ثقافة القرآن للمبتدئين 11- النبي

من ثقافة القرآن للمبتدئين

11 – النبي

يستعمل القرآن كلمة النبأ وما يشتق منها لبيان الأنباء الكبرى. فالقيامة نبأ عظيم ومعرفة الله تعالى نبأ عظيم أيضا وهكذا معرفة ما سمح الله تعالى به من الغيب. كل ذلك نبأ فالنبأ لا ينحصر في الأخبار الكبرى بل يشمل الغيبيات أيضا. قال تعالى في سورة الحجر مخاطبا نبينا الأمين: نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50) وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ (51). فمعرفة أن الله تعالى غفور رحيم وأن عذابه عذاب أليم علم غيبي لا يمكن لنا أن نعرفه عن طريق العلوم الدنيوية. هو علم ولكنه علم يأتينا عن طريق الأنبياء. وقصة ضيف إبراهيم نبأ خبري هام يقوم النبي بإخبار الناس عنه لما فيه من فائدة لهم. ولا يمكن لأحد أن يعلمه غير الله تعالى نفسه وإبراهيم وزوجته فكيف يقص علينا الآخرون قصة لم يشاهدها أحد ولم يخلف إبراهيم عليه السلام ولا زوجته الفاضلة كتابا خطته يد أي منهما.

فالآيات تشتمل على النبأ العلمي كما تشتمل على النبأ الخبري. وكلا النبأين ليسا رسالة سماوية بالضرورة. الرسالة قد تكون لأمة دون أمة أخرى أو لمجموعة خاصة من البشر ولكن النبأ ليس كذلك. فالله تعالى غفور رحيم وعذابه عذاب أليم دائما وأبدا كما أن قصة ضيف إبراهيم حكاية واحدة حصلت بأمر الله تعالى وتحت عنايته ولن تتغير. الرسالة قد تتغير فهو سبحانه أمر نوحا بأن يدعو إلى ربه ثم بعد زمن طويل أمره بأن يتركهم وينجي نفسه وأهله والمؤمنين من عذاب الخزي يوم الطوفان.

فالنبوة تمثل علم النبي الذي يمكن أن يكون رسولا أيضا أو لا يكون رسولا. هذا العلم يشمل العلوم الغيبية التي أراد الله تعالى أن يطلعنا عليها كما يشمل قصصا مفيدة أو مقاطع منها من الأمم الماضية. وليست النبوة خاصية تنطوي عليها نفس إنسان لأن كل ذلك العلم أوحاه الله تعالى إلى ذلك الشخص ليبلغ الناس. فالنبوة في حد ذاتها رسالة إلى كل البشر ولكنها رسالة علمية معرفية وليست رسالة تشمل أحكاما خاصة. قال تعالى في سورة الجن: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلاّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28). هذه الأنباء الغيبية تمثل أنباء معرفية ولكنها تحولت إلى رسالة يجب تبليغها حينما أوحى الله تعالى بها إلى أحد من الرسل. فكل رسول يجب أن يكون نبيا قادرا على استلام الوحي العلمي كما أن كل نبي مؤهَّلٌ للرسالة إن شاء ربه.وهناك أنبياء لم يُعهد إليهم بالرسالة مثل النبي الذي طلب منه بنو إسرائيل أن يعين الله تعالى لهم ملكا لتحرير القدس كما نعرفه من ظاهر الآيات. وكذلك يعقوب الذي لم يرسله الله تعالى إلى قوم وهكذا أبوه إسحاق؛ لكن يوسف بن يعقوب نبي ورسول أيضا. فالنبوة منصب علمي في واقعه والرسالة منصب رسالي مضاف إلى النبوة والعلم عند المولى عز وجل. 

أحمد المُهري  

#تطوير_الفقه_الاسلامي

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.