بعد 500 عام على الإصلاح الديني المسيحي…أين نحن من الاصلاح الإسلامي؟

بعد 500 عام على الإصلاح الديني المسيحي…أين نحن من الاصلاح الإسلامي؟

………………………………….

في مثل هذا اليوم قبل 500 سنة علق مارتن لوثر اعتراضاته الخمسة والتسعين على جدران كنيسة ويتنبرج مطلقا بذلك اهم عملية اصلاح في تاريخ المسيحية.لم يكن الاصلاح الديني المسيحي ممكنا دون بروز “الحركة الانسانية” التي اكدت على محورية الانسان وقدرته على التفكير والابداع وتحديد مصيره . وكانت النقلة الهامة التي احدثها لوثر هو اطلاقه مبدأ “فردية الدين” واسقاط السلطة الروحية للكنيسة. أكد لوثر أن كل مسيحي رجل دين قادر على فهم الكتاب المقدس والايمان دون وساطة من احد. ولأن الايمان وفهم الكتاب المقدس اصبح  شأنا فرديا كان لا بد من اعلاء سلطة العقل وقدرة الانسان. استفاد لوثر من ثورة الطباعة بعد اختراع مواطنه جوتنبرج للمطبعة وألف عشرات الكتيبات  التي انتشرت في انحاء اوروبا انتشار النار في الهشيم. أدى الاصلاح الدين لاحقا الى تكريس اهمية العقل والروح الفردية (تحرر الانسان من السلطات  الدينية والاجتماعية) والرأسمالية ( الابداع والانتاج في الحياة الدنيا كوسيلة للنجاة في الآخرة).بدأت اليهودية إصلاحها الديني متأثرة بالإصلاح المسيحي على يد سبينوزا، لتكون الدين التوحيدي الثاني الذي يتصالح مع نفسه ومع العصر.أما على المستوى الاسلامي فلا زال سؤال “الاصلاح الديني” مؤجلا أو محرما بحجة أن الاسلام ليس بحاجة الى اصلاح لأنه لا كنيسة في الإسلام. لكن الإصلاح كان مرحلة ضرورية في حياة كل دين حتى لا ينغلق ويصل الى مرحلة التوحش كما حدث للإسلام اليوم.المطلوب هو “الاصلاح الديني”  وليس “الاجتهاد” ..إعادة تأصيل الأصول وليس الاجتهاد في الفروع فقط.عبر 1400 سنة تجمعت روافد الموروث وإسلام الفتوحات لإنتاج إسلام معاد للانسان .وأعني بمعاداة الانسان هنا النظر بريبة وعداء الى كل الطاقات الحيوية للانسان واعتبارها ضد الدين. فعقل الانسان ضد قدسية النص ويجب تعطيله، وحرية الانسان ضد الالتزام بالتعاليم فيجب تقييدها، وجسد الانسان ضد الروح وضد الفضيلة لذا يجب اخضاعه لرياضات دينية قاتله تدمر جسده ، أما الروح فيتم تقييدها بالاوامر والنواهي وتغذيتها بالكراهية والخوف.لن ننجح في اصلاح علاقته الإسلام مع العصر إلا باتخاذ خطوات جريئة مماثلة أهمها:1- أن يقر المسلمون باختلاف مذاهبهم بحرية المعتقد ،وذلك يتضمن حرية الشخص في اعتقاد (أو ترك ) الدين الذي يشاء، ويتضمن ذلك أيضا الاعتراف بصحة الديانات الأخرى كطرق صحيحه ومتعددة للوصول الى الله2-  اعتراف الإسلام بنتائج العالم الحديث دون انتقاء او مزاجية واقرار مرجعية العلم الحديث في كل القضايا المتعلقة بالعلم والكون والصحة الجسدية والنفسية حتى ولو كانت متعارضة مع ما يرون انه نظرات او احكام دينية3-  التخلي تماما عن فكرة الجهاد وفرض الدين بالقوة على الاخرين في زمن أصبح التدين فيه أمرا شخصيا لا علاقة له بالحكومات او السياسات.4- التوازن بين الدنيا والآخرة وتخفيف الثقافة الجنائزية للخطاب الديني الاسلامي بما يقتضيه ذلك من رفض فكرة الشهادة وثقافة الموت  واحتقار الحياة الدنيا. 5-  تطوير علاقات ايجابية مع العالم تقوم على الاندماج والتعاون لا على العداء والشك والتعصب، الولاء والبراء 6-  إعادة النظرفي ما حدث من ممارسات اثناء حركة الفتوحات الاسلامية والاعتذار عنها، والتخلي عن نسخة اسلام الفتوحات القائمة على فرض الاسلام بالسيف.7-  الفصل بين المجال الديني والمجال السياسي والتخلي عن نسخة “الاسلام الشامل” كدين ودولة وعبادة وسياسة وعلم وفلسفة وعقيدة وتجارة واجتماع. الاعتراف بالإسلام دينا فقط، والتخلي عن مقولة” الاسلام دين ودولة”.8- اقرار المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة وبين المسلم وغير المسلم في الحقوق والواجبات وحرية الحركة والسفر والتملك.9-  الإقرار بالاعلان العالمي لحقوق الانسان دون تمييز بين المواد بما يقتضيه ذلك من اعادة النظر الجذرية في العقوبات الجسدية الققهية على ضوء التطورات الاخيرة في القانون وحقوق الانسان.بهذه الاجراءات فقط سننجح في أنسنة الاسلام والاصلاح الديني والتخلص من التطرف الاسلامي الجماعي الذي يكاد  يدمر حياتنا المعاصرة.                                                                       ……………………………….

اكتوبر 2017

حسين الوادعي

 #تطوير_الفقه_الاسلامي 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.