الجنة ليست سبهللة 6

الجنة ليست سبهللة 6

أستاذنا الفاضل

من الغريب أن سيادتكم تبحثون عن المسائل الجانبية وتتركون أصل الموضوع. ولذلك أرد على مسائلك الجانبية البعيدة عن روح الموضوع:

1. أين قال الله تعالى في كتابه الكريم إنه أوقف الشيطان الجن إما عن طريق الملائكة أو بحرمانه من بعض قواه الطبيعية؟

قال تعالى في سورة ص: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (72) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (73) إِلاّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74) قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لاغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83).

تم خلق الإنسان في الأرض كما نعرف من الآية 71. ثم أمر الله تعالى الكائنات التي لا نراها مثل الملائكة والجن أن يكمشوا أنفسهم حين المرور على الكائن الجديد وهذا معنى السجود إذ لا يمكن أن يأمر الله تعالى أيا من خلقه ليسجد لأي من خلقه سجود عبادة. إنهم جميعا عبيده والسجود الخاضع لله تعالى فقط. هذا يعني بأنهم يؤثرون في الموجود الجديد بقدراتهم الطاقوية لأنهم أقوى من البشر. وقد صرح سبحانه بذلك في القرآن وذكرت ذلك وسوف أذكر كل شيء حينما أكمل بحثي الخاص حول الجن والشياطين إن شاء الله تعالى. ثم يأمره سبحانه في الآية 77 بأن يخرج منها فإنه رجيم. يخرج من أي مكان؟ لو يخرج من الأرض فكيف قال بأنه سوف يقوم بإغواء الناس حتى يوم القيامة إلا عباد الله المخلَصين؟ إذن الخروج هو خروج من بعض قدراته ولا ندري كيف تم ذلك. هل بصورة جزئية بمعنى أن الملائكة الموجودين مع كل إنسان ولا سيما الأربعة المأمورين بحفظ الإنسان يمنعونه كل مرة أم بأن الله تعالى أخرج الشيطان من قدرة كان يمتلكها إلى ضعف في ذلك الجانب. لم أجزم بأمر ولكنني احتملت أمورا قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة ولكنني ما خرجت من حيز المفاهيم القرآنية.

2.        أين قال الله تعالى إن الجن لو استفادوا من الأكل فهم يستفيدون من رائحته, أو طعمه, أو لونه,  أو ما شابه ذلك, إلا أنهم لا يستطيعون أن يأكلوا من طعامنا لأن ذلك بحاجة إلى فم, وأسنان, وبطن؟   ثم إذا كان الجن لا يستطيعون أكل طعامنا لأن ذلك بحاجة إلى فم, وأسنان, وبطن, فكيف استطاعوا الشم وليس لديهم أنف, أو كيف استطاعوا الذوق وليس لديهم لسان؟.

لننظر إلى الآيات التالية من سورة الدخان: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (11) رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (12) أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ (13) ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ (14) إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (15) يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ (16). يأتي السماء بدخان مبين يوم احتراق الشمس أي بعد ما يقرب من خمسة بلايين سنة كما يحتمل الفيزيائيون. نحن آنذاك لن نكون في قوالبنا البدنية فلن تكون لنا عيون و لا آذان ولا أنوف. فكيف نرى الدخان ونخاف وندعو ربنا بأن يكشف عنا العذاب؟ ولعلك تعلم بأننا سوف نكسب أبدانا جديدة بعد أن ينشئ الله تعالى النشأة الآخرة ويبني لنا أرضا جديدة. لكن الآيات أعلاه تتحدث عما قبل الدمار الكوني حيث يشير إليه سبحانه بالبطشة الكبرى. إذن نحن قادرون على أن ننظر نظرة نفسية بلا عيون. لكننا لا نعرف كيفية ذلك طبعا؟

ما الفرق بيننا في حالتنا النفسية وبين الجن في حالتهم الفعلية؟

نحن مخلوقون من التراب ولكننا نقوم بأعمال خارجة عن طبيعة التراب. فنحن نرى ونشم ونسمع ونتذوق ونلمس وكلها خارجة عن نطاق التراب. والجن بنص القرآن مخلوقون من نار السموم. قال تعالى في سورة الحجر: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ (26) وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ (27). فما المانع أن يقوم الشياطين بالرؤية والسمع والشم وحتى التذوق مثلنا؟ إذا كنا نحن نرى في حالتنا النفسية فلماذا لا يستعمل الجن نفس حواسنا في حالته الكاملة. إنهم بعد الموت سيتحولون إلى الحالة النفسية التي سنكون عليها بعد موتنا حيث يكونون نفوسا خالصة.

قال تعالى في سورة الجن: وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا (13) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لاسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17). كيف يسمع الجن الهدى بلا آذان؟ ما فائدة الماء الغدق للجن الذي لا يملك أبدانا مثلنا؟ وقال سبحانه في سورة الرحمن: فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الأَكْمَامِ (11) وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ (12) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (13). ما فائدة الفاكهة والنخل والحب ذي العصف والريحان للجن الذي لا يملك حاسة الشم ولا لسانا للتذوق؟ فأنا أخي كمال بيك لا أتحدث عن الغيب ولكنني تعلمت من القرآن بأن هناك حقائق مشابهة لنا لدى الجن الذين يروننا بلا عيون مثلنا دون أن نراهم. قال تعالى في سورة الأعراف: يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ (27). فهناك أبعاد أخرى غير الأبعاد الثلاثة التي لا نعرف عنها شيئا والجن قد يعيشون في تلك الأبعاد الخافية علينا. لكننا نتقبل القرآن الكريم وعلى أساسه نحكم بأن الجن يرون ويسمعون ويشمون ولكن لا نعرف كيفية ذلك.

مع أطيب التحيات والتمنيات

أحمد المُهري

7/8/2018

يتبع 

#تطوير_الفقه_الاسلامي 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.