ليس على المسلم حرج

ليس على المسلم حرج

أرسل إلينا سيادة الأستاذ ضياء الجبالي رسالة يذهب فيها إلى التالي:

1.    أن مناقشة الفقه الإسلامي القديم تستوجب توفر الأدب والتأدب, واحترام وتقدير من سبقوا في البناء, و

2.    أن وقوع العلماء في هفوة؛ أو زلة؛ أو سقطة؛ لا يضر ولا يؤثر على ماقدمه العلماء من إيجابيات وإنجازات, و

3.    أننا لم نترك بشرورنا لا القرآن, ولا السنة, ولا جميع كتب الإسلام,  وبحقد, وعداء, وتربص, وشتائم, وتشكيك, وبهجوم وتهجم لم يسبقنا إليه أعدى أعداء الدين الإسلامي الحنيف, و

4.    أن هدم جميع ما سبق من بناء بزعم إعادة البناء هو الجنون بعينه.

خالص الشكر والتقدير لسيادة الأستاذ ضياء الجبالي على كريم رسالته, ولي تعليق,

1.    تمامًا مثلما لا يهتم عالم من علماء الكيمياء بتوفر الأدب والتأدب, واحترام وتقدير من سبقوه في البناء عند مناقشة نظرياتهم, فإن لا أحد هنا يهتم, على الإطلاق, بموضوع توفر الأدب والتأدب, واحترام وتقدير من سبقونا في البناء عند مناقشة أعمالهم.  فكرة الأدب والتأدب عند نقاش الإنتاج العلمي لعالم من العلماء فكرة لا مكان لها في “العلم” تمامًا مثلما لا يوجد مكان في “العلم” لإساءة الأدب.  المسألة ليست شخصية.  في العلم لا أحد يهتم بـ”شخص” عالم وإنما الكل يهتم بـ”إنتاج” هذا العالم.  الإشارة إلى الطبري على أنه “أحمق” لا تتعلق بالطبري “شخصيًا” وإنما تتعلق بإنتاج الطبري.  لا أحد هنا رأى أو سمع الطبري, وإنما الكل رأى ما أنتجه الطبري.  وما أنتجه الطبري هو فهم “بدائي” لكتاب الله.  

2.    المسألة لا تتعلق بهفوة هنا أو زلة هناك لا تؤثر على ما قدمه الطبري أو غيره من قدماء المفسرين, وإنما تتعلق بـ”نوع التفكير” الذي يستخدمه الطبري – وغيره من قدماء المفسرين – في فهم كتاب الله.  يستخدم الطبري – وغيره من قدماء المفسرين – نظام إدراك بدائي لا يختلف قليلاً أو كثيرًا عن نوع نظام الإدراك المستخدم لدى الإطفال الأوروبيين أقل من ست سنوات.

3.    الهجوم على الإنتاج الفكري لقدماء المفكرين الإسلاميين, من كتاب سيرة, ومحدثين, ومفسرين, ليس هجومًا على كتاب الله.  والقول بأن الهجوم على كتاب البخاري هو هجوم على كتاب الله هو قول لا يقول به مسلم.  

4.    هناك “فرق” بين كتاب الله, وبين كتاب البخاري, أو كتاب الطبري, أو كتاب ابن هشام.  كتاب الله كتاب جاءنا من عند الله.  كتاب البخاري جاءنا من عند البخاري وليس من عند الله.  صدرت كتب البخاري, والطبري, وابن هشام, وغيرهم بدءًا من القرن الثالث الميلادي.   تمثل هذه الكتب محاولة أبناء القرن الثالث الهجري – والرابع والخامس – فهم كتاب الله.   القول بأن هذه المحاولة هي المحاولة الوحيدة الصحيحة هو قول لا يرضاه الله.  لم يرسل الله كتاب الله من أجل أن يفهمه أبناء القرن الثالث الهجري وحسب.  القول بأن فهم أبناء القرن الثالث الهجري هو الفهم الصحيح الوحيد وغيره فاسد إنما يعني أن فهم القرن الثالث الهجري هو فهم مقدس.  في الإسلام, يوجد كتاب مقدس ولا يوجد فهم مقدس.  القول بأن فهم كتاب الله بدون هذه الكتب غير ممكن معناه أن أبناء القرن الأول الهجري لم يكونوا يفهمون كتاب الله حيث إن هذه الكتب لم تكن قد كتبت بعد.  والقول بأن هذه الكتب إنما “تسجل” فهم أبناء القرن الآول الهجري إنما هو ادعاء لا دليل عليه.  من أين لأي منا أن يقدم لنا الدليل على أن هذه الكتب قد حفظت لنا فهم أبناء القرن الأول الهجري؟  ثم حتى لو قام الدليل على أن هذه الكتب تمثل فهم أبناء القرن الآول الهجري – وهو ما لم ولن يحدث – فمن قال لنا بأن فهم أبناء القرن الأول الهجري هو الفهم الصحيح الوحيد وغيره فاسد؟  نحن قوم لا يوجد بين أيدينا “كتاب فهم الله” ولا “كتاب فهم رسول الله”.   نحن قوم لا يوجد في أيدينا سوى كتاب الله.   ولسوف تمر السنين.  عشرات, أو مئين, أو ملايين.  بل قد يقدر الله علينا الانتقال من هذه الكرة التي نعيش فوقها إلى كرات أخرى في مجرات أخرى.  فهل كتب الله علينا أن “نتبع” الطبري ملايين ملايين السنين, بل إلى أبد الآبدين؟   هل يمكن لمن آمن بالله, وبأن محمدًا رسول الله, وبأن القرآن كلام الله, أن يخبرنا بأن هذا هو ما قال الله؟  ولم يكتب الله على عباده اتباع الطبري وإنما أمرنا باتباع محمّد بن عبد الله.

وإن الحمد لله, والشكر لله, على ما آتانا وما لم يؤتنا, وما أعطانا وما لم يعطنا.  ولقد أعطانا فأفاض العطاء.

يقول سيادة الأستاذ ضياء الجبالي:

“من ظواهر وأدلة تخلفكم العقلي الواضح والمؤكد أنكم تطلقون الألقاب والمناصب والدرجات على حسب أمزجتكم الشخصية وأي متحدث يراسلكم تسمونه فضيلة الشيخ وكأن لقب فضيلة الشيخ هذا منحة تمنحونها لمن يرد عليكم.  من قال لكم إنني شيخ؟  أنا لست شيخاً ولا كل من تنادونهم بأصحاب الفضيلة من أصحابكم يمتون أصلاً للفضيلة بأية صلة ولقب شيخ أو صاحب الفضيلة ليس منحة, ولا هبة, ولا عزومة, ولا مجاملة.  تمامًا مثل منحكم ألقاب أصحاب الفضيلة لجميع أصحابكم الذين يشاركونكم في موالد الزار التي تقيمونها في مركزكم, “مركز تدمير (لا تطوير) الفقه الإسلامي.

بالطبع لكل عالم هفوة؛ أو زلة؛ أو سقطة؛ ولكن هذا لا يضر ولا يؤثر على ماقدمه العلماء من إيجابيات وإنجازات.  ومناقشة الفقه الإسلامي القديم تستوجب, بداية, وجوب توافر الأدب والتأدب, واحترام وتقدير من سبقوا في البناء.  أنتم لم تتركوا بشروركم لا القرآن, ولا السنة, ولا جميع كتب الإسلام.  وبحقد, وعداء, وتربص, وشتائم, وتشكيك, وبهجوم وتهجم لم يسبقكم إليه أعدى أعداء الدين الإسلامي الحنيف.  أما تسفيه جميع الاجتهادات والجهود السابقة بتصيد الأخطاء فهو من السفاهة, وأما هدم جميع ما سبق من بناء بزعم إعادة البناء فهذا هو الجنون بعينه.

ضياء الجبالي

23 مارس 2017   

مرة أخرى, خالص الشكر لسيادة الأستاذ ضياء الجبالي على كريم رسالته.   أدعو الله أن أكون قد أوضحت أن كتب أهل العلم والنظر من أهل السنة والجماعة ليست جزءًا من دين الله.  وليس على المسلم حرج في أن يضعها في مكانها الذي تستحقه في متاحف التاريخ الثقافي للشعوب البدائية.   

كمال شاهين 

#تطوير_الفقه_الاسلامي

23 مارس  2017

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.