أعداء الإنسان هم أحباب الشيطان

أعداء الإنسان هم أحباب الشيطان

لا فرق بأن يقتل مسلم مسلما أو مسيحيا أو بوذيا أو يقتل بوذي أو مسيحي أو يهودي مسلما أو غير مسلم. كل القتلة غير مسلمين ولا يشعرون بأن الله تعالى يسمع ويرى أو لا يؤمنون بالله سبحانه. لكننا نحتاج إلى أن نُحرم القتلة من الذرائع فلعلنا نقلل من تعرض أهلِنا وكلُّ البشر أهلُنا للقتل. قام المسيحيون بقتل المسيحيين في الحربين العالميتين وقام المسلمون بقتل المسلمين في أيامنا هذا ولم يكتف الذين مهدوا لهذه المجازر بل أقنعوا غير المسلمين بأن المسلمين يشكلون خطرا عليهم فقام مسيحي اليوم بقتل المسلمين أيضا.

قال بعض الباحثين بأن السبب في ظهور أمثال هذا المجرم الأسترالي هو المكينة الإعلامية الغربية التي تتفنن في إظهار صورة سيئة للإسلام وصورة أسوء للمسلمين. فالإسلام عندهم دين يدعو للقتل والمسلم إنسان ينفذ القتل ضد الغير. لم يخطئ أولئك الباحثون ولكنني أظن بأن علينا كبشر وكمسلمين ألا نمد أعداءنا بالذرائع. هكذا نقلص من قدراتهم الإعلامية كما نقلص من العداء بين أبناء البشر أنفسهم. وبما أنني مسلم مؤمن بالقرآن الكريم فسوف أذهب إلى القرآن لأتعلم كيف أقي نفسي وأهلي.

يذكر القرآن بأن نوحا أرسل إلى قومه ليمنعهم من عبادة غير الله تعالى وبأن إبراهيم عاش بين أهله المشركين وكان يدعو إلى الله تعالى وبأن موسى عاش في بيت فرعون ليكون ابنا لفرعون وزوجته بالتبني كما كان يزور أمه وأهله أيضا. وعاش محمد في بيوت المشركين وكان بينهم حب وود مذكور في القرآن. هؤلاء العظماء عليهم السلام عاشوا مع المشركين وفي بيوتهم وكانوا قدوة للمؤمنين. فهل المسلمون عامة اليوم يمكنهم أن يعيشوا في بيوت المسيحيين واليهود والمشركين؟

هناك فروق جوهرية في حياة المسلم المعاصر وحياة كل الآخرين وهي تحول دون أن يتمكن مسلم ملتزم بأن يعيش مع غير المسلم إلا بصعوبة بالغة. فهل هذه الفروق التي نراها مذكورة في القرآن أم أنها بدع أوجدها المسلمون بعد وفاة الرسول عليه السلام؟ مكة والكعبة يمثلان كيفية صلاة الرسول الأمين فلا يمكن أن نقدم الرجال ونؤخر النساء كما لا يجوز أن تلبس النساء ذلك الحجاب الغليظ الذي أورثنا إياه إخواننا الوهابيون. ولعلهم ورثوا ذلك من متعصبي اليهود.

لماذا نرى فروقا كبيرة بين الفتاة المسيحية وأختها المسلمة الملتزمة في الملابس وفي طريقة التحدث إلى الغير؟ لماذا يسعى المسلمون لفرض عاداتهم وتقاليدهم على غيرهم ولماذا يخرج الشيعة في عاشوراء وهم يدقون الصدور أو يضربون أنفسهم بالسلاسل ويسيرون في شوارع بريطانيا وفرنسا؟ لو فعلوا ذلك في إيطاليا فلا لوم عليهم لأن هناك مسيحيون يقومون بنفس الأعمال.

علينا بأن نحد من تقاليدنا غير الواجبة قرآنيا حتى لا يشعر الغير بأننا نتكبر عليهم أو بأننا نريد الدعوة إلى ديننا لنقضي على دينهم. علينا بأن نحد من تقاليدنا العربية حتى لا يشعر غير العربي بأننا في صدد محاربة العادات والتقاليد التي تحدد شخصياتهم ولا نروم النيل مما اجتمعوا عليه وتآلفوا وتحابوا وتعاونوا باتباعه. على كل من يدخل بلاد الغير أن يقلل من تقاليده سواء كان مسلما أو عربيا أو صينيا أو هنديا أو أفريقيا ليشعر الآخرون بالراحة والطمأنينة ولا يمسهم الذعر من القادم الجديد. لو قمنا بذلك فإن الماكينة الإعلامية الغربية لن تجد شيئا مناهضا لأممهم لتتحرك ضدنا. المحبة والصدق والمساعدة والتعاون والتكاتف والدفاع عن الوطن شيم أصيلة تزرع الود والطمأنينة في قلوب المضيفين فيسرهم قدومنا إلى بلادهم لأنهم يرونا مساعدين لا مناوئين.

وأخيرا فإن الإنسان كائن خطير ويجب على كل إنسان أن يحذر نفسه من شر الإنسان الذي يفكر كيف يقتل. القاتل مجرم كائنا من كان والمقتول ظلما مظلوم حتى لو كان لا دينيا. أرجو ألا نقوم بمحاكمة الناس وإنزال حكم الموت عليهم ولو بالكلام وأرجو أن نحترم ونحب كل الناس حتى يحترمنا ويحبنا كل الناس. هكذا نقوي إنسانيتنا فلا يشعر المتطرف المجرم بأننا نعاديه. ولنا في ذلك القتيل المؤمن الذي خاطب قاتله بالأخ خير إمام نقتدي به حتى تطرد البشرية كل المتطرفين في الأرض وحتى يفقد المتطرفون أرضا تتقبلهم. اللهم ارحم موتى الإنسانية في مسجدي نيوزيلندا وأعن أهلهم على تحمل المصيبة التي ألمت بهم وبنا جميعا وخلص البشرية من شر كل متطرف جبار.

أحمد المُهري

16/3/2019

#تطوير_الفقه_الاسلامي 

https://www.facebook.com/Islamijurisprudence/

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.