مفهوم المشيئة والإرادة والفرق بينهما

 

تابع مركز #تطويرالفقهالاسلامي

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

من المساءل التي يهتم المركز بالبحث فيها ، وقد سبق لعدد من رواد تطوير الفقه الاسلامي على رأس القائمة الدكتور محمد شحرور في البحث في هذا المجال ، تجد ذلك في الرابط التالي :
http://shahrour.org/?p=4051
واورد توضحيه في كتابه نظرية المعرفة القرأنية حول المشيئة والارادة في الفصل الثالث:
http://shahrour.org/?page_id=630
 
نستعرض في المبحث التالي رؤية فضيلة الشيخ أحمد المهري التي بدأها بالمقدمة التالية : 

will11.jpg

مفهوم المشيئة والإرادة والفرق بينهما

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بالطبع أنني أفتخر بأن صدري مفتوح للمزيد من المعلومات فأنا في حالة تعلم مستمر ومَن أفضل من أهلي في مركز التطوير والمودة أن يقوموا بتعليمي. وأما موضوع المشيئة والإرادة فاسمحوا لي بأن أشارككم الإدلاء برأيي المتواضع. إنه موضوع في غاية الصعوبة فأبدا بالاعتراف بداية بأنني لست من الذين يقولون بأن لا مرادفات في القرآن ولا من الذين يصرون على وجود المرادفات. ذلك لأن مثل هذا القول قد يكون مقبولا لمن قام بتفسير دقيق لكامل القرآن دون أن يقلد الغير. وأنا لا زلت مستمرا في التفسير وأحتاج إلى عمر أطول لأكمل التفسير والتوفيق من الله تعالى.

لكنني باعتبار البحث أقول بأن الكلمتين ليستا مترادفتين. فالمشيئة تشير إلى قصد تكوين الشيء أو تحقق الشيئية والإرادة تشير إلى المرور على الشيء بقصد الرؤية أو الاستماع أو التغيير في الشكل أو في التركيب أو أي نوع آخر من التغيير بما فيه الإضافة والتنقيص. فالكلمتان مغايرتان وليستا مترادفتين. لكنهما قريبتان جدا ولذلك يخطئ الكثيرون في استعمالهما أو فهمهما ولا سيما حينما يرونهما في القرآن الكريم. وسأرفق به بحثا قديما كتبته لتلاميذ التفسير قد يكون مفيدا لمن يريد الدقة في فهم المشيئة والإرادة. وباختصار فإن مشيئة الله تعالى تشير إلى القانون الصارم العام الذي لا يمكن أن ننتظر تغييره فهو القانون الذي يسير عليه الكون المهيب برمته. وحينما يشير ربنا إلى مشيئته بالنسبة للكائنات المدركة فهو يشير إلى أساسيات نفوسنا التي اختارها لنا باعتبارات مختلفة لا مجال لبحثها هنا. كما يشير إلى توجهاتنا نحو اختيار المستقبل أو اختيار الدين أو اختيار أي توجه نفسي يؤثر في تنمية مواهبنا وفي تعاملنا مع خلق الله تعالى.

لكن إرادته سبحانه تمثل إدارته لشؤون الكون بما فيهم عباده من البشر والجن والملائكة وغيرهم. فنحن لا يمكن أن نريد إلا إذا أراد الله تعالى بمعنى أن إرادته المسعفة لنا جاءت على طول إرادتنا حتى لو أردنا الشر. يجب أن نسير وفق المسيرة الإدارية لمالك الملك جل جلاله وإلا أوقف إرادتنا من الأساس أو تركها ولكنه أوقف قدرتنا على التنفيذ أو عطل العوامل المساعدة للتنفيذ أو سمح للعوائق أن تعيق التنفيذ. هذا التساير يجري على كل النوايا الخيرة والشريرة. هناك سياسة عليا تحيط بنا وقد نعرف وغالبا ما نجهل تلك السياسة وهي التي تتحكم فينا. ولذلك فهناك أعمال تأتي بها أيدينا ولا نؤاخذ عليها وهناك أعمال نعجز عن الإتيان بها ولكننا نؤاخذ عليها لأننا أردناها بقلوبنا جادين ولكن الظروف لم تسمح لنا بالتنفيذ.

والآيات التي استند عليها الأخوان الكريمان سيادة الطبيب محمد سلامه وسيادة الأستاذ مروان البازلي لبيان الإرادة فمن السهل التفريق بينها. وسيادة الطبيب قد درس الفلسفة وله اطلاع كبير في علم الكلام فإن المتكلمين قد عينوا تقسيما ثنائيا لإرادة الله تعالى وهما الإرادة التشريعية والإرادة التكوينية. وقد سماها البعض الإرادة الشرعية والإرادة الكونية وقالوا بأن الإرادة الأولى تعني الحب فإن الله تعالى يحب أن يرانا نصلي ونصوم وننفذ غيرهما من التشريعات. بالطبع أنني مع التسمية الأولى التكوين والتشريع. والتكوين كما أوافق الذين ظنوا بأنه يعني خلق الكون وتسيير الكائنات وكذلك تعيين مصير الرغبات البشرية والجنية وتعيين مصيرهما في النهاية. لكن الإرادة التشريعية تخص القوانين التي وضعها الله تعالى لحماية الجن والإنس والممتلكات والعلاقات بين الأطراف وما شابه ذلك حيث وضع الله تعالى لها تشريعات تمثل إرادته التشريعية لنقوم بتنفيذ تلك التشريعات. وأما التشريعات البشرية فهي لا تمثل تشريعات السماء لأنها ليست صادرة من إرادة الله تعالى. فالله يساعدنا على تقرير وتنفيذ بعضها باعتبار التكوين لا باعتبار التشريع.

فلو أحب فتى وفتاة بعضهما فهما يشاءان الحياة المشتركة الدائمة أو يريدان التمتع والتلذذ الجنسي المؤقت والله تعالى قد يسمح لهما بذلك تكوينا لا تشريعا. وبتعبير آخر فهو تعالى يسمح لهما بإرادة تكوينية لا ربط لها بالتشريع. التشريع مرتبط بالقوانين السماوية ولا دخل له بتنفيذ القوانين. فالتشريعات السماوية برمتها تمثل إرادة خيرة من الرحمن عز اسمه لإعداد الحياة الطيبة لخلقه المختارين. ولكن الإرادة التكوينية قد تأتي بالخراب والدمار للبشر مثل إرادته سبحانه لتسليط الظالمين على الأمة أو قضائه بالعواصف المدمرة أو بالأوبئة المهلكة التي تنشر الموت والدمار في الخلق. لنلق الضوء على الآيات الأخيرة من سورة التكوير التي أشار إليها أخونا البازلي:

إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (27) لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29). القرآن ذكر للعالمين من البشر الذين أنزل عليهم القرآن طبعا. والقرآن هو لمن شاء منا أن يستقيم في توجهاته وليس لمن شاء منا أن يتبع أهله أو أهواءه بغض النظر عن الاستقامة. فالاستقامة تمثل التوجه الأساسي للإنسان: هل يريد أن يكون محسنا عادلا أمينا ولو على حساب شهواته فهو يشاء الاستقامة كخط أساسي ومنهج أصلي لتوجهاته النفسية في الحياة. فالإنسان يشاء الاستقامة وهي طريق دائمة وخط مستقيم صحيح للسير على هداه. أو يريد أن يتبع شهواته وملذاته فهو لا يشاء الاستقامة من البداية. نية الاستقامة نية أساسية وتوجه شامل ينير الدرب لمن يسير عليها كما أن عدم الاستقامة تمثل الإرادة الشريرة ولا يمكن أن تمثل المشيئة الشريرة إلا للقلائل من المجرمين الذين لا يبالون بما يأتون به ولو كانوا ظالمين.

هذه المشيئة الخيرة لأن يأخذ الطيبون طريق القرآن وهي طريق الاستقامة عند الله تعالى لن تتحقق إلا إذا شاء الله. ومن السهل معرفة ذلك لنا نحن اليوم فبكل بساطة فإن القرآن لم يكن موجودا من قبل نزوله في القرن السابع الميلادي فقد شاء الله تعالى إرسال أعظم قانون سماوي إلى كوكب الأرض فمشيئته للخير تحققت بنزول القرآن فمن اتخذه نبراسا له وتعهد بالعمل به فقد شاء لنفسه ما شاءه الله تعالى له بعد أن أنزل القرآن الكريم على البشر الذين أتوا إلى الوجود منذ ذلك اليوم. لاحظوا كيف تسبق مشيئة الله تعالى مشيئة الذين يريدون أن يتبعوا قانون السماء فيشاؤون الاستقامة لأنفسهم. والسبب في ذلك هو أنه تعالى رب العالمين جميعا فحينما يرى بأن عبيده في أحد الكواكب المسكونة قد وصلوا إلى قمة التطور الفكري فإنه ليس ضنينا عليهم بل يكرمهم بإنزال ما يفيدهم من تشريعات ليثبت لهم بأنه سبحانه لا ولن ينسى الذين يبحثون عن طريق الاستقامة فيمدهم بما يتناسب مع إمكاناتهم الإدراكية المتطورة.

أكتفي بهذا والبقية في البحث المرفق- ادناه

للجميع خالص تمنياتي القلبية

أحمد المُهري

25/9/2017

 

كثيرا ما نستعمل تين الكلمتين في معنى واحد وهو طلب الشيء. والواقع أن الإرادة كلمة تعني طلب الشيء. ذلك لأن أراد معناه طلب، ولكن شاء معناه أوجد أو أنجز، والشيء مصدر شاء. فإذا طلبت أمرا مقضيا أو منجزا ولو بعد حين، فكأنك شئت ذلك الأمر. ولذلك تُضادُّ شاء بـ أبى فيقال شئنا أو أبينا ولا يقال شئنا أم رفضنا عادة. كما أننا نقول أردنا أم رفضنا ولا نقول أردنا أم أبينا على الأغلب. فكل ما كان الطلب عميقا منبثقا من القلب أو من أغوار النفس فهو عامل مشجع لأن يسعى المرء لإنجازه ويفضل تسميته بالمشيئة وكل ما كان سطحيا غير صادر من أعماق الضمير فهو مدعاة للتسامح في إنجازه ومن المعقول تسميته بالإرادة. إن الإباء صادر من النفس بمعنى أن نفسي تأبى هذا الشيء ولكن الرفض يمكن أن يكون لأسباب أو احتمالات لو ارتفعت لأتى بها المرء.

وحينما ننظر إلى موارد استعمال الكلمتين في كتاب الله نستنتج بأن المشيئة تعني شدة الطلب المؤدي إلى الإنجاز ولذلك لا تُستعمل في الإرادة التشريعية و لا تُستعمل عادة لإرادة الإنسان ضد غيره (الإرادة المذكورة في القرآن طبعا). ليس للإنسان أن يفعل ما يشاء ضد غيره بسهولة. واستعمال كلمة شاء في العقائد والعبادات دليل على شدة الاختيار لدى المرء بالنسبة لعقائده. يقول سبحانه في سورة الكهف: وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا ﴿29.

وفي الحقيقة أن اختيار العقيدة متاح لكل فرد كما يشاء فعلا. ولو عاش المرء في بلد مبتلى بالحكومات المستبدة التي تُفرض العقيدة على الناس، فإن لكل امرئ هناك أن يعتقد ما يعتقد به في قلبه. وعادة ما يُتيح الله تعالى الفرصة لمثل هؤلاء أن يُهاجروا من بلدهم الظالم إلى بلد أكثر حرية. والقرآن يخلو من أي تهديد دنيوي بالنسبة لعقائد الناس. لكن الذين يظلمون الآخرين أو يستهترون بحقوق الآخرين أو يمنعون المؤمنين من إظهار إيمانهم وأمثالهم، فلعلهم هم الذين ينالون الجزاء الدنيوي أحيانا. ذلك ضروري للدفاع عن المؤمنين والمظلومين وحتى يتمكن كل فرد من اختيار دينه وترتيب عقيدته.

وقد ذكر الراغب وهو مرجع الكثير من اللغويين في فهم هاتين الكلمتين، قاله في كتابه المعروف بالمفردات معنى الكلمتين هكذا (باختصار).

{الرود: التردد في طلب الشيء برفق، يقال: راد وارتاد…. والإرادة منقولة من راد يرود: إذا سعى في طلب شيء، والإرادة في الأصل: قوة مركبة من شهوة وحاجة وأمل، وجعل اسما لنزوع النفس إلى الشيء مع الحكم فيه بأنه ينبغي أن يفعل، أو لا يفعل، ثم يستعمل مرة في المبدأ، وهو: نزوع النفس إلى الشيء، وتارة في المنتهى، وهو الحكم فيه بأنه ينبغي أن يفعل أو لا يفعل، فإذا استعمل في الله فإنه يراد به المنتهى دون المبدأ، فإنه يتعالى عن معنى النزوع، فمتى قيل: أراد الله كذا، فمعناه: حكم فيه أنه كذا وليس بكذا، نحو: }إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة{ [الأحزاب/17]، وقد تذكر الإرادة ويراد بها معنى الأمر، كقولك: أريد منك كذا، أي: آمرك بكذا، نحو: }يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر{ [البقرة/185]، وقد يذكر ويراد به القصد، نحو: }لا يريدون علوا في الأرض{ [القصص/83]، أي: يقصدونه ويطلبونه. والإرادة قد تكون المشيء بحسب القوة التسخيرية والحسية، كما تكون بحسب القوة الاختيارية. ولذلك تستعمل في الجماد، وفي الحيوانات نحو: }جدارا يريد أن ينقض{ [الكهف/ 77]، ويقال: فرسي تريد التبن…..

شيء:

الشيء قيل: هو الذي يصح أن يعلم ويخبر عنه، وعند كثير من المتكلمين هو اسم مشترك المعنى إذا استعمل في الله وفي غيره، ويقع على الموجود والمعدوم. وعند بعضهم: الشيء عبارة عن الموجود. وأصله: مصدر شاء، وإذا وصف به تعالى فمعناه: شاءٍ، وإذا وصف به غيره فمعناه المَشيء، وعلى الثاني قوله تعالى: }قل الله خالق كل شيء{ [الرعد/16]، فهذا على العموم بلا مثنوية إذ كان الشيء ههنا مصدرا في معنى المفعول. وقوله: }قل أي شيء أكبر شهادة{ [الأنعام/19]، فهو بمعنى الفاعل …والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالإرادة سواء، وعند بعضهم: المشيئة في الأصل: إيجاد الشيء وإصابته، وإن كان قد يستعمل في التعارف موضع الإرادة، فالمشيئة من الله تعالى هي الإيجاد، ومن الناس هي الإصابة، قال: والمشيئة من الله تقتضي وجود الشي… والإرادة منه لا تقتضي وجود المراد لا محالة، ألا ترى أنه قال: }يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر{ [البقرة/185]، }وما الله يريد ظلما للعباد{ [غافر/31]، ومعلوم أنه قد يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس، قالوا: ومن الفرق بينهما أن إرادة الإنسان قد تحصل من غير أن تتقدمها إرادة الله؛  فإن الإنسان قد يريد أن لا يموت، ويأبى الله ذلك، ومشيئته لا تكون إلا بعد مشيئته لقوله: }وما تشاءون إلا أن يشاء الله{ [الإنسان/30]، …وقال بعضهم: لولا أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله تعالى، وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفة عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع أفعالنا نحو: }ستجدني إن شاء الله من الصابرين{ [الصافات/102]، }ستجدني إن شاء الله صابرا{ [الكهف /69]، }يأتيكم به الله إن شاء{ [هود/33]، }ادخلوا مصر إن شاء الله{ [يوسف/69]، }قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله{ [الأعراف /188]، }وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا{ [الأعراف/89]، }ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله{ [الكهف/24]. }

  • انتهى كلام الراغب رحمه الله تعالى.

وقد رد البعض على مقولة المتكلمين الذين ظنوا بأن الشيء يشمل الموجود والمعدوم، بأن الله تعالى يقول في سورة الإسراء: … وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴿44 هذه الآية الكريمة تتناول كل شيء، ونحن نعلم بأن لا يمكن للمعدوم أن يُسبِّح فلا يمكن أن يكون المعدوم شيئا. وأضاف بعضهم الآية التالية من سورة القصص: كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿88. ولا يمكن خلع الهلاك على المعدوم. وردُّ هؤلاء على المتكلمين صحيح برأيي، والعلم عنده سبحانه.

ولي تعليق بسيط على الموضوع الذي وضعت تحته خطا ليتميز من كلام الراغب، وهو أن الإرادة البشرية أيضا لا يمكن أن تحصل بدون أن تتقدمها إرادة رب العالمين ولو بعنوان التخيير. كأن يريدَ الله تعالى إن أراد العبد هكذا، ويمنعَ إن أراد عبده شيئا أو طريقة أخرى. ذلك لأن الله تعالى يحول بين المرء وقلبه. ولازم ذلك ألا يتحرك قلب المرء لأي طلب دون أن يريد الله تعالى لهذا القلب أن يكون مختارا في طلب ذلك الشيء، والعلم عنده سبحانه. كما لي توضيح أيضا على كلامه حول تعليق الاستثناء بالله تعالى في جميع أفعالنا. ذلك لأن الأفعال تمثل تدخلا في مملكة رب العالمين جل جلاله باعتباره مقصوداً لعمل تغييرٍ مّا داخل بعض جزئيات مملكة القدوس سبحانه. وواضح أن القوي القاهر لا يمكن أن يسمح بذلك بصورة عامة إلا إذا لم يكن الفعل المقصود منافيا للنظام العام له سبحانه وتعالى. ونظامه العام سبحانه مصرَّح به قرآنيا تحت الاسم العظيم المعروف عَلَماً له تعالى وهو “الله”.

وهناك بعض المسائل التي يمكن أن يسمح بها الله تعالى تبعا لنظام الربوبية. ذلك النظام المقصود مع اسم الرب أو رب العالمين، وهو ما يدخل ضمن نطاق منح الموجودات الفرصة والإمكانات الكافية ليتطوروا ويتكاثروا فيأخذوا مكانهم الصحيح داخل مجموعة المخلوقات. إنه معنى من معاني رحمة الرحمن جل جلاله ويمكن أن يتغير تبعا لتغير حالات الخلق فهو غير نظام الألوهية. مثال ذلك هذه الآية من سورة الإسراء: إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا ﴿30. فقد جاء الحديث عن بسط الرزق عامة (رزقا) ماليا أو علميا أو إيمانيا، باعتبار أن الله تعالى وهو يطور خلقه فإنه سبحانه يوزع بينهم الأرزاق العلمية والمالية والمهنية وغير ذلك وفق حاجتهم وهم في حال التطور والتقدم. والنبي يحتاج إلى مزيد من الرزق العلمي ليحل محل الرزق المالي فيأخذ من ذلك العلم حاجته الفعلية كنبي ورسول كما أنه سبحانه يوسع على غيره من الرزق المادي على حساب الرزق العلمي والمعرِفي.

ولكنه سبحانه في أماكن أخرى بالكتاب الكريم يتحدث عن نفس مسألة بسط الرزق تحت نظام الألوهية وإخضاع الخلق للذات القدسية. مثال ذلك هذه الآية من سورة الرعد: اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ﴿26. وهو الحديث عن نظام الإخضاع الألوهي الذي يسمح أحيانا لكافر فاسق أن يملك مالا كثيرا ويفرح بها ويتكبر على المؤمنين وهو لا يدري أنه يملأ بطنه نارا وسوف يصلى سعيرا. فالمال له ليصرفه عن ذكر الله تعالى لأنه لا يستحق الإيمان. وأما آية سورة الإسراء فقد جاءت بعد أن عَلَّم الرسولَ الأمين كيف يبتغي رحمة ربه دون أن ينقص من حق الناس عليه في تعليمهم وتهذيبهم فيقول لهم قولا ميسورا وهو يُعرض عنهم أحيانا، كما أمره أن يراعي النَصَفَ في عطائه للآخرين فلا ينسى نفسه. إنه من شؤون الربوبية أن يساعده ربه على بلوغ مناه وأهدافه دون أن يضر أحدا.

ونلاحظ في كلتا الآيتين بأنه سبحانه يشاء ويقدر وهما مختلفتان من حيث الصرامة والشدة. فنظام الربوبية أقل صرامة وقطعية من نظام الألوهية لما به من نوع من المرونة تبعا لبعض الضرورات التي يلاحظها رب العالمين مراعيا به شؤون بعض خلقه وغير متبع لكامل شروط نظام الألوهية الصارم والقاطع والشامل لكل الممكنات. والمشيئة هي رغبة قطعية وجازمة بالنسبة للإرادة ولكن المشيئة ضمن نظام الربوبية أقل صرامة منها ضمن نظام الألوهية.

وأما خلاصة كلام الراغب هو أن النفس الإنسانية تنزع وتشتاق تحت تأثير الشهوات والحاجات والآمال فتريد أمرا تسعى لجلبها فهي إرادة إنسانية محضة. ثم تسعى النفس لفهم ما إذا كان ينبغي أن تفعل ذلك أم لا ينبغي ولا يتناسب مع شأن الشخص. وقال الراغب نقلا عن بعض المتكلمين بأن إرادة الله تعالى لا يمكن أن تتعلق بالنزوع فهو فقط أمر يحكم الله تعالى به حكما أو يمنع عن مسألة منعا. وزعم بأن الفرق بين المشيئة والإرادة من الله تعالى هو أن المشيئة تقتضي وجود الشيء والإرادة لا تقتضي ذلك. وجاء بآية قرآنية لإثبات الإرادة ولم يأت بمثال من القرآن لإثبات ادعائه حول المشيئة. وأنا أرد تلك الادعاء بأن الله تعالى قال في سورة التكوير: إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿27 لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴿28 وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاّ أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴿29. وقد أعطى الخيار للناس أن يؤمنوا بالقرآن أو لا يؤمنوا كما علق مشيئة الناس بمشيئته التي تأتي قبل مشيئة الناس. فمشيئته سبحانه قد سبقت مشيئة بشرية غير موجودة. فهذا التحليل المذكور في المفردات للراغب رحمه الله تعالى، غير دقيق برأيي.

والحق أن المشيئة والإرادة تعنيان نفس الشيء في غالب الأحيان إلا أن المشيئة عبارة عن إرادة جازمة للعمل أو لمنح الخيار للعمل. فآيات التكوير تدل على إصرار رب العالمين عز شأنه أن يمنح الخيار الكامل لمن يريد أن يستقيم بمقتضى نفسيته أو ما وضعها الشخص نفسه من أهداف ورؤى داخل نفسه. وبالنظر إلى أن المشيئة كانت إرادة جازمة كما قلت، فإنها لا بد وأن تتفق مع قوانين إدارة الكون بالنسبة لله تعالى ومع اهتمامات النفس بالنسبة للإنسان. وبما أن الإنسان بمقتضى الآية 29 من سورة التكوير عاجز عن أن يشاء شيئا دون أن يشاء الله رب العالمين فإنه غير قادر على التخلف عن قوانين الألوهية كما أنه على كل حال مرخص للتمتع بقوانين الربوبية المرنة التي تساعده على اتخاذ قراره بروية وتعقل وملاحظةٍ لمستقبل أمره أمام ربه. فهو سبحانه رب العالمين ولا يمكن أن يُحرم عبيده من عطاياه ومُنَحِه.

وكل الآيات التي وردت فيها ذكر المشيئة فهي أكثر جزما وقوة من الآيات التي وردت فيها ذكر الإرادة. ولذلك نرى كلمة الإرادة غير موجودة مع أحوال وأهوال يوم القيامة أو الأبدية التي تتلو يوم القيامة وبعد الحكم القسط لخالق السماوات والأرض جل جلاله. وفيما يلي تحليل لبعض الآيات التي وردت بلفظ الإرادة بجانب الدار الآخرة لنرى المقصود منها:

  1. قال سبحانه في سورة الحج: يَدْعُو لَمَن ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ﴿13 إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴿14 مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴿15 وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ ﴿16 إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿17 أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء ﴿18.

فإدخال المؤمنين في الجنة بمعنى هدايتهم للدخول إلى الجنة وليس معنى الآية الحكم النهائي يوم القيامة. فالآية مشابهة للآيتين التاليتين من سورة البقرة: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿174 أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَآ أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ﴿175وأما الآية الأخيرة في مجموعة سورة الحج فهي إشارة إلى الخضوع الطبيعي لكل الموجودات لله تعالى. حتى الذين حق عليهم العذاب فإنهم لا شعوريا خاضعون لله بأنهم ينفذون مشيئة الله تعالى في أن يضل الذي يحمل نفسا شرسة فاسدة. إنهم إلى جانب ذلك فإن ماهيات نفوسهم خاضعة لله تعالى أيضا وهو المقصود مع من في السماوات والأرض بدون استثناء. ولذلك اعتبر الله تعالى هذا الخضوع الطبيعي نزولا إلى مشيئته سبحانه والعلم عنده وحده.

  1. تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ﴿253 من سورة البقرة. فالمشيئة الثانية في هذه الآية الكريمة كما وضحت عند تفسير الآية فهي لتثبيت الإرادة التكوينية المهيمنة والتي لا يشاء فيها الله تعالى القتال باعتبار سلبيته. لكنه سبحانه يريد القتال باعتبار أن الناس يريدونه وبما أنهم عاجزون عن عمل أي شيء دون إرادة الله تعالى فهو بهدف اختبارهم يريد لهم أن يفعلوا بعض ما يشاؤون. هذه الإرادة ليست جازمة مثل رفضه القتال الذي لا يتناسب مع شأن رب السماوات والأرض فشاء الله تعالى ذلك ولكنه فعل ما يريد ولو أن ظاهره مخالف لمشيئته الجازمة، باعتبار الاختبار. ورفضُ الله تعالى للقتال باق على حاله دون أن يتأثر ولكن الإرادة التكوينية المصحوبة بالفعل جاءت لتسهيل أمر الذين يُمضون اختبارهم ولو أن الله تعالى لا يريد لهم ذلك تشريعا.

وبعد ذلك نذكر الآيات التي تتحدث عن الصرامة والجزم حسب الظاهر، بلفظ الإرادة لنرى مفادها:

  1. في سورة النحل: إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿40. ولا شك في أن الله تعالى فعال قوي لما يريد ولا تأخر للمأمور في طاعة مولاه. لكن الآية الكريمة تتحدث عن مسألة دنيوية وليست أخروية. يقول سبحانه قبل هذه الآية عن ظهور النبي الأمين في مكة وبين المشركين: لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَاذِبِينَ ﴿39. كما تكمل الآية بعدها أحوال المؤمنين الذين هاجروا في الله. وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴿41. فالجزم الذي رأيناه هنا لإثبات أن الله تعالى قوي قهار غالب على أمره. فلو أمَر أمرا دنيويا خارجا عن نطاق النظام الألوهي الصارم وأراد تفعيل تلك الإرادة فهي مغلوبة لأمر الله تعالى. ونلاحظ أنه سبحانه أضاف الأمر للموضوع بقوله: كن، حتى يزداد صرامة وجزما في حين أنه سبحانه لم يضف هذا الأمر إلى المشيئة التي هي صارمة بطبيعتها كما سنعرف.
  2. قال تعالى في سورة يس: إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴿82. وهذه الآية لا تتحدث عن صرامة الآخرة وإنما تتناول مسألة دنيوية محضة قالها الله تعالى للذين ضربوا المثل لله ونسوا خلقهم ولو نصعد آية واحدة فسوف نعرف بأن الموضوع مرتبط بالتحدي وإظهار القدرة فحسب وليس عن أمر جازم يريده الجبار: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلاّقُ الْعَلِيمُ ﴿81.

وقد قال سبحانه مثل ذلك في أماكن أخرى بدون اقتران مقطع “كن فيكون” بالإرادة أو بالمشيئة. مثال ذلك ما قاله سبحانه في سورة آل عمران: قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿47. كما قال سبحانه نفس الموضوع في سورة مريم: مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿35. والآيتان متشابهتان ولكنهما تتحدثان عن مسألة دنيوية تمت بمشيئة الرحمن سبحانه وتعالى وقد ذكرناها باعتبار ترافق المسألة بمقطع “كن فيكون“. وسوف نشرح في مكانها بإذن الله أهمية ذكر هذا المقطع الهام عند ذكر قصة مريم سلام الله عليها. وباختصار فإنه سبحانه يذكر في بداية الآية الأولى أنه يخلق ما يشاء بصورة طبيعية وهي إشارة إلى عامة الخلق. ولكنه سبحانه إذا قضى أمرا آخر خارج النظام العام فما عليه إلا أن يقول له كن فيكون وسوف نشرح معناها في مكانها بإذن الله تعالى. ويذكر نفس الشيء في الآية الثانية لرد الذين يظنون بأن مسألة خلق إنسان بلا أب مهم جدا بحيث لا يمكن تصوره إلا أن يكون من سنخ الله تعالى بأن يكون إبنا منحدرا من وجوده. معاذ الله من الجهل وقد شرحته بكل بساطة لإخواني في جلسات شمال لندن وأوضحت لهم بأن المسألة بسيطة جدا في النظام الإلهي ولكنها مستحيلة بالطبع على البشر العاجز عن هذا النوع من التصرف في الجينات. ويقول سبحانه مثل هذه الآية في سورة البقرة: 116 و117.

وقال سبحانه مثل ذلك في سورة غافر: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿67 هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿68 أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ ﴿69. والأمر هنا ما يخالف النظام العام فإذا أراد الله تعالى شيئا من هذا النوع فإنما يقول له كن فيكون. والعلم عنده سبحانه.

  1. قال تعالى في سورة الإسراء: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا ﴿18. فالمشيئة هنا باعتبار النظام العام وما تنبثق من كل أرض وتنبت في كل مكان فلا يمكن تلبية طلب الهواء المعتدل لمن يعيش في الإسكيمو ولا يفيد منح النظارات لمن هو أعمى ولا يجوز تقدير السلطة لمن لا يجيد السلطة في منطق رب العالمين عز اسمه. وأما الإرادة فهو توزيع الإمكانات المادية على الأشخاص ووضع قانون عادل متوازن مع حاجة المجتمع لتقسيم الثروات الدنيوية بين الفاسقين مع مراعاة بقية الناس بمن فيهم الصالحون والمتقون. فمتعلق المشيئة هنا غير معرض للتغيير بعكس متعلَّق الإرادة.

وهكذا نعرف بأن مقولة “كن فيكون” في القرآن لا تعني الجزم ولا تمس المسائل الأساسية التابعة لنظام الله تعالى في إدارة خلقه. فهي دون مستوى المشيئة والعلم عند الله تعالى.

والخلاصة أن الإرادة تعني في الواقع طلب الشخص أمرا بدافع يدفعه إليه. فالإرادة من الله تعالى مدفوعة برحمته وعدله وكرمه وليس له سبحانه اشتياق إلى عمل ولا دافع نفسي مفيد للنفس. ولكن الإرادة بالنسبة للإنسان هي كما قاله الراغب ما يطلبه المرء بشوق ورغبة وهي غير عفوية بمعنى أنه يتروى ولو قليلا لمعرفة النتائج. وإرادة الله تعالى يمكن أن تتغير بإرادة أخرى وتحصل في الخارج فعلا. كما حصل لمريم في مخالفة الله تعالى لما وضعه من نظام للتكاثر في هذا الكوكب.

وأما المشيئة:

فهي ما يطلب الشخص تعميمها على أكثر من مورد. إنها بالنسبة للإنسان تعكس ما يتمناه المرء أو يندفع بكل قوة وراءه مما يدل على أنها قد تحركت من أعماق الضمير واتفقت مع أدق أهداف الإنسان البعيدة والقريبة. وأما بالنسبة لله فهي ما تتناسب مع نظام الألوهية الذي يعم كل شيء في الوجود أو ما يقرب من ذلك. هي في الواقع وباعتبار سعة متعلقاتها، فهي تتفق مع الأهداف الرئيسية لرب العالمين في شأن من شؤونه الكبرى. وبهذا الاعتبار فهي تشابه ما  تتمخض عن أعماق الإنسان من أهداف ورؤى. ولا شك بأن الله تعالى قادر على أن يغير المشيئة بمشيئة أخرى ولكنه لا يفعل ذلك بقدر ظني القاصر. ولعله يستثني بعض خلقه من أن يتأثروا بالمشيئة لحين ولهدف وغرض خاص، كما حصل في فتح مكة، حيث غفر الله تعالى ما تقدم من ذنب النبي وما تأخر لأن ربوبيته ورحمته اقتضت الفتح في ذلك الظرف الخاص القريب من وفاة رسول الله. ونعلم من قراءة دقيقة للآية التالية من سورة الفرقان: تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُورًا ﴿10، بأن الأنبياء يتبعون نظام الألوهية بكل دقة. إنهم إن خالفوا النظام فلا يحق لهم دخول الجنة وكسب الرضوان والغفران لشدة معرفتهم وعلمهم بالله تعالى. ولا يغفر الله سبحانه لهم أيضا أخطاءهم الدنيوية التي تستتبع آثارا دنيوية، إلا بأن يتعرضوا للكثير من المصائب، كما رأينا في قصة يوسف مع صاحبيه في السجن. لكنه سبحانه يغفر لنا نحن الناس العاديين الكثير من أخطائنا الدنيوية ولا يستتبعها أي أذى لنا رأفة بنا لجهلنا وقلة علمنا، كما سيغفر لنا الكثير من أخطائنا التي تستتبع آثارا أخروية إن أراد سبحانه. والعلم عند الله تعالى.

ولقد وضعت لنفسي جدولا لموارد ذكر المشيئة والإرادة في القرآن الكريم لتسهيل المقارنة وما كنت راغبا في إضافته إلى الكتاب حذرا من الإطناب. ولكن الأسئلة التي وُجهت إلي بعد الجلسة جعلتني أفكر في إضافته سعيا لإزالة كل الغموض حول هذا الموضوع الهام في كتاب الله سبحانه. إنه يمثل تحليلا موسعا كافيا لاستيعاب هذه المسألة المهمة لوما تخلى المرء عن موروثاته الذهنية وابتغى فهم كلام الله تعالى بكل حرية وخضوع. فإليكم  ذلك الجدول مع بعض البيانات التابعة له:

الإرادة بالنسبة لله سبحانه وتعالى المشيئة بالنسبة لله سبحانه وتعالى
منح الهداية العامة نظام الهداية العام لأنه سبحانه مالك الجميع
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (البقرة 26) وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (الأعراف 155).
وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ﴿10﴾ الجن …مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء… (المدثر 31)
…مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء… (المدثر 31) وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (الشورى 52)
وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (الأنعام 111)
منح الهدى لمن يستحق لا يعذب الله المؤمن بجريرة غيره
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ (الحج 16) وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (الأعراف 155)
  ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاء وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (الأنبياء 9)
الحرمان من الآخرة الهداية بيده تعالى وحده لا الأنبياء ولا الكتب
فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ (التوبة 55) كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (البقرة 213)
  لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء (البقرة 272)
تطوير الناس ودفعهم إلى الأعلى لنفي الاختيار والتشريع (قول الناس)
وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (الجن 10) سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ – أنعام 148
  وَقَالُواْ هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ … (الأنعام 138)
لإثبات القدرة ولو أنه لن يحصل لإثبات القدرة ولو أنه لن يحصل
فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ (المائدة 17) وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم – المائدة 48
لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء (الزمر 4) وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿35﴾ الأنعام
لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لاّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ (الأنبياء 17) وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي َلأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴿13﴾
  نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً ﴿28﴾
  وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنكُم مَّلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ (الزخرف 60)
  وَلَوْ نَشَاء لارَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (محمد 30)
  لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (الواقعة 65)
  لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (الواقعة 70)
  إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (الشعراء 4)
  إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (سبأ 9)
  وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنقَذُونَ ﴿43﴾
إنه سبحانه يتبع نظامه العام ويعد العُدّة إن أراد إهلاك قوم دون غيرهم مثلا. الرحمة تنزل وتصيب من يستحق بقانون
وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا (الإسراء 16) وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء …(يوسف 56)
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (القصص 5) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (يوسف 76)
فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ (المائدة 49) …وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً ِلأُوْلِي الأَبْصَارِ (آل عمران 13)
تضليل من لا يستحق الهدى إنه سبحانه يطبق القانون حين العذاب وحين المغفرة تحقيقا للعدالة
…وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (المائدة 41) وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (المائدة 18)
وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ (هود 34) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (الأعراف 156)
الغفران بكثرة وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (آل عمران 129)
وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (14) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15) فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ (البروج 16) إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (النساء 49)
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (الحج 14) إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا (النساء 116)
  أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة 40)
  نظام التطور والتحول
وَنُقِرُّ فِي الأرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى (الحج 5)
خرق النظام بصورة جزئية لإجراء تغيير جوهري في خلق الإنسان
إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ  (يس 82) ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم (البقرة 20)
إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (النحل40) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (البقرة 220)
  لتثبيت التغييرات الإيجابية في المجتمع
  وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ (البقرة 253)
المزيد من فرص الاختبار لتوقيف حركة الطبيعة وتغيير وجهتها
وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ.  البقرة 253 وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ.  البقرة 253
  قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿40﴾ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاء وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (الأنعام 41)
الله تعالى لا يطلب شيئا لنفسه من أحد وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ (الأنعام 107)
مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (الذاريات 57) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (الأنعام 112)
تبرير أحكام قاسية لأهداف مهمة وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (الأنعام 137)
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴿33 الأحزاب﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (الفرقان 51)
مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (المائدة 6) وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66) وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلا يَرْجِعُونَ (يس 67)
أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ (يس 23) نظام منح العلم بمقدار الضرورة
  وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ- البقرة 254
  فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (يوسف 76)
  وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاء وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (البقرة 251)
  الرسول يفسر القرآن بفضل من الله وهو بشخصه عاجز عن الإتيان به أو فهمه
  قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (يونس 16)
  وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً (الإسراء 86)
  قطع الطريق على المجرمين
وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ – النساء 90
لتوزيع خيرات الأرض بنظام يقتضي منح من شاء أن يغنيه خيرا كثيرا دون حساب، فتنةً
  قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (آل عمران 27)
لإثبات نفاذ إرادته سبحانه زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ(البقرة 212)
وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ (الرعد 11) قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (آل عمران 37)
قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً (الأحزاب 17) قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة 247)
قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا (الفتح 11) وهكذا الرزق في الآخرة بلا حسابٍ مكافأةً
إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ (الزمر 38) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (النور 38)
يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ (البقرة 185) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (الزمر 10)
  مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (غافر 40)
أكثر استحقاقا وفائدة في الدنيا توزيع العطايا بين أهل الدنيا مراعيا النظام العام
مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ (الإسراء 18) مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ (الإسراء 18)
  قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (آل عمران 73)
  لإثبات الهيمنة والتفريق بين الحقيقية والفعلية
  قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ – أنعام 128
  خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ(هود107)
لحماية أموال يتامى المؤمنين الحالة النفسية تحدد نوع المغفرة
فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كنزهما (الكهف 82) لله ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (البقرة 284)
  الحجة العلمية لمن يسعى ويستحق
  وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (الأنعام 83)
العلم والحكمة بقدر ما سعى واستحق
  يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ﴿269﴾
  لإثبات العدالة في التعامل مع الناس
للتزكية والتطهير قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (الأنعام 149)
مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (المائدة 6) سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (البقرة 142)
  لإثبات الملكية الكاملة لله تعالى
  قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ – أعراف 188
لتشريع الأحكام للدعاء ببقاء واستمرار الفضل منه سبحانه
أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (المائدة 1) وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ(يوسف 99)
  وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (البقرة 70)
  لتعليق إرادته بنظامه العام سبحانه
  وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء (التوبة 128)
  التفاعلات الطبيعية بقانون
  هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران 6)
لبيان أغراض وفوائد وتبعات التشريعات إن الله تعالى يفعل ما يشاء
يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26) وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإنسَانُ ضَعِيفًا (النساء 28) قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء (آل عمران 40)
  قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (آل عمران 47)
  المشيئة البحتة تقتضي إصابة العذاب بعد الذنب فورا ولكن الله يمنع من ذلك بقانون آخر
  أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاء أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ (الأعراف 100)
تحقيق الأهداف الكبرى للمسلمين آنذاك يختص الله عبيدَه أنبياءَ وغيرهم برحمته بقانون
مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (الأنفال 67) بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ …(البقرة 90)
وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (الأنفال 7) مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (البقرة 105)
  يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (آل عمران 74)
  ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (الأنعام 88)
لاستثناء الخلود في النار من حيث الإمكان الله تعالى يضاعف الأجر كيفيا وفق قوانينه وأما الكم فهو غير محدود في الآخرة
خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ(هود107) مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة 261)
  يجتبي الله تعالى الرسل لتعليم الناس
  ما كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (آل عمران 179)
  مالك الكل فيخلق بقانون
  وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة 17)

وتنحصر مواضيع الجدول فيما يلي لا غير:

((نظام الهداية العام لأنه مالك الجميع،    لا يعذب الله المؤمن بجريرة غيره ،  لنفي الاختيار والتشريع (قول الناس)،       الحالة النفسية تحدد نوع المغفرة،   لإثبات القدرة ولو أنه لن يحصل،   الرحمة تنزل وتصيب من يستحق بقانون،  الرسول يفسر القرآن بفضل من الله وهو بشخصه عاجز عن الإتيان به أو فهمه،   إنه سبحانه يطبق القانون حين العذاب وحين المغفرة تحقيقا للعدالة،  نظام التطور والتحول،    الهداية بيده تعالى وحده لا الأنبياء ولا الكتب،   لإجراء تغيير جوهري في خلق الإنسان،  لتثبيت التغييرات الإيجابية في المجتمع ،   لتوقيف حركة الطبيعة وتغيير وجهتها،   نظام منح العلم بمقدار الضرورة،   لتعليق إرادته بنظامه العام سبحانه ،  قطع الطريق على المجرمين لتوزيع خيرات الأرض بنظام،   توزيع العطايا بين أهل الدنيا مراعيا النظام العام،   لإثبات الهيمنة والتفريق بين الحقيقية والفعلية،  لإثبات العدالة في التعامل مع الناس،  لإثبات الملكية الكاملة لله تعالى،  للدعاء ببقاء واستمرار الفضل منه سبحانه ،  المشيئة البحتة تقتضي إصابة العذاب بعد الذنب فورا ولكن الله يمنع من ذلك بقانون آخر،  يختص الله عبيدَه أنبياءَ وغيرهم برحمته بقانون،  للدعاء ببقاء واستمرار الفضل منه سبحانه،  لتوزيع خيرات الأرض بنظام يقتضي منح من شاء أن يغنيه خيرا كثيرا دون حساب فتنةً ،   وهكذا الرزق في الآخرة بلا حسابٍ مكافأةً،   الله تعالى يضاعف الأجر كيفيا لمن يشاء وأما الكم فهو غير محدود،  العلم والحكمة بقدر ما سعى واستحق ،  التفاعلات الطبيعية بقانون،   إن الله تعالى يفعل ما يشاء،   الحجة العلمية لمن يسعى ويستحق،   يجتبي الله تعالى الرسل لتعليم الناس،   مالك الكل فيخلق بقانونه ،))

توضيحات مبينة:

  1. من سورة الأنعام: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاَّ تَخْرُصُونَ ﴿148 قُلْ فَلِلّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿149 يحتج المشركون على رسول الله بأنهم وآباءهم على دين واحد ويدَّعون تحريما مقبولا لدى جميعهم، ولو كانوا خاطئين لكان الله تعالى يشاء غير ذلك لهم. و يردّ الله تعالى عليهم بأن وجود أناس بينهم يعتقدون بغير ما اعتقدوا به دليل على أن الله تعالى قد شاء لهم الاختيار. ولو كان الله تعالى قد شاء الهدى لعممه على البشر جميعا. فوجود الأديان المختلفة دليل واضح على أن الله تعالى شاء أن يترك الناس ليختاروا ما يشاءون من دين وعقيدة فادعاؤهم باطل يدل على أنهم لم يستندوا على دليل علمي بل اتبعوا الظن والخرص وهما لا يغنيان من الحق شيئا. وعليه، فالمشيئة الأولى التي ادعاها المشركون كانت معممة عليهم وعلى آبائهم بحسب التقسيمات التي اتخذوها لأنفسهم. وأما المشيئة الثانية تذكرنا بنظام العدالة التي لا يمكن بموجبه أن نرى الله تعالى يخصص قوما بالهدى دون قوم. والمقصود من أجمعين كل الموجودين وآباءهم الأولين بل كل البشر.
  2. من سورة الذاريات: مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ (الذاريات 57). هذه الإرادة السلبية في الآية الكريمة هي عينا إرادة الإنسان التي تدل على نزوع النفس واشتياقه إلى أمر من الأمور. وقد تنصل الله تعالى منه للبرهنة على عدم حاجته سبحانه إلى ما يحتاج إليه خلقه فيكون سبحانه فعلا أهلا لأن يُعبد ويُخضع له وحده جل جلاله. والرزق أعم من الأكل ومن تعلُّم العلم الذي يحتاج إليه الملائكة والأرواح القدسية المكرمون. وكلمة لا أريد تعني لا تشتاق نفسي ولا تتوق، وذلك ليسلب عن نفسه الاستزادة من العلم و/أو الطعام. جل جلال الله تعالى عن مجانسة خلقه علوا كبيرا.
  3. من سورة الأحزاب: يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34). أشارت سورة الأحزاب إلى قضية عائلية كادت تؤثر في سمعة رسول الله وهي احتمالا نفس القصة التي وردت في سورة التحريم كما وردت في القرآن وليس كما ذكرها المفسرون الكرام. بالطبع أنني شخصيا حينما فسرت تلك السورة لم أشر إلى زوجتيه عليه السلام بالاسم لأنني لا أعتقد بصحة ما ورد في الأخبار. من الأفضل لنا كمسلمين أن نحسن الظن بأمهاتنا جميعا رضي الله عنهن ولو كان الله تعالى يريد أن نفهم عن داخل الأسرة النبوية أكثر مما نقرأه في كتابه لفعل. ما يهمنا هنا هو أن نعلم بأن الله تعالى أصدر حكما قاسيا عليهن بالبقاء في البيوت مقابل تضعيف الأجر. وبما أن القرآن كتاب استدلالي وليس مجرد أحكام فإنه سبحانه برر ذلك الأمر الشديد بأن المقصود تنظيف البيت الشريف الذي يسكنه النبي الكريم وزوجاته الشرفاء جميعا مما أصابهم من رجس فيطهرهم بهذا الحكم القاسي من الرجس ومعناه توقف الحركة التطورية والبقاء على الأفكار البالية التي ورثنها من السلف. فبيتهن بيت علم وفضل وهو مهبط القرآن العظيم والرسول واحد من أهل البيت الكريم. ومثل ذلك الآية 6 من سورة المائدة التي يبرر فيها سبحانه حكم الوضوء والتيمم بأن بعض الصعوبة فيهما مقبولة لأجل التنظيف.
  4. من سورة المدثر: …مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء… (المدثر 31). يضرب الله تعالى مثلا في هذه الآية الكريمة عن حقيقة خفية معروفة لدى اليهود دون غيرهم. هذا المثل مسألة جزئية يستفسر عنها المنافقون والمشركون ولعلهم يستهزؤون، ولكن الله تعالى يوضح بأنه سبحانه يوظف نظام الهداية العام ليمنح الهدى لكل الناس بمثل هذه الأمثال، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حَيَّ عن بينة.
  5. من سورة النحل : إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (النحل40) هذه الآية الكريمة تشير إلى بعث الرسول بإرادة من الله تعالى. ويُعتبر بعثُ الأنبياء مسألةً جزئية بالنسبة إلى المسائل الكبرى مثل يوم الحساب أو خلق الإنسان، ويثيرها الله سبحانه أحيانا وفي بعض الأماكن لأهداف مذكورة في القرآن وأهمها مسايرة التطور البشري واتخاذ النماذج منهم ومن صحابتهم ليوم الحساب برأيي. ولم يُصب الذين ظنوا بأنها تُشير إلى يوم القيامة وكثير ما هم. وقد ذكر الزمخشري هذا القول ولكنه بنفسه وكما يبدو أنه أيد الرأي العام. وقد ذكر الله تعالى في الآية 36 من نفس السورة مسألة بعث الرسل وهذه الآية تُشير إلى كلمة البعث التي جاءت قبلها في الآية 38 كما أظن. وأما يوم القيامة فهو تابع للنظام العام الذي يأتي بلفظ المشيئة عدا قضية واحدة فيها نفصلها ضمن هذه التوضيحات بإذنه سبحانه. وليس بين العقلاء من يقسم جهد يمينه بعدم البعث الأخير بل يشُكّون فيه ويقولون لو كان هناك شيء فنحن الفائزون. وفي يوم القيامة سوف يبين الله تعالى للناس ما اختلفوا فيه ولكن ليس ذلك سببا للبعث بل سبب البعث هو الفصل بين الطيبين والخبثاء. والعلم عند الله تعالى.
  6. من سورة البقرة: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (البقرة 220) شرح الآية باختصار هو أن الله تعالى ينظم المجتمع بما أودعه من أوامر تنظيمية في الطبيعة المتفاعلة مع بعضها. وعلى أساس ذلك النظام المتقن يتواجد بعض اليتامى الذين يأمرنا الله تعالى بأن نصلح شؤونهم والأفضل أن نخالطهم إخوانا لنا إن كان ممكنا. ذلك لأن الله تعالى الذي أيتمهم ضمن نظام الطبيعة ولمصالح معلومة لديه سبحانه، فإنه قادر على أن يغير النظام ويرفع اليتم عن المجتمع بكامله فتثقلُ المشاكلُ الاجتماعية كاهلَ أعضاء ذلك المجتمع وتتعبهم على أيديهم. فالحديث هنا عن المشيئة تهديد بتغيير النظام الاجتماعي العام. وجدير بالذكر بأنني لاحظت الكثير من الذين فقدوا رحمة الأبوة وقد منحهم الله تعالى فضلا كبيرا من عنده. ورأينا اليتيم صدام حسين كيف قدر الله تعالى له الملك فنكل بكل من أساء إليه حين يُتمه ثم نكل بالشعب العراقي. فيا ليت الناس يعلمون خطورة عدم رعاية اليتامى ويتقون الله تعالى فيهم. ولو غير الله سبحانه النظامَ لاشتد العنتُ والتعب بينهم.
  7. من سورة البقرة: وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ (253). المشيئة هنا ترمي إلى بيان أن ما يقوم به الأنبياء تحت رعاية الله تعالى وما يتبعه من تناصر وتآخ بين صحابته تستوجب بقاء السلام والحب بين قومه أو بين صحابته على الأقل. ذلك لأن الحركة الاجتماعية العامة في منطقة جغرافية ما وخلال فترة زمنية معلومة قد سايرت مشيئة رب العالمين التي لا تتناول السلب ولا تتلاءم معه بل تشجع السلام وتكره الحرب والقتال فكيف تحبذ الاقتتال بين صحابة نبي من أنبيائه المكرمين.
  8. من سورة البقرة: سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لله الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴿142. من الصعوبة أن يفصل الشخص العادي بين مفهوم المَلِك ولواحقه لدى الله ونفس المفهوم لدى الكائنات. نحن نرى الملوك يتفنون في التمتع بخيرات الآخرين حينما يستتب لهم الأمر فنوظف لا شعوريا نفسَ المعنى على هذا المفهوم بالنسبة لله تعالى. والأمر في الواقع مختلف اختلافا كبيرا، إذ لا يستفيد الله تعالى من عباده شيئا أبدا. إنه سبحانه يريد إخضاع الكائنات للذات القدسية لتبقى الكائناتُ نفسُها متمتعا بما كتب الله تعالى لها وتعيش بسلام وتتعلم الحياة الأبدية المقبلة وتستعد لها. وهذه الآية الكريمة توضح لنا بأن الله تعالى يهدي ضمن النظام لأنه يملك المشرق والمغرب. والمشرق والمغرب ليسا مغرب الشمس ومشرقها بالتأكيد، إذ لا دور لهما ولا لشمسهما في القبلة ولا في هداية الناس. وكما شرحت في التفسير فإن كل الكائنات تتأثر بالطاقة الموجبة والسالبة والله تعالى يهدي الموجودات للتفاعل مع بعضها البعض بالطريقة الصحيحة. ذلك هو نظام الله تعالى والذي يُشار إليه بالمشيئة. وتوجيه أهل الأرض للقبلة تابع لنظام موحد يوجه الموجودات التي تعيش في عالم الفيزياء إلى وجهة واحدة ليتعلموا توحيد العبادة ثم توحيد المعبود ويتركوا أصنامهم وأماكنهم الأخرى التي وصفوها بالمقدسة والمطهرة وغير ذلك. فمتعلَّقُ المشيئةِ هنا وهي الهداية للقبلة ليست حكرا على فئة أو أشخاص أو المسلمين بل هي لكل العالمين في كل الأكوان، لمن يحتاج إلى القبلة التي لا يجوز لأحد أن يعينها لعبيد الله تعالى. وهذا التعيين من شؤون الربوبية والرحمةِ لنا نحن الضعفاء من الخلق. أما الملائكة والأرواح القدسية فهم في غنى عن القبلة الفيزيائية ولا يهتمون بالأماكن ولا يتوجهون إليها، ولا أظن أيضا بأن الجن يحتاجون إلى القبلة.
  9. من سورة التوبة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿28. يشجع الله سبحانه الصحابة الكرام على التخلص من المشركين الذين يصرون على ممارسة طقوسهم الدينية المرفوضة في المسجد الحرام و يأمر بطردهم من المسجد أو من الحرم كاملة بعد انتهاء السنة. وبما أن لمشركي مكة دورا كبيرا في تسيير عجلة الاقتصاد بالبلد الحرام فإنه سبحانه يعد الذين آمنوا بالغنى أو الثروة من فضله العميم جل جلاله. ولكن هذا الوعد ليس قطعيا بل هو مقرون بشرط مهم وهو ألا تضطرب أصول النظام الألوهي بشأن الإدارة وتسيير أمور العباد عامة. فعليهم أن يسعوا بأنفسهم وألا ينتظروا المعجزات من هذا الوعد الصادق وأن يعلموا بأن الله سوف يغنيهم خلال القانون السماوي المضموم مع الفعل المشتق من المشيئة. والله يعلم ونحن لا نعلم. والنجس هنا لا تعني القذارة بل تعني المهتمين بالسلف والذين يحاربون التطور العلمي والمعرفي. كلمة النجس بالمعنى الفعلي لم تكن معروفة فيما مضى من تاريخنا الإسلامي ولا سيما يوم تنزيل القرآن العظيم.
  10. من سورة يونس: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاء نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿15 قُل لَّوْ شَاء اللّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴿16. أجمع المفسرون تقريبا أن المقصود من جملة لو شاء الله ما تلوته عليكم، هو تعليق تلاوة الرسول الكريم للقرآن الكريم بمشيئة الله تعالى. وقد شعرت بخطئهم ولكني لم أجرؤ أن أكتب ذلك إلا بعد يومين من التفكير. فلو كان المقصود ما وصلوا إليه فعلا، لكان الصحيح أن يقول سبحانه: لولا أن شاء الله ما تلوته عليكم. لكن صيغة الجملة القرآنية الكريمة تعني بحسب العادة أنه عليه السلام علق عدم تلاوته على مشيئة الله تعالى وليس تلاوته. ذلك لأن المشيئة تشير عادة إلى نظام رب العالمين وبحسب ذلك النظام فإن الرسول الأمي عاجز عن قراءة هذا الكتاب الفذ العظيم. ولذلك عقب الرسول قوله ذلك بـ “وما أدراكم به فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون“. يعني بحسب المشيئة فإني لست أكثر علما منكم بالقرآن بشهادة العمر الذي أمضيته بينكم وأنا أقل علما منكم، أما لكم عقل تفكرون به؟ ولذلك فإن تمكينَ الرسول الكريم على تفسير القرآن عملٌ إراديٌ خاص أتى به الله تعالى بغية منح محمد بن عبد الله مقومات النبوة. ولكن المشيئة بدون هذه الإرادة الخاصة تقتضي عدم موفقية الرسول لأن يتعلم ذلك العلم العميق. وحتى يصير الأمر واضحا فإن الاهتمام ليس مصبوبا على التلاوة بل على شاء بمعنى أن الله تعالى أراد ولم  يشأ والعلم عند المولى عز اسمه.
  11. من سورة الإسراء: وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً (86) إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (الإسراء 88). هذه الآيات الكريمة تشير بوضوح إلى ما أشارت إليه آية سورة يونس السابقة. فمحمد من الإنس الذين لا يمكنهم الإتيان بمثل القرآن ولو تظاهروا جميعا مع كل الجن. فالقرآن الذي يتلوه الرسول ويفسره فهو مملوك لله جل جلاله الذي أنزله على قلب الرسول عليه سلام الله. وتلاوة الرسول وقدرته على فهم القرآن وكشف كنوزه من فضل الله تعالى. فبموجب نظام رب العالمين فإن محمدا الأمي عاجز عن إظهار ذلك النوع المميز من التفسير لكلام رب العالمين ولكن الله تعالى أراد ذلك لهدف خاص هو تبليغ رسالته الكبرى للبشرية بدقة وعناية، فعلَّمه وفهَّمه ونوَّرَ ذهنَه فضلا منه ورحمة. فهنا موضع الإرادة وليس موضع المشيئة، ولذلك نفى سبحانه المشيئة في أول الآية، والعلم عند الله تعالى.
  12. من سورة الأعراف: وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (الأعراف 155). ذكرت المشيئة ثلاث مرات في هذه الآية الكريمة، فالأولى إشارة إلى اعتراف موسى بن عمران بأن الله تعالى لا يمكن أن يعذب مؤمنا بجريرة فاسق. فلو اقتضت مشيئته الموت لموسى ومن معه من أهل الميقات لَفَعَلَه قبل الصعقة التي حصلت لهم إثر دمار الجبل تحت ضغط الطاقة الإلهية المكثفة. ولذلك أعاد الله تعالى لهم الحياة ولم يرض بموتهم، لأن الصاعقة نزلت نتيجة لظلم بقية بني إسرائيل الذين طلبوا منهم السعي لرؤية الله تعالى والعياذ بالله. وللعلم فإن الميقات برأيي قصة واحدة يفصِّلها الله تعالى في مقاطع توظيفا لأهدافه الكريمة، وقد تم شرحها في التفسير بفضل منه سبحانه. ليس في هذا الاعتراف دعاء لإحيائهم، لأن أصحابه كانوا قد أفاقوا قبل كلام موسى والسورة تتحدث عن التمسك بالله وبكتابه وبأن آيات الله تفيد المؤمنين دون غيرهم وتذكر السورة ما قاله بقية الأنبياء في من عُذِّب من قومهم بأنهم لم يستفيدوا من علامات ربهم حتى أتاهم العذاب. وأما المشيئتان التاليتان فهما لبيان نظام الهداية وعدمها.
  13. من سورة آل عمران: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (آل عمران 27) كل مفكر متدبر في الكرة الأرضية لا بد وأن يشعر بأن هناك وراء السعي البشري قوة خارقة تصنف الناس وتبوبهم وتعطي كل ذي شأن منهم قدرا لا يُستهان به من القدرات الفكرية والعلمية والمالية والسياسية ليقوم بدور فعال في مجتمعه الصغير أو الكبير بنشاط ذي بال. تَمثَّل أحد المؤلفين الاقتصاديين في أمريكا في كتابه المعروف بــ “الاقتصاد” بسوق نيويورك الكبير وكيف تتوزع الأموال الداخلة في السوق بين كل من في السوق بصورة شبه عادلة ولا أحد يعرف كيف يتم ذلك. ولو ننظر إلى الدول المستقرة سياسيا فإنها تُقلُّ كلما تحتاج إليها من خبرات علمية موزعة بين أفراد كل مجتمع إنساني منها فيقوم كل فرد بعمله خير قيام إلا ما شذ. لا بد وأن وراء كل هذا إلها مالكا مهتما بشؤون عبيده ويقوم بما كتب على نفسه خير قيام ويحافظ على التوازن الاجتماعي بين الناس عن طريق توزيع المال والملك والعزة بينهم، مضافا إلى تقسيم الطاقة المنظمة الشمسية والزرع والحبوب بين الناس بما يضمن الحالة التي نراها فعلا. والرزق في الواقع يعم المال والغذاء والعلم والسيطرة. والعلم عند ربنا سبحانه.
  14. من سورة آل عمران: قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء (40) و كذلك الآية التالية: قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (آل عمران 47). لا شك بأن القادر المتعالي إن شاء شيئا لم يتأخر عن فعله إذ أن كل مشيئته بحكمة وقوة فلا معنى لعدم تفعيلها إن شاء.
  15. من سورة النور: لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ (النور 38). والمكافأة الأخروية مبذولة بسخاء ودون حساب أو تقتير. ذلك لأن المالك العظيم يملك الكثير ويحب أن يجود ويُكرم فلا مانع في قانون السماء يحول دون البذل بسخاء ولكن لكل إنسان ما يستحقه كيفيا. فالبذلُ في الكم والحسابُ في الكيف هناك. والعلم عند الله تعالى.
  16. من سورة آل عمران: قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً ِلأُوْلِي الأَبْصَارِ (13). ما رأيت في الكتاب العزيز آية واحدة تتحدث عن النصر مقرونا بالإرادة. فالنصر رحمةٌ تأتي بمشيئة الله تعالى وفقا لنظام دقيق ومتقن. هناك آية واحدة وردت فيها مادة النصر والإرادة معا وهي في سورة الأحزاب كما يلي: قُلْ مَن ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُم مِّنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرً ا ﴿17. و واضح أن تلك الآية الكريمة لا تربط النصر الإلهي بالإرادة الملكوتية عز اسمه. بل إن الآية تؤكد عدم تمكن غير الله من أن ينصر أحدا من الخلق إن أراد الله تعالى له غير ذلك.
  17. من سورة آل عمران : وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿73 يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴿74. المقطع الأول من الآية الأولى هو حديث اليهود مع من يسعى لأن يؤمن بنبينا منهم والمقطع الأخير من نفس الآية هو إثبات أن الله تعالى يتفضل على من يشاء من عباده بالمال ضمن قانونه العام، وهو ليس دليلا على شرفٍ للشخص نفسه. ولو نقرأ الآية التالية من نفس السورة وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿180، فسوف نعرف الحقيقة من وراء هذا النوع من التفضيل الذي يُدخل صاحبه النار. إنهم في الواقع اتبعوا القوانين الطبيعية لجمع المال فكسبوا مالا ضمن قانون رب العالمين. إنه بالطبع رحمةٌ وتفضُّلٌ ولكنه لا يفيد صاحبه لما يتبعه من عقاب باعتبار كيفية تعاملهم مع ذلك المال كسبا أو صرفا أو تخزينا.
  18. من سورة المائدة: لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿17. من غرائب خلق الإنسان هو المسيح، ولكننا حينما نراجع ما قاله الله تعالى في القرآن بشأن هذا الرسول الكريم وخلقه نرى بأن كل قوانين الخلقة روعيت في ذلك. ومريم في الواقع أم وأب للمسيح ولذلك نسبه الله تعالى إليها وهو الذي يمنع من أن ننسب أحدا إلى أمه. وقد وضحت ذلك في تدريسي لسورة مريم وسأكتبها بإذن الله تعالى. كل ما في الأمر أن المنهج المعتاد في خلق أولاد آدم قد وُضع جانبا بأمر الله تعالى واتبع الروح القدس نهجا آخر.
  19. من سورة الأنعام: وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ ﴿111. وهكذا فإن الله تعالى عادل لا يظلم أحدا، فلو أن أصحاب الرسل رأوا الملائكة أو كلمهم الموتى وهم لا يستحقون الهدى، فإنهم لن يهتدوا. ولو ننظر إلى ضمير المتكلم مع الغير في بداية الآية وهو قول الله تعالى نفسه وكيف تغير بعد ذكر المشيئة التي تمثل نظام رب العالمين واتجهَت منحى الآية نحو الألوهية المسيطرة على كل شيء وفق نظام الله تعالى واستعمل سبحانه اسم الله الذي يرمز إلى نظامه العام فسوف نستيقن بأن المقصود من المشيئة هنا هي النظام الألوهي والعلم عند الله تعالى.
  20. من سورة الأنعام: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ ﴿82 وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿83 وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ … – ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴿88 أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ ﴿89 أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴿90. هذه الآيات الكريمة تصرح وتؤكد بكل وضوح عدم وجود ضمان للأنبياء يوم القيامة. إن حالهم مثل بقية الناس مرهون بأعمالهم وعقائدهم، إذ أن كل نفس بما كسبت رهينة. وليس لهم ولا لغيرهم إلا أن يعملوا الصالحات ليدخلوا في أصحاب اليمين. فالهداية العظمى التي منحهم الله تعالى تمت ضمن النظام الربوبي لصالحهم ولصالح قومهم وبما أنهم أتوا بأعمالهم الشخصية المثالية بكامل حريتهم فاستحقوا الهداية الثانية الموصلة فإنهم أسوة وقدوة لرسولنا الذي جاء بعدهم والذي أمره الله تعالى أن يقتدي بهداهم. ولذلك أمره أيضا بأن لا يسأل الناس أي أجر، فما بلَّغهم به ليس منه وليس لهم وحدهم بل هو ذكر من الرحمن لعبيد الرحمن جميعا.

ونكتفي بهذا القدر من تحليل المشيئة والإرادة في الآيات الكريمة ليتضح الموضوع لنا ونترك تحليل بقية الآيات الكريمة لبقية المفسرين وخاصة الذين يأتون بعدي ليكملوا هذا البحث المفيد جدا لفهم القرآن الكريم.

ونستخلص من كل ما مر بيانه حول المشيئة والإرادة بأن المشيئة تشير إلى نظام رب العالمين وأن الإرادة تمثل التعامل مع النظام وتفعيله وبعض ما يستثني الله تعالى من أفعال ضرورية دون المساس بأصل النظام. هذا بالنسبة لله تعالى، وأما بالنسبة للبشر فإن الإرادة تمثل ما يسبق أفعالنا من نية وقصد والمشيئة تمثل نفس الشيء ولكن بعمق أكبر وبنية نابعة من عمق الضمير وقاصدة لأعمق وأدق أهداف المرء ولا سيما ما نفكر فيه من مستقبل علمي أو مالي في بداية حياتنا العملية، والعلم عند الله تعالى.

أحمد المُهري

25/9/2017

هذا البحث قديم لا أذكر تاريخ نشره

 

3 تعليقات
  1. هشام :

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
    لقد حاولت تلخيص هدا الموضوع بعد قرائتي له ،
    أن الانسان كونه اعز المخلوقات و اكرمها امدنا الله بالحرية و روح معرفية تشريعية متميزين عن باقي المخلوقات، يمكننا القول ان الانسان له حرية القضاء
    في مشيئة الله التي تسبق تحقق القدر ، فقبل القدر تكون مشيئتنا واسعة و التي هي ضمن مشيئة الله الاوسع ، و له ان يختار الشر ام الخير .
    فمثلا ما يحدث في حياتنا و في الكون هو ليس صراع الخير و الشر ، و انما هو نتيجة لما تقضيه المخلوقات في هذه المشيئة الواسعة قبل ان صبحت قدرا مقدورا.
    المرجو الرد منكم حتى لا اكون مخطئا و شكرا

    1. هشام :

      للتصحيح فقد كتبت (له) ، و القصد هو الانسان و ليس الله.
      (فقبل القدر تكون مشيئتنا واسعة و التي هي ضمن مشيئة الله الاوسع ، و لنا ان نختار الشر ام الخير .)

  2. ambmacpc :

    اشكرك اخي هشام ، نعم مشئية الله تعالى وهي القانون المسير للكون اعطت ذلك الانسان حرية الاختيار ، الكامل بالتالي اصبح مسئول عن كل ما يقوم به .. يمكنكم الاطلاع على المقال التالي الخاص بعلم الله المسبق بافعال العباد …

    https://ambmacpc.com/2018/03/19/%D8%B9%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A8%D9%82-%D8%A8%D8%A3%D9%81%D8%B9%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.