اعادة نشر 2008: ومات الزعيم
و مات الزعيم
كتبهاأحمد مبارك بشير ، في 9 فبراير 2008 الساعة: 07:03 ص
من شعر البردوني “رحمة الله عليه ” أنقل لكم أبياتاً محتارة من قصيدته (صنعاء والموت والميلاد ) :
وُلدَتْ صنعاءُ بسبتمبرْ كي تَلقى الموتَ بنوفمبرْ
لكنْ كي تولدُ ثانيةً في مايو… أو في أكتوبرْ
ما دامتْ هَجعتُها حُبلى فولادتُها لنْ تتأخّرْ
رغمَ الغثيان تحنّ إلى: أوجاعِ الطَّلقِ ولا تَضجرْ
يُنبي عَنْ مولِدها الآتي شفقٌ دامٍ فَجْرٌ أشقَرْ
هل تَدري صنعاءُ الصّرعى كيفَ انطفأتْ؟ ومتى تُنشرْ؟
تَرمي أوراقاً مَيتةً وتُلِّوحُ بالورقِ الأنضرْ
وتَظلُّ تموتُ لكي تحيا وتموتُ لكي تحيا أكثرْ
مررت بكم بهذه الأبيات ليس ذكراً للبردوني ولكن دهشت خلال الأسبوع الماضي بكثرة الحديث عن وفاة الرئيس ، أعني رئيسنا اليمني علي عبد الله ، وهو حديث منتديات عليه ما عليه وله ماله ، بحثاً في القضية باقتضاب ، سمعنا من مصادر أظنها ذات ثقة وحديثها لا يشوبه شيء ، بأن الرئيس قد أغمي عليه وهو في المكلا ، ونقل إلى صنعاء ، وهو يمر بوعكة صحية ، ولكنه في يقظة ، وفي وعي تام …. حديث .. ربما يناقض حديث الوفاة .. ما يهمني أنا … أن هذا الرئيس هو إنسان .. كأي إنسان يمرض و يصاب ويغفو وينهض يخطي ويصيب ، ولكن خطيئته كارثة … لأنها تؤثر في أمة ، وصوابه جنة لأنه يؤثر على أمة.
على العموم إن كان قد أصيب بوعكة حادة فهو كبير السن وليس بالصغير ، وهو يمر بمرحلة من مراحل تاريخ هذه البلد ، تجعل العاقل حيران . فما بالكم برئيس يرى أن كل ما ظنه بيديه ينهار ……….. و إن كان صدق خبر المرض فلعلها رسالة تذكير … فليتذكر الإنسان أنه مفارق لا مخلد .. فهل يصحو الزعيم وينظر إلى سنين حياته التي قضاها حاكماً لأمة تتعكز … فهل ينهض من غفوة البناء وينظر إلى وطنه المرمي خلف الخلف ، فهل من متعظ .
وإن صدق القول الثاني بوفاة الزعيم ….فقد مات من هو خير منه ، فهل يأتي من بعده من هو خير منه ، قلناها سابقاً عند الانتخابات عندما قالوا لنا من البديل ، قلنا لو مات .. وهو في أمر الله ، فهل تقولون ما البديل ، نحن لسنا في قلب الأحداث إننا مشغولون بالبحث عن لقمة العيش و الجري وراء ارتفاع الأسعار .. الإيجار .. الكهرباء .. الماء .. الهاتف … وهلمّ جره ،
أما هناك في القلب .. في عمق السلطة وما وراء الأحداث … من سيعرف يقيناً ما البديل !
يا شباب الأمة في يمن الأئمة ، و عرب الجنوب قلب الأحداث النائمة ، وصنعاء عاصمة التاريخ الحزين ، يا شباب ما نحتاجه اليوم ليس ماذا سيأتي ولكن علينا أن نصنع الآتي ، إن التغيير يبدأ من قلوبكم … التغيير ينطلق من عقولكم ، من ضمائركم ، فاستفيقوا ، قبل أن تنجرفوا في بحر العرب وتحت أقدام الخذلان ، والقات والتنمبل والدخان ..
أخواني .. أنتم صناع الغد … وكما بدأت بأبيات البردوني أنهي كلامي بقصيدته (من منفى إلى منفى ) وأرجو ألا يتحقق ما قاله .. والحل بقوة الشباب :
بلادي من يَدَيْ طاغٍ إلى أطْغى إلى أجفى
ومن سجنٍ إلى سجنٍ ومن منفى إلى منفى
ومن مستعمرٍ بادٍ إلى مستعمِرٍ أخْفى
ومن وحشٍ إلى وحشين وهي النّاقةُ العَجْفا
بلادي في كهوفِ الموتِ لا تَفنى ولا تُشْفى
تُنقِّرُ في القبورِ الخرسِ عن ميلادها الأصفى
وعن وعدٍ ربيعيٍّ وراءَ عُيونها أغْفى
عن الحلمِ الذي يأتي عن الطيفِ الذي استخفى
فتمضي من دجًى ضافٍ إلى أدجى… إلى أضفى
بلادي في ديار الغير أو في دارها لـهفى
وحتى في أراضيها تُقاسي غُربةَ المنفى