون والتعامل مع الكون .
تعال نقرأ الآتي :
قال تعالى : { صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة } (البقرة: 138)
قال تعالى : وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم
قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) النحل
قال تعالى : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير (13) الحجرات
ويأتي سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليضع الأساس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق …)حديث صحيح على شرط مسلم
ما الذي أريد أن أقوله …؟
نعم إن المنظومة القيمة التي وضعها لنا الإسلام في بناء حضارتنا متمثل في منظومة متكاملة من مكارم الأخلاق ، هو لم يقف عند الأخلاق لأن منها الإيجابي والسلبي بل أكد أنها منظومة سلوكية قائمة على مكارم الأخلاق ، أي أن المنظومة القيمية للإسلام ارتبطت بهدف ترقية الإنسان للوصول إلى المثالية بطريقة لم تصنعها حضارة أخرى ، فهناك من ينظر للإنسان المثالي بناء على قوته البدنية وآلية إطالة عمره كما نراها في التفكير الفردي ، وهناك من ينظر لها في تحملها للآلام والإيذاء الجسدي أوالنفسي التي يقيمها على نفسه ليترقى ويتطور كما نراها في ديانات شرقية عديدة منها من انتقل إلينا …
ما وضعه الإسلام هو ترقية الإنسان بأن يكون إنساناً ..
يحب ويكره ..يأكل يشرب ..يعمل ينام ….. إلخ
ولذا ولأن الإنسانية جسم واحد :
قال تعالى : ( إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم (3) الحجرات
قام المسلمون بنقل كل ثقافات الشعوب الأخرى ونسجوها بثقافتهم ، ونقلوها للعالم ، لأن العالم جزء منا … ويجب أن نتعايش معه … هذه القيمة العليا التي جعلت عمر العربي يقول عن بلال الحبشي (بلال سيدنا ) …
هذه القيمة التي رفعت من شأن سلمان الفارسي ( سلمان منا آل البيت )
هذه القيمة التي أنصفت يهودي أتهم بالسرقة ظلما فنزلت آية ببراءته قال تعالى : انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله ولا تكن للخائنين خصيما(105) النساء
هذه القيمة التي وضعت للعدالة قياساً قال تعالى :
ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب (2) المائدة ..
ولذا قال النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم : إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه…
إنه بسيط لأنه جاء منسجماً مع الفكرة الإنسانية ، مع حريتها تفكيرها ، ابداعها …
هذه المنظومة القيمية التي جعلت الناس سواسية لا أحد فوق الشرع ، وبالتالي القانون ، والتي جعلت أساس الحياة بين الناس قواعد وأحكام ، ومن يريد أن يأخذ حقه فعليه باللجوء للشرع والقانون ، ولو راجعنا سوية حادثة الأفك الشهيرة والتي اتهم فيها آل النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، هو القائد للامة ، لم يستطع هو ولا أحد أن يمنع الحديث المتناقل في أوساط الناس … ومر شهر ، ثلاثين يوماً ، لتأتي براءة الطاهرة عائشة الصديقة في سورة النور ، ورغم ذلك وبعد انتهاء الأمر وتطبيق العقوبات ، لم يطرد أو ينفى أحد ممن ساهم في نشر هذه الفتنة أو يمنع أو يؤمر بتطهير المدينة المنورة منهم ، عادت الحياة بشكلها الطبيعي ، القيمة التي لم يألفها العرب من قبل ، أنهم ينصفون أنفسهم من الغريم حقاً أو باطلاً مهما تكن الأسباب أو النتائج …
انظر من معركة البسوس لحادثة الأفك ….
هذه المنظومة القيمية التي نشرت فكرة المصالحة العامة ونسيان الماضي واتخاذه عبرة وعظة والبدء في بناء المستقبل بناء الدولة وتشييد أركانها بعد فتح مكة ، لم يتم استعادة ما نهب من المسلمين المهاجرين بعد طردهم ، ولم يتم معاقبة القتلة أو …، وإنما انطلقت عبارة (اذهبوا فأنتم الطلقاء ) ولم يقف الأمر عند هذا بل ساهم أغلبهم في معركة حنين والتي جاءت بعد الفتح بشهور ، ولم يقف الأمر عند هذا بل كانت الحوافز المادية تنهال عليهم بعد النصر في حنين رغم أنهم فروا من الزحف!!! …….
القضية الأولى بناء النظام والمنظومة واطار الدولة أهم من النظر في إشكاليات الماضي ومتاهاته ، من له قضية فليذهب للقاضي ويرضى بالحكم .
قال تعالى : {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} 4 يوسف
هذه القيم التي أوقفت الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عندما لعن أسماء من المنافقين جاء الوحي ليمنعه عن هذا قال الله تعالى : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } آل عمران
نعم ليس لنا حساب الناس ولا تحديد موقهم في الجنة أو النار ، لسنا أرباباً من دون الله ، إنما نحن دعاة للخير و إلى منارة الخير ، والكل بهذا يدخل في أنه داعية عبر سلوكه وتصرفاته … نحن النموذج الأساس للقيم التي يريدها الإسلام … لكن نحن في وادٍ بعيد … الله يسهل لنا القرب !
ومن هذه القيم لا يوجد أحد أفضل من أحد إلا بالتقوى والعمل الصالح ، وليس للبشر من هذا إلا ما يرونه في خير البشر ، وفي العمل لأجلهم ولذا لا يوجد في المنظومة القيمية شيء اسمه علم شرعي وعلم غير شرعي ، فكل العلوم شرعية ، ودورنا البحث فيها والتقصي والسعي لخير البشرية ونقل المعرفة ،
قال تعالى : ” وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون “93 النمل
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ
أي علم … بمعنى أي علم ينفع الناس …
ولذا لا تجد في علماء المسلمين الأوائل والذين انشغلوا بعلوم الدين إلا ومنهم الطبيب والتاجر والكيميائي و…بل هم من قاد هذه العلوم في حينها وإلى اليوم وهم مثال ومنارة ..
ولذا لا يوجد في الإسلام مفهوم رجال دين أو باباوات ، يدخلون الجنة أو النار .. إنما هم علماء يضعون وجهات نظرهم واستدلالاتهم ويؤيدونها بالبرهان والفصل .
وليس أحد منهم من قال كلامي منتهى الكلام ، أو ادعى أنه كلامه موقع من الله رب العالمين … ما صنع هذا أحد إلا أدخل من تبعه في دمار … وهذا ماحدث في أوربا الوسطى ، حتى ذاق بهم الناس ذرعاً فثاروا علي الكنيسة … والتي عادت في قالب علماني اليوم ، فصلت الدين عن الدولة ، وصار الدين عبارة عن ممارسات في الكنيسة ، أي أن الكنيسة هي المكان الذي يسمع فيه الله الدعاء وغير ذلك معزول عنه جل الله تعالى وعظمت قدرته …
ولذا لم يكن المسجد في المنظومة إلا موقعاً لبناء التواصل المجتمعي ، وديوان عام لأبناء المنقطة ، وموقع للممارسات الاجتماعية، وممارسة الأنشطة ، ومركز للتطوير والبناء والمشورة والتصالح و….. ، أي ليس موقعاً للتعبد فقط ….
ولذا ففي كل مكان وحيثما كنت أنت في رباط وتواصل مع الله تعالى ، وبكل عمل تعمله أنت في عبادة مع الله تعالى ، حتى وأن كان الأمر أن يأتي الرجل زوجته “وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ”
وكل خلق أو سلوك نجده في اطار ترقية فريد من نوعه وفي اطار مرونة ليس لها مثيل ، فها نحن نجد الأزياء في البلدان الإسلامية أشكالاً وأولناً مختلفة حتى تأثر فيها من يعيش بينهم ، يربطها رباط واحد ورغم هذا لا يوجد في الإسلام زي ديني أي زي يخصص ولا يجوز العبادة إلا به إلا في الإحرام للعمرة أو الحج وهو ليس بزي وإنما قماش غير مخيط بلون أبيض ، فلا يحق لأحد أن يقول أن الزي الإسلامي هو العباية السوداء للنساء والقميص للرجال ، نعم هو ثوب يدل على المنطقة والثقافة فيها ولا علاقة له بإسلام أو كفر
وهذه القيمة التي منعت العبث في اطار التحريم والإباحة ورفعت من قيمة التفكير والاجتهاد والبحث عن المعرفة والمعلومة والتأكد من مصادر الأخبار والحرص على نقل الحقائق من مصادرها، هذه القيمة التي لم تحظر على أي انسان اتخاذ ما يشاء من مواقف مادام يلتزم حقه في هذا دون اعتداء على الآخرين وسلب حريتهم .
وهكذا تجد كل ما يخالف العقل أو الفطرة أو العواطف تجد المقتنعين فيه يستخدمون وسائل القمع والإجبار والتهديد والتخويف لنشر مفاهيمهم وتثبيتها ، فها هي شيوعية لينين وستالين ، حتى يثبتوها مات ملايين البشر وها هي اليوم تختفي من خارطة القيم العالمية ولا تبقى لها إلا ذكرى وأثر ..
قال تعالى : {لَيْسَ عَلَيْكَ هَدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} .البقرة 272
قال تعالى : {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} البقرة 256
فلا يوجد أحد له الحق في ادعاء انه صاحب الحق ، ولا أحد يملك الحق في أن ما لديه هو الصحيح المطلق ، كلنا نمتلك وجهات نظر … نمتنها عبر التوضيح والنقل والتعلم والتعليم …
إن منظومة القيم التي تؤسس للأمم .. منظومة قائمة على تكامل سمات السلوك والتعايش مع الآخر ، منظومة قائمة على حماية الحقوق ، والحريات ، والمرونة التي تستوعب المتغيرات ، وتتعامل بمتانة ورقي مع الفطرة الطبيعية للإنسان ،عبر تنقيتها من التوجه الحيواني وإبراز قيمتها عبر العرف والقانون ، فلا فردية مطلقة ولا مجتمعية مطلقة ، والكل حلقة كاملة للبناء والتغيير … والسلوك هو معيار فهمك مع من تتعامل ..لأن الإنسان عبارة عن مجموعة من التصرفات هي ما تراها أمامك..
ولذا نجد أن أغلب النظريات تسعى لفهم ذلك السلوك ومنها نظرية الحاجات لماسلو ، والتي يقسمها إلى (احتياجات فسيلوجية –اجتماعية – الأمان – التقدير –تحقيق الذات) وهو يرى أنها المتحكم في السلوك والتصرف وكلما ترقى الشخص برزت متغيرات في طريقة سلوكه وتصرفه ، رغم ثبات تلك الحاجات …
إن أردنا أن نؤسس لنهضة علينا أن نقيمها على ركيزة القيم ، وليست أي قيم أن أعظم حضارة تبنى بمكارم الأخلاق ، أعيدوا النظر فيما يحدث اليوم.
إن من يتبنى قيم الكره .. الحقد .. الانتقام ..
لن يؤسس حضارة قابلة للنمو بل هو يساهم في تدمير مضاعف لما هو قائم اليوم …وستظل دوامة العودة للوراء قائمة مالم نعد النظر ونغير مفاهيمنا وننقل للناس المعرفة والصورة الحقيقية للقيم …
أيها السادة الكرام ..ليس هنا منتهى الحديث بل بدايته
اطلت رغم اني سعيت للإيجاز
ولنا في قريب الأيام لقاء إن شاء الله
سلام
أحمد مبارك بشير
20/4/2013
بالاستقامة والخلق الحسن .. وحسن المعاملة استطاع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأخيار بناء أول دولة قائمة على مبادئ التغيير الإيجابي في حياة البشرية واستمرت إلى أن تخلى عنها الخلف الذين جاءوا بعدهم وأضاعوا الخلق الحسن والإستقامة وانهارت الدولة المدنية … بالقيم والمبادئ القائمة على الإستقامة على الدين الحنيف نرقى ونصنع حصن لا ينهار